العودة إلى الطبيعة

الأربعاء 24 تشرين الأول 2012

بقلم سلافة الشامي، تصوير حسام دعنة 

ترى نسرين، ربة منزل تقطن في أحد أحياء عمان الغربية، بأن تقليص كمية النفايات الناتجة عن استهلاك عائلتها يجب أن يكون هدفاً رئيساً وطريقة عيش بدلاً من مجرد وضع خطة لإعادة التدوير في بيتها من أجل الشعور بأنها تساهم بالمحافظة على البيئة. فمع أن إعادة التدوير عملية نجدها في الطبيعة وفصولها الأربعة، إلا أن نسرين تعتبر أن المفهوم الصناعي لهذه العملية مجرد ضمادة لجرح عميق، حيث أن المشلكة تكمن في نمط حياتنا وغذائنا الذي بات يعتمد كلياً على مواد الأكل المصنعة والمغلفة التي تقف في وجه فهمنا لطبيعتنا. تنظر نسرين إلى هذه العملية بطريقة شمولية تعتمدها بشكل تام في حياتها وحياة عائلتها اليومية. إذ أن التزامها البيئي يتعدى النظرة النمطية لهذا الموضوع ويمكن القول بأنه أسلوب حياة متناغم مع البيئة والطبيعة.

“يجب أن نقاوم، ونرفض، ونعيد التفكير بطريقة استهلاكنا… إذ لا يجوز أن نكتفي بإعادة التدوير وتقليص النفايات، هذه الأساليب يجب أن تكون خيارنا الأخير.”

لم ترد نسرين أن تكون تجربتها سطحية فقامت بدراسة الموضوع من جميع جوانبه وأخذت تقرأ وتبحث حلول بديلة للمشاكل الرئيسية التي واجهتها. فمثلاً عندما أرادت أن تتخلص من الأكل المعلب وبالأخص الحليب طويل الأمد، بحثت عن حلاب محلي، وعندما وصلتها أول كميات من الحليب الطازج رأت بأنه يجب عليها أيضاً أن تصنع الألبان والأجبان في المنزل. أما أكياس البلاستيك، توقفت نسرين عن استخدامها تماماً واستبدلتها بأكياس قماش فصلتها عند خياط محلي، وصار أصحاب المحلات يعرفونها باسم كارهة اكياس البلاستيك.

من منتجات الألبان المحضرة في البيت

أكياس القماش تم تفصيلها عند خياط محلي

وتقول نسرين: “معظم المواد التي نستهلكها غير ضرورية وجدت لكي تخلق احتياجات وهمية في حياتنا وصممت لتجعلنا مستهلكين متلقين لا نخدم إلا أصحاب المصالح التجارية.”

من التغيرات التي أدخلتها نسرين إلى بيتها الامتناع عن استعمال مواد التنظيف الكيميائية ومستحضرات التجميل المعلبة بالبلاستيك، ولجأت للماء والخل للتنظيف العام بالإضافة إلى مزيج الغار وزيت النخيل كصابون لغسيل الأواني. إلا أنها اعترفت بأنها واجهت بعض الصعوبات واضطرت للعودة لاستعمال سائل الجلي الذي يباع في السوبرماركت نظراً للترسبات التي خلفها زيت النخيل والغار.

لم يكن من الصعب أن ندرك  مدى الجدية التي تأخذ بها نسرين هذا الموضوع بملاحظة التفاصيل الصغيرة في بيتها، فالمحارم الورقية لا وجود لها، حيث تستعمل مناديل مصنوعة من ملاءات قديمة قامت بقصقصتها وإعادة استخدامها. وتجد في الحديقة نباتات ملائمة للبيئة المحلية ولا تتطلب الكثير من الماء، بالإضافة للخضار مثل الفلفل. وتصنع نسرين السماد الطبيعي في حديقة بيتها من خلال تجميع كل النفايات العضوية مثل الأكل وقشر الخضار والفواكه في سلة كبيرة وخلطها مع الأوراق المتساقطة من الأشجار.

أما بالنسبة للمواد الغذائية، توقفت نسرين وعائلتها عن تناول الأطعمة في غير موسمها كما أنها لا تشتري سوى الخضار والفواكه المحلية. فمثلاً عندما يأتي موسم الرمان تقوم نسرين بشراء كميات كبيرة تستخدمها لصنع العصائر الطازجة ودبس الرمان. وهذا التوجه جعلها أكثر ارتباطاً ومعرفةً بالبيئة المحلية وما قد تقدمه لنا. كما وفر هذا الشيء لها لبناء علاقات وروابط مع المجتمع المحلي الذي تقصده لشراء الحليب والصابون الخ.

“كلما تقدمنا أكثر، كلما أصبح مفهوم الأكل شيء مجرد وبعيد عنا… يجب ألا يعزلني سكني في المدينة عن الطبيعة.”

تعترف نسرين بأن اتباع اسلوب حياة كهذه قد يبدو صعباً ويتطلب الكثير الوقت والجهد غير المتاح للكثير من العائلات، إلا أنها تصر بأن إعادة هيكلة عاداتنا الاستهلاكية هي التي ستأخذ وقتاً في بداية الأمر، إلا أن العملية ليست صعبة التطبيق. وتقول نسرين بأنها واجهت بعض المقاومة من عائلتها في بداية الأمر ولكنهم سرعان ما أدركوا التأثير الإيجابي الناتج عن أسلوب العيش هذا على حياتهم وصحتهم، فمن سيعارض فكرة شرب عصير الرمان الطازج وأكل الجميد والأجبان والألبان مصنعة في البيت؟

صابون طبيعي يصنع محلياً

استعمال ليفة المكونة من الألياف الطبيعية كإسفنجة لغسيل الأواني

الحديقة مزروعة بنباتات محلية لا تستهلك الكثير من الماء

تزرع نسرين الفلفل في حديقة المنزل

تضع نسرين المخلفات العضوية في هذا الصندوق في الحديقة مع أوراق الشجر ليتحول إلى سماد طبيعي

سماد طبيعي من النفايات العضوية

تقوم نسرين بتجفيف قشر الرمان لاستخدامه في مجالات متعددة

من الأجبان التي تحضرها نسرين في البيت

تستفيد نسرين من فاكهة وخضار الموسم بصنع مربيات ومخللات مختلفة

تغليف المجمدات بالورق بدلاً من البلاستيك

تغليف اللحوم بقماش خاص بدلاً من النايلون

صابون طبيعي مصنع من زيت الزيتون

تستخدم غسالة تستهلك مياه أقل من الغسالة الأوتوماتيك

 

بإمكانكم قراءة المزيد عن هذه التجربة ومتابعة تطوراتها عبر المدونة

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية