نظّمت دارة الفنون في عمّان الشهر الماضي فعالية جديدة ضمن «استديوهات مفتوحة» بعنوان «العربي 73/67» ضمن برنامج «مشاريع المختبر 2023». يأتي هذه الاستديو امتدادًا لورشة عمل نظّمتها الباحثة هبة مسعد مع مجموعة من المشاركات والمشاركين مطلع العام الحالي، للبحث في أرشيف مجلّة «العربي» عن «مقالات تتعمّق في معاني الوطن والانتماء»، في الفترة ما بين عامي 1967-1973. كما عقبت الورشة عدّة جلسات قراءة جماعيّة، نُظّمت على مدار ثلاثة أسابيع خلال شهر شباط الماضي، لمشاركة نِتاج الورشة، ومناقشة أفكار المقالات التي جرى انتقاؤها من أرشيف المجلّة.
مجلّة «العربي» هي مجلّة كويتيّة شهريّة ثقافيّة، تصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. تأسّست عام 1958، وما زالت تصدر دوريًا منذ ذلك الحين، كما تصدر عنها مجلّة «العربي الصغير» الموجّهة للفتيان والفتيات في الوطن العربي.
حاورت حبر الباحثة هبة مسعد للتعرّف أكثر على تفاصيل ورشة العمل وجلسات القراءة الجماعية، وما تعكسه عملية البحث في أرشيف مجلّة «العربي» حول طبيعة تلك المرحلة تحديدًا، وتغيّر عالم النشر في المنطقة العربية منذ ذلك الحين.
درست مسعد الفنون البصريّة في الجامعة الأردنية، وتخصّصت في فنّ الطباعة، كما حصلت مؤخرًا على درجة الماجستير من جامعة «فونتيز» في هولندا، حيث ركّز بحثها على أداء الفضاء العام والقراءات الجماعيّة. نظّمت مسعد العديد من ورشات العمل والأنشطة الفنّية في دارة الفنون خلال السنوات الماضية، كما أنشأت مبادرة محليّة تُعنى بالقراءة الجماعيّة في المساحات العامة الأردنيّة، وهي حاليًا مُحاضرة في الجامعة الأردنية.
من استوديو «العربي 73/67» في دارة الفنون. تصوير مؤمن ملكاوي.
برزت العديد من المجلّات العربية إلى الواجهة الثقافية في النصف الثاني من القرن العشرين، وقد تأثّر بعضها بتيّارات فكرية وسياسيّة مختلفة، كالقومية العربيّة والشيوعيّة والحركات العالميّة المُناهِضة للإمبرياليّة والاستعمار، فصدرت على سبيل المثال مجلّات مثل «الآداب»، و«الطليعة المصرية»، و«المعرفة» السوريّة، و«الثقافة الجديدة» العراقية، و«شؤون فلسطينية»، وغيرها، في حين انشغلت مجلّات أخرى بتوجّهات «حداثيّة» في الفنّ والأدب بمعزل عن السياسة، مثل مجلتيْ «حوار»، و«شعر».[1] ما سبب التفاتكِ إلى مجلّة «العربي» تحديدًا، ولماذا اخترتِ التركيز على أرشيف المجلّة بين عاميْ 1967 و1973؟
يعود اختياري لمجلة «العربي» لأسباب عديدة أهمّها؛ امتلاك جدي العزيز-رحمه الله- أرشيف المجلة كاملًا منذ خمسينيات القرن الماضي، ورغبتي في استخدام هذا الإرث، خصوصًا أنّني سمعت الكثير من القصص في العائلة عن حبّ جدّي وجدّتي الكبير لهذه المجلّة، وعن نشأة أمي وإخوتها وأخواتها على قراءتها. أسباب أخرى جعلتني أختار مجلّة «العربي» تتمثل في أهمّيتها التاريخيّة والثقافيّة في الوطن العربي، ونشأة جيل الستينيات والسبعينيات على قراءتها، بالإضافة إلى الجرأة التي تتمتّع بها في طرح المواضيع.
من خلال البحث في أرشيف المجلة، طمحت إلى رؤية مدى تأثير الأحداث السياسية والحروب التي عانت منها المنطقة العربية في تلك السنوات الماضية على النصوص في المجلّة، وما تعكسه حول مفاهيم البيت والانتماء، كجزء من البحث الذي أقوم به؛ وهو «القراءة كعمل جماعي».
استهدفت مجلّة «العربي» جمهورًا بعينه خلال السنوات التي جرى التركيز عليها. كيف تُغيّر عملية البحث في الأرشيف وإعادة تدوير بعض مقالات المجلّة ومعالجتها بأسلوب جماعي، من نوعية الجمهور المُستهدَف في الوقت الحالي؟
أعتقد أنّ تسليط الضوء على نصوص كُتبت في مجلّة «العربي» خلال سنوات مضطربة سياسيًا على نطاق الوطن العربي، ودعوة الجمهور العامّ لقراءتها من جديد، أو قراءتها لأول مرّة على الإطلاق، سيغيّر بالتأكيد من نوعيّة جمهور المجلة في الوقت الحالي، كما سيعيد جمهور المجلّة القديم من جديد عن طريق تقديم هذا الفضاء للاطّلاع على الأرشيف.
من خلال تنظيم ورشة العمل وجلسات القراءة الجماعية، استطعنا استقطاب الفئتين من الجمهور، ومع أن الغالبية العظمى كانت من الجيل الجديد الذي لم ينشأ بالفعل على قراءة مجلّة «العربي»، فقد كان اطّلاع المشاركين على الأرشيف عمليةً في غاية المتعة. كما كانت نتيجة عرض النصوص المُختارة من الورشة في جلسات القراءة الجماعية، والخوض بنقاشات غنيّة جدًا، بمثابة البوابة التي فتحت عيون الجيل الجديد على أهمية مجلّة «العربي».
من استوديو «العربي 73/67» في دارة الفنون. تصوير مؤمن ملكاوي.
تعتقد الباحثة الأكاديميّة اللبنانيّة المتخصّصة في التصميم الجرافيكي والسياسات البصريّة والثقافيّة زينة معاصري أنّ وفرة المطبوعات بكثرة، لا سيّما بعد منتصف القرن العشرين، أكسبها طابعًا بالكاد يكون مرئيًًا، إذ إنّ التآلف معها والاعتياد على رؤيتها يجعلها تغيب عن «العين غير الفضولة»، إلا أنّ «القدرة على إبصارها يمنحها قوة». ألا تلاحظين أنّ معظم الأبحاث في أرشيف المجلّات تركّز على المحتوى المكتوب فحسب، وذلك من خلال الاقتطاع والاقتباس منه حسب الثيمة؟ في حين أنّ هناك العديد من العناصر البصريّة الجماليّة الموحّدة التي تسترعي الدراسة عند البحث في الأرشيف، مثل الطباعة والتصميم والخطوط ونوعية الورق وشكل الصفحات والأبواب وتوظيف الصور، وغيرها من العناصر المحاذية التي تعكس عدّة جوانب اقتصادية وسياسية في المنطقة العربية آنذاك. هل تطرّقتم إلى بعض هذه العناصر البصريّة ومدى تأثيرها على تلقّي المحتوى؟
أؤيدك في هذا، بالتأكيد مجلّة «العربي» غنيّة بالعناصر البصرية الجميلة التي تعكس فترةً زمنية أصبحت منسيّة في الوقت الحالي. كان من الجميل جدًا العودة والاطلاع على هذه العناصر البصرية مع المشاركين، فمن المستحيل غضّ النظر عنها، رغم أن الهدف من الورشة كان الاطّلاع على النصوص بشكل رئيسي، واختيار بعضها لجلسات القراءات الجماعيّة. أذكر أنّنا لاحظنا التناقض في المجلّة ما بين كلمة المحرر التي تعكس الأحداث المؤلمة في تلك الفترة وبين صور الدعايات التي تملأ صفحات المجلة، ولقد خضت مع المشاركين في الورشة العديد من النقاشات حول ذلك. أمّا بالنسبة لجلسات القراءة، فقد ارتكزت بشكل رئيسي على النصوص، ولكنّ قراءة الصور في المجلة كانت جزءًا من عملية القراءة في إحدى الجلسات التي عرضت بعضًا من هذه المفاهيم للمشاركين، ومكّنتهم من الخوض في نقاش يربط بين النصّ المقروء والصور.
أحد أهمّ تلك العناصر البصرية التي تسترعي الدراسة على سبيل المثال هي أغلفة المجلّات. تكثر صور النساء على أغلفة مجلة «العربي»، فما دلالة ذلك في الوقت الذي نجد فيه مساهمة الأصوات النسائية بالكتابة في صفحات المجلّة محدودة؟
بالفعل، خلال ورشة العمل لاحظنا صور النساء على أغلفة المجلات في بداياتها، وأحيانًا كانت مرتبطة بمقالات داخل العدد لإبراز دور النساء في المشاركة الفعّالة في تنمية المجتمع. في أحد الأعداد، تطرّق أحد المقالات إلى النساء في الجامعة الأردنية، وكان العدد نفسه يحمل صورة لطالبة جامعيّة على الغلاف. في السنوات التي تلت ذلك، وتحديدًا في بداية السبعينيات، نلاحظ أن أغلفة مجلّات «العربي» اختلفت، إذ أصبحت تحمل عناصر بصريّة مختلفة، سواء صور لأشخاص أو لمناظر طبيعية، أو غيرها.
لفت انتباهنا استخدام تعبير «الاستديوهات المفتوحة»، كما لاحظنا أنّ استديو «العربي 73/67» يُحافظ على التوازن بين العناصر المكتوبة والمرئية والمسموعة، من حيث الإبقاء على قالب المقالات العمودي كما يظهر في صفحات مجلّة «العربي»، مع إمكانية الاستماع إليها، بالإضافة إلى وجود جدارية «كولاج» تجمع بين الصور والاقتباسات، بشكل يقارب صفحات المجلّة. كيف يؤثّر الفضاء المفتوح على تجربة القراءة وفهم المعنى؟
بالنسبة لتعبير «الاستديوهات المفتوحة»، فقد ارتأت دارة الفنون استخدامه نظرًا لأنّ عناصر الفضاء غير مكتملة بعد، فهي نتيجة بحث ما زال مستمّرًا، وينتج عنه المزيد من المخرجات، لذلك لم يكن مناسبًا أن يُطلق عليه اسم «معرض». وبالنسبة لي، فهو مساحة تفاعلية وفضاء عام للتشارك الاجتماعي أيضًا، عن طريق الاطّلاع على كل العناصر الموجودة في الغرفة، وإعطاء المتلقّي المساحة الكافية للبحث في الأرشيف إن أراد، أو لتجربة القراءة الجماعيّة للنصوص والتفاعل معها بشكل جماعي أو فردي. وممّا لا شكّ فيه أنّ الفضاء العام يؤثّر على تجربة القراءة وفهم المعنى، وذلك عن طريق إعطاء الأفراد المساحة الآمنة للتحدث عن أفكارهم علنًا ومشاركتها مع الآخرين، وبالتالي قد يختلف معنى النصّ والمواضيع المطروحة لدى مشاركتها بشكل جماعي.
من استوديو «العربي 73/67» في دارة الفنون. تصوير مؤمن ملكاوي.
يأتي مشروع البحث في أرشيف «العربي» امتدادًا لجلسات أخرى بدأتِ تنظيمها لتفعيل دور القراءة في المجتمع المحلّي، هل لكِ أن تشرحي لنا خطوات هذه القراءة الجماعيّة من خلال تفاعل المشاركات والمشاركين؟
من خلال برنامج «مشاريع في المختبر» الذي تدعم دارةُ الفنون المشاريعَ الفنيّة المختلفة من خلاله، أردت العمل على نقطة تحوّل في البحث، ابتداءً من اختيار نصوص غير أدبيّة؛ واختيارها من الأرشيفات، فوقع اختياري على أرشيف مجلّة «العربي» للأسباب التي ذكرتها سابقًا.
أمّا عن الخطوات التي جرى اتباعها لتنفيذ المشروع، فقد نظّمنا ورشة العمل التي كان هدفها الرئيسي إشراك الأشخاص المهتمين في عملية البحث في أرشيف المجلّة، واختيار النصوص لجلسات القراءات الجماعية، وتدريبهم على تيسير مثل هذه الجلسات، بالإضافة للتعرّف على أهمية الفنّ التشاركي في المجتمع.
استهدفت جلسات القراءات الجماعية بعد ذلك أفرادًا آخرين من المجتمع، بينما قام المشاركون في الورشة الأوليّة باختيار مواد القراءة والمواضيع التي سيتم طرحها في كل جلسة بشكل كامل، وأشرفوا على تيسير الجلسات التي تمحورت حول المواضيع التالية: تطوّر المدن وتأثيره على انتمائنا؛ الهجرة والترك والانتماء؛ «عزيزي القارئ»، حوار ما بين الماضي والحاضر.
جاءت الخطوة الأخيرة من المشروع من خلال «الاستوديوهات المفتوحة» التي نُظّمت من أجل العامّة، وذلك للاطّلاع على الأرشيف المادي لمجلة «العربي» الخاص بجدّي، بالإضافة إلى مخرجات ورشة العمل وجلسات القراءة، فكانت هذه الخطوة بمثابة محاولة لفتح الفضاء للتشارك الاجتماعي، مع فصله عن ميسّر الجلسة، ممّا يمكّن المتلقي من عمل خطوات القراءة بنفسه.
وكيف عملتم على توجيه زائرات وزائري «الاستديوهات المفتوحة» نحو تطبيق خطوات القراءة بأنفسهم؟
لقد أرفقنا خطوات القراءة وإرشادات التعامل مع الفضاء العام على الجدار في مساحة الغرفة؛ وذلك من خلال أربع خطوات اتّبعناها في جلسات القراءة الجماعية كذلك: أولًا، نبدأ بتمارين اليقظة الذهنية، ثمّ ننتقل منها لقراءة النصوص بطرق مختلفة، وبعد ذلك يبدأ النقاش في موضوع الجلسة التي تطرحه النصوص. وأخيرًا، تنتهي جلسة القراءة بالانطباعات الشخصيّة للأفراد عن طريق الرسم أو الكتابة.
من استوديو «العربي 73/67» في دارة الفنون. تصوير مؤمن ملكاوي.
في إحدى جلسات القراءة الجماعية التي تلت الورشة، تناقشتم في مقتطفات من افتتاحيات مجلّة «العربي» خلال السنوات الماضية، ومدى قدرة هذه المنابر على التعبير بحريّة وموضوعية في مجتمعاتنا العربية. كيف تغيّرت حرية التعبير في عالم النشر اليوم، بحسب آراء المشاركات والمشاركين؟
صحيح، لقد أحبّ المشاركون في الجلسة الثالثة التطرّق بشكل خاص إلى كلمة المحرر في بداية كل عدد، والتي تبدأ دائمًا بعبارة «عزيزي القارئ». ما لاحظه المشاركون هو الجرأة في طرح المواضيع بالفعل، وهنالك حرية في التعبير إلى حدّ ما. ورغم ذلك، ذكرت بعض أعداد المجلّة وجود العديد من أنماط الرقابة، وبناءً عليها سيتمّ الكفّ عن تناول القضايا العربية، حيث كانت الأجواء في تلك الفترة غير مهيّأة للقول الحرّ الصريح. ومن خلال مشاركتي في هذه الجلسة، تطرّقنا إلى مدى تأثير «البروباغاندا» والإعلام على حجب المعلومة الصحيحة. وإنْ دلّ ذلك على شيء، فهو يدلّ على أنّ القول الحر ما زال مراقبًا مهما اختلف الزمن، وما زالت الرقابة موجودة حتى يومنا هذا، رغم أنّ التعبير عن الرأي أصبح متاحًا بسهولة للأفراد من خلال منصّات وسائل التواصل الاجتماعي.
يعتقد المدوِّن والناشط الحقوقي المصري المُعتَقل علاء عبد الفتّاح أنّنا الآن في «حرب ضدّ المعنى»، فالمعنى بالنسبة للسلطة «خطر»، و«الانتصار له جريمة»، كما أنّنا نواجه بعد كل هزيمة محاولات تسفيه أي «طرح مُركّب» للقضايا المصيرية في المجتمع، ممّا يجعل الفهم صعبًا والفعل مستحيلًا. كيف اختلفت الآراء الفردية عن الجماعيّة لدى البحث عن معنى لمفاهيم مثل «الهويّة العربيّة» و«الوطن والانتماء» في وقتنا الحاضر؟
منذ بداية البحث، وحتى قبل التطرق إلى أرشيف مجلّة «العربي»، قمت بعمل جلسات قراءات جماعية في فضاءات مختلفة، استهدفت أشخاصًا من مجتمعات عربية وغير عربية، حيث استخدمت نصوص تتعمّق في كل هذه المفاهيم، للتعرّف على الآراء المختلفة. ما أستطيع قوله إنّ النقاشات كانت تأخذ منحى مختلفًا كلّ مرة، رغم تشابه المواضيع أحيانًا بسبب استخدام النصوص. مفهوم البيت والانتماء قد يكون كل شيء، قد يكون الأرض، والوطن، والأشخاص، والمجتمع، أو حتى -كما ذكرت إحدى المشاركات- «غرفة صغيرة تخصّ المرء وحده». ومن هنا، تقاطعت الانطباعات الفردية مع الجماعية في كثيرٍ من المطارح، ولكنها أيضًا اختلفت وتفرّدت في مطارح أخرى.
وكيف وجدتِ تفاعل المشاركين والمشاركات مع عملية القراءة الجماعيّة؟ هل كانت القراءة محض فعل ثقافي بالنسبة لهم؟ أم من أنواع الفعل السياسي أيضًا؟
أستطيع القول إنّها الاثنان معًا، وبرأيي الشخصي فإنّ الفنّ سياسة، والأدب سياسة، ومهما حاولنا فصل السياسة عن الثقافة فهو أمر شبه مستحيل. أعتقد أن قراءة جزء من رواية «عائد إلى حيفا» على سبيل المثال، في جلسة قراءة جماعية يكون لها بعد ثقافي بحت، وذلك من خلال حثّ الأشخاص المشاركين في الجلسة على القراءة ربما لأول مرة في حياتهم، والتعرف على جزء من رواية، قد يكون من المحتمل جدًا أن يرغبوا في إكمال قراءتها. فعل القراءة بصوت عالٍ مثلًا لمثل هذا النص يعتبر فعلًا سياسيًا، فهو يعبّر عن شعب بأكمله، والخوض في نقاش عن مفهوم البيت والانتماء بعد عملية القراءة هو بالتأكيد فعل سياسي، مهما تشعّب الموضوع وأخذ منحنيات مختلفة لدى الأشخاص كما ذكرتُ سابقًا. وأعتقد أنّ ابتعاد النصوص التي اخترناها من أرشيف المجلّة عن كونها أدبية، جعلت عملية القراءة أقرب لأن تكون فعلًا سياسيًا، مع ذلك أرى أنّه من الصعب جدًا فصل الثقافة عن السياسة، فهما وجهان لعملة واحدة.
-
الهوامش[1] في عام 1999 نشرت الباحثة الأكاديمية البريطانية فرانسيس سوندرز بحثًا بعنوان: «من الذي دفع الثمن؟ وكالة الاستخبارات الأميركية والحرب الباردة الثقافية»، وثّقت من خلاله كيف كان بعض المُفكّرين والكُتّاب حول العالم- سواء باختيارهم أم دون علم منهم- مجرّد أداة لخدمة الاستخبارات الأميركية في المعسكر الغربي للحرب الباردة، وذلك لتخليص العالم من «بروباغاندا الفكر الشيوعي». كشفت عدّة أبحاث أخرى أنّ مجلّة «حوار» (1962-1967) التي أصدرها توفيق الصائغ في بيروت كانت تتلقّى دعمًا من «منظّمة حرية الثقافة العالمية» بتمويل من الاستخبارات الأميركية. للمزيد انظر/ي: Maasri, Zeina. Cosmopolitan Radicalism The Visual Politics of Beirut’s Global Sixties. Cambridge University Press, 2020