من الذي صنع الثورات العربية “الفيسبوك” أم المقهورون وشباب الطبقة الوسطى؟

الأحد 22 نيسان 2012

بقلم رانية الجعبري

هل يمكن للفيس بوك أن يصنع ثورة؟

قد يجيب كثيرون من دون تفكير بـ “نعم”، لكن الواقع أننا بحاجة التأمل والبحث أكثر لنجيب عن السؤال، فالربيع العربي الذي شهد حالة توثيق في الفضاء الالكتروني بصورة غير مسبوقة قام على أكتاف الكادحين والعمال وفق كل من نائب الامين العام لحزب الوحدة الشعبية د. عصام الخواجا والناشط شاكر جرار.

بل يشير جرار الذي يستعد لتقديم رسالة الماجستير في علم الاجتماع إلى أنه وأثناء زيارته لمصر حال قيام الثورة المصرية أكد له رجل صعيدي بأن أبناءه الثلاثة استشهدوا وهم لا يملكون كمبيوتر في البيت وغير قادرين على استخدامه من حيث الأصل.

ويضيف جرار “إن شرارة الثورة المصرية بدأت من السويس وهي مدينة عمالية، ومن حمى الميدان من الجمال والبلطجية كانوا الحرفيين ومشجعي النادي الأهلي”، مشددا على أن وصف ثورة مصر بثورة الفيس بوك يظلم طبقة ساهمت بصورة مؤثرة في صناعة الثورة وهي لا تملك متطلبات الحياة الاساسية ولا تعرف الكمبيوتر من حيث المبدأ.

ويتوقف هنا قائلاً “العمال والكادحين المحرومين من مستلزمات الحياة الأساسية كانوا وقود الثورة، ولكن من نظم ودعا وتمكن من استخدام الفضاء الالكتروني ليخدم الثورة هم شباب الطبقة الوسطى”.

ويعود ويؤكد “لا يمكن أن تصنع ثورة عبر دعوة على الفيس بوك، لتصنع ثورة يجب أن ينضج الظرف”.

ويؤكد كذلك د. عصام الخواجا أن الحراكات العمالية المصرية كانت المحرك الحقيقي للثورة مستذكراً تلك الحراكات والاحتجاجات التي بدأت منذ سنوات، وكيف أدى تراكمها ونضج الظرف الموضوعي لقيام ثورة، دون أن يغفل الدور الايجابي الذي لعبته مواقع التواصل الاجتماعي في تعبئة الناس وكشف تجاوزات النظام المصري مع المتظاهرين والمعتصمين.

ويؤكد بأن الثورة بدون الفيسبوك ومواقع التواصل ستكون أكثر بطئاً إذ تمكن الشباب بسبب التحشيد الاعلامي عبر هذه المواقع التي شكلت مادة إعلامية للفضائيات من إسقاط رأس النظام المصري بعد 18 يوم.

لكنه يعلق قائلا “الثورات كانت ستقوم بدون مواقع التواصل الاجتماعي، فقبل ذلك عرف التاريخ ثورات كثيرة مثل الثورة الفرنسية والبلشفية، وفي ذلك الحين لم يكن هنالك انترنت أو مواقع تواصل اجتماعي”.

بل إن د. الخواجا يحذر من أن هذا الفضاء المفتوح هو متاح للقوى المضادة للثورة والاصلاح، فالفيسبوك غير منحاز للثوار والاصلاحيين، وهو مجرد وسيلة يجب استخدامها بحذر، ويجب عدم الركون لها على كل حال.

فإسقاط رأس النظام في مصر لم يكن يعني كل شيء، وإنجاز الخطوة الأولى من الثورة يتم بوصول الفئات التي صنعتها الى السلطة وهذا لم يحدث بعد. وإن الفيسبوك لا يمكنه أن ينوب عن القوى التنظيمية التقليدية أو مصادر المعرفة التقليدية كالكتب والمراجع.

ويتحدث بأسف “بات الفيسبوك مصدر المعرفة لكثير من الشباب، وهو لا يقدم سوى معلومات سطحية، وثمة خوف حقيقي على وعي الشباب المفتونين به”.

وكذلك يدعو جرار إلى “وضع الفيسبوك في حجمه الطبيعي”، مبينا أنه أداة مهمة إن تمكن الشباب من استخدامه بحذر شديد، لأن صفحاتنا على الفيسبوك توفر للأجهزة الأمنية معلومات كاملة بالمجان.

ويبين أن البعض يستخدم الفيس بوك مخزناً لأسراره في الرسائل الخاصة، وهذا مقرون بضعف نظام الأمان والخصوصية في الفيس بوك. مما يؤدي وفق جرار إلى إيذاء صاحب “الأكاونت” ومن حوله في حال لم يتخذ الحيطة والحذر.

ومن ناحية أخرى يشير إلى أنه من غير الممكن اعتبار الفيسبوك منبراً وحيداً للحراك، فثمة مقهورين وعمال لا يستخدمون الكمبيوتر ولا بد من الوصول إليهم عبر وسائل تقليدية مثل المنشور أو اللقاءات والحديث إليهم. وإن حصر النضال في الفيسبوك ومستخدميه يستبعد فئة مهمة في الثورة وهي في النهاية الوقود الحقيقي للثورة، والمستفيد الأكبر من الإصلاحات.

ومن التجربة الأردنية يستذكر جرار المنجزات التي حققها عمال المياومة من دون شبكات التواصل الاجتماعي، إذ تمكنوا من تثبيت 13 ألف عامل مياومة من دون فيس بوك، بل بإصرارهم، وهم أصحاب أحد اهم الحراكات في الأردن.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية