“شارك برأيك” في الغد: سؤال وأكثر لتوجيه المشاركين

الإثنين 07 نيسان 2014
AlGhad

استحدثت صحيفة الغد قسم “شارك برأيك”، والمفترض أن يكون مساحة يملأها القراء بإجابات على سؤال مجرد وحيادي، بعيدا عن أي توجيه محتمل نلمسه في تعليقات القراء على مقال أو تقرير ما. لكن “الغد” خالفت معايير الحياد في هذا القسم.

والصحيفة ذهبت في ذلك إلى أبعد من تعمد توجيه إجابات المشاركين من خلال صياغة السؤال، كما تفعل بعض وسائل الإعلام. فما أن ينقر المشاركون على السؤال في الصفحة الرئيسية، تظهر فقرة كاملة تسبق الخانة المخصصة لإرسال إجاباتهم، ولا تترك لهم خيار قراءتها من عدمه، قبل كتابة الإجابات.

أحدث أسئلة “شارك برأيك” على موقع الغد، منذ أسبوعين: هل تعتقد أن أرقام البطالة في الإحصاءات الرسمية حقيقة أم “خدعة”؟ والمنشور في 22 آذار 2014، متزامنا مع مقالة رئيسة التحرير جمانة غنيمات بعنوان “البطالة: كأن في الأمر “خدعة”!، متأثرا بتوجه الكاتبة تجاه القضية، وحتى مقتبسا من مفرداتها: “خدعة”. بذلك أغفل محرر الموقع الفارق بين مقال الرأي الذي يتيح لكاتبه الدفاع عن وجهة نظر ما مقترنة بالدلائل لإقناع القارئ، وبين صياغة سؤال لاستطلاع رأي القراء بحيث يخلو من أي انحياز أو توجيه لصالح رأي دون الآخر.

التوجيه هنا بدأ في صياغة السؤال الاستهلالي الذي خير المشاركين بين خيارين لا ثالث لهما: حقيقة أو خدعة (أسود أو أبيض). كما تضمن كلمة فيها حكم قوي “خدعة”.

وجاءت الفقرة وانتقت معلومات تعزز الخيار الثاني، وتحجب معلومات تدعم الخيار الأول (أن نتائج الاحصاءات حقيقة)، مثل أن اللاجئين السوريين من بينهم مشغلين ساهموا بخلق فرص عمل وأصحاب رؤوس أموال حركت الاقتصاد المحلي، بالإضافة إلى الباحثين بينهم عن عمل. وكذلك غيبت معلومة أن من العمالة السورية من حل محل العمالة المصرية وغيرها من العمالة الوافدة، وليس فقط محل العمالة الأردنية.

محاولة التوجيه والانحياز لإجابة دون الأخرى تظهر جلية في إعادة صياغة السؤال الذي يختتم “الفقرة”: “هل تعتقدون أن  الأرقام الرسمية لنسب البطالة في المملكة حقيقية أم أنها غير دقيقة وفيها “مخادعة كبيرة”. السؤال يخير المشارك بين الإجابة بكلمة واحدة “حقيقية”، وبين الإجابة بجملة فيها حكمين اثنين: “أنها غير دقيقة وفيها “مخادعة كبيرة”. كما أضيف لخيار “خدعة” في السؤال الأولي توصيف قوي “كبيرة”.

وفي الفقرة تناقض يدلل على محاولة التوجيه. فهي تشكك بثبات معدلات البطالة خلال الأعوام 2009 – 2013 استنادا على “المنافسة مع العمالة السورية التي لجأت إلى المملكة نتيجة الحرب هناك، وسيطرتها على بعض المهن بأجور أقل”، في حين أن هذا العامل بدأ تأثيره في منتصف الفترة الزمنية المذكورة.

عدم موضوعية “الفقرة” تظهر كذلك في أنها، خلافا للسؤال التمهيدي، تحصر التشكيك بأرقام البطالة في الاحصاءات الرسمية الأخيرة للأعوام الأخيرة 2009 – 2013 وتراوحت النسبة خلالها بين 12 – 13%. في حين أن الجدل والتشكيك بصحة نسب البطالة في الأردن قديم بقدم الاحصاءات الحكومية لنسب البطالة. فمنذ 13 عاما والنسب شبه ثابتة مع تناقص تدريجي ضمن معدل 12 – 15%، رغم تزايد عدد الجامعات وخريجينها وتوالي الحروب واستقبال الأردن للعائدين من الكويت واللاجئين من العراق.

الإجابات القليلة لبعض المشاركين المخالفين لتوجه “الفقرة” تظهر وكأنها ترد على مشاركي الأغلبية المؤيدة لتوجه “الفقرة”. لكنها في مضمونها المطول تفند ما جاء في الفقرة وليس ما في الإجابات الأخرى الموجزة والمقتصرة على التأييد من دون تدعيم وجهة نظرها بالدلائل.

ولتعقب تأثير محاولات توجيه المشاركين نجد أن غالبية الاجابات المؤيدة لتوجه الفقرة استندت على استخدام التوصيف الذي اختارته لهم “الفقرة”: “غير دقيقة” أو “خدعة”. في حين تضمنت الاجابات المعارضة معلومات وآراء مختلفة عن منهجية الاحصاء، ودلل بعضها على إطلاع القارئ على الموضوع.

قد تكون نتائج دائرة الاحصاءات العامة بخصوص البطالة وغيرها لا تعكس الواقع، فهي دائرة حكومية غير مستقلة والتشكيك في موضوعيتها مشروع، وبخاصة في ظل غياب جهات مستقلة تقدم مسوحات أو دراسات تؤكد أو تنفي صحتها. لكن ذلك لا يبرر عدم موضوعية قسم “شارك برأيك” في الغد، وإنحيازه لوجه نظر القائمين على الصحيفة.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية