الكتب خان: متجر كتب في القاهرة يطمح لأن يكون المكان «الذي يشعر فيه الكتاب بالأمان»

الإثنين 18 أيار 2015

ترجمة تقوى مساعدة

(نشر هذا التقرير في مدونة الأدب العربي بالإنجليزية في 13 أيار).

كرم يوسف ناشرة وصاحبة متجر كتب تحضر معرض أبو ظبي للكتاب لأول مرة هذه السنة، ودُعيت للحديث في جلسة بعنوان «مشاركة الخبرات: إدارة متجر كتب».

هنا تشارك معنا بعض الأفكار التي أعدتها لمداخلتها في الجلسة، وهو نص نُشر جزء منه في البرنامج اليومي لمعرض أبو ظبي للكتاب.

بدأت كرم يوسف طريقها بدراسة الإعلام في جامعة القاهرة، وبعد ذلك عملت لخمس عشرة سنة مع شركة «آي تي آند تي» للاتصالات ومع شركة «أتش بي»، ولكنها كانت طوال ذلك الوقت تحلم بأن تعمل مع الكتب، وفي حديثٍ أعدته لبرنامج معرض الكتاب قالت أن العمل في متجر للكتب لا يقتصر على مجرد بيع الكتب، وإنما على تكوين مجتمع.

افتتحت كرم الفرع الأول لمتجرها «خان الكتب» في حي في جنوب القاهرة.

تقول كرم «كنت أحلم بأن يكون هنالك مكان يُعتنى فيه بالكتب.. مكان يشعر فيه الكتاب -وهو ذلك الكائن الحساس- بالأمان، وهكذا رسيت على اسم «الكتب خان»، كأن نقول «فندق» للكتب، حيث يمكن للكتب أن ترتاح خلال رحلتها الطويلة، وأن تبدأ مرة أخرى في أسفارها اللانهائية».

وهكذا جرت الأمور، وفي بدايات سنة 2006 تخلت كرم عن وظيفتها المريحة في شركة «اتش بي» لتؤسس متجر كتب، صار لاحقًا دار نشر.

تقول كرم «أنا لم أرِث خان الكتب، فقد كان الخان بالنسبة لي خيارًا وجوديًا، وكان له توجه نحو الثقافة العربية منذ البداية، وهذا موضّح في شعار المتجر، وهو الشعار الذي صممه حسن مسعود بالخط العربي الجميل، رغم أن موضة استخدام الحروف اللاتينية كانت هي الغالبة حينها».

«ثم جاء بعد ذلك المحتوى: اقتدت المكتبة بمكاتب عظيمة من التاريخ الإنساني، وبالتالي لم يكن بيع الكتب هدفنا الرئيسي، هدف «خان الكتب» كن مختلفًا، فلقد كان الخان وما يزال معتنيًا بالكتاب، وبالقارئ، وبالكاتب».

«وهكذا افتتحت الكتب خان في شارع اللاسلكي في المعادي، في الخامس من أيار 2006 وكرّست نفسي له بالمطلق بعد أن استقلت من وظيفتي».

منذ افتتاحه، صار الخان بشكل سريعٍ أكثر من مجرد مكان لشراء الكتب، بل أصبح مساحةً للقراءة وللبحث، وصار مركزًا ثقافيًا واجتماعيًا.

وكما قالت كرم، فمع افتتاح الفرع الثاني، بات الخان الوجهة الدافئة التي يقصدها أي شخص يرغب في أن يقرأ كتابًا في جو هادئ، وربما يحتسي فنجان قهوة.

المجتمع الثقافي هو من يقف في نهاية الأمر إلى جوار المكتبة في أيام الرخاء وأيام الشدة.

وبصفته نقطة وصل اجتماعي، فقد استضاف الكتب خان الكثير من الأنشطة، منها «ورشة كتابتنا الإبداعية السنوية، والتي انطلقت مع انطلاق الكتب خان ورافقته حتى يومنا هذا، وابتداءً من شهر نيسان وحتى أيلول سيجتمع اثنا عشر كاتبًا شابًا مع الروائية لانا عبد الرحمن، ليجدوا طريقهم في عملية كتابة الرواية».

«أشرف على الورشات السابقة كتّابٌ كبار مثل يوسف رخا، ومحمد خير، وياسر عبد اللطيف، وأتت هذه الورشات بكتّاب رائعين وجادين إلى المشهد الأدبي المصري، فاز أحدهم بجائزة أدبية مصرية رفيعة المستوى» هي جائزة ساويرس.

كما أن الكتب خان يعقد منتدى شهريًا للكتب، يجمع بين الكتّاب والقرّاء، وبحسب كرم فإن هذه المنتديات «تدفع بالكتب إلى قمة قائمة الأكثر مبيعًا».

ويستضيف الخان حفلات توقيع الكتب، ومناقشات، وعروض لأفلام مستقلة. «الكتب خان هو الشاطئ الآمن لكل الجماعات الثقافية، ونحن نرحب بكل أطياف المشهد الثقافي المصري».

ولكن كون الخان نقطة وصل لا يعني أن تقتصر لقاءاته على الأدب فقط، فبعد أحداث عام 2011 في مصر وفي المنطقة بات الكتب خان هو المكان الذي يذهب إليه الناس ليسمعوا عن حقوقهم الإنسانية والسياسية عبر سلسلة من المحاضرات التي قدّمها نقّادٌ مجتمعيون ومحامون وصحفيون وبرلمانيون ومرشحون للانتخابات البرلمانية.

ومع ذلك فإن تركيز الكتب خان لم يحِدْ عن الكتب، فبحسب كرم «بغض النظر عن الجنسية، إن كانت عربية أو أجنبية، فبالإضافة إلى الكتب العربية، نستورد تشكيلة من الكتب التي تحمل القيم التنويرية للقراء باللغة العربية، وبالأخص للقارئ المصري. نحن ندعم الكتب التي تخدم الأهداف الثقافية:  كتب الفلسفة الحديثة، والنقد الاجتماعي، والعلوم الإنسانية، وعلم النفس، والسياسة، والاقتصاد، والأدب.. يركز الكتب خان على تكوين مجتمع من خلال عقد لقاءات مميزة».

تقول كرم إن «الشعراء لا يضلّون طريقهم إلى الكتب خان، فهنالك يوم خاص كل سنة في فرع دجلة، وهو التاسع والعشرون من أيلول، يجتمع فيه الشعراء من كل العالم تحت عنوان «100 ألف شاعر من أجل التغيير». وفي هذا اليوم يجتمع شعراء مصريون بالجمهور ليستمعوا إلى بعضهم وإلى الشعر الذي يترد صداه على الأشجار والأزهار التي تحيط بالكتب خان».

«وبالإضافة إلى ذلك، يستضيف الخان لقاءات موسيقية، وقراءات للأطفال، وورشات للفنون الجميلة».

ولكن كرم لم تتوقف عند تكوين مجتمع للكتاب، بل أنشأت دار نشرٍ «تميل نحو الكتّاب الشباب وأعمالهم الأولى» كما ترغب الدار في «إطلاق حركة ترجمة جادّة عبر أفضل المترجمين المصريين والعرب».

وفي كل هذا، تؤكد كرم على أن المجتمع الثقافي يفوق الاعتبارات المادية أهميةً، بالرغم من الصعوبات التي يواجهها السوق، فالمجتمع الثقافي هو من يقف في نهاية الأمر إلى جوار المكتبة في أيام الرخاء وأيام الشدة.

تحدثت كرم كذلك عن تحديات النشر وبيع الكتب:

أريد أن أقول أن غياب قاعدة بيانات للتوزيع تحتوي كل المعلومات عن متاجر الكتب وأسعار الكتب في المنطقة، يشكّل صعوبة بالغة لنا ولأي ناشر يريد أن يبيع الكتب في المنطقة. والآن وبعد ظهور الكتب الإلكترونية وتطبيقاتها، وفي ظل السوق المتغير باستمرار على المستويين المحلي والدولي، فإنه يتوجب علينا أن ننظر حولنا وأن نتفكّر في سياسات متاجر الكتب، وسيايات النشر، والرقابة والأثر الذي تشكله هذه الأخيرة على استيراد الكتب، العربية منها والأجنبية. وفي الوقت الذي يمكن فيه تنزيل الكثير عن الإنترنت، فإن بنوكنا لا تسمح باستخدام البطاقات الائتمانية على الإنترنت.. كل هذه الأسئلة تبقى بحاجة لإجابة.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية