معرض عمان للكتاب: مكان أقرب وتكاليف أعلى

تصوير مؤمن ملكاوي.

معرض عمان للكتاب: مكان أقرب وتكاليف أعلى

الأحد 04 أيلول 2022

افتتح في الأول من أيلول الجاري معرض عمّان الدولي للكتاب بنسخته الحادية والعشرين، بمكانه الجديد في المركز الأردني للمعارض الدوليّة، بعد أن ظلّ المعرض يُقام لسنوات في أرض معرض عمّان الدولي للسيّارات في شارع المطار.

بحسب جبر أبو فارس، مدير المعرض ورئيس اتحاد الناشرين الأردنيين، فقد انتهى عقد استئجار أرض المعرض ولم يرغب مالكها بالتجديد لهذا العام، ما اضطرّ إدارة المعرض إلى البحث لأشهر عن مكان مناسب لإقامة المعرض الذي يحتاج إلى مكان واسع وتجهيزات خاصّة.

اختار القائمون على المعرض هذا الموقع لاحتوائه على قاعة ندوات وصالات عرض واسعة، بالإضافة إلى سهولة الوصول إليه، كما يقول أبو فارس. وثمة ارتياح من الموقع الجديد أبداه من قابلناهم من مرتادي المعرض والناشرين المشاركين فيه. يقول صاحب دار نشر ألوان المصرية عمرو عبد التوّاب، إن هذا الموقع يستقطب شريحتين؛ الأولى ممن يبحثون عن الكتاب يرتادون معارض الكتب بشكل دائم، والثانية من المتسوقين الذين لا يقصدون ارتياد المعرض عادةً، بخلاف موقع المعرض السابق الذي لبعدهِ عن المدينة ومرافقها استقطب فقط المهتمين بالكتاب.

لكن، اشتكى مرتادون وناشرون من عدم تنسيق مواقع أجنحة دور النشر بشكل يسمح بالوصول إليها بسهولة. بالإضافة إلى ذلك، يظهر التجوّل داخل المعرض أن الأجنحة موزعة بشكل عشوائي لا يسمح بحفظ أماكنها.

يقول أبو فارس إنّ كثرة الأعمدة المنتشرة في أرض المعرض وقفت عائقًا أمام توزيع الأجنحة بشكل مناسب في البداية، لذا استعانوا بأكثر من مهندس معماري لتوزيع خارطة المعرض وتجاوز هذا العائق.

ويقترح أحد زوار المعرض تزويد المرتادين بخريطة للمعرض توضّح أماكن أجنحة دور نشر وكيفية التنقل بينها لتجاوز هذا الأمر مستقبلًا.

فصَلت إدارة المعرض في هذه الدورة أجنحة دور النشر المختصّة ببيع كتب الأطفال عن بقية أجنحة المعرض، وخصصت لها الطابق الثاني، وفي حين يعتبر أبو فارس ذلك ميزةً تعكس اهتمامًا بالطفل وتمنحه الخصوصية، يعتبر عبد التواب هذا التوزيع مربكًا للزوّار، ومن شواهد ذلك أنه أثناء الحديث مع عبد التوّاب في الطابق الثاني مرّت امرأةٌ وسألت عن سبب عدم وجود كتب للكبار قبل أن يخبرها عبد التوّاب أن هذا الطابق مخصص لكتب الأطفال فقط ويرشدها إلى الطابق الأول حيث بقية الأجنحة.

ترجمات عن اللغة الأم ومنشورات مدعومة

برزت بشكل واضح في المعرض منشورات دور النشر التي تختصّ بالترجمة عن اللغة الصينية بعناوين أغلفتها باللغتين العربيّة والصينية.

وقد ارتفع عدد هذه الدور من داريْن شاركت في الدورة الماضية إلى أربعة في هذه الدورة، لتشمل إضافة إلى مشاركات دار جامعة بكين لإعداد المعلمين الأردنية الصينية، وبيت الحكمة الصينية المصرية، مشاركة دار المعارف الشرقيّة التونسيّة، ومركز البحوث والتواصل المعرفي السعوديّ الذي يشارك بعد انقطاع لدورتين.

أضافت دار جامعة بكين عناوين جديدة إلى عناوينها السابقة في الآداب الكلاسيكية الصينية، مثل كتاب «الحزام والطريق» و«الأدب العربي في عيون الخبراء الصينيين». ورفعت دار الحكمة المصرية من عدد روايات الناشئة المترجمة من الصينية، والتي كانت شاركت بها الدورة الماضية، لتصل إلى نحو 30 روايةً هذه الدورة، بالإضافة إلى كتبٍ أخرى في السياسة وعادات المجتمع الصيني. فيما جاءت دار المعارف الشرقيّة بترجمات جديدة في تاريخ وأدب الصين.

تنوّعت منشورات مركز البحوث والتواصل المعرفي في حقول الجغرافيا والاقتصاد مثل «جغرافية الصين» و«التقرير السنوي 2020 تطور العلاقات الاقتصادية التجارية بين الصين والدول العربية»، إضافة إلى كتب تناولت شخصيات صينية مثل كتاب «محمد مكين: علّامة اللغة العربية الصيني». ويعتبر عبد العزيز الزبن، المسؤول عن جناح المركز، هذه الترجمات جزءًا من مشروع متكامل للترجمة من الصينية إلى العربية وبالعكس في محاولةٍ لردم الهوّة بين الثقافتين.

في جناحٍ آخر، أضاف مركز دراسات الوحدة العربية اللبناني نحو 20 كتابًا حديث الصدور إلى منشوراته السابقة، منها طبعات جديدة لعناوين قديمة في حقول الفلسفة والسياسة والتاريخ والإعلام، مثل كتاب «أحاديث ومراسلات عجاج نويهض: الحركة العربية 1905-1933»، وكتاب «ابن خلدون: سيرة فكريّة» لروبرت إرون الذي ترجمه عبدالله مجير العمري.

ويلاحظ اهتمام دار سطور العراقية هذه الدورة بتقديم ترجمات في الأنثروبولوجيا والتاريخ والفلسفة والنقد منها كتاب أرين برجمان «العيش في الشوارع: أنثروبولوجيا التشرد»، وكتاب ألكس بنتلاند «الفيزياء الاجتماعية».

وقد بدى لافتًا في المعرض وجود سلاسل الكتب المدعومة من الحكومات مثل سلسلة «مصريّات» التي تتناول التاريخ المصري، والموجودة في جناح الهيئة المصرية العامة للكتاب التابعة لوزارة الثقافة المصرية. وقد خفّضت الهيئة أسعار كتب سلسلة الروايات المترجمة ضمن سلسلة الجوائز بنسب تصل أحيانًا إلى 50% بسبب شكاوى مشترين من ارتفاع أسعارها في الدورة الماضية، كما يقول مسؤول الجناح حسن إسماعيل.

وشارك جناح الكويت -ضيف شرف المعرض- بسلسلة منشورات جديدة عرضتها مؤسسة الكويت للتقدم العلمي بعنوان «سلسلة العلوم للكبار والصغار» التي تقدّم العلوم للصغار بشكل مبسّط، إضافةً إلى سلاسل مجلتَي العربي والعربي الصغير، وكتب عالم المعرفة التي سبق  للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الكويتي المشاركة بها في دورات سابقة.

أسعار مرتفعة وتكاليف باهظة

تأتي دورة هذا العام وسط ارتفاع تكاليف إنتاج الكتاب على الناشرين بما في ذلك سعر الورق والأحبار والطباعة، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الشحن عقب جائحة كورونا، وتضاعفها بعد الحرب الروسية الأوكرانية، كما يقول ناشرون أردنيون وعرب.

تحمّلت بعض دور النشر جزءًا من هذه التكاليف الإضافيّة، وحمّلت جزءًا منها على القارئ برفع أسعار الكتب، مثلما فعلت دار سطور العراقية كما يقول مسؤول جناحها بلال ستّار، ودار الآداب اللبنانية كما تقول صاحبتها رائدة إدريس. وقد لمس بعض زوار المعرض هذا الارتفاع في الأسعار، فيما رأى بعضهم أن الأسعار ظلّت مثلما هي في الدورات السابقة.

لا يتمتّع معرض عمان الدولي للكتاب بنفس القوة الشرائيّة لمعارض عربيّة أخرى مثل معارض الدوحة والشارقة وأبو ظبي والرياض، لذا تعدّ المشاركة فيه مغامرةً ماليةً بحسب ناشرين أردنيين وعرب، حيث يتحمّل الناشر الذي يشارك في المعرض تكاليف شحن الكتب وتذاكر السفر إلى الأردن والإقامة فيه، بالإضافة إلى استئجار مساحة عرض الكتب في المعرض بتكلفة تتراوح بين 120-150 دولار لكل متر مربع، فيما يوفر المعرض أجنحة بمساحاتٍ متنوعة بين 12 إلى 36 مترًا مربعًا.

لكن، في كل الأحوال، تشارك بعض دور النشر في معارض الكتاب التي لا تتمتّع بقوّة شرائيّة تغطي تكاليفها من أجل الترويج لمنشوراتها في الدولة التي يقام فيها المعرض، وهو ما فعلته دار المعارف الشرقية التونسية حديثة التأسيس، أو من أجل الحفاظ على جمهورها كما فعلت دار الآداب التي شاركت في هذه الدورة بعد انقطاع من المشاركة المباشرة لدورتين متتاليتين.

من جانب آخر، تشارك بعض دور النشر بسبب تلقيها دعمًا حكوميًا من بلادها يغطي جزءًا من التكاليف، مثل دور النشر المغربيّة التي تحصل على 50-60% من التكلفة، كما يقول أحمد السائغ، نائب رئيس اتحاد الناشرين المغاربة ومدير عام دار أمان.

كما تشارك بعض الدور أملًا منها في بيع كميات كبيرة من منشوراتها للمكتبات العامّة والجامعات وبعض التجّار في الدولة المقام على أرضها المعرض كما يقول جهاد أبو حشيش، صاحب دار فضاءات للنشر والتوزيع الأردنية. مضيفًا أن المعارض التي لا يعرَّض الناشر فيها للخسارة هي تلك المقامة في دول الخليج نظرًا للقدرة الشرائية العالية فيها، إضافة للدعم الذي يتلقاه الناشر من الدولة المنظمة إما على شكل جوائز، أو إعفاءات للمشاركين من تكاليف المساحات المستأجرة.

في المقابل، تعزف بعض دور النشر عن المشاركة في بعض المعارض تجنبًا لهذه التكاليف وتوكّل دار نشرٍ أخرى بعرض منشوراتها، أو تمتنع عن المشاركة تمامًا بعد تجارب لها في سنوات سابقة حيث لم تغطّ مبيعاتها تكاليفها. كما تقوم بالمشاركة عبر التوكيل دور النشر الصغيرة التي لا تحقق شروط المنظم من ناحية عدد إصداراتها، أو أن تكون الدار على اللائحة السوداء لاتحاد الناشرين العرب لخرقها قانون الملكية الفكرية، كما يقول أبو فارس.

في هذه الدورة، تقدّمت نحو ألف دار نشر بطلب مشاركة في المعرض، اختار القائمون على المعرض 400 دار نشر، منها 70 دارًا شاركت عن طريق توكيل دور نشر أخرى لعرض منشوراتها.

مع منتصف اليوم الرابع للمعرض كانت مبيعات بعض دور النشر الأردنية والعربية أقل من مبيعات الدورة الماضية لنفس الفترة. ويرجع بعض الناشرين السبب في ذلك إلى تغيير المكان وسوء تنظيم الأجنحة التي أربكت تنقل الزوّار بينها. فيما يرى آخرون أن الوضع الاقتصادي الصعب على الناشرين هو نفسه الذي يعاني المشترون منه.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية