عن المقاطعة، كفعل مقاومة وتحرر

الثلاثاء 02 أيلول 2014

بقلم زينة أبو عناب

(نشر هذا المقال في 1 أيلول 2014 في مجلة راديكال)

خلال العدوان الأخير على غزة، أو الحرب معها (بفضل المقاومة وصمود الشعب الغزّي)، شهد الشارع الأردني تراجعًا ملحوظًا مقارنة بالسنوات السابقة، في التعبير عن الرفض والغضب من خلال المسيرات والاعتصامات، وغيرها من أشكال الاحتجاج الشعبي. لسنا هنا بصدد تحليل الأسباب وراء هذا التراجع، والذي ينسجم على كل حال، مع حالة الفتور الشعبي الطاغية على المشهد السياسي في الشارع الأردني، إلا أنه من اللافت، ملاحظة الحماس الذي طرأ فجأة لحركات المقاطعة (أقصد حركات مقاطعة الكيان الصهيوني، وعلى رأسها مقاطعة الشركات الكبرى الداعمة له).

ويبدو أن جزءًا من الطاقات التي كانت توجه في السابق نحو الاحتجاج الشعبي، ونحو المواجهة المباشرة مع النظام الأردني، تحولت بدورها لأنماط أخرى من التعبير عن الغضب الشعبي. في المحصلة، هناك الكثيرون ممن انخرطوا في حملات لجمع التبرعات، أو تنظيم زيارات مؤازرة للجرحى، أو تفعيل المقاطعة، وهو النمط الذي تُعنى به هذه المقالة.

إن الحملات لمد قطاع غزة بالمساعدات وتقديم الدعم للجرحى ليست بجديدة، لكن اللافت هذه المرة هو زخم هذه الحملات مقابل ضآلة الحركات الاحتجاجية على الأرض. على صعيد آخر، فإن العديد من هذه الحملات تقوم عليها مؤسسات مرتبطة ارتباطًا عضويًا بالنظام الأردني؛ مثل الهيئة الخيرية الهاشمية وتكية أم علي. وذلك بالتأكيد يحيّد تلقائيًا الغضب الشعبي تجاه النظام الأردني بسبب دوره التاريخي في احتلال فلسطين، وفي مسار التنازلات المستمرة لصالح الكيان الصهيوني؛ هكذا أصبح النظام الأردني سندًا للشعب الفلسطيني! هكذا وفي خضم الأحداث الدموية التي شهدها أهلنا في القطاع، اختلط الحابل بالنابل، وتحوّلت القضية من قضية مقاومة، نحن جزء لا يتجزء منها، إلى قضية مؤازرة وتضامن مع شعب يعاني من الظلم، وكأن هذا الشعب ليس نحن، وكأن معركته ليست معركتنا. أصبحت القضية لدى البعض، قضية إنسانية تستوجب المساعدة والتضامن، لا قضية نضالية لنا نحن كشعب أردني دور فيها، مما يتطلب منا تقديم التضحيات إزاءها.

أصبحت القضية لدى البعض، قضية إنسانية تستوجب المساعدة والتضامن، لا قضية نضالية لنا نحن كشعب أردني دور فيها.

هذا اللبس انعكس على أرض الواقع في حملات المقاطعة التي وُلدت من رحم الأحداث في غزة. فحالة الحماس التي أصابت الجمهور الأردني، جاءت –للأسف- نتيجة تصدّر حركات المقاطعة الغربية، وعلى رأسها الأوروبية والأمريكية، لجهود المقاطعة عالميًا والترويج الاعلامي المصاحب لها، خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. عندما تنبّه الجمهور العربي، الأردني تحديداً، واستدرك أهمية الانخراط في المقاطعة، وجد نفسه أمام كم هائل من المعطيات والمرجعيات، مما ولّد لديه حالة من الشعور بالعجز، أو الاستسلام، أو الرفض، وحتى الدفاع: العجز النابع من الأعداد المهولة من الشركات ومن المنتجات التي تظهر في قوائم حملات المقاطعة المختلفة، والاستسلام أي تقبّل معايير تلك الحملات دون تمحيص أو مساءلة للرسالة السياسية التي ترسلها، والرفض لحملات المقاطعة باعتبارها غير ممكنة أو مجدية نظرًا لمقدار الجهد الجماعي والتضحية الفردية التي تتطلبها. بل نجد من يحاول أن ينكر أو يبرر قرارات بعض الشركات ويروّج لتصريحاتها الكاذبة حول الموضوع دفاعاً عنها.

لنبدأ بسؤال بسيط، لماذا نقاطع؟

إن للمقاطعة الاقتصادية كفعل مقاوم، جذوراً تاريخية في المنطقة تمتد منذ زمن الانتداب البريطاني، حيث تبنى الشعب الفلسطيني والعربي بشكل عام، قرار مقاطعة أي تعاملات اقتصادية أو تجارية مع اليهود، منذ أوائل العشرينيات، وذلك رفضًا للهجرات اليهودية إلى فلسطين، واستشعارًا بخطورة المشروع الصهيوني المحدق بالمنطقة. إذا فإن المقاطعة الاقتصادية الشعبية، كانت جزءًا أصيلًا من حركة تحرر الشعوب العربية، ضد التقسيم والاستعمار، وقد صدرت عدة قرارات مؤيدة للمقاطعة، في مختلف المؤتمرات الوطنية التي عقدت في تلك الفترة. أما على الصعيد الرسمي، فقد أصدرت جامعة الدول العربية، قرارًا بمقاطعة البضائع والصناعات اليهودية، عقب تشكيل الجامعة في منتصف الأربعينيات (أي قبل احتلال فلسطين عام 1948)، وقد عززت هذا القرار بإنشاء مكاتب لمقاطعة “إسرائيل” عام 1951. المقاطعة العربية الرسمية للكيان الصهيوني كانت على ثلاثة مستويات: الأول مقاطعة البضائع الصهيونية. الثاني مقاطعة الشركات التي تدعم الكيان الصهيوني. والثالث مقاطعة البضائع التي تمر من خلال فلسطين المحتلة. سلسلة التنازلات التي تبعت بتوقيع عدد من الدول العربية لمعاهدات مع الكيان الصهيوني، وعلى رأسها معاهدة أوسلو، انعكست بالطبع على موقف جامعة الدول العربية من تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني وأدّت إلى زعزعة موقفها. لكن لا بد في اللحظة الحالية لكل من كان واهماً بأنه قد يكون لأوسلو أية نتائج تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني، لا بد له من الاعتراف بأن هذا المسار قد أثبت فشله.

من هنا، فإن فعل المقاطعة بالنسبة للشعوب العربية، يأتي في سياق حركة التحرر؛ فالمقاطعة تنبع من مناهضة التطبيع، ومن رفض أي شكل من أشكال الاعتراف بالكيان الصهيوني، أو تقبّل وجوده، قبل أن تكون ممارسة للضغط على أية شركة بحد ذاتها. أهمية هذا الفهم، تكمن في أن المقاطعة، كأداة لمناهضة التطبيع، ومناهضة كل ما يدعم استمرار هذا المشروع الصهيو-إمبريالي في المنطقة، يأتي من دافع رفض المنظومة التي أوجدته بالكامل، وليس في سبيل استحقاقات مجتزأة. قد يكون من المجدي، بل ومن المطلوب، العمل ضمن مراحل تكتيتية، شريطة أن لا تقوّض الموقف السياسي الواضح أو أن تبث رسائل تشوه الوعي الجمعي للقضية.

المقاطعة تنبع من مناهضة التطبيع، ومن رفض أي شكل من أشكال الاعتراف بالكيان الصهيوني، أو تقبّل وجوده، قبل أن تكون ممارسة للضغط على أية شركة بحد ذاتها.

أما في الغرب، فإن المقاطعة الإقتصادية، كأداة للضغط على الشركات، ليست مقتصرة على مقاطعة الكيان الصهيوني، بل نجد العديد من حملات المقاطعة حتى في الدول المتقدمة اقتصاديًا. هذه الحملات أتت كوسيلة ضغط على الشركات في ظل تراجع دور الدول في تنظيم الحياة العامة وتدّني تدخّلها في عمل قطاع الشركات، وبالتالي لجأ إلى النزاع المباشر مع الشركات من خلال استخدام المقاطعة الاقتصادية. فهي في معظمها تهدف إلى تحقيق مطالب مجتزأة تضمن مصالح المستهلك، أو تدخل في باب “الاستهلاك الأخلاقي” ethical consumerism، وليس رفضًا للمنظومة التي أفرزت الحالة التي تستوجب المقاطعة بكاملها. نتحدث هنا عن حملات مقاطعة لشركات كبرى، بسبب مساهمتها في التلوث البيئي، أو الأثر الصحي لمنتجاتها، أو بسبب استغلالها للعمالة. لعله لا ضير من دخول حملات مقاطعة الكيان الصهيوني ضمن هذا التصنيف في الغرب، أما أن يتم تبنيه في الوطن العربي فلذلك تبعات خطيرة.

هنا يكمن الفرق الجوهري بين جهود المقاطعة عربياً، والجهود “المستوردة” بناء على مرجعيات دولية. جميع حملات مقاطعة الكيان الصهيوني التي نشطت بالغرب، تستند إلى معايير وشروط ما يسمى بـ”الشرعية الدولية”. بالتالي فإن هذه الحملات لا تتعامل مع الصراع العربي-الصهيوني كصراع تناحري يرفض وجود الكيان الصهيوني بشكل مطلق، ويتعاطى معه على أنه خطر وجودي. بل هي تسعى لتحقيق مكتسبات تتطلب الاعتراف بالكيان الصهيوني، وبحقه في الوجود على أرض فلسطين كخطوة استباقية. يتحول الصراع من معركة تحرير للأرض والشعوب، إلى معركة حصول على “حقوق” أو شروط أفضل. تصبح عنصرية الكيان الصهيوني هي السبب لمعاداته، ويتحول النضال إلى نضال من أجل “المساواة في الحقوق” أو إلغاء نظام الفصل العنصري. من الخطورة بمكان، أن يتم تمرير هذه الأجندة في الوطن العربي، ووسط الشعوب التي يرفض وعيها الجمعي، تقبل الكيان الصهيوني كأمر واقع. ثم أن مرجعيات الشرعية الدولية، والتي تفرضها القوى العظمى على أية حال، لم تنجح يوماً في مناصرة الشعب الفلسطيني أو العربي في أي من معاركه ضد قوى الاستعمار والهيمنة، بل كانت دائمة حليفة للأخيرين. هي محض “شمّاعة” يعلق عليها البعض تبريراتهم للتواطؤ مع هذه المنظومة.

هذا هو الخطاب الذي يبرر الدفاع عن شركة تدعم الكيان الصهيوني، ما لم تخالف القانون الدولي ومعايير “حقوق الإنسان”، بحجة مصالح الشركة الاقتصادية المكفولة بالاتفاقيات والمرجعيات الدولية. أو تصدير فكرة مقاطعة منتجات المستوطنات، باعتبارها هي فقط غير شرعية، وليس منتجات الكيان الصهيوني بالمُجمل. أو السماح بمشاركة الشباب العربي في لقاءات وندوات، وورشات عمل فنية وثقافية، يشارك فيها شباب يحملون جنسية الكيان الصهيوني، من باب أهمية التعايش، وتعزيز التواصل مع المُحتَل للخروج بـ”صيغ توافقية”. هذا أيضاً خطاب يتماهى مع محاولات دمج الكيان الصهيوني في المنطقة. والأنكى من كل هذا، أن هذا الخطاب هو نفسه الذي يروّج لنماذج “النضال السلمي” على حساب مشروعية الكفاح المسلح للشعوب المضطهدة. الانخراط في مقاطعة الكيان الصهيوني، ومن يدعمه، هو فعل مقاوم متاح ومطلوب من الجميع، لكنه لا يمكن أي يؤدي يوما إلى التحرير، وبالتحرير نقصد تحرير فلسطين التاريخية. وإن أي خطاب يروّج للنضال السلمي كبديل عن المقاومة المسلحة، وليس داعماً لها، هو خطاب مرفوض يجب نبذه.

ماذا عن الأردن؟

الأردن الرسمي وقّع في عام 1994 معاهدة وادي عربة، والتي سبق وأن نشرنا في راديكال سلسلة عن خلفية توقيع المعاهدة وبنودها المجحفة بحق الشعب الأردني (وإن كنا نؤكد على رفضنا لهذه المعاهدة بغض النظر عن بنودها). هذه الاتفاقية، وغيرها من الاتفاقيات التي تلت، جعلت من الأردن ساحة خصبة ليس فقط للتطبيع مع الكيان الصهيوني، بل أيضًا أصبح للأردن دور وظيفي في تصدير البضائع الصهيونية إلى دول عربية أخرى وإلى العالم. كما أن طبيعة السياسات الاقتصادية التي ينتهجها النظام، تؤدي إلى ذوبان الاقتصاد الوطني الأردني في المنظومة الرأسمالية العالمية، واندماجه مع اقتصاد الكيان الصهيوني. الحديث هنا عن سياسات الخصخصة، والسوق المفتوح، والانضمام لمنظمة التجارة العالمية، والمناطق الصناعية المؤهلة، واتفاقيات التعاون التجاري مع الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني، وغيرها. بالمقابل فإن أي بوادر للتوجه نحو تعزيز الإنتاج المحلي، والصناعات الوطنية المستقلة، وخلق مساحات لعلاقات اقتصادية عربية-عربية، أو أسواق عربية مشتركة، معدوم. إن العمل على المقاطعة الاقتصادية للكيان الصهيوني، لا بد وأن يصب يوما ما في هذا البعد ليكون ناجعًا.

المقاطعة تصب في المحصلة، في مواجهة مباشرة مع سياسات النظام، وتضع العاملين على حملات مناهضة التطبيع والمقاطعة في صف المعارضة تلقائياً.

المهم هنا، أنه لا يمكن التعامل مع فعل المقاطعة، على أنه عمل “لا-سياسي”، غير مستند إلى رؤية سياسية واضحة، أو الترويج لها على هذا الأساس (وكأن الفعل السياسي تهمة وليس مطلوب من الجميع!). فهي –أي المقاطعة- تصب في المحصلة، في مواجهة مباشرة مع سياسات النظام، وتضع العاملين على حملات مناهضة التطبيع والمقاطعة في صف المعارضة تلقائياً. ثم إن الشركات الكبرى أو العابرة للقارات –والتي تستهدفها حملات المقاطعة- هي في النهاية جزء أصيل من هذا النظام الإمبريالي، الذي يسعى للهيمنة والاستحواذ على مقدرات الشعوب والدول في كافة أرجاء العالم، وإن زرع الكيان الصهيوني في المنطقة يأتي من أجل تحقيق هذا المشروع. لا بد من هذه الرؤية المتكاملة لمن يدعو ويروّج للمقاطعة في الوطن العربي. قد لا يكون مطلوبًا من كل شخص يتبنى المقاطعة أن يكون فاعلًا في العمل السياسي، لكن لا بد أن يكون موقفه مستندًا إلى رؤية سياسية صحيحة قادرة على توجيه قراراته وممارساته. أما القائمون على حملات المقاطعة، فمن الضروري أن يقفوا على مرجعية سياسية واضحة، ليؤسسوا بناءً عليها خطابهم وتكتيكات عملهم المرحلية وبعيدة المدى.

من هنا ينبع الفرز في مستويات المقاطعة على الصعيد الأردني. فهناك البضائع الصهيونية، التي يتم استيرادها وإغراق الأسواق الأردنية بها، وهناك بضائع تنتج من قبل شركات، مطبعة مسجلة بالأردن، أي شركات أردنية تضم شركاء صهاينة أو تمارس نشاطاتها في الكيان الصهيوني، وأخرى تنتَج من قبل شركات عالمية، تدعم الكيان الصهيوني بطرق عديدة ومختلفة. الأولى والثانية يجب أن تكونا هدفًا لحملات المقاطعة أو غيرها من أدوات التصدي دون نقاش أو تمحيص أو تصنيف للأولويات. وإن معاداة وتعرية الأشخاص والشركات الأردنية التي ترتبط مصالحها بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، وبالتالي تشكل ركيزة أساسية في تغوّل التطبيع، يجب أن تكون على رأس أولويات عمل مجابهة التطبيع والمقاطعة. أما الثالثة، فتحتاج لتقييم للمعايير والأسباب التي استوجبت المقاطعة، لوضعها ضمن أولويات قابلة للتحقيق عملياً. ترتيب الأولويات يتطلب الموازنة بين ما هو ممكن وما هو غير ممكن، وما هو أقل ضررًا مقابل ما هو أكثر ضررًا، في ظل المعطيات التي تفرض نفسها على الأرض.

بالمحصلة، فإن الحديث عن المقاطعة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم فصله في الوطن العربي، عن مجابهة التطبيع. فمجابهة التطبيع مع الكيان الصهيوني هو الموقف الأصيل وهو الحاضنة التي يتم الاستناد إليها. ثم إن تفريغ فعل المقاطعة من موقفه السياسي المتثمل برفض أي شكل من أشكال التعاطي والاعتراف بالكيان الصهيوني، ورفض التعامل مع الشركات التي تدعم استمراره، يجب أن تكون ركيزة الانطلاق في أي دعوة للمقاطعة. وإن هذا الموقف، يؤدي بلا شك لصدام مباشر مع المنظومة الرأسمالية العالمية. وفي الأردن مع النظام الأردني المتماهي معها. وأيضًا مع أصحاب الشركات والأموال، ممن تتفق بل وتعتمد مصالحهم على استمرارية وتعزيز تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني.

المعركة مع المشروع الصهيوني معركة طويلة أفرزت وستفرز العديد من أشكال النضال. من الأهمية بمكان أن لا تفتقد أي من هذه الأشكال المختلفة لبوصلة سياسية واضحة. إن التساهل في استخدام خطاب سياسي قد يبدو أكثر تأثيراً ضمن المنظومة العالمية اليوم، مقابل التنازل عن ثوابت وطنية، وبعض المكتسبات التي قد تبدو سريعة، سيكون له أبعاد خطيرة مستقبلًا. يجب أن نتصدى لهذا السقف المهزوم للنضال، لأنه إذا راج، خاصة بين أصحاب القضية وضحايا هذا المشروع الاستعماري، ستصبح مواجهته أكثر صعوبة.

* الصورة أعلاه من صفحة الحركة الشعبية الأردنية لمقاطعة الكيان الصهيوني (قاوم قاطع).

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية