من اليمن: الجانب الثقافي لثورة التغيير

الأربعاء 27 نيسان 2011

بقلم محمد الصلوي*

منذ بدء الاحتجاجات والاعتصامات الشبابية في ثورة التغيير  اليمنية وهي تتخذ يومياً أشكالاً  وأساليب ثقافية وفنية واجتماعية  متنوعة استخدمها الجميع كوسائل للحشد  والتأييد بين أنبناء المجتمع وشرائحه  المختلفة.

وحين نطوف في ساحات  الاعتصامات التي تدعو لتغيير النظام ورحيل  الرئيس، ومن يؤيد الرئيس صالح وينادي بالاصلاحات في ظل النظام الحالي، نرى أشكالاً ثقافية متعددة. فهناك أجنحة  وخيام مخصصة للمعارض (معارض صور، رسومات كاريكاتورية، لوحات حرة للكتابة  والتعبير، منقوشات ومنحوتات).
أما الشيء الملفت في ساحات الاعتصام هو اتفاقها كلها وفي كل مدن اليمن تقريباً بحسب ما يردنا من انباء على فنان واحد هو الفنان أيوب طارش، هو فنان اليمن  الأول، ملحن النشيد الوطني والسلام  الجمهوري. ويُعد من أشهر فناني الأغنية  الوطنية، وتطغى أغانيه على ساحات  التظاهرات ووسائل اعلام النظام ومعارضيه.

أطل علينا الفنان أيوب طارش الشهر الماضي عبر إحدى القنوات الفضائية مصرحاً بأنه غنى  أغانيه للوطن لليمن، وأن معانيها  واضحة. وهو سعيد للإجماع الذي حصل عليه في كل ساحات ومدن اليمن. هي وحدها أغاني أيوب التي أعادت الثقة للشعب وأشعلت فيه الحماس مجلجلة توقد أنوار الحرية و التغيير.

شيء ملفت آخر يطل  علينا في ساحات الاعتصامات هو الاهتمام الكبير من قبل المنظمين بالجانب  الفني والأغاني والأناشيد التي تصدح بها ساحاتهم، من الأمسيات الفنية الداعمة للنظام في ميدان التحرير، إلى الأمسيات الغنائية والإنشادية التي تقام في ساحة التغيير جوار جامعة  صنعاء. ومثل تلك الاحداث اليومية  تحصل في كل الساحات والميادين بالمدن اليمنية.

المسرح هو أيضاً  لم يغب عن هذا المشهد الثقافي الثوري في اليمن، ولكن اقتصر وجوده في ساحات  المعتصمين الذين يرون ضرورة  تغيير النظام ورحيل الرئيس صالح. ويلاحظ أنه اسلوب قوي جداً ومؤثر  لرفع حماسة المتظاهرين ويزيد من تمسكهم بمطلبهم الوحيد وهو رحيل النظام. ففي مدينة تعز  وسط اليمن، وهي المدينة التي انطلقت منها شرارة الاحتجاجات السلمية ومنها  بدأت الاعتصامات المفتوحة، كان للمسرح دور الريادة في حشد وتأجيج الجماهير ومنها رفعت شعار اسقاط النظام. وحين نُدقق النظر ونتمعن فإننا نجد  أن القائد الفعلي لهذه الساحة هو الممثل الكويدي الشعبي/ فهد القرني، وعددٍ  من زملائه الممثلين الذين تمكنوا بالكوميديا والمسرح الساخر والاسكتشات من جذب اهتمام كل أبناء المدينة وحضورهم الدائم الى ساحة الحرية، وبواسطة المسرح أشاعوا ثقافة الثورة والتغيير والتي منها وُلد شعور انساني طاغي بضرورة التغيير و الثورة.

الشعر بدوره تواجد  في هذا المشهد الصاخب، وفي ثورة التغيير اليمنية يبرز الشعر من جديد ليعبر عن الروح الثورية المتحررة للشعب اليمني. ومنذ اليوم الأول  للاحتجاجات كان الشعراء هم السباقون في رصد وتسجيل اللحظة المتحدية للانكسار لتعبر عن طموح ومشاعر الشباب. ومما لفتني  قصيدة قرأتها وأنتشرت منذ بداية  الثورة في مواقع الانترنت، قصيدة  للشاعر/ عمر محمد اسماعيل، تحمل عنوان( لا صمت بعد اليوم ) واستوقفتني الابيات  الثورية الأتية:

سأمر رغم الكافرين بثورتي
وسأبلغ الآفاق… بعد  تخاذلي
سأفيق من نومي العميق لأعتلي
غضبي وأفتح للضياء مداخلي
لا صمت بعد اليوم  يلجم أحرفي
فليسمع الطاغي صراخ صراخ قنابلي

جانب الثورة الثقافي  هو مشهد ابداعي متنوع اتخذ اساليب واشكال فنية متباينه ومتعددة، ثقافة وطنية  جديدة أبرزها الوضع الجديد في اليمن، ثقافة البناء والتحرر والانعتاق.. ثقافة الشعب الذي يريد الخروج من عنق الزجاجة بعد عقود من التغييب  والتهميش والظلم.

ثقافة وطنية ديمقراطية، تسعى لإشراك كل فئات الشعب في ادارة  البلاد. ثقافة وطنية متحررة تكون على الدوام معبرة عن واقع الشعب  الحي وعن روحه الحرة وعن نهوضه  وتطلعه نحو المستقبل الواعد بالخير.

*مدير عام راديو شباب نت/ صنعاء، اليمن

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية