إصلاح أخلاقي

السبت 23 تموز 2011

بقلم أحمد خليل

لم تؤتِ ثورة البوعزيزي ثمارها بعد، و لم يحن لجسده المشتعل أن ينطفئ، ولم يكن نقل الثورة من تونس إلى مصر فشوارع الوطن العربي الممتد من خليج نتنازع مع الفرس على تسميته إلى محيط لا نملك منه إلا التسمية العربية صدفة بل عن سابق إصرارٍ و توقٍ إلى الحرية.

كثر هم من يراهنون على أن الربيع العربي لا يرقى إلى فيلم أمريكي بإنتاج صهيوني رديء السيناريو والإخراج، و بأن الأنظمة العربية ستمنع عرض هذا الفيلم في دور السينما لديها، وأنه لن يكون بمقدور أحد مشاهدة هذا الفلم عبر الإنترنت أو تداول القرص المضغوط ومشاهدته في البيوت. كان هناك تأكيد أن تونس تجربة ناجحة للمخطط “الأمرو- صهيوني”، ونجاح المخطط في مصر ساعد على نشره في الدول العربية الأخرى، و بأنها (أي مصر) ستقسم إلى دولتين أو أكثر على مدى الأعوام العشر القادمة.

عبثية المؤامرة وبأن ما يجري الآن مخطط له من سنوات بل من عقود وأن من يحمل راية للتغيير والإصلاح هو أداة في يد هذا المخطط الشمولي الهادف إلى تغيير تركيبة “الأنظمة العربية”، تؤدي إلى تصوير كل من ينادي بالإصلاح بأنه: عدو، وعميل، وخائن. وعند عدم قدرة الطرف الآخر على إثبات العمالة والخيانة سيقوم باللعب على وتر “الأخلاق”، ولأن الأخلاق من أعمدة البيت العربي سيكون كل من يخالفها مرفوضاً و منبوذاً، بل وسيتم محاربته لأنه ليس على خلق.

هناك حالتان سأتحدث عنهما بإختصار: الحالة الأولى تتمثل في أحد الناشطين الشباب الذي يعتبر أحد أبرز وجوه الحركات الداعية للإصلاح في الأردن وقد تناقلت الأوساط الشبابية في الفترة الأخيرة الكثير من أخباره، و وصل الحد بالبعض التشهير به عن طريق (اليو تيوب) ونشر صور له مع أصدقائه واتهامه بالانحلال الأخلاقي (على أساس إنه إحنا الي بنقيّم الأخلاق) وتم تحذير الشباب من الإنجرار وراء المطالبة بالإصلاح لأن “رموز الإصلاح” بحاجة إلى إصلاح وأن أصحاب “البنطلونات الساحلة” هم من ينادون بالإصلاح، (والله عيب يكون الي بدو يصلّح البلد أبو بنطلون ساحل، و الي بيحكي عن حاله زلمة قاعد بيتفرج على التلفزيون).

و الحالة الثانية وائل عباس المدون المصري أحد رموز الثورة المصرية، وأحد الشهود على تفتّح الورد في جناين مصر، والذي يلام على جرأته، ويتناسى لائموه أن عدد متابعيه على تويتر يفوق من يتابع حساباتهم مجتمعين.

ليس هذا ما أرغب الحديث عنه، بل هو اختزال ثورة بأكملها ومحورتها حول شخص، إنسان، كأي أنسان عرفناه وسنعرفه له طريقته الخاصة في التعبير عن آرائه الشخصية التي لها تأثير أكثر من القرارات الحكومية والشعارات التي تطلقها الأحزاب و القوى المختلفة. كما أرغب بالحديث عن محاولات البعض وأد الثورة والإصلاح من خلال اغتيال شخوص يمشون في مسيرة الإصلاح.

أختلف مع المدون المصري ولا يعجبني طرح الشاب الناشط في حراك الإصلاح الأردني لكن هذا لا يمنعني من رفض محاولات من يسعى إلى تخويف الناس من الإصلاح القادم لإن من يمشي في مسيرة الإصلاح ناس عاديون لا يلبسون أقنعة في العلن تخفي حقيقة ليسوا بحاجة إلى إنكارها.

حين يفشل الطرف الثاني في منع رياح التغيير من الوصول إلى كل بيت، يدخل مع هذه الريح محذرأ منها بأنها التي ستحمل الخراب الكثير وبأنها ستطرح الثمر عن شجرة التفاح لتلتقطها السيارة وتكون ثمار الثورة لهم وحدهم وليس لأصحاب البيت. يلبس الطرف الثاني عباءة الحكمة والموعظة الحسنة ويحاول أن يرسم وجهاً شيطانياً لكل من يسعى إلى إصلاح البيت الداخلي لأن الطرف الثاني لابد وأنه مستفيد من حالة الخراب والفوضى التي تعم البيت. لا أوجه اتهاماً بل أطلب أن نضع المصالح الشخصية جانبا ونوجه بوصلتنا باتجاه الشارع صاحب الكلمة الأخيرة في ما يحدث على الأرض وليس من يجلس وراء شاشة جهاز الكمبيوتر لتوجيه الإتهامات وتخوين كل من يطالب بحياة كريمة بعيدة عن المكرمات و المساعدات.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية