إعداد جابر جابر
انطلاقًا من هذا الأسبوع، تبدأ حبر، وعبر زاوية أسبوعية، بعنوان «قرأتلك» بانتقاء عدد من المقالات والتحليلات التي نشرت في الصحافة والمواقع الإلكترونية العربية، في محاولة لتمكين القراء من الاطلاع على عدد من المقالات الجيدة التي تصدر خلال الأسبوع، وقد يكونوا لم يتمكنوا من الاطلاع عليها بسبب الزخم الكبير في الأخبار والتقارير والمقالات التي تصدر بشكل يومي.
زمن ترامب
لا زال موضوع العالم في عهد ترامب يسيطر بشكل كبير على المقالات والتحليلات التي تنشر في الصحافة العربية والعالمية على حد سواء، ولا تكاد تخلو صحيفة عربية، وبشكل يومي، من مقال أو أكثر يتحدث عن شكل العالم المتوقع في عهد ترامب، علاقته بالعالم العربي، والتأثيرات المتوقعة على الدول الإقليمية إيران وتركيا، وموقفه من «إسرائيل». ومن أفضل ما نشر في هذا الموضوع، برأيي، مقال الكاتب المصري فهمي هويدي في صحيفة السفير اللبنانية بعنوان: ما بعد الانتخابات الأميركية: مستقبل غير مشرق للعالم العربي، لأنه ببساطة يطرح السؤال الغريب، حول الحفاوة التي لقيها انتخاب ترامب رئيسًا في العالم العربي. ورغم أن المقال لم يذهب عميقًا في محاولة تفسير احتفاء الأنظمة العربية، وربما قطاعات من الشعوب، بفوز ترامب، إلّا أن ما ختم به يدفع للتفكير في المستقبل البديع الذي ينتظرنا: إن قوة المجتمع الأميركي بمؤسساته الراسخة ومنظومة قيمه السائدة تؤمّنه بصورة نسبية وتضمن له التوازن وتحول دون تصدعه برغم انقسامه. أما مشكلتنا في العالم العربي فهي أكبر وأكثر استعصاء، لأن مجتمعاتنا من الهشاشة والوهن بما يجعلها قابلة للتشرذم والانفراط عند أول هزة تتعرض لها ــ يا خفي الألطاف نجّنا مما نخاف.
مصر وصندوق النقد
وبعيدًا عن ترامب، قريبًا منّا، حظي القرض الذي حصلت عليه مصر من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار، بنصيب لا بأس به من المقالات والتحليلات. وقبل فترة من الآن، كنا في حبر قد قابلنا الصحفي الاقتصادي، رئيس تحرير مدى مصر، وائل جمال، وسألناه حول القرض وتأثيره على الاقتصاد المصري، وقد كان من جملة ما قاله: «سيكون هناك أثر مدمر لهذا القرار على حياة ملايين الناس الذين هم تحت خط الفقر، وقد يضيف إليهم ملايين إضافية من المصريين». ومن بين أفضل المقالات والتحليلات التي نشرت هذا الأسبوع، ما كتبته وعد أحمد في مدى مصر، وحمل العرض عنوان: الذين سبقوا مصر إلى «الصندوق»: دروس من آسيا وأمريكا اللاتينية، وفيه تستعرض وعد أحمد تجارب عدد من الدول التي اقترضت من الصندوق من بينها أندونيسيا والبرازيل والأرجنتين، ورغم أن هذا العرض ربما يكون صعبًا بعض الشيء للبعيدين عن الاقتصاد ومصطلحاته، إلّا أن تعدّد المصادر التي لجأت إليها معدّته، واستشرافه لنتائج القرض ولو بشكل غير مباشر يجعله مميزًا ومختلفًا عما نشرته الصحف والمواقع الإلكترونية الأخرى. ومما ورد في التحليل حول تأثير قرض صندوق النقد الدولي لإندونيسيا على الشعب أقتبس: «تشير بيانات وزارة التخطيط الإندونيسية المنشورة على موقع البنك الدولي، أن عدد الفقراء قد ارتفع إلى 49.5 مليون فرد عام 1998 مقارنة بـ 34.5 مليون فرد في العام السابق له، أي تم إفقار 15 مليون إنسان في سنة واحدة».
ومواصلة للحديث حول الاقتصاد المصري، كتب محمد شيرين الهواري في موقع المنصة مقالًا بعنوان: أوهام النمو.. والبحث عن العدالة الاجتماعية الضائعة تحدّث فيه عن نسب النمو المتفائلة التي تصدر عن صندوق النقد الدولي حول الأوضاع في مصر. ويرى كاتب المقال أن: نسبة النمو لا تعبر في الحقيقة بالضرورة عن الرخاء الاقتصادي للدولة، لأن مثل هذا النمو يعني في الأساس زيادة حجم اقتصاد الدولة ككل، ولا ينعكس شرطًا على رواتب العمالة، ولا على جودة البضائع. وهو من ثم؛ ربما يقلل من معدلات البطالة في فترة ما، ولكن دون تحسين مستوى معيشة المواطنين.
منع في الأردن
وعن الكتب، أجرى موقع جدلية حوارًا لطيفًا مع الناقد الأدبي المصري سيد عبد الله السيسي للحديث حول كتابه «ما بعد قصيدة النثر»، ورغم أن الحوار كان لطيفًا، ودفعني للبحث عن الكتاب بنيّة قرائته، إلّا أن أول ما استفزني خلال اطلاعي على الحوار هو أن الكتاب قد منع من دخول الأردن. وعن هذا يقول الكاتب: «كانت مفاجأة غريبة وغير مفهومة بالنسبة لي عندما أخبرني الناشر وصاحب المؤسسة العربية للدراسات والنشر الأستاذ ماهر الكيالي أن الكتاب قد تحفظت عليه الرقابة في الأردن. كنت حينها أتواصل معه لنرتب لاستلامي نسخ الكتاب عندما يحضر لمؤتمر ميسا في بوسطن. وكانت المفاجأة مضاعفة لعدة أسباب، أولا لأن سبب المنع كما أخبرني الناشر هو احتواء الكتاب على «مقاطع جنسية». هذا كتاب في نقد الشعر، فكيف يمكن أن توجه له تهمة من هذا النوع؟! وفجأة وجدت نفسي أراجع في ذاكرتي كل ما كتبته في الكتاب ويمكن أن يؤخذ على أنه «مقاطع جنسية» لأخمّن أنهم اعتبروا بعض القصائد التي وردت في الكتاب لشعراء كبار مثل الماغوط ووديع سعادة وأمجد ناصر وعماد أبو صالح وأسامة الدناصوري وحلمي سالم وسنية صالح وغيرهم «كتابة جنسية». وكان هذا في حد ذاته كفيلًا بإحساس بالدهشة والإحباط معًا».
عبودية مختارة
وبعد هذه الجرعة من التفاؤل، أختم بمقال مكتوب ببراعة للفضل شلّق في السفير اللبنانية بعنوان: كيف تصير عبدًا طوعيًا لمستغلّيك؟ وإن كانت المقالات أعلاه تتحدث عن المستقبل المشرق الذي تنتظره منطقتنا والعالم، فإن هذا المقال يتحدث عن اليوم، عن المأساة التي نعيشها، برأيه، من دون أن ننتبه لها بشكل كاف. وميزة هذا المقال هي في أنه مكتوب بلغة جميلة، وبجمل قصيرة، وبنتائج حادّة ومباشرة لا يستسيغها البعض، لكن هذه اللغة الحادة، تستحق أن يُفكر بها، وربما يتطلّبها الموضوع الذي يكتب فيه الفضل شلّق، وهو مأساة الإنسان المعاصر.
«أنت في البلدان المتأخرة تنتج لا كي تستهلك. أنت تنتج للتصدير. مع انتهاء مهمة بلدك، تصبح أنت عرضة للتصدير. يكثر المهاجرون. يموتون في عرض البحر. هي فقط مشكلة إنسانية للبلدان الراقية التي لا ترى فيك إلا جانبك المهاجر والتهديد الذي يمكن أن تشكله للقوى العاملة فيها».