غربال – نشر موقع عمون يوم أمس خبراً بعنوان “هيلاري كلينتون تفجر مفاجآت في “كلمة السر ٣٦٠“، فحواه أن كلينتون في كتاب مذكراتها الأخير تحدّثت عن “عن تنسيق أميركا مع الإخوان المسلمين لإقامة الدولة الإسلامية في سيناء”، دون وجود أساس لهذا الزعم.
وتدّعي عمّون أنها “رصدت” قول كلينتون في كتاب مذكراتها الذي صدر مؤخراً: “دخلنا الحرب العراقية والليبية والسورية وكل شيء كان على ما يرام وجيد جداً وفجأة قامت ثورة 30 / 6 – 3/7 في مصر وكل شيء تغير فى خلال 72 ساعة… كنا على اتفاق مع إخوان مصر على إعلان الدولة الإسلامية فى سيناء وإعطائها لحماس وجزء لإسرائيل لحمايتها وانضمام حلايب وشلاتين إلى السودان، وفتح الحدود مع ليبيا من ناحية السلوم”.
عملية بحث سريعة تكشف أن الخبر مفبرك تماماً، فمن الواضح أن عمّون “رصدته” من مواقع أخرى أغلبها اكتفت بالنسخ واللصق عن بعضها البعض، منها صحيفة المصري اليوم، التي نشرت مقالاً يكرر نفس الكلام، من أن كلينتون قالت “كل شيء تغير في 72 ساعة، بعد 3 يوليو.. كان أوباما يستعد لعملية العمر.. كان يستعد لإعلان دولة إسلامية في سيناء.. فجأة تحطم كل شيء!”.
ليس من الواضح ما هو أول مصدر للمادة المؤلفة والذي نقلت عنه بقية المواقع. هذه الاقتباسات موجودة أيضاً بإنجليزية ركيكة للغاية على عدد قليل من الصفحات معدومة المصداقية على الإنترنت (ومن الواضح أنها ترجمة حرفية عن العربية).
كتاب مذكرات هيلاري كلينتون الذي صدر في ١٠ حزيران ٢٠١٤ يدعى Hard Choices (خيارات صعبة) وليس “كلمة السر ٣٦٠” ولا يوجد ترجمة عربية بهذا الاسم. وعند شراء النسخة الإلكترونية من الكتاب من موقع أمازون عبر تطبيق “كندل Kindle” الذي يتيح البحث عن كلمات وعبارات في الكتاب، يؤكد البحث أن جميع الاقتباسات التي تنسبها هذه المواقع للكتاب ولا وجود لها.
لو أخذنا على سبيل المثال العبارة المنسوبة لكلينتون “كنت قد زرت 112 دولة فى العالم من أجل شرح الوضع الأمريكي مع مصر وتم الاتفاق مع بعض الأصدقاء بالاعتراف بالدولة الإسلامية حال إعلانها فوراً وفجأة تحطم كل شيء”.
العبارة الوحيدة المذكورة في مذكرات كلينتون والتي تذكر زيارتها لـ١١٢ دولة في العالم هي في مقدمة الكتاب عندما تتحدث عن مجمل تجربتها كوزيرة خارجية، حيث تقول: “هذه السنوات كانت أيضاً رحلة شخصية بالنسبة لي، حرفياً (في النهاية كنت قد زرت ١١٢ بلداً وسافرت حوالي مليون ميل)، ومجازياً، من النهاية المؤلمة لحملة ٢٠٠٨ الانتخابية إلى الشراكة والصداقة غير المتوقعة مع غريمي السابق باراك أوباما”.
هذا ينطبق على جميع الاقتباسات، فلا يوجد أي ذكر لـ”إعلان دولة إسلامية في سيناء” ولا “حلايب وشلاتين”، ولا “فتح الحدود مع ليبيا من ناحية السلوم”، ولا “كل شيء تغيّر في ٧٢ ساعة”، وغيرها.
فبركة مواد على المواقع “الإخبارية” ليست ظاهرة جديدة أو غريبة. لكن في الجانب المشرق، أغلب المعلّقين على صفحة هذا الخبر على موقع عمّون كانوا متيقظين لانعدام صحة المادة.
