كلفة تعليم الطلبة السوريين في الأردن: الأرقام الرسمية تناقض التصريحات الحكومية

الخميس 13 شباط 2014

بقلم جواد جلال عباسي (الصورة بعدسة رزان الصالحي)

بحسب تصريح رسمي من وزير التربية والتعليم نشرته صحيفة الغد فان الحكومة “تتحمل مبلغ 450 مليون دينار سنويا للانفاق على تعليم الطلبة السوريين. بحدها الادنى“.

بحسب نفس التصريح الحكومي، بلغ عدد الطلبة السوريين من أبناء الأشقاء اللاجئين في المدارس الحكومية في الاردن عام 2011 (7337) طالبا، ارتفع إلى 44022 طالب في 2012، و 111589 في 2013 ويتوقع وصوله إلى 140 الف طالب سوري في 2014.

هذه التصريحات الرسمية عن كلفة تعليم الطلبة السوريين للاسف لا توافق الارقام الرسمية المنشورة في ميزانية 2014 أو في نشرات مالية الحكومة والتي تبين حجم الانفاق الحكومي الكلي (جاري ورأسمالي) على التعليم في الاردن.

التوضيح السابق يبيّن الارتفاع في الإنفاق على التعليم في السنوات الخمسة الأخيرة. في العام ٢٠١٢ ارتفع الإنفاق على التعليم عن العام الذي سبقه بمقدار ٦٨ مليون دينار ليصل ٨٣٤ مليون دينار، وارتفع في عام ٢٠١٣ بمقدار ٢١ مليون دينار ليصل ٨٥٥ مليون دينار. هذان هما العامان الذي زاد فيهما عدد الطلاب السوريين بشكل كبير . فأين هي اذن زيادة ال 450 مليون دينار التي تتحدّث عنها الحكومة؟

إذا كان التصريح الرسمي صحيحا فهذا يعني أن الطلبة السوريين أخذوا أكثر من 52% من مجمل الإنفاق على التعليم في عام 2013 مع ان عددهم لم يتجاوز 6.5% من عدد الطلبة. الرقم في التصريح غير منطقي ابدا.

إذا كان التصريح الرسمي صحيحا (أن الكلفة تبلغ 450 مليون دينار سنويا) فهذا يعني أن الطلبة السوريين أخذوا أكثر من 52% من مجمل الإنفاق على التعليم في عام 2013 مع ان عددهم لم يتجاوز 6.5% من عدد طلبة المدارس الحكومية في ذات العام. الرقم في التصريح غير منطقي ابدا.

معدّل الإنفاق على الطالب عام ٢٠١٢ بلغ ٥١١ دينار، وانخفض إلى ٥٠٣ دينار عام ٢٠١٣. التصريح الحكومي بكلفة ٤٥٠ مليون دينار ل ١٤٠ الف طالب سوري في 2014 يعني أن الحكومة ستنفق على كل طالب سوري مبلغ 3214 دينار، أي ستة اضعاف معدّل الإنفاق على الطالب!

في 2013 زاد مجمل اعداد الطلبة في المدارس الحكومية بحوالي 4% فيما زاد الانفاق على التعليم بحوالي 3%. ويتوقع زيادة اعداد الطلبة بنسبة 5% في 2014 فيما رصدت الميزانية زيادة في الانفاق على التعليم بنسبة 6%. لو كانت الأرقام في التصريح الحكومي صحيحة لزاد الانفاق الفعلي في 2013 باكثر  من 45% !

كذلك نفس التصريح الحكومي يحدد كلفة الطالب السوري ب 450 دينار للمرحلة الاساسية و800 للثانوية و1100 دينار للمهني. فكيف يكون المجموع 450 مليون مع ان مجمل الطلبة السوريين لم يتجاوز 112 الف في 2013 بحسب نفس التصريح. فلو كانوا كلهم في التعليم المهني (الاكثر كلفة) لوصلت الكلفة كحد أقصى إلى 123 مليون دينار لا 450 مليون دينار.

هذا التهويل الواضح في حساب الكلفة لا يفيد أحدا ولا يستوي مع الارقام الرسمية المعلنة. اللهم الا إذا باتت الحكومة تنفق على الطلبة السوريين من ميزانية خفية لا تدرج في الموازنة العامة.

لا خلاف على ان قدوم الطلبة السوريين إلى المدارس الحكومية شكل ضغطا على المدارس والمعلمين والموارد. ففي بعض المدارس وصل عدد طلاب الشعبة إلى 50 او 60 طالبا. وصارت كثير من المدارس تعمل على نظام الفترتين. هذا الضغط هو كلفة يتحملها الطلبة الاردنيون والمعلمون ومديرو المدارس لكنها تبقى كلفة معنوية (اكتظاظ وتدني في نوعية النعليم والراحة) وليست كلفة مادية تتحملها خزينة الحكومة بالشكل الذي يتم تصويره.

للحكومة كل الحق في طلب مساعدات كبيرة من الامم المتحدة والدول المانحة للمساعدة في التخفيف من آثار ازدياد اعداد الطلبة بسبب قدوم اللاجئين السوريين. فهناك حقا حاجة لمدارس جديدة و/أو توسيع المدارس لمواكبة الزيادة في اعداد الطلبة. لكن لا حق ابدا للحكومة بتقديم ارقام غير منطقية ومتناقضة عن كلف مادية هي عمليا لم تتحملها لغاية الان.

هذه التصريحات الرسمية المتناقضة غير الموضوعية لا تفيد احدا بل قد تضر الجميع في تغذيتها مشاعر سلبية بين الشعب المستضيف وبين اللاجئين. يا حبذا لو توقفت هكذا تصريحات والتزمنا الدقة والموضوعية.

الرسم التوضيحي التالي من معلومات مصورة نشرها حبر في شباط ٢٠١٣، وتوضّح أنه بالرغم من ارتفاع الأرقام المطلقة للإنفاق على التعليم المدرسي في السنوات الأخيرة، إلا أن نسبة الإنفاق على التعليم المدرسي من الإنفاق العام في تراجع. الرسم يوضّح أيضاً معدّل الإنفاق على الطالب في المساقات والمراحل المختلفة. بإمكانكم الاطلاع على المعلومات المصوّرة كاملة على هذا الرابط.

Screen Shot 2014-02-13 at 6.20.41 PM

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية