بورتريه السلطان: «معجزة» في البلاط العثماني؟

الثلاثاء 05 تموز 2022
متحف لوحات القصور الوطنية في قصر دولما باهتشة في إسطنبول. المصدر: وكالة الأناضول.

«عندما بُعث مع سفير ببضع بورتريهات إلى تركيا، إلى التركي الكبير، صُعق الإمبراطور مذهولًا لدرجة أنه قبلها بكل طيب نية رغم منع القوانين المحمدية للصور، مادحًا العمل بدون توقف، بل وطلب أن يُبعث إليه بالفنان ذاته. لكن مجلس شيوخ البندقية رأى أن جيوفاني لن يتحمل مشقة السفر، فقرر إرسال أخيه جينتيله، والذي أؤتمن في سفنهم إلى القسطنطينية حيث قُدم إلى محمد [الثاني] واستُقبل بكثير من اللطف كشيء جديد. قدم [جينتيله] صورة جميلة إلى الأمير فأبدى إعجابه بها ولم يستطع إقناع ذاته بأن كل تلك الروح الإلهية قد حلّت في رجل فانٍ كي يستطيع التعبير عن أشياء الطبيعة بتلك الحيوية. رسم جينتيله الإمبراطور محمد بذاته رسمًا حيًا وبطريقة ممتازة لدرجة أن الصورة اعتُبرت معجزة».
جيورجيو فازاري، «سير أعظم الرسامين والنحاتين والمعماريين»، 1568.

رغم تبهيره للأحداث المنقولة، يتعامل مؤرخو الفن بشيء من التعاطف مع كتاب فازاري الموسوعي، أولًا لكونه أول محاولة منهجية لتأريخ الفن في العصور الحديثة، وثانيًا لأن الفضل يعود له في توثيق أعمال فنية لم نكن لنسمع بها أو نعرف عنها لولاه، كما في حال اللوحة المذكورة، التي رسم فيها الإيطالي جينتيله بيليني بورتريه السلطان العثماني محمد الثاني الفاتح. كمعظم إيطاليي زمنه، لم يقابل فازاري غالبًا أي تركيٍ في حياته، ولم تطل معرفته بالـ«ديانة المحمدية» أبعد من بضع كليشيهات، لكن ذلك لا يمنع وجود شيء من الصحة في سرديته عن افتتان السلطان بالرسم الإيطالي، وعن اللحظة الفارقة التي شكلتها لوحة بيليني في تاريخ المشرق العثماني بكونها المرة الأولى التي يُصور بها حاكم مسلم بطريقة واقعية حديثة.

الأهم من ذلك هو أن لوحة بيليني شكلت «منطقة تماس» بحسب وصف مؤرخة الفن المعاصر إليزابيث روديني، وجسدت مرحلة جديد من التواصل بين شرق المتوسط وغربه.[1] فبعد فتح القسطنطينية عام 1453، عاش العثمانيون بقيادة محمد الفاتح في حالة حرب متقطعة مع جمهورية البندقية، والتي كانت حتى القرن الرابع عشر القوة التجارية والعسكرية والثقافية الأعظم في المتوسط، بمستعمراتها الممتدة من الشواطئ الشرقية للبحر الأدرياتيكي وحتى اليونان وقبرص، ومكاتبها التجارية في سوريا ومصر المملوكيتين وفي صلب الإمبراطورية البيزنطية. قد تكون البندقية قد خسرت من قوتها تدريجيًا بالتزامن مع التوسع العثماني غربًا، لكن ذلك لم يمنع كلا الطرفين من إدراك أهمية الآخر وحاجته إليه. بذلك، بدأت مرحلة تودد دبلوماسي بين البلدين عام 1461، وتوجه عام 1479 وفدٌ رسمي بعث به محمد الفاتح إلى حاكم البندقية، «الدوج»، محملٌ بالهدايا، من ضمنها وشاح السلطان الشخصي المطرز، ومعه طلب من الفاتح بأن ترسل إليه البندقية برسام جيد يتقن فن التصوير.

أدرك البندقيّون أهمية هذه الهدية الدبلوماسية كرمز للسلام بين البلدين، وكان آنذاك آل بيليني الاسم الفني الألمع في المدينة، فالأب جاكوبو كان من أوائل من استورد تقنيات الرسم الزيتي من بلاد الشمال، والمنظور الرياضي من جمهورية فلورنسا، مهد النهضة، وهي التقنية التي أعطت الوهم بفراغ ثلاثي الأبعاد وأعطت الفن قدرته على تقليد الواقع بطريقة غير مسبوقة في التاريخ. أمّا الابنان جيوفاني وجينتيله، فقد تابعا نهج والدهما بتطوير تلك التقنيات، مزينين بها كنائس البندقية وقصورها في القرن الخامس عشر. قبل الوفد بعام، عام 1478، كان جينتيله ابن الخمسين عامًا قد نفذ بورتريه للدوج بعد أن صار الفنان الرسمي للدولة، واعتُبِر بالتالي المرشح الأمثل للرد على رغبة السلطان.

وصل بيليني العاصمة العثمانية عام 1479، ومكث سنة وبضعة أشهر في قصر طوب قابي كجزء من طبقة النخبة في البلاط التي ضمت الأجانب من علماء وفنانين. لدى وصوله، أهدى بيليني السلطانَ دفتر رسومات من يد أبيه جاكوبو، حيث تأمل الفاتح تجارب للمنظور الرياضي وطريقته في تمثيل الفراغ. ولاحقًا، بحسب شهادات أفراد من البلاط، تمتع الفنان بعلاقة خاصة ومقربة من السلطان محمد الثاني، ممضيًا معه الكثير من الوقت بالتحدث عن الفن وفي إعطائه مشورته في انتقاء الأعمال، كما يبدو أن بيليني قد أُعطي حرية نادرة آنذاك بالتنقل في أرجاء البلاط ورسم سكانه، كما تظهر بعض الاسكتشات التي وصلتنا منه.[2] 

جندي إنكشاري جالس، نسخة مطبوعة عن رسمة لجينتيله بيليني نهاية القرن الخامس عشر، المتحف البريطاني. المصدر.

رسم بيليني البورتريه الشهير عام 1480، وهو عمل يشكل مصدر إحراج لمؤرخي الفن لأكثر من سبب. أولًا، تبدو اللوحة كتركيب غريب وغير متجانس من عناصر متفرقة، فالسلطان يظهر بعمامته في وضعية جانبية وكأنه قد قُص وأُلصق على الخلفية السوداء بحيث يختفي كتفه الأيسر بطريقة خرقاء خلف القوس الرخامي المزخرف، والذي استوحاه بيليني من العمارة الكنسية البندقية. ثانيًا، أشار الأخصائيون إلى الاختلاف في الجودة بين وجه السلطان، والذي يجمع غالبيتهم على أنه قد خضع لرتوشات لاحقة بسببب تضرر اللوحة، وبين التفاصيل الجانبية التي احتفظت بلمسات بيليني الأصلية، خصوصًا القوس والسجادة المتدلية، والتي طُرزت على أطرافها الزنبقة، رمز السلالة العثمانية. لإضافة المزيد من الحيرة، تطفو على جانبي السلطان ثلاث تيجان غامضة، فسرها البعض كرمز إلى مناطق السلطنة الثلاثة، الأناضول وطرابزون واليونان،[3] والتي نجدها على ميدالية معدنية نفذها بيليني ذات الفترة.

جينتيله بيليني، «السلطان محمد الثاني»، 1480، زيت على قماش، 70*52 سم، العرض الوطني، لندن. المصدر.

إلى أي درجة شكلت لوحة بيليني «معجزة» في البلاط العثماني كما أدعى فازاري؟ سؤال يمكن البدء بالإجابة عليه بالتأكيد على أن التصوير البشري، بعكس الفكرة الشائعة، لم يكن لا ممنوعًا ولا جديدًا على المسلمين الذين صنعوا مختلف أنواع الصور البشرية، المرسومة منها والمنحوتة، منذ الأمويين وحتى العثمانيين، وإن ظلت تلك الصور محرّمة في المساجد. أمّا في القرن الخامس عشر، فقد كان التصوير الأكثر تطورًا في السلطنة هو فن المنمنمات، أي الرسم على المخطوطات، والذي ورثه العثمانيون من بلاد فارس وأنتجوا به مئات الكتب العربية والتركية والفارسية، جاء أجملها من بلاط السلطان، وصورت أحيانًا حياة البلاط وحتى السلطان ذاته.

أما حداثة بورتريه بيليني فجاءت لسببين آخرين. الأول هو أن فن المنمنات لم يعرف أيًا من التقنيات الحديثة التي ظهرت آنذاك في إيطاليا النهضوية، خصوصًا المنظور الرياضي وقواعد الظل والنور والألوان الزيتية التي أدت إلى دقة عالية في التصوير، وإلى إمكانية العمل على مساحات كبيرة، وظل بالتالي بعيدًا عن الواقع، رغم غنى زخرفه وتكويناته وألوانه، كما ظل وجوده محصورًا بوجود نص يصوره، ولم ينل استقلاله على الجدار كما في إيطاليا. السبب الثاني هو أن الكتب العثمانية المصورة ظلت فنًا مخصصًا للاستخدام الشخصي، ومحصورًا بقلة من الأغنياء ممن اقتنوا تلك الكتب وتأملوها في خلواتهم. أما اللوحات الزيتية، بإمكانية تعليقها على الجدار، فقد وعدت للمرة الأولى بولادة فن «عمومي» يمكن لأعداد كبيرة من الناس تأمله ومناقشته في المباني الحكومية والكنائس والبيوت، الشيء الذي طور من إمكانية نقل رسائل رسمية، والهيمنة على الفضاء العام عبر الصور. في السلطنة العثمانية آنذاك، ظل الحضور السلطاني في الفضاء العام مكتوبًا لا مصورًا، حيث كانت الطغراء، التوقيع الرسمي للسلطان، تُنقش على المباني لتؤكد دمغة الباب العالي على الفضاء العام، تمامًا مثلما لعبت الميداليات التي حملت أسماء «عمر» و«محمد» دور بورتريهات مكتوبة تنوب عن حضور أولئك الأشخاص في المساجد. العبارة الشهيرة «السلطان ظل الله على الأرض»، المنقوشة على مدخل قصر طوب قابي، عبرت عن غياب صورة السلطان عن الفضاء العام، وعن بقائها مساحة سلبية بصريًا على الأرض يُدرك عبر عتمتها نور الله في السماء. من غير المرجح أن يكون بيليني قد قرأ تلك العبارة بعبوره بوابة السرايا للمرة الأولى، لكنه كان بصدد الانقلاب عليها إلى الأبد، معلنًا بداية علاقة جديدة بين التصوير والسلطة في العالم الإسلامي.

في القرن الخامس عشر، كان التصوير الأكثر تطورًا في السلطنة هو فن المنمنمات، أي الرسم على المخطوطات، والذي ورثه العثمانيون من بلاد فارس وأنتجوا به مئات الكتب العربية والتركية والفارسية.

في روايته «اسمي أحمر»، يحبك الكاتب التركي أورهان باموق قصة بارعة حول العلاقة تلك من وجهة نظر فناني المنمنمات المحليين، الذين وجدوا أنفسهم فجأة بمجابهة الفن الجديد الذي أغرى السلطان بعيدًا عنهم، ويتخيل مشاعرهم المختلفة بين كراهيتهم وإعجابهم السري بذلك الفن، وحنينهم إلى التقليد المتلاشي، أو إحساسهم بالدونية أمام «الكفار». «بعد رؤيتنا لبورتريهات المعلمين البندقيين» تعترف إحدى الشخصيات بالقول «أدركنا برعب أنه في الرسم، لم يعد بإمكان العيون أن تكون مجرد ثقوب على الوجه، دائمًا ذاتها، بل يجب أن تبدو مثل عيوننا التي تعكس الضوء كمرآة وتمتصه كبئر. لم يعد بإمكان الشفاه أن تكون شقًا في وسط الوجوه المسطحة كالورق، بل يجب أن تكون عقدة من التعابير، بحيث تعبر كل درجة مختلفة من الأحمر عن سعادتنا وأحزاننا وأرواحنا بأدنى انقباضاتها أو انفراجها»، و«لا نزال بحاجة قرون لنصل إلى كفاءة الفرنجة».[4]

في الحقيقة، لا يمكن اختصار تلك المشاعر المعقدة بصراع بين الشرق والغرب، كما يلمح أحيانًا باموق، بقدر ما هو صراع بين القديم والجديد، بين العصور الوسطى والعصور الحديثة. فحتى في البندقية وغيرها من المدن الأوروبية، عايش الكثير من الفنانين مجيء التصوير الزيتي بمشاعر شبيهة، ووجدوا أنفسهم أمام أحد خيارين، إمّا ركوب موجة التجديد تلك أو الاندثار مع ممارساتهم القديمة، خصوصًا فن المنمنمات الذي كانت له الشعبية ذاتها في الغرب كما في الشرق. بكلمات أخرى، شكلت النهضة عمومًا بوضعها للإنسان في مركز الكون، ومعها البورتريه خصوصًا، لحظة تجديد في الشرق والغرب على حد سواء، وإن تم ذلك دون شك تحت شروط مختلفة وبتوقيتات مختلفة. إضافة إلى ذلك، من الأدق النظر إلى بورتريه بيليني لا كغزو باتجاه واحد بل كواحد من أعراض تقرّب متبادل، تقرّب حرفي حتى، كون المسلمين، مع فتحهم القسطنطينية، وجدوا ذاتهم على أرض بيزنطية أهلها يونان، وبينهم جالية بندقية عريقة ساهمت بتشكيل ثقافة المدينة قبل مجيء العثمانيين بقرون.

قد يفسر ذلك اهتمام محمد الفاتح بتعلم اليونانية واللاتينية والعربية، مدركًا بأن سلالته لم تعد مجرد قبيلة صغير من آسيا الوسطى، بل وريثة مجموعة من الثقافات المختلطة، حيث الحدود بين شرق وغرب ليست بهذا الوضوح. إضافة إلى ذلك، أبدى الفاتح منذ شبابه حبًا للعلوم والفنون، وامتلك تشكيلة واسعة من الميداليات التصويرية والأحفورات المطبوعة بأحدث التقنيات، والتي اطلع من خلالها على الفن الإيطالي قبل مجيء بيليني بسنوات، فمع تحسن العلاقات بين السلطنة والبندقية، كان تبادل الهدايا والحرفيين الأداة الدبلوماسية الأولى، وتولدت بذلك شبكة من التبادلات بين الطرفين أتاحت لفناني المنمنمات العثمانيين، مثل نقّاش سنان بيك مثلًا، فرصة التدرب في البندقية والعودة لتربية أجيالٍ من الفنانين العثمانيين الذين مزجوا التقليد الفارسي القديم بمكتسبات النهضة، كما تشهد بورتريه «منمنمة» لمحمد الثاني حاول فيها الفنان تطبيق قواعد الظل والنور والأقمشة على فن المنمنمات، معطيًا السلطان ذات الوضعية الجانبية، ربما باستيحاء مباشر من لوحة بيليني.

نقاش سنان بيك، «محمد الثاني الفاتح يستشق عبير وردة»، القرن الخامس عشر، صفحة من ألبوم محفوظ في قصر طوب قابي. المصدر.

لم يكن التأثير أبدًا باتجاه واحد، فبينما استعان العثمانيون بالإيطاليين لتطوير تقنياتهم في النحت والرسم والعمارة، أخذ الإيطاليون عن العثمانيين تقنيات الزجاج والنسيج وصناعة الكتب، كما حاولت بعض اللوحات الإيطالية تقليد السجاد العثماني (كما في بورتريه بيليني)، أو حتى إدخال الخط العربي على هالات الشخصيات المسيحية المقدسة.[5] بالرجوع إلى جذور النهضة الإيطالية، يجادل مؤرخ الفن هانس بيلتينج في كتابه «فلورنسا وبغداد: فن النهضة والعلوم العربية» بأن تقنيات المنظور الرياضي في الفن الإيطالي اعتمدت إلى حد كبير على المكتشفات العربية، وأن تطور علم البصريات، الذي أخذ في المشرق منحًا علميًا، هو ذاته الذي أخذ في الغرب منحًا فنيًا وجماليًا.[6] الخلاصة، بعكس قصة فازاري بأن السلطان صعق لرؤيته تصويرًا واقعيًا للمرة الأولى، هي أن التبادل الفني بين السلطنة والبندقية قد تم على مراحل متباعدة وبرغبة من الجهتين، وأن الفنون التي نشأت في مراكز الدولتين مع ولادة العصور الحديثة، كانت إلى حد كبير من الهجونة، وأن لوحة بيليني لم تكن فرضًا مفاجئًا لمعايير عبقرية غربية بل نتاج مفاوضة طويلة بين معايير مختلفة قامت الإمبراطورية الوليدة بإعادة ترتيب إحداثياتها.

توفي الفاتح بعد سنة من إنجاز البورتريه، واختفت هي بدورها عن الأنظار ليصير قدرها موضع فرضيات غائمة. يقترح بعض المؤرخين أن السلطان بايزيد، خليفة الفاتح وابنه الذي عُرف بتزمته الديني، قد باع اللوحة أو تخلص منها، بينما يقترح آخرون أنه قد أهداها إلى دوج البندقية لاحقًا. الأكيد هو أن أثر اللوحة خلال ثلاثة قرون اقتصر على بضع وشاوش هنا وهناك عن أشخاص رأوها أو سمعوا عنها في قصر ما في البندقية أو على ضفاف بحيرة كومو. مثل إمام مغيّب، شكلت لوحة بيليني المختفية  نقطة الصفر لممارسة فنية جديدة في المشرق هي البورتريهات الواقعية. في نهاية القرن السادس عشر، رسم الفنان البندقي باولو فيرونيز بورتريهات لعدة سلاطين عثمانيين بطلب من أحد وزراء السلطنة، وصارت ممارسة البورتريهات الزيتية تدريجيًا جزءًا عاديًا من مظاهر السلطة، بل وخرجت مع القرن التاسع عشر من البلاط لتنتشر في مختلف أرجاء الإمبراطورية. في المشرق العربي، لعبت البورتريه الدور الأساسي في إدخال التصوير الزيتي لإرضاء أذواق البرجوازية الوليدة، كما تشهد لوحات فنانين مثل داوود قرم (1852-1930) في بيروت أو توفيق طارق (1875-1940) في دمشق، عادةٌ استمرت لاحقًا عبر التصوير الضوئي ومن ثم الرقمي، لتصبح البورتريهات الرسمية اليوم جزءًا طبيعيًا من محيطنا ومن الفضاء العام.

في أحد أيام عام 1865، كان رجل بريطاني يجوب إحدى أقنية البندقية عندما خرج إليه رجل من أحد القصور المتهاوية للمدينة، ربما واحد من كثرة الأرستقراطيين المفلسين. تحت معطفه، أظهر الرجل لوحة زيتية باهتة عرض على البريطاني شراءها بسعر زهيد. المشتري، وهو أوستن هنري لايارد، أدرك فورًا القيمة الحقيقية للوحة، فقد كان هو ذاته مؤرخ فن وعالم الآثار المسؤول عن اكتشاف ودراسة نينوى وغيرها من المواقع الأثرية في الشام والعراق، والذي سيصبح بعد ذلك اللقاء بسنوات قنصلًا للتاج البريطاني في القسطنطينية، ليسير على خطى موازية لخطى بيليني قبله بقرون. بعد وفاة لايارد، تبرعت العائلة باللوحة إلى المعرض الوطني في لندن، حيث بقيت حتى يومنا هذا.

  • الهوامش

    [1] Elizabeth Rodini, Gentile Bellini’s Portrait of Sultan Mehemed II: Lives and Afterlives of an Iconic Image, I.B. Tauris, 2020.

    [2] Idem.

    [3] Caroline Campbell et al., Bellini and the East, Yale University Press, 2005.

    [4]  أورهان باموق، «اسمي أحمر»، ترجمة عبد القادر عبداللي، دار المدى، 2000.

    [5] Anna Contadini & Claire Norton, The Renaissance and the Ottoman World, Routledge, 2013.

    [6] Hans Belting, Florence and Baghdad: Renaissance Art and Arab Science, Harvard University Press, 2011.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية