«كاميرا حبر»: من أجل استدامة عملنا الصحفي

الأربعاء 24 أيار 2023
قمح
الصورة لمحمد زكريا

يصادف هذا الشهر ستّة عشر عامًا على انطلاق موقع حبر عام 2007. بدأنا كمدوّنة أو منصّة لما كان يسمّى آنذاك «إعلام المواطن»، وتحوّلنا في 2012 إلى مجلة صحفية احترافية تسعى لتقديم إنتاج معمّق وجذّاب ونقدي، يشتبك مع قصص وموضوعات متنوعة ويسعى لالتقاط التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي مرّت وما زالت تمر بها منطقتنا والعالم.  

أحببنا هذا العام أن نحتفل بهذه الذكرى مع جمهورنا، بشكل نلتقط من خلاله جانبًا من رحلة حبر من خلال القصص والتغطيات التي نشرناها في هذه السنوات، وبشكل يسمح لنا كذلك بتطوير مصادر جديدة للدخل يكون الجمهور جزءًا منها، من أجل تعزيز استدامة حبر. من هنا جاءت فكرة معرض «كاميرا حبر: عشر سنوات من القصص المصوّرة»، الذي افتتح بداية شهر أيّار ويستمر حتى نهايته في مؤسسة محمد وماهره أبو غزالة في جبل عمّان.

اخترنا ستين صورة من بين عدد هائل من الصور التي يضمّها أرشيف حبر، التقطها مصورون ومصورات من الأردن وفلسطين ومصر، وكانت جزءًا من قصص وتقارير نشرناها منذ عام 2012، سعينا من خلالها للتعرف على التحولات التي يشهدها عالمنا، ولتسليط الضوء على مجتمعات مهمّشة أو غائبة عن تغطية الإعلام السائد في الأردن؛ من العقبة التي يشعر صيادوها أنهم باتوا محاصرين في أرزاقهم، إلى قرى الكرك حيث تزداد صعوبة الاعتماد على رعي الأغنام ومنتجاتها كمصدر رزق، ومن صحراء الرويشد حيث تعمل عائلات بكامل أفرادها في حراسة أبراج الاتصالات برواتب متدنية وساعات عمل لا نهائية، إلى مخيّم البقعة حيث تحتل رياضة الملاكمة مكانة متقدّمة رغم محدودية الموارد.

الصحافة القصصية، والسرد القصصي البصري، من الأشكال التي تحتل مكانًا أساسيًا في إنتاج حبر. إذ تتيح القصص الفردية أحيانًا نافذة لفهم السياقات والتحولات الاقتصادية والاجتماعية، نحاول من خلالها أن نربط الخاص بالعام دون أن نقع في فخ التعميم. وأحيانًا أخرى، نحتاج لتناول القضايا بشكل مختلف، من خلال ملفّات بحثية وتحليلية موسّعة، مثل معالجتنا لسؤال تراجع زراعة القمح في الأردن عبر خمسة عقود، أو مساءلة أسباب أزمة المياه المتفاقمة في الأردن. لكن سواء لجأنا إلى الشكل القصصي أو التقريري البحثي، نحاول دائمًا التفكير بالصورة، بإمكاناتها ومحدوديتها، وبقدرتها على التوثيق بشكل أكثر تجردًا من النص المكتوب.

شكّل التصوير الفوتوغرافي كذلك جانبًا أساسيًا من تفاعل حبر مع الأحداث السياسية الفارقة التي مرّ بها الشارع الأردني منذ عام 2012، وهو ما اخترنا لمحات منه لمشاركتها في المعرض، من هبّة تشرين، إلى احتجاجات قانون الضريبة، ومسيرات المتعطلين، وحراك المعلّمين، والحملة الوطنية لاستعادة الباقورة والغمر، وغيرها. 

في سنوات عملنا في حبر، شهدنا تزايد التضييق على الفضاء العام والعمل السياسي والصحفي في الأردن، وكان هناك لحظات تساءلنا فيها حول جدوى وإمكانية الاستمرار، لكن التجربة علّمتنا أن إنتاج المعرفة عملية تراكمية تحتاج نفسًا طويلًا، وأن بإمكاننا – ومن واجبنا – أن نخلق مساحات للعمل الصحفي وألا نستسلم، بل نحاول بشتّى الطرق أن نشتبك مع القصص والقضايا التي تمس حياة الناس وواقعهم. 

هذا الشكل من العمل الصحفي – المعمّق والمتأني – الذي نسعى للحفاظ عليه يتطلّب الكثير من المجهود والموارد، والتحديات التي تواجهه ليست سياسية فقط، وإنما ترتبط بالقدرة على خلق نموذج مستدام. في حبر، شكلت المنح والمشاريع من مؤسسات دولية مصدر الدخل الأساسي للمؤسسة طيلة السنوات الماضية، إلى جانب جزء بسيط من الدخل من خدمات التحرير والترجمة والتدريب والبحث والاستشارات الإعلامية. ونحن ندرك أنه لا يمكننا مواصلة الاعتماد بشكل أساسي على هذا الدخل، وأن علينا خلق مصادر دخل محلية من أجل ضمان البناء المؤسسي الذي يتيح استمرارية الصحافة التي نؤمن بها. 

معرض «كاميرا حبر» هو جزء من تجاربنا في هذا المجال، ولهذا فالصور المعروضة متاحة للشراء، بكميات محدودة. بإمكانكم شراؤها مباشرة من المعرض، حتى نهاية أيّار، ويمكنكم كذلك الاطّلاع عليها وطلبها من خارج الأردن، من خلال هذا الكتالوج، مع الإشارة إلى أن الشحن خارج الأردن غير متاح حاليًا (لكن يمكن التنسيق لاستلام الصور في أي وقت لاحق خلال العام). إذا كان لديكم أيّة استفسارات، بإمكانكم مراسلتنا عبر البريد الإلكتروني [email protected].

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية