«السيدة راء» ترحل: رضوى عاشور، 1946-2014

الإثنين 01 كانون الأول 2014
radwa-ashour

ترجمة دعاء علي

(نشرت نسخة من هذا المقال بالإنجليزية على موقع الأدب العربي بالإنجليزية).

رحلت الروائية المصرية القديرة والمحبوبة رضوى عاشور، تاركةً خلفها فراغًا كبيرًا.

عانت عاشور مع السرطان لعدة سنوات عناءً برعت في تدوينه عبر كتاباتها، خاصة في آخر أعمالها «أثقل من رضوى». قبل ثلاثة أيام، غردت الروائية أهداف سويف: «رضوى عاشور: تعافي سريعًا. نحن بحاجتك».

مع انتشار خبر وفاة عاشور، عبر كثيرون عن امتنانهم وشعورهم بالخسارة عبر وسائل الإعلام الاجتماعي. الروائية ميرال الطحاوي كتبت: «رضوى عاشور .. التي علمتنا حب الكتابة .. وداعا!».

الصحفية أميرة هويدي كتبت أن «الروائية، أستاذة الأدب، المثقفة، الناقدة، صاحبة أجمل وألطف روح، رضوى عاشور، قد ماتت».

سويف كتبت: «سلام يا صديقتي الحبيبة، رضوى عاشور. صمتًا الآن».

عاشور تركت خلفها زوجها، الشاعر وكاتب المذكرات الفلسطيني العظيم مريد البرغوثي، وابنها، الشاعر وأستاذ العلوم السياسية، تميم البرغوثي.

تغريدة لمريد البرغوثي من تموز 2012 تقول: «42 سنة في رفقة رضوى عاشور. أجل، يمكن للحياة أن تكون كريمة إلى هذا الحد».

قبل أشهر قليلة فقط، في آذار من هذا العام، تم الاحتفاء بعاشور عبر مؤتمر لمدة يومين حول أعمالها في جامعة عين شمس، بعنوان «رضوى عاشور: كاتبة وناقدة». ضيوف وأكاديميون حضروا من أرجاء مصر وخارجها لمناقشة كتابات عاشور.

لكن الكاتبة المعروفة -التي اختار اتحاد الكتاب العرب ثلاثيتها غرناطة كواحدة من أفضل مئة عمل أدبي في القرن العشرين، والتي علّمت مئات الطلاب، رسميًا وأدبيًا، حب الأدب- لم تحظَ دومًا بعلاقة سهلة مع الكتابة.

عام 1969، في السن الثالثة والعشرين، ذهبت عاشور لحضور مؤتمر للكتاب الشباب في الزقازيق، وذهلت بمواهب الكتاب الآخرين، لتتخلى سريعًا عن فكرة الكتابة. في مقالتها «أكتب لأنني أحب الكتابة»، تقول عاشور إنها ابتليت بالسؤال إن كانت حقًا كاتبة موهوبة أم لا. في سنوات السبعينيات، تقول عاشور: «وجدت أنه من المعيب أن أسمي ما أكتبه قصصًا، وأنه لا يصح ولا يجوز أن أواصل. قررت التوقف، و جاء قراري قاطعًا كمقصلة».

بين سن الثالثة والعشرين والرابعة والثلاثين، ركزت عاشور على كونها مدرّسة، وأمًا، وناشطة. ولد ابنها تميم عام 1977، وفي السنة ذاتها، تم ترحيل زوجها مريد البرغوثي من القاهرة. لفترة من الزمن، عاش زوج عاشور في المجر، وزارته مع تميم قدر استطاعتهما.

لكن السبعينيات انقضت، وفجأة: «ظهرت من جديد الكتابة بإصرار وإلحاح».

لم تعد عاشور للكتابة حتى عام 1980. ما حفزها، حسب ما قالت، كانت المشاكل الصحية التي لازمتها طوال حياتها. كتابها الأول، «الرحلة: أيام طالبة مصرية في أمريكا»، جاء بعد أن كاد المرض يودي بحياتها، وبدا أن الكتاب الذي نشر وهي في سن السابعة الثلاثين قد أعاد الكتابة «بإصرار وإلحاح» إلى حياتها إلى الأبد. روايتها الأولى، «حجر دافئ»، نشرت بعد ذلك بعامين.

radwa ashour

صورة نشرها مريد البرغوثي له ولرضوى عاشور.

قيّد المرض عاشور في السرير مرات عدة، لكن لعله -إلى جانب تحجيم نشاطاتها وإيلامها بشدة- قد ارتقى بكتابتها وشحذها. الأستاذة فريال زغلول كتبت عن علاقتها الطويلة مع رضوى في مراحلها المختلفة، واصفة شغف عاشور بالكتابة بأنه نابع من الخوف من الموت المحدق، أي مجازًا، الخوف من «دفن الحياة واغتيال الممكن».

تبعت رواية «حجر دافئ» أعمالٌ عدة، من بينها «سراج» عام 1992، والثلاثية الشهيرة «غرناطة» عامي 1994 1995، وشبه المذكرات «أطياف» عام 1998.

كتبت عاشور شبه السيرة الخاصة بها تقريبًا في الوقت ذاته الذي كتب فيه زوجها مريد البرغوثي سيرته المجتزأة. لكن «أطياف» لا يرسم صورة عن حياة عاشور مثلما يصوّر «رأيت رام الله» البرغوثي. بدلًا من ذلك، يتناوب الإخفاء والإجهار في كتابها عبر التنقل بين القصص «الحقيقية» من حياتها والقصص الخيالية لشخصية اسمها «شجر».

الروائية رحاب باسم، طالبة عاشور سابقًا، قالت في مقابلة لها قبل ثلاث سنوات إن عاشور هي «تقريبًا الأستاذة الوحيدة التي تحدثت إلينا بشكل عادي (..) لم تتعالى علينا، ولم تظن أننا أغبياء. كانت تعلمنا، تستمع إلينا، ودفعتنا للوقوع في حب كل كاتب تذكره (..) لقد جعلتني أشعر بأن ما تعلمنا إياه كانت ملموسًا ويمكن الوصول إليه وإدراكه ومناقشته».

فيما كانت تعلّم، استمرت عاشور في الكتابة، فكتبت «قطعة من أوروبا»، التي نشرت عام 2003، ورائعتها المعشوقة العابرة للأجيال، «الطنطورية»، عام 2010، لتكرَّم بعدة جوائز أدبية من بينها جائزة قسطنطين كفافيس الدولية للأدب عام 2007، وجائزة عويس عام 2011.

مشاكل عاشور الصحية أبعدتها عن النشاط السياسي المباشر خلال معظم السنوات القليلة الماضية. لكن حضورها -عبر كتاباتها- كان محسوسًا على الدوام.

ما زال أثر أعمال عاشور على الأجيال اللاحقة من الكتاب المصريين قيد الاكتشاف. منصورة عز الدين، الكاتبة البارزة بين جيل التسعينيات، قالت في مقابلة معها قبل عدة سنوات أنها لم تتأثر مباشرة بأعمال عاشور، لكنها قالت: «إنني أحترم شخصيتها بحق. إنها شمعة تلهم الآخرين، كإنسانة وأستاذة».

قائمة بأعمال عاشور

الأعمال الأدبية
الرحلة: أيام طالبة مصرية في أمريكا، دار الآداب، بيروت، 1983.
حَجَر دافئ (رواية)، دار المستقبل، القاهرة، 1985.
خديجة وسوسن (رواية)، دار الهلال، القاهرة، 1987.
رأيت النخل (مجموعة قصصية)، مختارات فصول، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1987.
سراج (رواية)، دار الهلال، القاهرة، 1992.
غرناطة (الجزء الأول من ثلاثية غرناطة) دار الهلال، 1994.
مريمة والرحيل (الجزءان الثاني والثالث من الثلاثية) دار الهلال، 1995. نشرت الطبعة الثانية بعنوان ثلاثية غرناطة، المؤسسة العربية للنشر، بيروت، 1998.
أطياف (رواية)، دار الهلال، القاهرة، 1999.
تقارير السيدة راء (نصوص قصصية)، دار الشروق، القاهرة، 2001.
قطعة من أوروبا (رواية)، المركز الثقافي العربي، بيروت والدار البيضاء ودار الشروق، القاهرة، 2003.
الطنطورية (رواية)، دار الشروق، القاهرة، 2010.

النقد الأدبي
البحث عن نظرية للأدب: دراسة للكتابات النقدية الأفرو-أمريكية (بالإنجليزية)، رسالة دكتوراه قدمت لجامعة ماساشوستس بأمهرست في الولايات المتحدة، 1975.
الطريق إلى الخيمة الأخرى: دراسة في أعمال غسان كنفاني، دار الآداب، بيروت، 1977.
جبران وبليك (بالإنجليزية)، الشعبة القومية لليونسكو، القاهرة، 1978.
التابع ينهض: الرواية في غرب إفريقيا، دار ابن رشد، بيروت، 1980.
في النقد التطبيقي: صيادو الذاكرة، المركز الثقافي العربي، بيروت والدار البيضاء، 2001.
تحرير بالاشتراك مع آخرين، ذاكرة للمستقبل: موسوعة الكاتبة العربية، (4 أجزاء)، مؤسسة نور للدراسات وأبحاث المرأة العربية والمجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 2004.
الحداثة الممكنة: الشدياق والساق على الساق: الرواية الأولى في الأدب العربي الحديث، دار الشروق، القاهرة، 2009.

وثائقي حول حياة عاشور، أنتج عقب مؤتمر آذار الماضي

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية