معركة الأمعاء الخاوية

الثلاثاء 18 تشرين الأول 2011


بقلم زينة أبو عناب

عشرون يوما مرت منذ إعلان الأسرى في سجون الإحتلال إضرابهم عن الطعام. عشرون يوما تمر وسط صمت عربي ودولي اعتدناه مرغمين. صمت الأنظمة، تواطأ معه عن وعي أو غير وعي، صوت الشعوب.

321 أسيراً وأسيرة، يخوضون معركة 6000 من الأسرى، لكل منهم قصة ورواية. لكل منهم أمٌ وأبٌ، أختٌ وابنة أحبتهم، وفلسطين هم أحبوها.

هؤلاء الأسرى الذين عجزنا، أو أخفقنا، في تتبع أسمائهم وسيرهم، فبتنا نتحدث عنهم بالأرقام. لم نتأمل يوماً عقارب الساعة، تتحرك ثانية تلو الثانية، ويوماً، فشهراً، فسنواتٍ بل عقوداً، بينما الأسير يقبع في الزنزانة.

يتوقف شريط حياتهم بينما عقارب ساعاتنا تتحرك.

ولم نتذكر.

6000 من أطفالنا وشبابنا ونسائنا وشيوخنا، لا يجدون حتى ساعة ليرقبوا تحرك عقاربها.

يودّعون عمرهم. ولم نتذكر.

لم نتذكر أسرانا عندما استنشقنا هواء الصباح، واستلقينا تحت الشمس، ونظرنا صوب القمر. لم نتذكر أسرانا عندما شممنا عبق طفل، أو شعرنا بحضن حميم، أو ودّعنا صديقاً عزيزاً. لم نتذكر أسرانا عندما استمعنا لترنيمةً قديمة، أو قرأنا بيتا من الشعر، أو تذوقنا رائحة القهوة.

والأسير يعد الثواني في زنزانته الفردية، وسط صمتي وصمتك.

قاوَم بالحجارة تارة، وبالقلم تارة، وباللحن تارة، وبالسلاح تارة أخرى، وعندما لم يجد القلم أو السلاح، قاوم بعويل أمعائه.

لم تنته معركة الأسير هنا رغم هذا النصر، رغم رضوخ المحتل لمطالب معركة الأمعاء الخاوية، ورغم صفقة تبادل الأسرى. لا بل ولم تبدأ حتى رحلة النهاية. فالشمس ستستمر بالإطلال على وجوهنا، بينما تستمر الجدران بحجب وميضها عنهم، وعقارب الساعة تتقدم.
“إذا متُ، وتسلمتم من إدارة السجون جثتي، لا تستعجلوا في دفني، خذوني إلى بلدتي، واتركوني قليلاً في البيت، أتغمس في الذاكرة، وأودع المكان الذي أحببت.” سامي يونس، أكبر أسير في سجون الاحتلال.

كل الإحترام والتقدير للنشطاء في الأردن الذين أعلنوا إضرابهم عن الطعام منذ أسبوع تضامنا مع الأسرى في سجون الاحتلال، وعلى رأسهم الأسير المحرر مروان المالحي، حيث يستمر تواجدهم في مقر حزب الوحدة الشعبية/ جبل الحسين رغم تعليق الإضراب عن الطعام لحين التأكد من تحقق مطالب الأسرى بالكامل. يستحقون منا جميعا وقفة إجلال ومؤازرة، لنعزز صمودهم بزيارتنا لهم.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية