الصحفيون المرافقون للملك في واشنطن: العودة بخفي حنين

الثلاثاء 07 أيار 2013

رصد سوسن زايدة

تتابع الفضائيات الإخبارية العربية باهتمام اللقاءات الأمريكية-الاسرائيلية-الأردنية الجارية، وتواصل تحليلاتها عن ترتيب ما لاستئناف المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية والخروج بـ”حل” قد يطال الأزمة السورية. والمؤكد أن للأردن دورا في “الترتيب” بدأ منذ الاتفاق على وصاية الملك على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.

لكن المشهد اختلف في الإعلام المحلي. فالاتفاق الأردني-الفلسطيني على الوصاية مر كخبر مجزوء مكلل بالمديح لجهود الملك في حماية المقدسات الإسلامية في القدس، ولقاءات جون كيري في المنطقة مرت كأخبار دولية لا شأن للأردن بها، وسيناريوهات تبادل أراضي فلسطينية-إسرائيلية ظهرت في ترجمات الصحف الإسرائيلية، وزيارة أوباما للأردن وزيارة الملك للولايات المتحدة نقلت كحدث اقتصادي محوره المساعدات الدولية للأردن لتغطية كلف استضافة اللاجئين السوريين.

الجمهور الأردني الذي اعتاد غياب الشفافية والتعتيم الإعلامي في مفاوضات السلام ولقاءات الرؤساء، ارتفعت توقعاته عندما بادر الديوان الملكي بدعوة رؤساء تحرير الصحف اليومية وبعض كتابها ومديري مؤسسة الاذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء بترا، إلى مرافقة الملك في زيارته الأخيرة للولايات المتحدة. لكن التوقعات تهاوت تدريجيا وانتهت بخيبة أمل في بضعة أيام.

الخيبة الأولى والأخيرة جاءت من القسم الإعلامي في الديوان الملكي، عندما حصر دعوته على الصحف والمؤسسات الرسمية: أربع مؤسسات إعلامية حكومية واثنتين خاصتين مقربتين من مؤسسة الديوان. وبذلك ضمن مهندسو الدعوة عدم خروج التغطية الإعلامية عن المخطط لها. وختمها الديوان بخيبة أخيرة عندما استعاض عن البيانات الصحفية التي انتظرها الإعلام والجمهور الأردني لمعرفة ما حصل في لقاءات الملك، بنشر صور للملك على شبكة التواصل الاجتماعي فليكر وبث تقرير فيديوي على اليوتيوب بعنوان “ملخص زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني الى الولايات المتحدة 2013“، نرى فيه الملك يلتقي الرئيس الأمريكي والقيادات السياسية ولا نسمع سوى جزءا يسيرا من حديثه الذي يطغى عليه صوت المعلق يروي بأسلوب درامي الأجندة العامة لجولة الملك، ويختم المعلق: “لم تكن زيارة جلالة الملك لتمر دون أن يعطي مساحة لدوره الأبوي في متابعة دراسة سمو الأمير الحسين ولي العهد ويستمع منه عن دراسته في جامعة جورج تاون”.

وما بين الخيبتين، عاد الصحفيون المرافقون للملك من جولتهم بمقالات لم تخرج عن إطار ترديد العناوين العريضة والكلاشيهات ذاتها التي تداولتها وسائل الإعلام قبل أن يصل الملك إلى الولايات المتحدة: “إبراز تداعيات الأزمة السورية على الأردن والأردنيين، دعم الاقتصاد الأردني، دفع عملية السلام”.

فهد الخيطان في صحيفة الغد يؤمل قراءه بعنوان “ماذا دار في لقاء الملك وأوباما؟“، وتحديدا في الاجتماعات غير المعلنة، لكن المقال ينتهي بلا جديد، حيث يتحدث عن “الاتفاق على تسريع تحويل مبلغ 200 مليون دولار للأردن…، إنجاز إجراءات منح الأردن ضمانات القروض بأسرع وقت”، “الرئيس الأميركي جدد التزام إدارته…، ببذل كل ما في وسعها لاستئناف المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية، وصولا إلى حل يفضي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة”، “الأزمة السورية استحوذت على الجانب الأكبر من اللقاء الذي دام حوالي الساعة… الملك أكد أن إهمال الوضع في سورية كارثة، وأن نافذة الحل السياسي تضيق، ولا بد من “وقفة قوية” وقيادة أميركية، وتفاهم مع روسيا، لإنجاز حل سياسي وفق اتفاقية جنيف”.

صحيفة الرأي في افتتاحيتها “رأينا – القمة الأردنية الأميركية.. اليوم” ذكرت بملفات زيارة الملك: “تواصل مسيرة الاصلاح في المملكة بهدف تكريس وتعزيز النهج الديمقراطي وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في عملية صنع القرار الوطني ناهيك عن الملفات الاقليمية الملّحة التي ناقشها جلالته مع قيادات الكونغرس سواء الاوضاع على الساحة السورية ام سبيل احياء عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين والفرص المتاحة امام حل الدولتين الذي لا سبيل غيره لاخراج المنطقة من دائرة العنف والكراهية والاحتلال”.

وفي نفس الصحيفة يبرر سلطان الحطاب عدم تقديمه القراءة التي يعد بها في عنوان مقاله “قراءة هادئة للزيارة الملكية الأخيرة للولايات المتحدة“، بأن “الزيارة الملكية للولايات المتحدة الأمريكية لم تعط ما يليق بها من التعليقات والتحليل وحتى التغطية الصحفية المحلية المكتوبة ولم يكشف عن جوانب هامة منها لم تعد سراً في أنها أعادت وضع الأردن وموضعته على خارطة الاقليم وشبكة العلاقات الدولية”.

نبيل غيشان في صحيفة العرب اليوم يكتفي بالحديث عن “المسألة السورية والدور الأردني“، من بين الملفات التي تناولتها لقاءات الملك في واشنطن. ويفرد النصف الأول من مقاله للتأكيد على أن “الاردن هذه الايام اكثر اهمية وتأثيرا في الاقليم وفي السياسة الدولية”، ثم يعود للشق الأول من عنوانه “المسألة السورية” مكررا الموقف الأردني المعلن: “حل الازمة السورية مستندا الى الحل السياسي الذي يحمي الشعب السوري والارض ومكوناتها الاجتماعية والاثنية والدينية”، “ايجاد معارضة متجانسة قادرة على ان تلعب دور البديل الموحد للبلد والشعب مقابل نبذ المعارضة المتطرفة التي تسعى الى اقامة دولة دينية تغذي الصراعات ولا تنهيها. والتحدي الاكبر هنا، كيف يمكن جلب روسيا والصين الى هكذا حل؟”.

وتحت عنوان “الملك في واشنطن .. الاعتدال والمصالح العربية والأزمة السورية“، يلخص محمد حسن التل في صحيفة الدستور عناوين لقاءات الملك في واشنطن: “الازمة السورية والقضية الفلسطينية التي ظلت على الدوام في طليعة الأجندة الأردنية، اضافة الى الهم الاردني في جانبة الاقتصادي والتحديات الضاغطة على الاقتصاد الاردني”.

علت التوقعات بكبر أسماء الصحفيين والكتاب المشاركين في الجولة. انتظرنا لقاءات مع صناع القرار أو شخصيات مقربة من الإدارة الأمريكية، شخصيات عربية ويهودية مطلعة، أو على الأقل، تعكس الاتجاهات العامة في رسم السياسة الأمركية. انتظرنا تحليلات ومعلومات توضح وتقشع قليلا من التعتيم على “الترتيبات الأمريكية” في الملفين الفلسطيني والسوري وللدور الأردني فيهما. باختصار، انتظرنا “غولدبيرغ” أردني يرافق الملك طوال جولته ويعود لنا بمعلومات مهمة وحصرية.

على الأقل، كان لوكالة الأنباء “بترا” مراسل مقيم في واشنطن، فايق حجازين، نقل ما خرج للعلن من “القمة الأردنية الأمريكية في واشنطن“، فوجدت وسائل الإعلام المحلية شيئا تسكت به جوع جمهورها لمعرفة ما جرى الاتفاق عليه بين الرؤساء وما آلت إليه مصائر شعوبهم.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية