رداً على رصد سوسن زايدة: اللاجئون السوريون في خلفية صور الصحفيين عن بطولات الجيش الأردني
بقلم أكرم إدريس الحمود
من الكلمات التي استهلكت جدا في في مجتمعنا كلمة النشمي، وحقيقة تصيبني ردة فعل عكسية عند وصف أي شخص بهذه الكلمة التي أفرغت تماماً من محتواها عبر سنين من تردادها خلال الإعلام الحكومي والخاص حتى صارت كلمة يتندر بها غير الأردني عندما يريد أن يصف موقفاً غير سار أو ما شابه حدث له مع أردني أو في الأردن.
منذ بداية الأزمة في سوريا حدث تحول جذري في دور قوات حرس الحدود المرابطة شمالاً، فبعد أن كانت شديدة لدرجة وصفت أحيانا بالمبالغ بها في التعامل مع أي حالة تسلل عبر الحدود، صارت الآن الضامن الوحيد لعملية عبور آمن لعشرات الالاف من اللاجئين السوريين الهاربين من آلة الموت التي أعملت يدها في سوريا، ولا يوجد منظر يجسد سخرية الوضع الراهن مثل خوف بعض الأطفال السوريين من جنود الجيش العربي لأنهم يلبسون ال”فوتيك” بعد الذي رأوه من لابسي الفوتيك في بلادهم.
لشهور طويلة عملت القوات المسلحة بصمت وبمهنية مع القادمين من الشمال وبدون أي تغطية إعلامية تذكر، تنسق ما بين تأمين اللاجئين مع الجيش الحر تحت نيران القوات النظامية التي تستهدف اللاجئين مباشرة واضطرت في أكثر من حادثة للرد على مصادر النيران التي لم تنقطع طيلة أيام الأزمة وما بين واجباتها في تأمين الحدود من أي اختراق من أي طرف قد يورط الأردن فيما لا يحمد عقباه. وأحب بهذه المناسبة أن أذكر القارئ العزيز بالشهيد محمد عبدالله المناصير الذي استشهد أثناء القيام بواجبه. أعتقد أن المسرحية التي شارك بها الشهيد كانت من الواقعية بحيث أنه انسجم جداً بالتمثيل و”راح فيها” أو ربما احتاجت القوات المسلحة لشيء من الدماء لإكمال ديكور المسرح المهترئ لجذب العواطف؟!
عملت لشهور طويلة وما زلت أعمل في إغاثة اللاجئين السوريين، وكان أكبر ظلم أشعر به كأردني هو سمعتي التي ذهبت بها رياح الزعتري وذهبت بجهود عشرات الاف الأردنيين من المدنيين والعسكريين أدراج الرياح، كنت ألوم الجميع لماذا لا يوجد تغطية حقيقية لعمليات الإنقاذ والإغاثة التي يقوم بها الجيش العربي والمتطوعين على الحدود وداخل المملكة؟! لماذا عندما نحتاج لممارسة صحفية حقيقية تكشف ما يجري ومَن يَقتل ومن يُقتل ومن ينقذ الأرواح نبدأ مجدداً ومجدداً بجلد أنفسنا بطريقة لا يفعلها إلا الغريب؟ لماذا كله هذه الفزعة على تغطية واحدة لمئات الليالي؟ ولماذا السكوت وتشويه صورتنا كأردنيين وصل لمرحلة لم يصدق أحد السعوديين في نقاش لي معه عبر تويتر وجود 200 ألف نازح وأكثر خارج الزعتري احتضنهم المجتمع المحلي بحلوه ومرّه وهناك من التجارب المشرفة وحتى المخجلة ما لن يصل أبدا إلى الإعلام المجتمعي الباحث فقط عن العَوَرْ.
انتقاد القوات المسلحة ممارسة صحية ولا يجب أن نصنع خطوط حمراء تُضاف إلى كوم الخطوط والدوائر الحمر المحظور عبورها أردنياً، حتى انتقاد عملية إنقاذ اللاجئين التي تم تصويرها كنتُ معه ولكن ليس بالصورة التي مارستها السيدة سوسن زايدة. يؤلمني التهافت على اللاجئين من قبل الصحفيين وانتهاك خصوصيتهم المنهكة جدا أصلاً، يؤلمني سيل التصريحات التي تتعامل مع الدفق البشري القادم بصيغة البورصة من حيث العدد والتكاليف، ويؤلمني أكثر وأكثر أن يُختصر الأردن بالزعتري فقط. لكن وللأمانة ما يؤلمني أكثر من هذا كله حالة التنكر لجهود أي مؤسسة وطنية أيا كانت، واختصار الحالة العامة بديباجات نقدية لا تقل سوءا عن تلك التي اختصرتنا بالزعتري.
الجيش العربي وبالرغم من كل شئ تبقى المؤسسة الوحيدة التي يتشكل حولها نوع من الإجماع العام، انتقادها واجب وجلدها حرام. وعندما تقرأ أخي/أختي الكريمة هذه المقالة، هنالك عسكري يقوم بواجبه في قلب الصحراء وقلب حوران أعتقد أن آخر همه هو مقاله تكتب هنا أوهناك تتهم ابتسامته لكاميرا على أنها مسرحية أو وصف نشمي يقال فخراً أو هزراً في حين أن كبد الحقيقة لا تصيبه إلا في وجوه عجائز سوريا المتعبة، ودموع النساء الحارّة…اسألوهم لا تسألوني أنا.
ديماغوجية
سؤال واحد: هل سبق وأن شكك أحد في الاردن كلها بدور الجيش الأردني على الحدود السورية؟
هل ادعى أحد في أي وقت بأن الشهيد على الحدود كان “في تمثيلية” كما وصفتها الخاطرة أعلاه، بإدخال سخرية في موضع لا يحتمل السخرية
طبعاً لم يحدث ذلك. وبالتالي يصبح كل ما ذكر أعلاه نوع من أنواع المغالطات، مبني على فرض كاذب، بأن هناك من شكك بجهود الجيش وباستشهاد الجندي، وهو ما لم يحصل.
مرة أخرى من أجل المنطق
المقال لم يتعرض للجيش ولا لدوره. المقال تعرض لجولة صحفية تهدف إلى تلميع الجيش
الجولة افتقرت للمهنية، وللترتيب، اختلط فيها الجندي الأدني مع مجموعة ضخمة من المصورين مع اللاجئ السوري مع عناصر الجيش الحر بشكل عشوائي
بعض المشاهد التي عرضتها الصور لم تكن عفوية-بشهادة صحفيين كانوا في الجولة
التغطية كانت غير شاملة ولا موضوعية، إكتفت بالصور والبيان الصحافي وبعض الفقرات بلغة مفرطة الرومانسية، تصلح كمقالات في عيد الجيش ومتلازمات في الأغاني “الوطنية” ومواويل سليمان عويس، وليست أخباراً
مرة أخرى: الجيش يقوم بدوره، الكل يعرف دوره ويقدره… ما الهدف من اقتياد كتيبة صحفيين لتغطيته بصورة مبالغ فيها ومفتعلة؟
أحد الردود المنطقية كان: لرفع معنويات الجنود، ولإقناع الدول الأجنبية المانحة بأن الجيش فعلاً يقوم بدور على الحدود ويحتاج لدعم
تمام
هذا هو النقاش الذي يفترض أن يفتحه الرصد موضع الجدل: الجولات الصحفية شبه-الممسرحة التي تنظمها الأجهزة الأمنية: موضوعيتها وهدفها
قد تتفهم مثلاً أن يحتاج جهاز مثل الأمن العام إلى جولات رديئة الإخراج من هذا النوع لتلميع صورته: (الأمن العام إعتدى على الصحفيين في ساحة النخيل، إعتدى أحد افراده على مواطن بمنقل، عذب شباب في مركز أمني، الجميع يعلم أن هناك مناطق ومزارع عصية على الأمن العام لا يسمح له بدخولها، يكثر الحديث عصابات منظمة لسرقة السيارات تحجزها في هذه المناطق لحين دفع فدية، ولا يستطيع الأمن العام استعادتها
الجيش، وتحديداً في دوره على الحدود السورية، لم يكن يحتاج لذلك
وتبقى موازنته، وثروات بعض كبار ضباطه، واستثماراته، وكفاءته، وجاهزيته وعتاده، مواضيع بحثها واجب وطني لكل من يهتم بأن يكون الجيش مؤسسة ناجحة، وهي جوانب أحق بالشفافية من المهمة الإنسانية التي لم يختلف عليها اردنيين.
فل المقال الاصلي لم يتم ذكر كلمة مسرحية و بعتقد لازم تعتذر لأنك عم بتحط كلام في تم الكاتية.
غير هيك, كان في تغطية, و الكثير من التغطية, لاكنها لم تكن باسلوب الحملات الاعلامية, لسبب وجيه. عم نحكي عن كارثة أنسانية هون, و كارثة ما زالت مستمرة. ليس من حسن الذوق تصوير اللاجئين و عمليات الانقاد بهاي الطريقة. أنتقاد الجيش واجب و هون الانتقاد ليس للعسكري الى بقوم بواجبه لاكن لمسؤولين عن التوجية المعنوي.
مشان أستخدم أسلوبك, زي ما انتا عم تقرأ ردي و زي ما في عسكري عم بقوم في واجبه و في مئات السوريين الضايعين في صحراء حوران و بحاولو النزوح و لا يدرون أذا أصلن رح يعيشو. لما تنفك أزمتهم خلونا نتغني ببطولات الجيش للصبح, بس طالما هم تحت النيران خلينا نستحي على دمنا شوي.
ابدعت!