الصور التعبيرية: استخفاف وتضليل

الثلاثاء 16 نيسان 2013

بقلم سوسن زايدة

ترفق الصحف والمواقع الإخبارية صوراً تعبيرية مع أخبارها وتقاريرها في حالات أكثرها شيوعاً عدم توفر صور واقعية للحدث أو سهولة الحصول على صور تعبيرية أو أرشيفية تؤدي الغرض: جذب قراء يفضلون نصوصاً قصيرة وصوراً كبيرة.

أخبار الجرائم من الموضوعات التي يصعب فيها الحصول على صور حقيقية، كما يصعب نشرها بلا صور لما فيها من إثارة وتشويق تعول عليه وسائل الإعلام لزيادة عدد زوارها. فاشتهرت بعض الصور التعبيرية التي تظهر في مقدمة محرك البحث غوغل وتتداولها معظم المواقع الاخبارية بغض النظر عن مدى تعبيرها عن الخبر أو القضية، مثل صورة السكين التي تقطر دماً في معظم أخبار جرائم القتل، أو صورة ظلال رجل يضرب امرأة في تقارير العنف ضد المرأة. صور تتكرر إلى أن يصبح وجود صورة وعدمه سيان.

knifeviolence against women

وتجانب مواقع الكترونية الدقة باستخدامها صورا تعبيرية تتعارض مع مضمون الأخبار المرافقة لها، مثل إرفاق صورة الرجل الذي نفذ انتحاراً وقفز من سطح البناية مع أخبار محاولات انتحار لم تحدث.

saraya11Apr

وقد تصل عدم الدقة والاستخفاف في اختيار الصور إلى نشر صور تعبيرية كرتونية هزلية مع أخبار انتحار، اقتحام وسرقة. فتتحول الحوادث الخطيرة والمؤسفة إلى أخبار مسلية ومضحكة.

Ammon2007

saraya11Apri

ومن الصور التعبيرية ما تستخدمه الصحف ببساطة لملء صفحاتها في يوم هادئ قليل الأحداث والمستجدات أو لملء أقسام ثانوية بلا مضمون. ففي ملاحق “أبواب” الرأي، “حياتنا” الغد، “شباب” الدستور و”دنيانا” العرب اليوم، تكثر صور تعبيرية ملونة وكبيرة، قد تصل إلى نصف صفحة، لأشخاص ذوي ملامح أجنبية لا تشبه ملامح القارئ الأردني، إلى جانب بضعة سطور عن “الشباب والتنمية” و”التوتر والحياة المعاصرة”، ويعلوها عناوين عريضة، من مثل “زلازل الحياة لا تقاس بمقياس ريختر” و”الحليب مكون أساسي للأجبان وأنواعها”.

alrai-milk

ArabYawm14Ap

من أكثر الصور التعبيرية ضررا تلك التي تستخدمها وسائل الإعلام للتأثير على رأي القراء وتوجيه موقفه من الحدث أو القضية. أبرز النماذج تلك التي رافقت تقارير وأخبار المواقع الإخبارية عن قضية ما عرف بـ”عبدة الشيطان” من طلاب جامعة آل البيت. نشرت بعض المواقع ما تيسر لها من صور تظهر بمجرد وضع عبارة “عبدة الشيطان” في محرك البحث غوغل، بل واختارت منها أكثرها إثارة وتنفيراً للقارئ. صور لأشخاص بملامح أجنبية في أزياء غريبة، قدمتها المواقع لتمثل طلاب أردنيين متهمين بما يسمى “عبادة الشيطان”. وبذلك ساهمت هذه المواقع في تحريض رأي عام ضد قضية طلاب جامعيين منظورة أمام محكمة عسكرية.

Shihan

salt

Qalaa15Mar

Mustaqbal14Mar

ويوظف الإعلام الصور التعبيرية الموجهة بشكل عام في التغطيات التي تمتاز بالعنصرية ضد فئة مجتمعية ما، مثل التي رافقت أخبار وتقارير بعض المواقع الإخبارية عن وجود “ظاهرة دعارة” بين اللاجئات السوريات. فنشرت صور لنساء بملامح وأزياء لا تعكس الواقع الأردني ولا واقع اللجوء السوري، إلى جانب أخبار غير مدعمة بمعلومات أو مصادر، تفبرك أو تضخم ممارسات تبدو وكأنها مقصورة على اللاجئات السوريات في بلد يخلو من الدعارة، خلافا للواقع الموثق بتقارير عن دعارة بين الأردنيات ونساء من جنسيات أخرى.

Kermalkum

zad

استخفاف المواقع الاخبارية في استخدام الصور التعبيرية يعكس استخفافاً بعقول وذائقة جمهور يعطي للصورة وزنا كبيرا في اختيارات تصفح وسائل الإعلام على الانترنت، وقد يساهم في تضليل القراء. كما يفقد الخبر الالكتروني أحد عناصره المهمة، أي الصورة، فالأصل أن مكونات الخبر أو التقرير (عنوان، صورة، نص، فيديو أو صوت) تكمل بعضها وتضيف قيمة للمادة الإعلامية.

اختيار الصورة التعبيرية المناسبة في حالة عدم وجود صورة واقعية مرتبطة مباشرة بالحدث أو القضية، يقيس مدى موضوعية الصحفي وقدرته على التعبير الدقيق عن مضمون الخبر. فعوضا عن نشر صور لأشخاص أجانب في سياق غير أردني، في تقارير قضيتي “عبادة الشيطان” و”الدعارة”، على سبيل المثال، كان يمكن نشر صور تعبيرية تعكس أجواء طلاب جامعة آل البيت وواقع اللاجئات السوريات في الأردن.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية