العربية

الخميس 01 آذار 2012

بقلم محمد زيدان

قبل يومين كنت في محاضرة في مكتبة شومان حول اللغة العربية، وقدمها الأستاذ الدكتور عبدالسلام المسدّي من تونس. كان الحضور (كما هو متوقّع) مجموعة من كبيرة من الأساتذة والشيوخ، ولم يحضر من الشباب المختص أو غير المختصّ سوى عدد محدود، زاده قليلاً  وجود اثني عشر طالبًا من الطلبة الأتراك الذين يدرسون العربية هنا في عمّان. ركّز المحاضر في موضوعه على العلاقة الوثيقة التي تربط اللغة بالسياسة، وقال مؤكّدا غيرَ مرةٍ إن العربية الفصيحة لن يُكتب لها الحياة إلا بقرار سياسي حازم من الدول العربية، وإنه إن لم تتخذ الدول العربية قرارًا بشأن رعاية الفصيحة فإنها ستتلاشى خلال ثلاثة أجيال على الأكثر.

كلام فيه ما فيه من التشاؤم، كما علّق الكثير من الناس بعد المحاضرة، إلا أنني أؤمن أنّ تحذيرًا من أستاذ بقيمة المسدّي، يجب على الأقل، أن يكون كفيلًا  بإثارة حالة من القلق والقلقلة في أوساط الشباب العرب، عداك عن أوساط المثقفين وصنّاع القرار.

إلا أنّ اللافت للنظر في محاضرة المسدّي أنه لم ينطلق في دفاعه عن الفصيحة والدعوة إلى حمايتها من الانتقاص من العامية والدعوة لمحاربتها، بل إنّه أكّد أن العاميّات لغات طبيعية لا بد من حفظها والعناية بها، فهي لهجات التراث والتاريخ والحب والغزل والحزن والفرح، ولكنّه حذّر من انتشار مستوى لغويّ وسيط بين العاميّة والفصيحة، ينتشر على ألسنة الإعلاميين والسياسيين وشخصيات المجتمع، الدينية وغير الدينية، ظنّا منهم أنّ هذه لغة أسهل من الفصيحة، وأنّها أقرب إلى النّاس. إلا أنّ المسدّي قد فنّد هذه الادعاءات، ودعا إلى وقفة جادّة، من صنّاع القرار في الوطن العربي مع الفصيحة.

من ملاحظاتي الشخصية في الحياة اليومية، أرى أنّ الوعي بالعربية بين أوساطنا الشبابية في ازدياد، لأنّ الشعور بالهويّة يتعزّز لدينا، وأشعر أن مستوى من الوعي جديدًا يدعونا إلى الاعتزاز بلغتنا والعناية بها، لأنها هي الأقدر (أو يجب أن تكون الأقدر) على التعبير عنّا وعن همومنا وآمالنا.

مما يؤلم حقّا أن مجلس النوّاب الأردنيّ، الذي فقد شرعيّته عند كثير منّا، لا يستطيع الكثير من أعضائه أن يستخدم الفصيحة لا قراءة ولا كتابة. لو أضفنا إلى هذا تدخينهم أمام الشعب تحت القبّة، وما انتشر بينهم مؤخّرا من عادة أكل التسالي وتوزيعها، فإننا سنتوصّل إلى نتيجة مفادها أن الشباب الأردنيّ أمامه الكثير لإنجازه حتى ينقذ البلد، والعربية.

تحديث: تنطلق يوم السبت حملة على تويتر دعا إليها عدد من مغردي الأردن لاستخدام العربية الفصيحة لمدة أسبوع. مزيد عن الحملة هنا.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية