هل الأخلاق للنساء فقط ؟

الخميس 14 حزيران 2012

بقلم: هلا غوشة

أهنئ الفتيات لانتاج فيلم “هذه خصوصيتي”، لانهن عبرن عن ما سمعته أغلبية النساء في الأردن في فترة ما من حياتهن وبغض النظر عن العمر، الملبس ، والمكان. فالكلمات والجمل التي تُعاكس بها النساء مذلة ونافية لجميع القواعد الاجتماعية التى تحترم وتصون المرأة، ناهيك عن التحرش الجسدي الإيحائي الذي لم  يتطرق له الفيلم ولكنه منتشر أيضا. فالأردنيات من جميع الفئات الإجتماعية وإن كانت محجبة أو منقبة معرضة للمعاكسة والإذلال.

إن الفيلم وما تبلور عنه من نقاش أكد أننا نعيش في مجتمع متناقض. فبدلا من ان نواجه بعض الشباب والرجال بتصرفاتهم المخجلة والمخزية والتي تدل على قلة احترام الشخص للمرأة أولا، ولكيانه ثانيا، هاجم الكثيرالفتيات والنساء اللواتي  قد تعرضن للمعاكسات على أنهن هم السبب في سوء تصرف هؤلاء الشباب والرجال.

لماذا يعطي بعض الرجال الحق لأنفسهم استباحة النساء بمجرد رؤيتهم في مكان ما أو في الشارع؟ ولأولئك الذين يعتقدون أن الفتاة/المرأة تستحق ان تتعرض للمضايقات بسبب ملبسها، فلماذا إذن تعاكس المحجبات والمنقبات؟ لقد تمادى البعض ليدعي أن “التحرش واجب وطني “، ولكن هذا بحد ذاته تصريح عام اعطوه لانفسهم لمعاكسة من يروق  لهم من الفتيات.

فالقضية ليست بما تلبسه المرأة وبتصرفها بل هي أعمق من ذلك لأنها تعكس رؤية هؤلاء الشباب والرجال نحو المرأة. فهم لا يرون المرأة كإنسان، بل ككائن موجود لخدمتهم و تلبية رغباتهم.  وما يزيد من الأمر وجعا أننا نطالب المرأة بالتزام القواعد الاجتماعية والتحصن بالأخلاق في حين أن البعض يبرر التصرف اللاأخلاقي الذي يقوم به بعض الرجال والشباب بأنه “متوقع” و”مبرر” بل و”واجب”.  فهل الأخلاق في الأردن للنساء فقط وليست للرجال! هل يُعقل بأن تُستباح النساء تحت هذا الشعار؟

لماذا لا نحاسب من يعاكس النساء؟ ولماذا لا يحاسبون هم انفسهم على تصرفهم؟ هل يقومون بهذا من  مبدأ “فرد عضلات” ، أم هو قلة إحترام ، أم هو فراغ فكري ووجداني، أم أنهم يعيشون في مجتمع يشجع على عدم إحترام الأخر وبالأخص المرأة؟ إن هذا التصرف يجب أن يتحمل مسؤوليته من يقوم به من الذكور بغض النظر عن عمرهم ومكانتهم الاجتماعية. فكما تحاسب المرأة على تصرفاتها، يجب أن يحاسب الرجل.

إن ما يعبر عنه الفيلم هو مطلب في غاية الوضوح. فالفتيات والنساء  يطالبن بحقهن في ممارسة حياتهن دون معاكسات ومضايقات لأنه  في بداية ونهاية الامر المرأة “انسانة” تستحق الاحترام. ألا نفتخر بأن الأردن آمن لجميع مواطنيه؟ أولست مواطنة لي الحق ان اكون آمنة وبعيدة عن المعاكسة؟ لقد حان الوقت ان نقف نساءً ورجالاً ضد إهانة المرأة وإذلالها واستباحتها.

أتمنى ممن لم يتقبل الفيلم أن يتأمل بقدرته على التعايش مع الآخرين وإحترام النساء لأن الكثير من ردود الفعل تدل على مدى مصداقية الفيلم وتفشي ظاهرة التحرش والمعاكسة في المجتمع.

لكم جزيل الشكر أيتها الفتيات لكسر حاجز الصمت في موضوع يؤثر على كثير من نساء في الأردن.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية