“نحتاج لغضبة”… في وجه عنصرية مدير مركز الحسين الثقافي

الأربعاء 22 أيار 2013

بقلم مجد محسن

عند ظهر يوم الثلاثاء الموافق 13/5/2013، نشر مدير مركز الحسين الثقافي، وهو على رأس عمله وخلال ساعات الدوام الرسمي، على موقعه الشخصي على فيسبوك تعليقاً على اعتداء وقع من أيام من موظفين في السفارة العراقية على مواطنين أردنيين. لن نخوض في تفاصيل الاعتداء لأن المشاكل والمشاجرات تحدث وهناك طرق متحضرة وقانونية للتعامل معها، فالموضوع ليس الحدث وإنما تعليق المذكور عليه ونقتبس منه:

العراقيون في الأردن – واعتبروني اقليمياً ضيقاً عفناً- وأنا اقبل بهذه التهمة، علموا بيروقراط الدولة الرشى، سرقوا ضمير الناس، تغلغلوا في كل مفاصل (الدولة).

سرقوا مقاعد طلابنا في المدارس، حتى المصاعد سرقوها منا، حتى المستشفيات صارت حكراً لمن يدفع الدولار الأمريكي، ووجه عمان تغير.غيرت اسماء الشوارع. صار لدينا مطعم الطبيخ ومطعم الساعة. وقريباً سينقلون مليشيات بدر ومليشيات الحوزه لعمان وسنقبل أن نكون خدما (للحسينيات) التي تقام على أجسادنا.

مطاعمهم هي أوكار لكل ما يضمرون وما يحيكون وما يدفعون وما يلوثون وتأكدوا أن الدولة، مرضت حد الإعياء ولن تفعل شيئا، ولكن الرهان على الفتية الأردنيين الذين صعدوا العمر صبرا من صبر، وصخرا يطحن الصخر هؤلاء وحدهم يستطيعون تنظيف عمان من مطاعم لم تكن يوما إلا أوكار للقاءات مشبوهة. 

إغلاق مطعم واحد كاف بأن يخاف الكل. وهو رد على الذين استرجلوا وأهانوا كرامة شعب وتاريخ أمة. 

لو أن فتية يسمعون كلامي هذه الليلة ويفعلونها لغيروا مزاج شعب واشفوا غليله. 
فلتغلق فلتحطم كل مطاعهم في عمان. وهذه الليلة“.

 

لا داعي لتحليل التعليق. فهو ينضح بما فيه بكل وضوح، ولا داعي لأن نسرد التاريخ المشترك بين العراق والأردن، وهو أكبر بكثير من التفاهات التي تصدر من بعض الموتورين الجهلة. لكن حتى عدم وجود التاريخ المشترك ليس مبرّراً لهذا الكم من الكراهية والتحامل، فالعلاقات بين البشر ليست بالضرورة أن تكون نفعية ومصلحية لكي تكون إنسانية.

منذ أيام، نشر موقع واشنطن بوست خريطة للعالم تصنّف الدول حسب تقبلها للأعراق الأخرى، وكانت  الأردن والهند في أسفل القائمة وبفارق كبير. مع تحفّظ البعض على المنهجية التي نُفّذت بها هذه الدراسة والسؤال الذي اعتمدت عليه والعينة التي استهدفتها، إلاّ أن هذا لا ينفي أن فيها شيئاً من الصحة، فعلينا أن نعترف أن لدينا خللاً في مجتمعنا.

في هذه الحالة  تحديداً، لا يرى مدير مركز الحسين الثقافي مشكلة في أن ينسب، وبتعميم كامل، كل القباحة والشرور إلى فئة من الناس يقابلها بتعميم آخر ينسب كل الشرف والخير إلى فئة أخرى! وكأن الأردن لم يعرف الرشوة أو السرقة أو الفساد إلاّ مع قدوم إخوتنا العراقيين والعراقيات. وهو لا يرى مشكلة في أن يعترف بأن أسلوب حياتهم ومظاهرها وحتى طرق تواصلهم مع بعضهم في الأردن تزعجه. إن هذه النزعة التفوقية المتطرفة هي شبيهة بما ينتشر من كره للأجانب والمهاجرين في الغرب (ويساق له بالمناسبة ذرائع مماثلة للتي ذكرها كاتب التعليق) في الأحزاب النازية الجديدة واليمينية المتطرفة مثلاً. وهذه مسألة خطيرة للغاية، يجب التصدّي لها وعدم التساهل فيها، لا سيما عندما يصدر الحقد والشّحن العنصري الإقليمي عن أشخاص يحتلّون مناصب رسمية.

أما في موضوع “الغضبة”، فربما لم ينتبه السيد المجالي إلى أن الشعب قادر على الغضب، ويعرف تحديداً من المسؤول عن مشاكله. نحن نغضب من الفساد المستشري بين المسؤولين الحكوميين، ممن سرقوا ويسرقون الأموال العامة بشكل مباشر وغير مباشر، وبدّدوا يبدّدون موارد الدولة، وخرّبوا ويخرّبون قطاعاتها كلها. نحن نغضب ممّن خرّبوا بلادنا، وساهموا في خراب منطقتنا. نحن نغضب من المتسلقين والمنتفعين ممن امتهنوا الاستقواء على الدولة وابتزاز مسؤوليها واستغلوا مواردها. في الواقع، نحن نغضب من شخصيات هي فعلياً أقرب إلى المدير الحالي لمركز الحسين الثقافي منها إلى إخوتنا العراقيين والعراقيات أو السوريين والسوريات (لا أستبعد أن يتحفنا بشيء عنهم أيضاً) أو غيرهم من شعوب هذه المنطقة التي تساهم النظرة لأشخاص مثله في دمارها وتفتيتها وتشويه هويتها.

في المحصلة، فإن هذه الرسالة ليست موجهة لشخص عبد الهادي راجي المجالي. فهو لا يستحق أن يوجّه له كلام، لأنه شخص عنصري يحرّض على الفتنة – وكما وصف نفسه أعلاه – “إقليمي ضيق عفن” – وأحيي فقط دقّته في وصفه لنفسه. الرسالة موجهة إلى المسؤولين المباشرين عن مدير مركز الحسين الثقافي، وتحديداً لجنة أمانة عمان وعلى رأسها المهندس عبد الحليم الكيلاني. أولاً، كيف يصل شخص بهذا المستوى الأخلاقي والثقافي إلى منصب كهذا؟ ألا يوجد من الشخصيات المؤهلة في الأردن كلها من نشأ على الثقافة واستبطنها سلوكاً واخلاقاً لإدارة صرح ثقافي مهم! وثانياً، على أمانة عمان محاسبة مدير مركز الحسين الثقافي وإقالته من منصبه لأنه ليس أهلاً له، ولأنه استغل وقته وهو في منصبه الرسمي لممارسة التحريض العنصري والتحريض الصريح على العنف دون خجل أو خوف من المساءلة.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية