بالصور: على الجانب الآخر من جبال البتراء

الثلاثاء 03 حزيران 2014

petra3

على بعد سبعة كيلومترات جنوب مدينة البتراء الأثرية، في بقعة وعرة مزوية تعرف بوادي البطحاء، تسكن عائلات “السعيديين” منذ عشرات السنين في خيام متناثرة بين الجبال دون ماء أو كهرباء أو بنى تحتية.

أقرب قرية إليهم، قرية الطيبة، تبعد أربعة كيلومترات، كثيراً ما يقطعها الأطفال سيراً على الأقدام للوصول إلى مدارسهم. قبل عامين، تعاونت مفوضية البتراء مع “السعيديين” بإرسال سيارة من المفوضية لتنقل أبناءهم من وادي البطحاء إلى قرية الطيبة، ولكن بالرغم من ذلك يعود أغلب الأطفال سيراً على الأقدام عبر الطريق الوعرة.

map2

map3

سابقاً كان “السعيديين” يعملون في تربية ورعي الماشية، ولكن مع ارتفاع أسعار الشعير على حد قولهم توقفوا عن تربية المواشي وذلك لعدم توفيرها لمردود مالي للأسر.

رحل عدد كبير من العائلات  ليسكنوا في مناطق أخرى مثل وادي عربة وبقي في وادي البطحاء ثماني عائلات كبيرة، يعتمد أغلبها على رواتب صندوق المعونة الوطنية والتي تتراوح ما بين 100 الى 180 دينارا للأسرة، ويعمل بعض شبابهم في قرية الطيبة المجاورة بمهنة عمال نظافة.

petra19

خميّس ذو الثمانين عاماً يسكن في وادي البطحاء منذ ولادته، يعتبره السكان كبير المنطقة والأكثر خبرة فيها. بسبب بعد المنطقة عن الخدمات وعدم وصول المياه الى مكان سكنهم، قام خميّس بحفر ثماني الآبار بين جبال المنطقة لتجميع مياه الأمطار، أولها عام ١٩٨٢. مياه هذه الآبار تكفي “السعيديين” بضعة أشهر بعد انقضاء الشتاء، وعند نفاذها يسيرون إلى قرية الطيبة ليتزوّدوا بالماء.

petra18

هذا البئر قام خميّس بحفره قبل ثلاث سنوات لأبناء المنطقة، أما هو فيشرب من بئر آخر خاص به وبعائلته. “نفسي أوسعه، بس ما فيه مصاري أجيب اسمنت”.

petra16

petra30

خميّس بنى هذا البيت لعائلته عوضاً عن الخيمة، وقام بتثبيت صفيحة الحديد على الحجر فوق البيت من أجل توجيه مياه الأمطار بعيداً.

petra4

خالد، ١٧ عاماً، الابن الأصغر لخميّس والوحيد الذي بقي في المنطقة بعد أن تزوج إخوته وأخواته الستة وغادروا وادي البطحاء بحثا عن مكان أفضل. خالد ترك الدراسة قبل ثلاث سنوات لكي يساعد أباه وأمه على حد قوله.

petra10

سيارة المفوضية التي تقلّ الأطفال إلى المدرسة صباحاً، ويركب معهم بعض أهل المنطقة المتجهين إلى عملهم في القرية.

petra12

petra28

أحمد ومحمد الساعة التاسعة والربع صباحاً عادوا من المدرسة سيراً على الأقدام بعد إبلاغهم بان اليوم عطلة.

petra29

أحمد في الصف الثامن وابن عمّه محمود في الصف السادس عائدان من مدرستهم مشياً في وقت الظهر. يقول محمود “الطريق كتير صعبة، مرّة صار معي ضربة شمس وأنا مروّح، بس عادي.”

petra1

petra2

محمد السعيديين يعمل عامل نظافة في قرية الطيبة، يستيقظ في السادسة صباح كل يوم ويذهب إلى عمله في السيارة “البيك أب” الذي يأخذ الأطفال إلى المدرسة. “المي مشكلتنا الأساسية”.

Petra31

سويلم سلامة (أبو سلطان) يبلغ عدد أفراد عائلته تسعة أشخاص، ثلاثة منهم في المدرسة. “تعليم أولادي عندي أبدى من العيشة كلها، أنا أبوهم أمّي ما بعرف لا أقرأ ولا أكتب… بالثمانينات ضعت في عمان، كان عمري 18 سنة وما بعرف لا أقرأ ولا أكتب وما كنت بعرف الباصات رايحة وين، غير كنت أسأل الناس… وانا ما بدي عيالي يضيعوا مثلي”.

petra21

الخيمة التي يسكن فيها سويلم وعائلته، اشتراها مستعملة بمبلغ ٩٠ دينار من “سوق البدو” في وادي موسى. يقول سويلم أن الوادي تعرّض لسيل خلال فصل الشتاء فاحتمى هو وأولاده بجانب الجبل إلى أن توقفت الأمطار. “طول عمري بحب الشتا، لكن والله بعد ما شفت الشتا شو عمل بأولادي كرهته.”

petra5

يقول خميّس: “بنوا لنا بيوت سكن كريم بمنطقة بعيدة كثير من هون، ولما رحنا استلمناهم عانينا بداخلها أكثر من معاناتنا هون، كثير المنازل ضيقة، مش منازل.. غرف لكل عيلة غرفة، ما بتقدر تعيش فيها كأنك في علبة سردين”.

petra20

يذهب خميّس إلى قرية الطيبة مرة كل شهر ليستلم راتب المعونة الوطنية الذي يبلغ ١١٠ دنانير ويشتري بعض حاجياته.
“خلص إحنا تعودنا، وبصراحة أنا مش حاب إنهم يوصلولنا شارع، لأنو الشارع رح يجيب معه متطفلين وزوار، لا خلينا لحالنا أريحلنا”.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية