لماذا استحق كريستيانو رونالدو الكرة الذهبية؟

الثلاثاء 13 كانون الثاني 2015
Cristiano Ronaldo

بقلم مجد البهو

على الرغم من فوز كريستيانو رونالدو بالكرة الذهبية الثانية على التوالي والثالثة في مسيرته، الليلة الماضية في مدينة زوريخ السويسرية، إلا أن مختلف وسائل الإعلام والعديد من الصحفيين أعدُّوا العدة منذ أشهر، وجهزوا الأسلحة وبدأوا بحشد التأييد والتضخيم الإعلامي لصالح المرشح هذا أو ذاك.

قبل الحديث عن أحقية اللاعبين المرشحين للتتويج بالكرة الذهبية، دعونا نتحدث عن معايير ترشيح اللاعبين، ما الذي تأخذه اللجنة المعينة من قبل الفيفا لاختيار المرشحين لنيل الجائزة؟ الانجازات الشخصية؟ الانجازات الجماعية؟ الحقيقة أن لا أحد يعلم بالضبط إلى ماذا تستند هذه اللجنة في اختياراتها.  من متابعتي للاختيارات أرى أن هذه اللجنة تعتمد على الأخبار الصحفية والتضخيم الإعلامي!

كلنا يعلم أن هناك العديد من الأسماء التي يتم ترشيحها على الرغم من اليقين بأنها لن تفوز بالجائزة، إما مجاملة للاعب أو للنادي أو للجماهير أو للصحافة وأخبارها، وأن الأسماء الثلاثة أو الأربعة المرشحة الفعلية لنيل الجائزة تكون معروفة، وفي اعتقادي أنها انحصرت منذ البداية بين الثنائي الاعتيادي، ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، بالإضافة إلى اسم جديد دخل المنافسة وهو الحارس الألماني مانويل نوير.

لماذا تم ترشيح ليونيل ميسي؟

لا تقولوا عني مجنون، فأنا أعلم مثلكم عن أسطورية هذا اللاعب وإنجازاته الفردية والجماعية وأحب أيضًا هذا اللاعب وأستمتع بآدائه، لكن لننظر إلى الموسم الماضي، ولنكن منطقيين وواقعيين، فقد تم ترشيح اللاعب استنادًا إلى مقولة «فخامة الاسم تكفي»!

لم يحقق اللاعب أي إنجاز جماعي، حيث لم يتحصل برشلونة على أي لقب. وحتى على المستوى الفردي فلا هو هداف الدوري ولا هداف دوري الأبطال ولا هداف كأس ملك اسبانيا. ولمن يتذكر، فإن ميسي العام الماضي ليس ميسي العادة، كان ميسي الذي يمشي في الملعب لا أكثر. قد يفكر أحدكم بمونديال البرازيل الذي لعب فيه ميسي المباراة النهائية مقابل العملاق الألماني، لكن حتى خلال المونديال، لم يكن ميسي حقيقةً من قاد الأرجنتين للنهائي. ماذا عن الفدائي ماسكيرانو الذي لم يتوقع أحد الآداء الذي قدّمه؟ ماذا عن النحيف أنخيل دي ماريا؟ حتى جائزة أفضل لاعب في المونديال، شكك الكثير بأحقية ميسي بها، وأعتقد أيضًا أنها أعطيت له استنادًا «فخامة اسمه».  في المحصلة، لو كنت أحد أعضاء لجنة الترشيح لعارضت ترشيح ليونيل ميسي، فضلًا عن معارضة فوزه.  وحتى حين حطم ميسي مؤخرًا رقمي زارا وراؤول جونزالس، فلم يحطمهما هذا العام بل خلال عقد كامل، ولم يحتاج هذا العام إلا لتسجيل كمًا أقل من الاعتيادي بالنسبة لهذا اللاعب لتحطيم الرقمين.

لماذا لم يفز الحارس الألماني مانويل نوير بالجائزة؟

أتفق مع الكثيرين في اعتبار نوير أفضل حارس مرمى في العالم في هذه الفترة، وفي أنه ساهم بصورة كبيرة في نجاحات المنتخب الألماني كما بايرن ميونخ البافاري، وفاز مع منتخبه بالمونديال وأنقذ مرمى الألمان من العديد من الأهداف المحققة وشبه المحققة، وأنه كان المنافس الأكبر للبرتغالي رونالدو، لكن هل يعني ذلك أنه يستحق الفوز بالكرة الذهبية؟

أعتقد أن الحصول على الدوري الألماني عادي جدًا بل وسهل بالنسبة للعملاق البافاري، فهناك شبه احتكار للدوري من قبل النادي، حتى إنه كاد يحصل على الدوري بدون ولا خسارة لولا السقوط المفاجئ أما أوجسبورج بهدف دون رد.

إذا كان نوير يستحق الكرة الذهبية، فلماذا لم تمنح للحارس الإسباني إيكر كاسياس عقب مونديال جنوب أفريقيا عام 2010، وهو الذي قاد المنتخب للحصول على كأس العالم وأنقذ مرمى الإسبان من العديد من الأهداف المحققة -أبرزها انفرادات الهولندي أرين روبن في المباراة النهائية- ولولاه لما حلم الإسبان بالمونديال؟  بل لماذا أيضًا لم يتم منح الجائزة للرسَّام أندريس إنيستا صاحب هدف المونديال الوحيد في المباراة النهائية والمتألق في تلك الفترة؟

أعطوه الثالثة فإنه يستحقها

كريستيانو رونالدو، أليست فخامة الاسم أيضًا تكفي؟ لكنه لا يجب أن يحصل على الجائزة على هذا الأساس، بل لأنه المبدع والممتع والمقنع والأحق بها هذا العام. إذا أردنا الحديث بالإنجازات الفردية وهي الأساس، فهو هداف الدوري الإسباني بلا منازع، وهداف دوري الأبطال الذي سجل أعلى عدد من الأهداف في دورة واحدة في تاريخ البطولة كلها (17 هدفًا) محطمًا رقم ميسي وألتافيني من قبله (14 هدفًا)، وقد حصل اللاعب على الحذاء الذهبي كهداف للبطولات الأوروبية، ثم ألم يصبح رونالدو الهداف التاريخي لمنتخب البرتغال متفوقًا على الأسطورة أوزيبيو؟

أما على المستوى الجماعي، ألا يكفي أنه حقق مع الريال دوري أبطال أوروبا (حلم العاشرة)؟ ألا يكفي أنه حقق كأس الملك أيضًا رغم أنه لم يلعب النهائي للإصابة؟ هذا عدا عن السوبر الأوروبي الذي حققه نادي مدريد على حساب اشبيلية بهدفي حاسمين لكريستانو، ألم يحرز رونالدو مع العملاق المدريدي كأس العالم للأندية التي أقيمت في المغرب في ديسمبر الماضي؟

قد يقول قائل: ماذا عن مونديال البرازيل المخيب للآمال بالنسبة لرونالدو ولمنتخب بلاده؟ أولًا، لم يخيب رونالدو الآمال بل المنتخب البرتغالي، وشاء القدر أن يأتي هذا اللاعب الأسطوري في منتحب لا يمتلك إمكانيات تحقيق نتائج كبيرة في كؤوس العالم، فلم يساعد المنتخب رونالدو على فعل شيء في مونديال خاضه رونالدو مصابًا ورغمًا عن الطاقم الطبي في محاولة منه لمساعدة منتخب بلاده، بل وجميعنا يتذكر أن رونالدو خاض نهائي دوري أبطال أوروبا وهو مصاب ولم يفعل شيء في تلك المباراة، إلا أن التاريخ سيتذكر أنه سجل هدفه الـ17 في المباراة النهائية.  ثم من الذي أهَّل البرتغال للمونديال بعدما لعبت الملحق في مواجهة ليست سهلة أمام رفاق زلاتان ابراهيموفيتش؟ ألم يسجل رونالدو سوبر هاتريك ذهابًا وإيابًا في مرمى السويد ليتأهل البرتغال؟

وحتى مع بداية هذا الموسم، يظهر رونالدو خارقًا أكثر، وربما سيفعل أفضل مما فعله في العام الماضي إذا استمر على نفس الآداء، معدل تهديفي خرافي، ولياقة بدنية لا تُضاهى، لعب جماعي وصناعة للأهداف ولمسة فنية غير عادية.

إذن، فقد ذهبت الكرة الثالثة لمن استحقها، وتُوج بها كريستيانو، وأعتقد شخصيًا أنه لو لم  يحصل رونالدو على الكرة الذهبية، لفقدت الجائزة الكثير من أهميتها وجديتها ومتابعيها. على الفيفا تحديد معايير الترشيح والاختيار أكثر لتفادي الانتقادات، وعلى الصحافة أن تعمل بضمير وأن تقول الحق، وأن تعطي كل ذي حق حقه.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية