فصام الصحافة والحكومة الأردنية

الخميس 18 تموز 2013

اليوم، يطالب الصحفيون بتدخل الحكومة لإنقاذ صحيفة العرب اليوم المعلقة، والحكومة ترفض التدخل في القطاع الخاص. ونواب يتبنون قضية “العرب اليوم”  كما تبنى آخرون منهم قضية “المواقعة المحجوبة”، مع الفارق الجوهري بين القضيتين: فالأولى قضية مالية فردية خاصة بمالك الصحفية، في حين أن الثانية قضية عامة تتعلق بحريات إعلامية وسياسات حكومية مقيدة وقوانين غير دستورية.

بالأمس، تدخلت الحكومة في عمل الإعلام وحجبت المواقع الإلكترونية الإخبارية، آخر وسائل الإعلام غير المرخصة وغير الخاضغة للسيطرة الحكومية. وطالب الصحفيون بحرية الإعلام واستقلاليته ووقف التدخلات الحكومية في عمل الصحفيين وتركهم لتنظيم شؤون مهنتهم بأنفسهم.

حكومة سابقة أقرت مدونة سلوك حكومية مع الإعلام، نصت على “وقف كل الممارسات الاسترضائية وعدم تقديم الحوافز المالية أو العينية التي تستهدف التأثير على الصحفيين… وامتناع الوزارات والمؤسسات الرسمية والعامة والبلدية عن تعيين أي صحفي أو أي شخص عامل في أي وسيلة إعلامية غير حكومية في أي دائرة حكومية أو مؤسسة عامة أو بلدية“.

والصحفيون ذاتهم طالبوا بإلغاء المدونة الحكومية لـ”أن الجسم الإعلامي الأردني لا يحتاج إلى مدونات لتنظم عمله في ظل وجود مؤسسات إعلامية، ترقى بالعمل الصحافي المهني والمسؤول“. فاستجابت حكومة لاحقة وعدلتها، لكن لم تنفذها أي حكومة حتى اللحظة. واستمرت الحكومات، بناء على طلب الصحفيين، في “استرضائهم” و”التأثير عليهم”، وبكلمة أخرى: إفسادهم.

ماذا لو قررت الحكومة التدخل استجابة لطلب الصحفيين؟ هناك خياران مطروحان: الأول “إعفاء مدخلات الانتاج المتعلقة بالصحف من الضرائب والرسوم، اضافة الى رفع تسعيرة الاعلان الحكومي وذلك للمحافظة على ديمومتها” ، والثاني مساهمة الحكومة ممثلة بمؤسسة الضمان الاجتماعي في صحيفة “العرب اليوم” كنظيراتها من اليوميات “الرأي” و”الدستور”.

وفي كلا الخيارين، يدفع المواطن الكلفة. فكدافع ضرائب لخزينة الدولة يدفع كلفة إعلان الحكومة في الصحف اليومية، وكمساهم في مؤسسة الضمان الاجتماعي يدفع تكاليف تشغيل الصحيفة.

مقابل ماذا؟

قراءة الأخبار التي قرأها في الليلة الماضية من وكالة الأنباء الرسمية التي يمولها أيضا، عن نشاطات بروتوكولية ودعائية للملك وعائلته، وورئيس الوزراء وأعضاء حكومته. وفي النتيجة، يدفع المواطن لقاء تضليله إعلاميا وتزوير واقعه وتشويه مفاهيمه، وتيهه بين فصام الحكومات وفصام الصحفيين.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية