الأردن يمتحن، فماذا بعد؟

الخميس 07 نيسان 2011

بقلم محمد العابد

عندما تحتد الظروف و يظهر الشرخ في مجتمعنا، يصبح من اللازم علينا أن لا نقف على الحياد. يلزم علينا أن نقف صفا واحدا لنتصدى لأولئك الذين يعيثون بالأردن باسمنا عبثا.

لقد كان من المؤسف متابعة الأحداث الدامية في الأردن و ما بني عليها من تطورات سريعة يصعب فهمها وإدراكها على القاصي والداني سواء. و مهما كان موقفك من حركة شباب ٢٤ آذار، موافقا كنت أم معارض، يستلزم عليك قبل كل شيء أن تدين إستعمال لغة الضرب والشتيمه كأسلوب للتفاهم أو التعامل. لقد سمعت ما سمعت و رأيت ما رأيت، و لن أستطيع أن أغسل نفسي من العار الذي لحق بكل أردني حر من الكلمات والمسبات واللغه المشينه التي استخدمت ضد المعتصمين، ومدونتي هذه هي أدنى حد من رفع الأذى الذي لحقني و لحق بجميع الأردن في الداخل و الخارج مما كنا عليه شاهدين.

أعيش بولاية تكساس الأمريكيه منذ ٢٠٠٤، و منذ قدومي كان الهدف أن أعمل على استمرارية رفع أسم الأردن في الصالونات الأكاديميه والمؤتمرات العلميه، كما عمل كثير من الاردنيين من قبلي وسيكون من بعدي. نعمل بهدف غير معلن على تغير الصوره السلبيه المشوهه التي يحملها الأجنبي عن المواطن العربي. قدمنا الأبحاث وحصلنا على براءات إختراع وكتبت عن أعمالنا المجلات والجرائد العلميه وغير العلميه. فهذا زميلي  الدكتور محمد مياس على غلاف مجلة الجامعه يحتفلون بإنجازاته في مجال الميكرو إلكترونيكس. و تم نشر عدد من المقابلات معي عن عملي في أبحاث الهندسه الطبيه. و كنت قد قوبلت على محطة فوكس المحليه لأتكلم عن العلاقات العربيه الإسلاميه الأمريكيه وكيفية صياغتها لتخدم الحقوق المشروعه لجميع الأطراف.

أنا في كلامي هذا لا أبحث عن نفخ الذات، وإنما ساءني أنه في تلك المقابله التلفزيونيه بالذات كنت قد انتقدت جلسات الكونجرس المحرضة على المجتمع المسلم في أمريكا، ونعتها بالمكارثيه (McCarthyism): وهي صفه تطلق على كل من يشككون بوطنية وولاء إخوانهم المواطنين بدون برهان أو تهمه بهدف ترهيب الجماهير منهم، ولم أعلم أن هذا ما يعاني منه المجتمع الأردني حاليا بعد أن قامت أحداث الجمعه المشينة بتبيانه لنا جميعا.

استعجب أن يصل بنا المطاف الى هذا الموقف. فرفضي لوضع ولائي وانتمائي للأردن تحت الفحص المجهري رفض أساسي ومطلق، وأساند في هذا الموقف ما دعى له زميلي نسيم الطراونه في مدونته، و في خطاب الدكتور أمجد قورشه لجلالة الملك. كلنا في حب الأردن سواسيه و كلنا يعبر عن حبه على هواه. هنالك ستة ملايين أردني وهنالك ستة ملايين طريقه نعبر فيها عن حبنا وانتمائنا وحرصنا على تراب الوطن ووحدته. حبي للأردن يعني حبي لأهله من أينما كانوا ومهما كانت أصولهم و منابتهم. حبي للأردن يكون بحب من يحب نظافة الأردن وشوارعه و أشجاره ومبانيه. حبي للأردن يكون بحبي لقائده وجيشه وأمنه واستقراره والدعوه لوحدته -لا كما يقوم به أرعن دنس البدلة العسكرية بكلامه البذيء على ملأ الأمة، تلك البدلة التي عمل والدي على حفظ كرامتها طوال ٣٣ سنه من الخدمه المتفانيه في القوات المسلحه. حبي للأردن يكون بأن أرى أولئك أصحاب القدرات و أصحاب العلم يكرمون بمراكز في الحياه العامة بغض النظر عن القرابة واسم العائلة أو المعارف. حبي للأردن يكون برفضي أن أزج عنوة تحت راية فريق أو آخر قبل أن يستمع لرأيي و وجهة نظري أو قبل أن أسمع وجهة النظر الأخرى. حبي للأردن يكون باستهجاني لعراك بين طائفتين كلاهما تحمل راية الأردن وصورة مليكه. حبي للأردن يكون بإحساسي الحقيقي بأني في الأردن أحس أني مشمول، مستقبل، و يحترم عقلي وتصان كرامتي. حبي للأردن أن تكون دعواتي لرفض الفساد والمفسدين مسموعه من قبل حكومه شفافه و محاسبه و نزيهه.

نحن في الأردن نواجه مكارثييه قديمه جديده. فرق منا تسب وتشتم وتعلن الانتماء أو الخيانه بدون نظر أوتمييز أوتفحص. لقد باد جيل ال ٧٠ و ما زال الكثير يتغنون به رغم تغير الحال الجتماعي والاقتصادي والإقليمي والديموغرافي. و سيغرقنا هذا الحال قبل أن نلتقط أنفسنا بعد أحداث الجمعه، مالم تقم الحكومه بواجبها الوطني التوحيدي وتضع تحت لوائها جميع أطياف الشعب الأردني بدلا من تميل بثقلها مع فئه دون الاخرى.

يجب على الجميع أن يسمع صوتهم وان تفتح لهم أبواب التعبير السلمي عن حبهم وحرصهم على الأردن وشعبه و وحدة ترابه. و في هذا أضم صوتي لأصوات العديد من أخواني المدونين الاردنيين في طلبهم لأن يسمع صوت الأغلبيه في جعل هذا الحوار مستقلا حرا متقبلا وغير ملوث بغوغاء العابثين.

أعاننا الله و أعنا أنفسنا على ما هو مقبل علينا. لقد امتحنا، ونجاحنا كأمة واحده  يكون في مقدرتنا أن نعمل معا على اجتياز هذه الازمه بفهمنا بما يحيطنا وبفهمنا عن أنفسنا و مجتمعنا في ظل نتائج الفحص الذي نمر فيه.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية