كيف نرسم بعد الكارثة؟

الخميس 02 حزيران 2022
ألبيرتو بورّي، «أحدب أحمر» (Rosso Gobbo)، 1955.

من الصعب تخيل عنوانٍ أكثر صخبًا للوحة أكثر برودة من هذه. «العمل يحرّر» (Arbeit macht Frei) هو العنوان الألماني الذي اختاره الفنان الأميركي، فرانك ستيلّا، لإحدى لوحاته عام 1958، وهي العبارة التي كانت قد كُتبت على بوابة أوشفيتز وغيره من مخيمات الاعتقال والإبادة النازية ليستقبل بها المعتقلون أشهرًا من الأشغال القسرية ومن ثم غرف الإعدام بالغاز. العنوان كان كافيًا لاستحضار كثير من الصور في مخيلة من رأى لوحة ستيلّا: قطارات ترحيل وقبور جماعية وأميال على مد النظر من المدن الأوروبية المسوّاة بالأرض. لكن المرعب هو أن اللوحة لم تُظهر أيًا من هذا، بل لم تظهر أي شيء، ببساطة.

من بعيد، تبدو اللوحة سوداء بالكامل. بالاقتراب منها، تأخذ فراغات بيضاء نحيلة بالارتسام تدريجيًا لتنبثق أمام المشاهد أشرطة سوداء مستقيمة تتجه نحو مركز اللوحة. يبدو التكوين ميكانيكيًا لخلوّه من أي علامات يدٍ بشرية، إلا أن ستيلّا رسمه يدويًا بعمل شاق وصارم، مستخدمًا ألوانًا صناعية بدلًا من الزيتية أعطت سطح اللوحة ملمسًا معدنيًا لامعًا. بعكس اللوحات التقليدية أو حتى التجريدية التي قامت على تخيل فراغات يمكن للمشاهد أن يسرح فيها بنظره، مثل نافذة نحو فضاء، تصدّ لوحة ستيلّا المشاهد بسطحها الكتيم، ويخنق تزاحم الأشرطة السوداء أي متنفس فيها، مثل غرف الغاز، مما يجعلها أقرب إلى غرض ما ثلاثي الأبعاد (سطح مدرع أو علبة معدنية) منها إلى لوحة بالمعنى التقليدي. بحجمها الكبير، تثقل اللوحة على المشاهد مثل لغز، تقاوم محاولاته لانتزاع معنى واضح منها، وتترك إحباطه يتراكم حتى يتحول إلى إحساس عارم بالعجز التأويلي.

فرانك ستيلّا، «العمل يحرّر» (Arbeit macht Frei)، 1958، دهان مزجج على قماش، 215.5*308.6 سم، مجموعة خاصة. المصدر.

عندما عرض ستيلّا لوحته في نيويورك كانت الحرب قد انتهت منذ أكثر من عقد، لكن الصور المروعة التي وصلت من أوروبا عام 1945 لتغزو الصحافة الأميركية، خصوصًا صور معسكرات الإبادة التي حررها الحلفاء، لم تكن قد فقدت حضورها الثقيل في أذهان الأميركيين، حضورًا يشهد عليه تذكر الكاتبة سوزان سونتاچ  في السبعينيات للمرة الأولى التي رأت فيها تلك الصور: «لم أرَ في عمري شيئًا -في الصور أو في الحياة الواقعية- جرح داخلي بهذه الحدة والعمق، وبهذه الآنية. بل ويبدو لي ممكنًا أن أقسم حياتي إلى جزئين، قبل رؤيتي لتلك الصور (بعمر 12 عامًا) وبعدها (..) عندما نظرت إلى تلك الصور انكسر شيء ما. كأني وصلت إلى حد ما».[1] الفن أيضًا وصل حدًا لا عودة عنه. وإن كان الفن التجريدي هامشيًا قبيل الأربعينيات، فقد بدا وكأن شيئًا ما ساهم في جعله الخيار الأول، بل ربما الوحيد، للاستمرار في الإبداع بعد الحرب. كان هناك إحساس عام بأن مقياس الفاجعة يتجاوز هذه المرة أي محاولات لتمثيلها، وكأنه بدل من أن تكون المعاناة البشرية موضوعًا للعمل الفني، صارت استحالة التعبير على تلك المعاناة هي غاية الفن.

شغلت تلك الحالة تفكير الفيلسوف الألماني ثيودور أدورنو، الذي كان قد هرب من النازية ليستقر مكرهًا في الولايات المتحدة، قبل أن يعود إلى وطنه المدمر أواخر الأربعينيات. في مقاله «التزام» (1962)، صاغ أدورنو معضلة الفن بالشكل التالي: من جهة، لا يمكن للفن الحديث أن يتجاهل القهر والمعاناة التي تحيط به، بل من واجبه الدفاع لإيصال صوت المقهورين، لكن من جهة أخرى، فإن أي تصوير لتلك المعاناة يشكل خيانةً لضحاياها، كونه يحولهم ومعاناتهم إلى غرض فني للفرجة، ممهدًا الطريق أمام تسليع تلك المعاناة لتباع وتشترى وتصير وقودًا لروتين اجتماعي كحفلات الموسيقى والمعارض. المشكلة في الفن الملتزم التقليدي، بحسب أدورنو، هو أنه يطبّع مع المعاناة بتحويلها إلى جزء معتاد ومقبول من الثقافة. الحل الوحيد المقبول إذًا للالتزام السياسي بعد آوشفيتز هو التجريد، هو أن يعبر العمل الفني عن المعاناة الإنسانية بشكله لا بمضمونه،[2] توصية اختصرها أدورنو لاحقًا بالشكل التالي: «في الأعمال الفنية، تعود الصراعات غير المحلولة للعالم الواقعي بهيئة مشاكل متعلقة بالشكل الفني».[3]

فرانك ستيلّا، «العمل يحرّر» (Arbeit macht Frei)، 1958، دهان مزجج على قماش، 215.5*308.6 سم، مجموعة خاصة. المصدر.

تصف هذه العبارة مقاربة فنان تجريدي آخر هو الأميركي روبرت موذرويل. مثل غيره من الشباب اليساري لجيله، عايش موذرويل الحرب الأهلية الإسبانيا عن بعد لكن بكثير من الانفعال، وترك فيه انتصار الفاشية على الجمهورية الوليدة وحلفائها الشيوعيون ندبًا استمر بالتعامل معه طيلة حياته، عن طريق سلسلة بعنوان «مرثاة إلى الجمهورية الإسبانية» ضمت أكثر من 170 لوحة ورسمة نفذها موذرويل بين عامي 1948 و1967، جميعها تجريدية. يتجاوز طول بعض تلك اللوحات ثلاثة أمتار، وتظهر جميعها تنويعات على ذات التكوين: بقع بيضاوية سوداء (واحدة، أو اثنتان أو ثلاثة)، تقاطعها شطبات عامودية أكثر استطالة على خلفية فاتحة. قد يفسر ذلك كلمة «مرثاة» في العنوان، وهي صنف شعري وموسيقي بالأصل، مما يلمح إلى ضربات إيقاعية تشابه النبضات البيضاوية المتكررة على طول المجموعة (مثل النوطات الأربعة لـ«طرقات القدر» في سيمفونية بيتهوفن الخامسة). تعود تلك الأشكال السوداء في كل لوحة، وكأنه كلما جاءت الخلفية البيضاء لتقدم متنفسًا، تكتمها الأشكال السوداء بنوعٍ من الحتمية، مثل همّ يحتل كل الحيز المتاح له، ويحبط أي محاولة لتخيّل لوحة جديدة بتحويلها إلى نسخة أخرى عن اللوحة ذاتها.

روبرت موذرويل، مجموعة لوحات من سلسلة «مرثاة إلى الجمهورية الإسبانية» (Elegy to the Spanish Republic)، 1948-1967. المصدر.

رأى موذرويل في التجريد طريقة مباشرة للتعامل مع العالم، لا للهرب منه، ووصف في كتاباته الابتعاد عن تصوير الواقع كنوع من «التصوف» الذي يضمن «تجربة محسوسة مكثفة، فورية ومباشرة وبديهية». أما أي تفاصيل عابرة قد تقلل من قوة تلك التجربة (أحداث أو أماكن أو أشخاص معينين)، فيجب تعريتها عن العمل لإطلاق المشاعر المحتقنة في تلك التفاصيل بأقوى أشكالها.[4] كما في لوحة ستيلّا، يلعب العنوان دورًا مركزيًا في توليد معنى العمل، فإصرار موذرويل على استخدام كلمة «الجمهورية» يشير إلى تأكيده على الجانب السياسي للأزمة (وليس فقط على نوع من المعاناة الإنسانية الكونية كما في لوحة بيكاسو الشهير «چيرنيكا»)، وهو خيار جلب على الفنان المضايقات في وقت كانت فيه الولايات المتحدة بصدد الاعتراف والتطبيع مع حكومة فرانكو الفاشية التي شاركتها عداءها للشيوعية.[5] لكن من جهة أخرى، يؤدي إقران العنوان بلوحةٍ تجريدية إلى ترديد تلك اللوحة لأصداء الحرب الأهلية دون أن تقتصر على تصويرها، بحيث يظل مجال التأويل مفتوحًا أبعد من أي حدث معين أو كلمات قد يضعها المشاهد. تعود المأساة على شكل صراع شكلي بحت، كما أوصى أدورنو، بين الأسود والأبيض، بين البقع والشطبات، بين الأشكال المتماسكة والمتحللة.

روبرت موذرويل، «مرثاة إلى الجمهورية الإسبانية» (Elegy to the Spanish Republic) رقم 108، 1965-1967، زيت على قماش، 208.2*251.1 سم، متحف الفن الحديث (موما)، نيويورك. المصدر.

مثل الكثير من الأميركيين، لم يعش ستيلّا ولا موذرويل ويلات الحرب العالمية الثانية بشكل مباشر كأقرانهم الأوروبيين، مما قد يبرر الطبيعة المختلفة بعض الشيء لتجريد ما بعد الحرب في أوروبا مقارنةً بالتجريد الأميركي. منذ السنتين الأخيرتين للحرب، كان الرسام الفرنسي جان فوترييه يترك التصوير شيئًا فشيئًا. عام 1943، عندما كانت باريس تحت الاحتلال، اعتقلت وحدات الچستابو النازية الفنان واستجوبته لأربعة أيام. عند إطلاق سراحه، غادر بيته ليخبئه أحد الأصدقاء في مصحّ نفسي في ضواحي العاصمة، حيث يروي الفنان سماعه إعدام مجموعة مقاومين فرنسيين في الغابة المحيطة. بعد انتهاء الحرب، عرض فوترييه سلسلة لوحاته الأشهر «الأسرى».

جاءت أعماله هذه معجونة أكثر منها مرسومة، فتقنية فوترييه قامت على استخدام الألوان بسماكة كبيرة، بحيث تبرز من سطح اللوحة في تكوينات طينية. في عمله «رأس أسير» (1944-1945)، يقتصر الرأس على مساحة لونية بيضاء تسيل عليها خطوط بنفسجية، بينما تظهر لوحته «اليهودية» (1943) لطخة من المعجون الأبيض بلا معالم واضحة على خلفية من الأصفر المخضّر. تثير مخلوقات فوترييه نفورًا شبه أوتوماتيكي في جسد المشاهد الواقف أمامها، والذي يشعر كأنه يشرف على بقايا جثة ما. مع ذلك، لا يمكن القول بأن اللوحات هذه تصويرية، حتى الألوان المستخدمة لا تتضمن الأحمر أو اللحمي، بل درجات من الأخضر والأصفر والبنفسجي، وهي ألوان ارتبطت آنذاك بالمرض والانحلال، وبالتالي بالأجساد اليهودية الواجب تطهيرها، بعكس الأجساد الآرية القويمة والصالحة.[6] ما فعله فوترييه هو استحضار تلك المعاني بشكل غير مباشر. بدلًا من تمثيل جثة ما، يقوم فوترييه بالـ«تمثيل» بالألوان كما لو كانت جثة، يميّعها ويخلطها ويشق سطوحها، جثة لونية بحتة تنتظر الأثر السحري لعنوان يربطها بإعدام الأسرى أو اغتصاب اليهوديات في المعسكرات.

جان فوترييه، «اليهودية» (La Juive)، 1943، زيت على قماش، 65*73 سم، متحف الفن الحديث لمدينة باريس. المصدر.

بعكس التجريد الأمريكي الذي حافظ على التقنيات اللونية الموروثة من الرسم الزيتي، مال الأوروبيون نحو استخدام جديد للمواد بشكل ثلاثي الأبعاد، وجاءت قوة أعمالهم من الطبيعة المنفرة للمواد أكثر منها من توتر قائم على التكوين، ببروده (لدى ستيلّا) أو بتكراره المهووس (لدى موذرويل)، وهي قوة تبقى حتى مع غياب أي عنوان تصويري، كما تشهد لوحات الفنان الإيطالي ألبيرتو بورّي الذي عاش حكاية مماثلة لفوترييه. بعد دراسته الطب، استُدعي بورّي إلى الخدمة الإلزامية في جيوش موسوليني شمال إفريقيا، حيث جرى أسره مع غيره من الإيطاليين من قبل البريطانيين عام 1943 وتسليمه إلى الأمريكيين. هكذا وجد بورّي نفسه في سجن في تيكساس، وهناك بدأ ممارسة الفن للمرة الأولى. مع نقص الألوان، اعتمد بورّي على أكياس خيش مهترئة صنع منها لوحاته، واستمر بتلك الممارسة بعد إطلاق سراحه وعودته إلى وطنه، فجاءت غالبية لوحاته عبارة عن أكياس قماشية مخيطة ببعضها وممزوجة بلون أحمر قاني.

ألبيرتو بورّي، «أحدب أحمر» (Rosso Gobbo)، 1955، أكريليك، قماش، فينيل، وعلبة صمغ فينافيل، 86*100 سم. المصدر.

لسطوح بورّي ملمسٌ يكاد يكون جلديًا، ولطالما رُبطت أعماله بعمله الطبي في ميدان الحرب وشُبّهت بمن يحاول إخاطة جروح أو صناعة كلٍ متماسكٍ من جسد محترق وممزق. لكن غياب العنوان وتجريد تلك اللوحات سمح لها باحتواء تعددية مذهلة من المعاني. فقد كان بورّي من أوائل من استخدموا موادًا صناعية في لوحات، مثل أكياس الخيش والبلاستيك والصمغ والأكريليك، مواد ارتبطت آنذاك بسردية «المعجزة الإيطالية»، ذلك الانتقال المفاجئ لإيطاليا بعد الحرب من دولة زراعية فقيرة إلى دولة صناعية حديثة. عاش الكثير من الإيطاليين تلك النقلة نحو الحداثة كصدمة عنيفة، خصوصًا وأنها ارتبطت بهزيمتهم في الحرب وبتدفق رؤوس الأموال الأميركية عبر «خطة مارشال» التي حولت إيطاليا إلى سوق جديدة لبضائعها.[7] 

بعد الحرب العالمية الثانية كان هناك إحساس عام بأن مقياس الفاجعة يتجاوز هذه المرة أي محاولات لتمثيلها، وكأنه بدلًا من أن تكون المعاناة البشرية موضوعًا للعمل الفني، صارت استحالة التعبير على تلك المعاناة هي غاية الفن.

بالنظر إلى لوحة مثل «كيس أحمر» (1954)، تعرّف مشاهدوها آنذاك على المكونات بسهولة: مواد صناعية حديثة وأكياس السكر التي وزعها الجيش الأميركي على الإيطاليين، منتجات لا تعِد في اللوحة بمستقبل أفضل بل تظهر مفتّتة مثل قمامة غارقة في أحمر جحيمي.

هل كان أدورنو على حق إذًا بقدرة الفن التجريدي على تحدي الظلم وإيصال صوت المقهورين؟ لطالما قامت محاججات مؤرخي الفن في الجواب على هذا السؤال على منع الأنظمة السلطوية للفن التجريدي، محاججات لها وزنها كون النازية والفاشية في الغرب والستالينية في الشرق تعاملت بالفعل مع التجريد كفن هدّام ومعارض لإيديولوجياتها. لكن الجواب الأقوى قد يأتي من حالات أقل شهرة لم تحدث في أي من السياقات السلطوية هذه، بل في السياق الـ«ديمقراطي» للجمهورية الإيطالية بعد سقوط الفاشية. بمناسبة بيينال البندقية للفن المعاصر عام 1952، رُفضت مشاركة بورّي في اللحظة الأخيرة بعد أن كان قد دُعي لعرض لوحاته (أكياس سكر، كالعادة). بعد تدخلات مختلفة، سُمح للفنان بأن يعرض لوحاتها بشرط إعادة تنفيذها رسمًا، دون الأكياس. تكرر الأمر عام 1959 حين تدخل البرلمان الإيطالي لإزالة واحد من «أكياس» الفنان من المعرض الوطني للفن الحديث في روما. المثير للدهشة هو أن لوحات بورّي تجريدية بالكامل ولا تحمل عناوين سياسية مثل لوحات فوترييه أو موذرويل. هل رأى المسؤولون الإيطاليون في لوحاته صورة متشائمة عن مجتمع مهترئ لم تنجح مساعدات الولايات المتحدة في رتقه؟ أم أنهم ذعروا تحديدًا من عدم رؤيتهم لأي رسالة واضحة؟ من فراغ دلالي قد يملأه كل مشاهد بهمومه وصراعاته؟ في كلتا الحالتين، تشير الأحداث إلى قدرة التجريد على زعزعة منظومة إيديولوجية ما دون الحاجة لكلمات أو صور.

مع السبعينيات، فقدت اللوحات عمومًا، واللوحات التجريدية خصوصًا، الكثير من مكانتها لصالح أساليب أكثر تصويرية ووسائط أحدث، كالتجهيز والفيديو والتصوير الرقمي، والتي بدخولها الفن أعادت إثارة الكثير من المسائل التي اعتُقد بأن التجريد كان قد حسم أمرها بشكل نهائي، منها مسألة الالتزام. مع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، تتحول صور الضحايا في سوريا أو فلسطين إلى مواد سهلة للمشاركة واللايكات ومن ثم لأعمال فنية تحصد لفنانيها مجدًا سهلًا في المهرجانات. لم يعش أدورنو ليرى أيًا من ذلك، لكن نبوءته حول تسليع الفن للمعاناة البشرية لا تزال تنتظر بإلحاح من يعيد النظر فيها. بدلًا من نقله لـ«رسالة» ما، كما تقضي إحدى الكليشيهات المحبوبة (فقط فنون البروباجندا تقوم على تلقين المشاهد «رسائل» ومعانٍ جاهزة بالملعقة، بحسب أدورنو)، يعبّر تجريد ما بعد الحرب عن عجزه أمام فداحة الرسالة المطلوب منه إيصالها، وعن كارثة لا تقتصر بالانعكاس على كلمات الأغنية أو محتوى اللوحة، بل تضرب في عمق ما تعنيه «أغنية» أو «لوحة» من أساسها في سياق القهر، ولتسعى نحو إخراج المشاهد من موقع المتفرج على معاناة غيره نحو مساحة أكثر نقدية وحرية.

  • الهوامش

    [1]  سوزان سونتاغ، «حول الفوتوغراف»، ترجمة عباس المفرجي، دار المدى، 2014 (النسخة الأصلية من عام 1977).

    [2] Theodor W. Adorno, «Commitment» (1962), republished in Aesthetics and Politics, Verso Books, 2018.

    [3] Theodor W. Adorno, Aesthetic Theory, Minnesota University Press, 1998 (1970).

    [4] The Writings of Robert Motherwell, University of California Press, 2007.

    [6] Rachel E. Perry, «Jean Fautrier’s Jolies Juives», in October, vol. 108, 2004, p. 51-72.

    [7] Jaleh Mansoor, Marshall Plan Modernism: Italian Postwar Abstraction and the Beginnings of Autonomia, Duke University Press, 2016.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية