صورة بالأبيض والأسود لتلفزيون على طاولة

الفن بعد التلفزيون: على درب قوس قزح

«كوبا تي ڤي»، من أعمال الفنان الكوري نام جون پيك. المصدر: متحف الفن الحديث، مؤسسة لودفيج (mumok).

الفن بعد التلفزيون: على درب قوس قزح

الأحد 16 كانون الثاني 2022

قد يذكر مستمعو ديفيد بوي الفتاة المنحوسة التي بلعها التلفزيون في أغنيته «تي ڤي سي 15» من عام 1976. من غير الواضح إن كانت الفتاة أكثر سعادة على الطرف الآخر من الشاشة، بين الصور، لكن الأكيد هو أن انبهار بوي بذلك الصديق «الهولوچرامي جدًا، الشيطاني جدًا» لم تفتر حرارته بعد الحادثة، بل صار هو بدوره يتمنى اللحاق بمحبوبته «إلى درب قوس قزح». ربما فقدت تلك الأمنية شيئًا من معناها اليوم، حيث تخيرنا الشاشات ما نريد حضوره أونلاين من بين مئات القنوات، شاشات رقمية نحيلة لا قرابة حقيقية بينها وبين علب التلفزيون العتيقة بثقلها وبأشعتها المهبطية التي تملأ الغرفة بخربشة فضائية لحظة إشعالها، معلنةً قدوم موجات بعيدة ستحدد ما نشاهد ومتى.

لم يكن الفن المعاصر بمعزل عن ذلك. كالعادة، كان من المأمول عند البعض -بشيء من السذاجة- أن تحرر التقنية الجديدة الفن من السوق ومن صالات العرض، فصرّح الرسام الإيطالي لوشيو فونتانا عام 1952 أنه سيقوم من الآن فصاعدًا بنقل أعماله عبر التلفزيون. بينما ابتدع الألماني جيري شوم «المعرض المتلفز» (Fernsehgalerie)، وهي حلقة تتالت خلالها أعمال فنية دون تعليق صوتي، كما في المعارض. لكن تأثيرات الفن التشكيلي هذه على التلفزيون لم يُكتب لها مجدٌ يذكر، أما العكس؛ أي الآثار التي تركها التلفزيون على الفن التشكيلي وعلى وسائط أقدم كالرسم والتصوير الضوئي والنحت، فقد ساهمت بتغيير مسار الفن في القرن العشرين تحت شعار الكلمتين اللتين يغنيهما بوي في لازمة أغنيته «انتقال/ بث» (Transition/ Transmission).

بالطبع، كانت فكرة «الانتقال»، من زمن إلى آخر، ومن فيلم إلى آخر، ومن عالم إلى آخر، حاضرة في صالات السينما. لكن الفوضى التي أضفاها التلفزيون على تلك الظاهرة شكلت مصدر جذب جديد، خليط من إعلانات ومسلسلات وأخبار يقلب المشاهد بينها وهو على أريكته (بدأ انتشار أجهزة التحكم عن بعد نهاية الخمسينيات). كان الفنان الأميركي روبرت راوشنبرچ من أوائل من تعاملوا مع تلك الظاهرة. في لوحته «أثر رجعي 1» (Retroactive I)، يمزج الفنان الألوان المجردة بصور ضوئية نسخها على اللوحة بتقنية الطباعة الحريرية، والنتيجة تشابكٌ تلفزيوني من الصور: مظلي في السماء، صحن فواكه، الرئيس كينيدي بيدٍ آمرة (كانت المناظرة الرئاسية بين نيكسون وكينيدي عام 1960 الأولى في التاريخ التي تُبث على التلفزيون). للمرة الأولى منذ عصر النهضة، لم تعد اللوحة مساحة موحدة بموضوع مترابط، بل تجميعًا من المساحات المستطيلة لكل منها قواعد ومواضيع وحتى ملمس مختلف، كأنها تُبث على شاشات تلفزيونية مختلفة. ترجم راوشنبرچ عشوائية الانتقال بين القنوات إلى لغة تشكيلية أقدم؛ التصوير، وهو ما يفسر عنوان العمل، وجاءت استراتيجيته تلك كحلّ للخروج من الفن التجريدي السائد آنذاك دون الرجوع إلى نماذج ما قبل-حداثية من الرسم الكلاسيكي، وهو الحل الذي سيقود تدريجيًا إلى فن الپوپ وانفتاحه على الصور التلفزيونية واليومية عمومًا.

لوحة «أثر رجعي 1» لروبرت راوشنبرچ. المصدر: متحف الفن الحديث في نيويورك.

في العام نفسه، 1963، نشرت مجلة أميركية مجموعة صور ضوئية للفنان لي فريدلاندر حملت عنوان «الشاشات الصغيرة»: غرفٌ بسيطة فارغة لعائلات أميركية متواضعة الدخل يتوهج في قلب كل منها تلفزيون وحيد بوجه بشري، رجل يبتسم بودّ، امرأة بعيون متكحلة، طفل على وشك البكاء. تبدو الشاشات كأنها حلّت محلّ أفراد المنزل لتسكن غرفهم وتمارس روتينهم ودراما حياتهم اليومية. لكن سحر صور فريدلاندر ليس مريحًا على الإطلاق، فعدسته تقترب من التلفزيون كمن يقترب من حيوان خطير «يحدق دون جفن يرف»، كما يقول بوي، من تكنولوجيا تتقنع بوجه بشري لتؤنسن ذاتها وتستدرج فريستها.

يشير اختيار فريدلاندر لهذه الوجوه دون غيرها إلى أنه قد أراد مجموعته هذه كسجلّ بحث عن مفقود، فالشيء الذي يومض على الشاشات هو تمامًا ذلك المختفي من الغرفة: العائلة. قبله بسنوات، وصف المفكر الألماني المقيم في الولايات المتحدة چونتر آندرز تخريب التلفزيون للحياة العائلية في نصٍّ يبدو مرادفًا لصور فريدلاندر الشبحية. يقارن آندرز التلفزيون بالطاولة، قطعة الأثاث التي لطالما لمّت العائلة حولها، بعكس التلفزيون الذي يوهم العائلة بجمعها حول مركز اهتمام مشترك بينما يشتتهم في الحقيقة نحو عوالمهم الفردية التي يسقطها كل منهم على ما يراه دون تفاعل حقيقي مع المحيطين به: «تحت غطاء رعاية حميمية الحياة العائلية، كتب آندرز، يهدد (التلفزيون) بإذابة العائلة. فبفضل التلفزيون، يسيطر العالم الخارجي على المنازل، سواء كان حقيقيًا أو متخيلًا، وهذا العالم الخارجي مسيطر لدرجة أن حقيقة المنزل (ليس فقط الجدران الأربعة والأثاث، بل تحديدًا الحياة العائلية المشتركة) تصبح معطلة وشبحية (..) يصير المنزل مجرد علبة وظيفتها احتواء شاشة الفيديو نائبًا عن العالم الخارجي»[1]. يلعب فريدلاندر بذكاء على ذات الشعور الكابوسي بتجنبه النوافذ أو الإضاءة الخارجية، وكأن تلك الشاشات قد قلبت العلاقة بين الداخل الحميمي والخارج الغريب، حيث يبدو المنزل موحشًا ومظلمًا، بينما التلفزيون حيًا وإنسانيًا، أما العالم الخارجي، فيبقى غائبًا.

صورة بعنوان «فيلادلفيا» من مجموعة «الشاشات الصغيرة» للي فريدلاندر. المصدر: معرض فرينكل.

اكتسب التلفزيون في الولايات المتحدة طابعًا تجاريًا منذ بدايته، وصار أواسط الخمسينيات فردًا معتادًا في منازل الطبقات الوسطى التي عادت من أشغالها لتتسمّر أمام شاشاتٍ قدمت لها تسلية سهلة ومريحة. أثار الطابع التخديري هذا هلع المفكرين الأوروبيين الذين أقاموا في الولايات المتحدة آنذاك، مثل آندرز أو زملائه الألمان ثيودور أدورنو وماكس هوركهايمر اللذين تعاملا مع تسليع المحتوى التلفزيوني كطريقة للمنظومة الرأسمالية في تسطيح كل ما هو مختلف عنها وتحويل المشاهد إلى مفعول به لا رغبة عنده بالردّ والمحاججة.[2] بينما ذهب الفرنسي جان بودرييار إلى حد القول بأن التلفزيون يدمر أي تواصل متبقٍ لنا مع العالم الحقيقي مقابل إخضاعنا إلى نسخ متداخلة من ذلك الواقع.[3] بالمقابل، ظل التلفزيون في أوروبا محدودًا كمًا ونوعًا بسبب الاقتصاد المتعَب للقارة.[4] فبينما اعتاد معظم الأمريكيين التقاط عشر قنوات مختلفة بداية الستينيات، جميعها خاصّة ومليئة بالإعلانات، ظلت دولة مثل ألمانيا تمتلك قناة واحدة حكومية غابت عنها الغايات التجارية. يبرر ذلك جزئيًا اختلاف تعامل الفن الأوروبي مع التلفزيون، فبينما تبنى فنانون أمريكيون مثل راوشنبرچ وفريدلاندر (ولاحقًا فنانو الپوپ) التلفزيون ومحتواه معًا كحل للانتقال من الفن التجريدي، نجح الأوروبيون في الفصل بين الاثنين، متبنين التلفزيون كأداة تقنية دون محتواه السائد من مناظرات سياسية ورياضة وأفلام، فجاءت أولى الأعمال الفنية المتأثرة بالتلفزيون في أوروبا تجريدية بالكامل، تمامًا مثل الرسم والنحت آنذاك.

عام 1963، قام الفنان الكوري المقيم في ألمانيا نام جون پيك ببعثرة ثلاث عشرة شاشة في أرجاء فيلا قديمة بعد أن ولّفها لتبث المحطة الوحيدة آنذاك (والتي بثت من السابعة ونصف للتاسعة ونصف، ما حدد وقت المعرض).[5] لكن محتوى البث لم يكن مفهومًا، فقد عبث پيك ببراعة بالشاشات بحيث تتحول كل منها إلى لوحة متحركة مستلهَمة من الأخطاء التقنية للتلفزيون، مثل غياب الإشارة أو الصور المقلوبة والمتراكبة، أو وجود خط أبيض يتحرك على خلفية سوداء، أو غباش رمادي كما في التلفزيون الذي سماه «كوبا تي ڤي»، في تلميح إلى أزمة الصواريخ النووية في كوبا في العام السابق. وعام 1964، قام الألماني كارل چيرستنر بتجربة مشابهة، حيث أدخل مجموعة شاشات تلفزيونية في جدار المعرض مغطيًا كلا منها بصفيحة زجاجية بتشكيلات تجريدية، بحيث يرى الزائر مجموعة لوحات ملونة ومتحركة.

«رؤية مجنونة» لكارل چيرستنر. المصدر: مجلة أكتوبر، معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.

تعاملت الأعمال السابقة مع التلفزيون من منظور تقنيات أقدم كالرسم أو التصوير الضوئي، أو من منظور المحتوى التلفزيوني. لكن مع السبعينات، أدرك الفنانون أن خصوصية التلفزيون لا تكمن في الألوان ولا الفيديوهات ولا القدرة على «الانتقال» بين عوالم وصور (وهي أشياء كانت موجودة في السينما). الجديد في التلفزيون هو قدرته على استقبال «البث» عن بعد، وبالتالي على خلق علاقة جديدة بالزمان والمكان. توضح ذلك الوعي في معرض «التلفزيون كوسيط إبداعي» الذي افتتح في نيويورك عام 1969. عند دخوله إلى المعرض، واجه الزائر عملًا للفنانين فرانك جيليت وإيرا شنايدر، جدارٌ من تسع شاشات بعضها يبث قناة تلفزيونية أو فيديوهات مسجلة مسبقًا، والبعض الآخر يبث مكان العرض ذاته، بحيث يرى المشاهد نفسه على الشاشة بفرق بضع ثوانِ. أما عنوان العمل «حلقة مسح» (Wipe Cycle)، فيشير إلى انطفاء كل شاشة لبضع ثوان، واحدة تلو الأخرى، بحيث يبدو اللون الرمادي وكأنه يدور بعكس عقارب الساعة ليمسح الصور بوتيرة منتظمة. كان هذا العمل من أوائل مستخدمي البث الحي من وإلى مكان التصوير، وكانت تقنية جديدة آنذاك أدهشت زوار المعرض الذين عاشوا ما وصفه الفنانان بـ«تجربة تشييء»،[6] أي أن المشاهد اختبر ذاته كـ«شيءٍ» غريب ومنفصل عنه، يرفض إطاعته بشكل آنيّ كما في مرآة، ويتفاعل مع حركاته في الماضي، كجزء من نشرات إخبارية وصور من أنحاء العالم.

عمل «حلقة مسح» في معرض «التلفزيون كوسيط إبداعي» (1969). المصدر: مركز الفن والاعلام كارلسروه.

استمر الفنانون بالبناء على ذات العملية، والتي تبدو اليوم كنبوءة مقلقة بتغلغل كاميرات المراقبة في حيواتنا الشخصية. فقدم دان چراهام عام 1974 عمله «مـ(و)اضي مضارع(ة) مستمر(ة)» Present Continuous Past(s)، حيث يدخل الزائر غرفة من المرايا والشاشات التلفزيونية التي تسجل حركاته، ويرى ذاته بمقاسات وفترات تأخر متفاوتة، بينما اشتهر نام جون پيك بعمله «تي ڤي بودا»، حيث يشاهد كل من تمثال بوذا وشاشة تلفزيون الآخر في نظرة متحدية (أو متصالحة؟) تعيد تعريف العلاقة ما بين التقليد والحداثة، ومعها مفاهيم مثل التأمل والرقابة الإلهية.

نام جون پيك عام 1977 مع عمله «تي ڤي بوذا» (1974)، تصوير إريك كرول. المصدر: منظمة Public Delivery.

أعلنت تلك الأعمال ولادة معرفة تخصصية غير مسبوقة في الفن بفضل أشخاص «تربوا على التلفزيون. قرأوا كتب صناعة ذاتية عن كيفية صناعة الراديو والتلفزيون. كسبوا مصروف جيبهم بتصليح معدات الجيران المعطلة»،[7] بفضل فنانين لم يعد التلفزيون يشكل لهم مخلوقًا غامضًا ومريبًا بل وسيطًا فنيًا أحاطوا بحيثياته التقنية تمامًا كما أحاط أجدادهم بخبايا الرسم أو النحت. وصلت تلك الأريحية في التعامل مع التلفزيون ذروتها (وخاتمتها) بين أواخر السبعينيات والتسعينيات، خصوصًا على يد نام جون پيك. في عمله «حديقة التلفزيون» (1977) تنمو عشرات الشاشات كزهور في غابة استوائية، تبث فيديو بعنوان «رقصة عالمية» (Global Groove)، تتراكب فيه فيديوهات تجارية يرقص فيها أشخاص مختلفون حول العالم. كفنان كوري مقيم في الغرب، رأى پيك التلفزيون كسلاح العولمة الأمثل لـ«حل مشكلة التواصل» بين الشرق والغرب، رؤيا استوحاها من المفكر الكندي مارشال ماكلوهان الذي بشّر بتحول الأرض إلى «قرية عالمية» يتوحد فيها الجميع بفضل المساواة في كيفية وكمية الوصول إلى المعلومة.[8] بذات الروح التفاؤلية، تغيب حرب فيتنام أو اغتيال كينيدي عن شاشات العمل مقابل رقصة جماعية سعيدة تجمع العالم وتلغي التوترات السياسية بين المعسكرين الشرقي الغربي، وبين الإنسان والطبيعة. تغوص أعمال پيك الأخيرة في تلك المفارقة بين قدرتها على إبهار المشاهد (مقارنة بأعمال السبعينيات المتواضعة بصريًا)، وامتثال ساذج بعض الشيء للسرديات السائدة حول علاقة التلفزيون بالسياسة والاقتصاد. مثلًا، في عمله «طريق سريع إلكتروني» (Electronic Superhighway, 1995) يصنع پيك خريطة ضخمة للولايات المتحدة من النيون الملون، مع مجموعة شاشات داخل كل ولاية تعرض فيديوهات مرتبطة بها: رئيس أميركي أو مسرحية غنائية أو ذكريات شخصية للفنان.

«طريق إلكتروني سريع» لنام جون پيك في متحف سميثسونيان للفن الأمريكي. المصدر: سمارت هيستوري.

يشكل هذا العمل مجازًا بليغًا عن النقلة التاريخية بين القرنين العشرين والواحد والعشرين، فإن كان پيك قد رأى في عمله احتفالًا صاخبًا بثقافة الپوپ الغربية وكل ما راكمته منذ الستينيات من حبّ للألوان والأصوات ومن رموز كان التلفزيون بطلها، يبقى السؤال عمّا إذا كان قد تعمد أيضًا أن يجعل من العمل تجسيدًا عنيفًا لكل ما يقلقنا حول مستقبل العالم: بلد إمبريالي متضخم يمدّ سلطته عبر أكوام مرهِقة من الصور، عبر استنزافه لطاقة تفوق حاجته في زمن أزمة بيئية، عبر تشابك من أنابيب النيون والشاشات التي تكاد كلفة تشغيلها وصيانتها تعادل غالبًا ميزانية متحف صغير في العالم الثالث؛ أو هي عيوننا المعاصرة التي ترى كل هذا؟ يبلور التلفزيون في الفن التشكيلي تلك الأسئلة، من الستينيات المسحورة بشبحيّته، مرورًا بالسبعينيات التي استملكته بعزيمة نقدية، وانتهاءً بالثمانينيات والتسعينيات التي احتفلت ببهرجته الجمالية، أحيانًا مقابل شيء من التطبيع مع نمطياته. لكن قصة الفن المعاصر تلك مع التلفزيون لم تكن إلا بروڤة تجهيزية لفيض التقنيات التي جاءت مع القرن الجديد، والتي يبقى على الفنان اليوم مهمة تطويعها لصالح جماليات ومضامين ذات معنى قبل أن يقوم رأس المال بتطويعه وإياها ليلقيا حتف فتاة بوي، ولتصير تلك التقنيات مجرد تسلية سهلة في أحسن الأحوال، أو أداة تعبئة شعبوية في أسوأها.

  • هوامش
    [1] Gunther Anders, “The World as Phantom and as Matrix”, Dissent, 3:1, winter 1956, p. 14-24.
    [2] Theodor Adorno and Max Horkheimer, “The Culture Industry: Enlightenment as Mass Deception” in Dialectic of Enlightenment (1944), New York, Herder & Herder, 1972.
    [3] Jean Baudrillard, Simulacres et Simulation, Paris, Galilée, 1981
    [4] Christine Mehring, “Television Art’s Abstract Starts: Europe circa 1944-1969”, October, vol. 125, summer 2008, p. 29-64 (32).
    [5] Ibid., p. 48.
    [6] Jud Yalkut, “Frank Gillette and Ira Schneider. Parts I and II of an interview”, Radical Software, 1:1, 1970, p. 9-10.
    [7] Howard Wise, TV as a Creative Medium, Exhibition program, 1969.
    [8] Marshall McLuan, The Global Village (1989), Oxford, Oxford University Press, 1992.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية