واإسلاماه

الخميس 29 كانون الأول 2011

بقلم د. غيث العبدالله

مع وصول الإسلاميين إلى سدة الحكم في عدد من الدول العربية، يقفون امام منعطف هام، فإما تعديل ايديولوجيتهم بشكل يسمح للاخر بحق رفض اتباع افكارهم أو سيواجهون فشلا كبيرا في اول انتخابات جديدة. هذا على فرض انهم سيبقون على الاسس الديموقراطية التي اوصلتهم الى الحكم.

يتساءل الكثيرون كيف يقوم الشباب بالثورة ليحصد نتائجها عجائز وشيوخ؟ والجواب ابسط مما تعتقد اجهزة الاستخبارات الغربية، فلقد نشأت الأجيال العربية المتعاقبة على مفاهيم محددة ملخصها بان لاعزة لنا الا بالإسلام ولا رفعة لهذه الامة الا بالعودة الى سيرتنا الاولى، وهذا نتاج سنين طوال على مقاعد المدراس والعديد من حصص التاريخ والتربية الاسلامية. المشكلة أن مناهج التاريخ المدرسية هذه صيغت بعناية فائقة وتمكنت من تلخيص سيرة الإسلام ببعض من الشخصيات فبعد الرسول عليه الصلاة والسلام جاء ابوبكر فعمر فعثمان فعلي ثم الامويين ومنهم خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبدالعزيز ثم العباسيين ثم اواخر حكم العثمانيين. وبهذا التسلسل أغفلت كتب التاريخ المدرسية عمَا يقارب ألف عام من الدول الإسلامية المتعاقبة والخلفاء والأمراء والسلاطين، وأسقطت سهوا، ان ما تصوره سببا وحيداً في رفعتنا هو عينه السبب في تعاقب المصائب علينا، فلن يدرسك أحد عن الدولة الفاطمية كما ربما لم تسمع بالدولة العبيدية ولم تعلم عن السلاجقة ولا الكثير الكثير من القصص التي أوصلت بعض أمراء المؤمنين الى التسول بالشوارع، ولا تعرف عن الاخشيدي الذي كان يرقص لا شعوريا اذا سمع الموسيقى بالشارع.

لم يحدثوك عن عطايا السلاطين من المال العام فكان السلطان يغدق على من يريد كيفما يريد ووقتما يريد دون حساب، ولِم الحساب وحاشيته وبطانته من الشيوخ الصالحين لم يروا مخالفة شرعية في منح الامير صرة من الدنانير لشاعر ما او جارية تجيد الرقص وغناء القصيدة التي قبض لاجلها شاعرنا صرته؟ والآن وبلا تفكير توجهت الشعوب الى صناديق الاقتراع وهي ترسم صورة لأحد العمرين ليعيد لنا مجدنا التليد، لماذا؟ اذا اردت ان تعرف الجواب انظر في احد كتبك المدرسية القديمة وانتبه الى اسماء المؤلفين وستعرف بانهم جميعا من رجال الدين وبأن لا حل لمعضلة الارث المشوه الا بتعديل مناهج التاريخ لتشمل التاريخ بكل جوانبه وابعاده لا مجموعة مختارة من القصص من هنا وهناك لتعزز من وجهة نظر معينة، طريقة اقل ما يقال عنها بانها تخلو من الامانة العلمية والادبية، وعندها سيتمكن العربي من الاختيار وهو مدرك لكافة الابعاد التي قد يحملها اختياره.

لست ضد الدين لا سمح الله بل على العكس فانا اعتز باسلامي، ولكنني لم اجد اسسا اسلامية حقيقة في ما يتعلق بالسياسة وهيكلة الدولة وانظمتها المختلفة، وهذا ليس عيباً بالاسلام من قريب او بعيد، بل نتيجة محاولات البعض تحميل النصوص الشرعية ما لا تحتمل في اطار اعتقادهم بان هذا يرفع من قدر الدين الاسلامي.

ويبقى السؤال، كيف ستشعر الجماهير العريضة بعد ان يفشل مرشحوها الفائزين في اعادة العزة والمجد لهذه الامة؟

 

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية