‎التطبيع يعني طبعة على الباسبورت؟

الخميس 14 شباط 2013

(الصورة بعدسة حسام دعنة)

بقلم جوان الصفدي*

اعزائي المليون ونص في الداخل الفلسطيني والجولان السوري المحتـَلّين، بناء على مبادئ المقاطعة الثقافية ومكافحة التطبيع، لن تكون لديكم أي فرصة لمشاهدة آمال المثلوثي أو المربع أو آخر زفير أو أياً من فناني العالم العربي على أرض فلسطين التاريخية، إلا بعد زوال اسرائيل. لأن اسرائيل تستمد شرعيتها ونصرها من التأشيرة التي تطبعها على جوازات سفر العرب وليس من سفاراتها في العالم العربي ولا من تحالفاتها مع زعاماتها ولا من الهوية الزرقاء التي حملتكم إيّاها ولا من اعتراف العالم بها ولا من دعمه التاريخي المتواصل لها.

يمكنكم في هذه المرحلة أن تشبعوا جوعكم الثقافي بالعروض القليلة والمتواضعة التي يستطيع الفنانون المحليّون تقديمها لكم. وإذا زهقتم فلا بأس من بعض الثقافة البديلة المتنوعة التي يوفرها لكم المحتل.

ليكن عزاؤكم في أن هذه التضحية تضاف إلى مجمل التضحيات المفروضة عليكم، لمصلحتكم ومصلحة قضيتكم مثل حرمانكم من دخول معظم الدول العربية وحرمانكم من المشاركة في معظم الفعاليات الثقافية في العالم العربي والتضحية الأكبر – نكبتكم وضياع بلادكم والعيش تحت أمرة بني اسرائيل ورحمتهم في معزل عن عائلاتكم المنفية في المهجر.

هذا الحرمان الثقافي لا يشمل المناطق التي احتلت في عام 1967، لأن أهل هذه المناطق ناضلوا حتى حصلوا على سلطة فلسطينية توفر لزائريها طبعة جندي احتلال، على غرار طبعة موظف الهجرة التي يحصل عليها من يدخل الأراضي المحتلة في ال48. وعليه فإن أهل الضفة أجدر بالزيارة. لا تصدقوا أن اسرائيل تفرح عند امتناع العرب عن دخول “أراضيها” وإقبالهم على دخول أراضي الضفة، ظنّاً منها بأن العرب يعترفون بذلك بأن فلسطين هناك وهنا اسرائيل التي لا نقربها. لا تصدقوا، حتى لو علمتم أن هذا الحرمان الثقافي لن يطال المستمع الإسرائيلي، الذي هو في غنى تام عن الفن العربي، ولن يطال دولته التي لا تقلقها حاجة “مواطنيها” العرب إلى التواصل الثقافي مع العالم العربي. لا تصدقوا، فالحقيقة هي أن اسرائيل لن تدوم طويلاً ما دامت طبعة موظف الهجرة فيه بعيدة عن باسبورتاتنا. أنظروا كيف أفلست الولايات المتحدة وسقطت عنها الشرعية عندما قاطعناها ثقافياً عقاباً على مجازرها ضد الهنود الحمر ودول العالم الثالث ودعمها الظالم لإسرائيل.

أعزائي المليون ونص، صحيح أن هذه القرارات لا تطال من اتخذها، فهم بغالبيتهم الساحقة لا يعيشون بينكم ولهم واقع آخر، لا يمنعهم من التواصل الثقافي اليسير مع العالم العربي ولكن لديهم دورهم الفعال في مكافحة التطبيع، فهم مثلاً لا يستهلكون المنتجات أو الثقافة الإسرائيلية أو الأمريكية (أم الإسرائيلية) في بلادهم وهم حريصون دائما على مراقبة وصلب كل من تسول له نفسه في العالم العربي بالاقتراب منكم جغرافيا.

واعلموا جيداً، أن غالبية الفنانين الذين تحبونهم جهلة في السياسة، إذ أنهم يتمنون لقاءكم في دياركم  ولا يجدون أي جرم أو تواطؤ في التواصل الثقافي معكم رغم الاحتلال، لكنهم لا يفعلون ذلك خشية سيوف المزايدة التي يرميهم بها محترفو النضالات السياسية عن بعد.

لجنة المقاطعة ورواد مكافحة التطبيع يقدرون لكم هذه التضحية التي فرضت عليكم ويعرضون عليكم الحلول البديلة التالية:
1.     السفر على حسابكم الخاص لمشاهدة العروض في واحدة من الدول الطبيعية الشرعية المجاورة التي لا مانع من الاعتراف بشرعيتها وطبيعيتها، مثل المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر الوهابية.

2.     دعوة الفنان المحبوب لتقديم عرض في الضفة الغربية التي تحكمها سلطة شرعية مستقلة ديمقراطية ونزيهة ولا مانع من الاعتراف بشرعيتها، حيث لا يحصل الفنان العربي على تأشيرة من موظف هجرة اسرائيلي، وإنما على تصريح دخول من جندي في جيش الاحتلال.

وإذا تعذر عليكم ذلك، يمكنكم:

3.     مشاهدة فيديوهات من حفلات وعروض فنانكم المحبوب على اليوتيوب.

4.     اطلبوا من صديق شاهد أحد العروض في الخارج أن يحكي لكم عن العرض.

5.     إنشاء فرق توأمة من طاقات فنية محلية، لا بأس بالاستعانة ببعض العازفين اليهود لملأ الفراغ، على أن تكون الفرق التوأمة مطابقة فنيا للفرقة العربية التي تحبونها.

6.     التعجيل في إزالة دولة اسرائيل.

*فنان فلسطيني مقيم في حيفا