التبعات الجانبية لرفع سعر الكهرباء في أيار 2012: مضاعفة أرباح شركة كهرباء اربد الخاصة مثالاً

الأربعاء 01 أيار 2013

بقلم جواد جلال عباسي

نتذكر جميعاً القرار الحكومي في أيار 2012 لرفع اسعار الكهرباء على قطاعات محددة: كانت الزيادة في تعرفة قطاع ضخ المياه بنسبة 22% وللفنادق 30%  ولمؤسسة الموانئ 23% ولإنارة الشوارع 25% في حين كانت الزيادة الأكبر من نصيب قطاعات شركات الاتصالات والبنوك والصناعات الاستخراجية الكبرى وبنسبة 150% لكل قطاع. والرفع كان لسبب واحد فقط وهو تخفيض خسائر شركة الكهرباء الوطنية (المملوكة بالكامل للحكومة) والتي يمول عجزها عبر الاقتراض الحكومي.

ممتاز. القرار بالتاكيد ساهم بتخفيض خسائر شركة الكهرباء الوطنية الحكومية. لكنه كان ذا تبعات جانبية فائقة الجمال لشركة كهرباء إربد الخاصة. التفاصيل:

شركة كهرباء اربد تعمل في نقل وتحويل وتوزيع الطاقة الكهربائية ضمن منطقة الامتياز (محافظات الشمال) وتشتري حاجتها من الطاقة الكهربائية من شركة الكهرباء الوطنية (الحكومية بالكامل). اي انها توزع وتفوتر وتحصل ولا تولد الكهرباء. وأرباحها (اللهم لا حسد .. فانا مساهم فيها!) في العام 2012 تضاعفت بنسبة 111% لتصل الى 10.5 مليون دينار مقابل 4.9 مليون دينار في 2011.

هل زادت الارباح بسبب القرار الحكومي لرفع الاسعار ام بسبب انجازات الشركة الذاتية في 2012؟ لننظر الى الارقام بحسب تقرير الشركة السنوي:
•    زادت الطاقة المباعة بكمية 43855 ميجاوات ساعة (بنسبة 2% عن الطاقة المباعة في 2011).
•    زادت الايرادات النقدية من الطاقة المباعة ب 18.711 مليون دينار (بنسبة 14% عن الايرادات في 2011)
•    معدل سعر البيع زاد بنسبة 12% ليصل الى حوالي سبعة قروش لكل كيلووات ساعة مقابل ستة قروش في 2011.
•    زاد مجمل ما جرت الشركة من شركة الكهرباء الوطنية (الحكومية بالكامل) ب74950 ميجاوات ساعة في 2012 (بنسبة زيادة 3% عن الطاقة المجرورة في 2011)
•    زاد فاقد الكهرباء بشبكة الشركة ب 31095 ميجاوات ساعة في 2012 (بنسبة زيادة 13% عن الفاقد في 2011).
•    نسبة فاقد الكهرباء من شبكة الشركة بلغت 11% في 2012 مقابل 10% في 2011. للمقارنة نسبة الفاقد في بريطانيا لا تتعدى 5%.

تلخيصاً: الشركة ضيعت كهرباء أكثر في 2012 وقلت كفاءة التوزيع في شبكتها. لكن أرباحها تضاعفت بنسبة 111% بسبب وحيد وهو أن القرار الحكومي رفع معدل سعر البيع بنسبة 12% ومعدل سعر الشراء بنسبة 6% فقط (فزادت الإيرادات 18 مليون دينار بينما زادت كلفة الكهرباء  المجرورة 10.5 مليون فقط). وقد وزعت الشركة ستة ملايين دينار أرباح لمساهميها (وانا منهم).

المفروض أن قرار رفع الأسعار كان لتخفيض خسائر شركة الكهرباء الوطنية الحكومية لا لمضاعفة أرباح شركة التوزيع الخاصة ذات الامتياز المريح. ما حصل يجب ان يدرس بتعمق من قبل الحكومة قبل قرار الرفع القادم.

حلول مقترحة:
•    أي قرار حكومي مستقبلي برفع اسعار الكهرباء لتخفيض خسائر شركة الكهرباء الوطنية الحكومية يجب ان يشترط عدم رفع هامش ربح شركات التوزيع الخاصة (شركة الكهرباء الاردنية وشركة كهرباء إربد) وذلك يتحقق بجعل نسبة زيادة معدل سعر شراء الطاقة المجرورة من شركة الكهرباء الوطنية الحكومية مساوية أو أعلى لنسبة زيادة معدل سعر بيع الكهرباء للمستهلكين.

•    بالنسبة لفاقد الكهرباء في الشبكات يجب اشتراط أن تستثمر شركات التوزيع في شبكاتها وفي نظام الرقابة لتقليل نسبة الفاقد التقني وغير التقني (اي سرقات الكهرباء). فلا يعقل أن يزيد الفاقد وبنفس الوقت تزيد الأرباح فيما تتحمل الخزينة (أي الشعب) كلفة الفاقد! ولربما يجب ان تفرض الحكومة غرامات مالية (نسبة إضافية من الارباح) على شركات التوزيع في حالة عدم احراز تقدم في تخفيض فاقد الكهرباء سنوياً. فتكلفة فاقد الكهرباء في شركة كهرباء إربد في 2012 لوحدها بلغت أكثر من 48 مليون دينار تحملتها خزينة الدولة بالكامل. تخفيض الفاقد ليصل الى 8% مثلا بدلا من 11% سيوفر 14 مليون دينار سنويا على الخزينة. وهذا في شبكة شركة كهرباء إربد فقط والتي لا يشمل امتيازها مدينتي عمان والزرقاء حيث تستهلك النسبة الاكبر من الطاقة في الأردن.

•    في هذه الظروف الاستثنائية، توزيع الارباح من قبل شركات التوزيع غير لائق. الافضل تدوير الارباح واستثمارها في تحسين الشبكات لتخفيض نسبة الفاقد. وهذا يفيد المساهمين على المدى المتوسط والبعيد.

•    في ذات سياق الظروف الاستثنائية يقول التقرير أن مجلس الادارة اجتمع ثماني مرات في 2012. ودفعت الشركة 148 ألف دينار أردني لمجلس الادارة بدل تنقلات. أي أن كلفة تنقلات مجلس الادارة لكل اجتماع بلغت 18500 دينار. صحيح الحكومة رفعت سعر البنزين لكن ليس لهذه الدرجة! الاولى استثمار هكذا مبلغ في الشبكة لتقليل فاقد الكهرباء بدلا من بعزقته على مجلس الادارة.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية