المرأة والأم بين ولاية الأمر ودفتر العائلة

الأحد 18 آذار 2012

بقلم ريما الصيفي 

يوم المرأة وعيد الأم 

هي ممن يستنكرون يوم المرأة أو تحديد يومٍ معين احتفالا بها، ربما لاعتقادها أن كل يوم نحياه يواجهنا باستضعاف النساء في أنحاء المعمورة ووجوب الصراع للارتقاء بوضعهن، أو لإيمانها أن البشر – نساءاً ورجالاً – وهي تحديداً عليهم تحدي أنفسهم يوميا للإرتقاء بها ومواجهة مخاوفهم وشكوكهم ليصلوا إلى ذاتهم الأفضل والتعايش مع الأخر.

مع ذلك، فهي من أكثر الناس احتفالا بعيد الأم، متغاضية عن الكليشيه الذي يقول أن كل يوم يجب أن يكون يوماً للأم، لأن الأمومة كانت دائماً بالنسبة لها سبباً للاحتفال وعيد الأم فرصة لإظهار التقدير وحجة شرعية للهروب من ضغوطات الحياة اليومية والتمتع بكونها إبنة لأم وأم لأبناء.

المرأة 

اختارت الزواج، قبلت به ووقع أبوها (ولي أمرها السابق ) وزوجها( ولي أمرها اللاحق)على عقد القران، ووقعت هي وشاهدين على ذاك العقد. كأنها انتقلت من كونها فتاة لتصبح إمرأة، ومن كونها إبنة لتصبح زوجة ومن ولاية لولاية.

الحمدالله فالولاية الأولى مكنّتها من أن إدراك ذاتها والولاية الثانية مكنّتها من أن تصبح أم. حُذِفَت وزوجُها من دفاتر عائلة أسرتيهما السابقة وأصبح لهما دفترعائلة جديد معاً.

الأمومة 

تحدق بها عينا ابنتها بنظرات بريئة وواثقة وهي تضمها، كأنها تدرك الأمان بين ذراعيها، و يفرح الأب ويضيف اسم ابنتهما إلى دفتر العائلة. تكررت نظرات الثقة في عيون أطفالها في أشهرهم الأولى وأضافهم الأب إلى دفتر العائلة، إلا أن ثقتها بقدرتها على حمايتهم تقل يوما بعد الأخر مع أن سعيها لتحقيق الأمان لهم يتضاعف.

وليّة أمرها

لم يجدا غير الطلاق حلاً واختارا أبغض الحلال كمخرج لمشاكل صعب معها العيش. اتفقا على حضانتها للأبناء. بقي أبناؤها حسب القانون الأردني مسجلين بدفترعائلة الأب وبقي والدهم المقيم في الخارج وليّ أمرهم. الأب مازال ينفق على الأطفال والأم تبذل وقتها وما تجنيه من عملها لتقديم الأفضل لهم. حُذِفت هي من دفتر عائلة طليقها الذي يجمع أبنائها سوياً.

أصبحت وليّة أمرها وأصبح لها دفتر عائلة جديد ووضع اسمها مكان اسم الزوج  في الصفحة الأولى واسم أمها في الصفحة الثانية مكان اسم الزوجة الأولى ….استغربت كيف تسجل أمها بدفترها ودفتر عائلة أبيها في آن واحد؟

تزوج الأب وكون أسرة أخرى وبقيت العلاقة بينهما وديّة بما يكفل تنشئة الأطفال، واستخرجا للأطفال جوازات سفر خاصة لضمان حرية التنقل بينهما. كان على ثقة أنها حريصة على رعاية أبنائه حيث تولت إدارة حياة أطفالهم دون تدخل منه.

بقي دفترعائلته القديم معها مع جوازات سفر الأطفال فهو لا يحتاجه خارج الأردن ولسبب ما فإن هذا الدفتر ضروري في جميع معاملات أطفالهما.

دفتر العائلة وولاية الأمر 

بعد يومين من عيد المرأة في هذا العام، جلست تملأ استمارة تسجيل أطفالها في المدرسة الجديدة، حتى وصلت إلى الخانة التي تخشاها، خانةوليالأمر“. ترددت. هناك جدل حول هذا الموضوع خاصة حين يتعلق الأمر باستمارات التسجيل فالبعض يقول أن ولي الأمر هو الشخص المسؤول عن الأطفال والقائم على رعايتهم بغض النظر عن القرابة، والرأي الأخر يقول أن المقصود هو الولاية القانونية، وهي للأب. استشارت مسؤولة التسجيل ولم تجد إجابة شافية فاختارت كتابة اسم زوجها السابق في هذه الخانة، وملأت الخانة التالية (درجة القرابة) بكلمة  الأب  كما عهدت دائماً، إلا أن هذا التردد لديها ولدى مسؤولة التسجيل تبدد عند خانة اسم ولي الأمر في نهاية الاستمارة وأسفل التعهد  قكتبت اسمها كولي للأمر وتعهدت بدفع كامل القسط. أكملت بيانات أبنائها وأبيهم من دفتر عائلة طليقها حتى وصلت إلى خانة تاريخ انتهاء دفتر العائلة… أحست باختناق عندما اكتشفت أن دفتر العائلة لم يعد ساري المفعول منذ شهرين.

بدأت الاتصالات على مضض بالطليق المقيم في الخارج وأهله في الأردن علّهم يقدموا يد العون وبدأ الجميع بالتساؤل عن الإجراءات اللازمة للتجديد. قد تحل هذه المسألة مؤقتا لتمضي عشر سنوات أخرى بأمان حتى موعد التجديد القادم، لكنها ستبقى رهنا لظروف الأب المغترب ومزاجه أو مزاج وكيله وستبقى الأم مترددة في تعريف نفسها في خانات عدّة وسيستمر إحساسها بقصورها عن ولاية أبنائها.

لا إنكار لأهمية ولاية الأب الحاضر أوحتى الغائب لأبنائه ولكن الاستهجان من استنكار ولاية الأم في حال غياب الأب وكون دفتر العائلة في كثير من الحالات معيق وربما فائض يغني عنه جواز السفر أو شهادة الميلاد.

أي تصريح يمثله دفتر العائلة للمرأة وابنائها؟ أهو حقا إسهام في إبراز أهمية تأسيس العائلة في حياة المواطن أم إهانة صارخة لقيمة المرأة والأم والعائلة؟


دفتر العائلة

عندما تساءلت عن أهمية دفتر العائلة كانت الأجوبة التي وجدتها على الإنترنت أن دفتر العائلة يأتي  إسهاما حكومياً في إبراز أهمية تأسيس العائلة كحدث في حياة المواطنين، وهو إسهام يأتي منسجماً مع كوننا من الشعوب التي تحب الوثائق – حسب مقال أحمد أبو خليل

أما البعض فأجابها ان أهميته تكمن في حصر أفراد العائلة معأ سوياً  في وثيقة جامعة، والبعض الأخر قال أنه مهم للاشتراك في الانتخابات البلدية أو ضمان الحق في حصص التموين في حال الحاجة، مما دفعها للتساؤل عن علاقتها وأبنائها – هل أنكر المجتمع حقها بأن تكوّن هي وأطفالها عائلة؟ وما مصيرها وأبنائها عند توزيع حصص التموين إن ضاقت بهم الدنيا؟ أي دفتر تستخدم وكيف يتم حساب الحصة الصحيحة وهل عليها إثبات انها تساهم بإعالة أبنائها؟ وكيف تثبت إقامتهم معها؟

بين يوم المرأة وعيد الأم

أي تصريح يمثله دفتر العائلة للمرأة وابنائها؟ أهو حقا إسهام في إبراز أهمية تأسيس العائلة في حياة المواطن أم إهانة صارخة لقيمة المرأة والأم والعائلة؟

ونحن على مقربة من عيد الأم ، أتمنى ان يساهم القراء في تقديم حلول ليست معروفة لنا  لكيفية التعامل في مثل هذه الموقف  أوطرح حلول يمكن تقديمها كبدائل لدفتر العائلة.

ملاحظةعلى الهامش

حيث أن موضوع حق الأم الأردنية في منح جنسيتها لأطفالها مهمش فإن الملاحظة التالية ستكون على الهامش: تتكررمعضلة الأمومة وغرائب محتوى دفترالعائلة للمرأة المتزوجة بغيرالأردني فتكون الصفحة الأولى باسمها وعلى الصفحة الثانية جملة: زوجة «اسم الزوج» وجنسيته، والصفحة الثالثة: لايمكن إضافة الأبناء.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية