قائمة كتب: حصيلتنا من معرض عمّان للكتاب 2022

الأربعاء 07 أيلول 2022
محمد شحادة.

حل معرض عمّان الدولي للكتاب هذه السنة في موقع جديد أقرب لسكان المدينة، وسط آمال بتجاوز هذه الدورة العقبات التي فرضتها الجائحة العام الماضي، من قيود قد تكون أعاقت مشاركة بعض الدور، فضلًا عن الضائقة الاقتصادية التي شكلتها للناشرين والقراء على حد سواء، بحيث غابت السنة الماضية عدة دور من لبنان ومصر والمغرب العربي كان المعرض يشكل نافذتها الوحيدة أو الأبرز للقراء في الأردن. ورغم عودة عدة دور عربية بعد غياب، قد لا تكون هذه العقبات زالت بالكامل عن دورة السنة، خاصة في ظل استمرار الشكوى الدائمة من ارتفاع أسعار الكتب بشكل يقارب أو يماثل أسعار خارج المعرض.

كعادتنا، نقدم في هذه القائمة أبرز توصيات عدد من كتّاب حبر من العناوين التي اشتروها من المعرض، والتي رأوها ذات قيمة وفائدة تجعلها جديرة بالاطلاع.

 

ابن خلدون، سيرة فكرية
روبرت إروِن، ترجمة عبدالله مجير العمري
مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2022

لينا عجيلات

لعل ابن خلدون من أكثر المفكّرين الإسلاميين الذين حظوا باهتمام ودراسة في الأكاديميا الغربية، تحديدًا كتابه الأشهر «المقدّمة»، التي أنهى مسودتها الأولى عام 1377، والتي وصفها المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي -الذي لعب الدور الأكبر في تعريف العالم الناطق بالإنجليزية بابن خلدون- بأنها «أعظم عمل من نوعه ألّف في أي زمان ومكان»، كما وصفها المؤرخ مارشال هودغسون في كتابه الشهير «مغامرة الإسلام» بأنها أعظم مقدّمة عامة في الحضارة الإسلامية على الإطلاق. 

تشيع كثيرًا الإشارة إلى ابن خلدون بأنه سبق الفيلسوف الفرنسي أوغست كونت في تأسيس علم الاجتماع، أو أن أفكاره كانت سابقة لعصرها ومؤسسة لأفكار فلاسفة ومفكرين غربيين مثل ماكس فيبر وكارل ماركس وإميل دوركهايم. إلا أن المؤرخ والباحث والروائي البريطاني روبرت إروِن في كتابه «ابن خلدون، سيرة فكرية»، الذي صدر بالإنجليزية عام 2018 عن دار نشر جامعة برنستون، يسعى لتقديم قراءة مغايرة لابن خلدون، حيث يضعه في السياق التاريخي والاجتماعي الذي عاش فيه، ويتتبع تطوّر أفكاره مع محطّات حياته الشخصية والتحولات السياسية في شمال إفريقيا والأندلس ومصر وسوريا في القرن الرابع عشر ومطلع القرن الخامس عشر، ويبرزه كنتاج عصره. 

يقع الكتاب في أحد عشر فصلًا، تنطلق من عالم «الأنقاض» الذي ولد فيه ابن خلدون في تونس عام 1332، قبل أن يجتاح الطاعون شمال إفريقيا في منتصف القرن الرابع عشر، ثم يأخذنا إلى ما يصفه بـ«لعبة العروش في شمال إفريقيا» والصراعات السياسية التي سادت عقب زوال دولة الموحّدين، لنتتبع عمل ابن خلدون في مناصب إدارية وسياسية ودبلوماسية في شمال إفريقيا والأندلس، قبل أن يعتزل السياسة مؤقتًا ليتفرّغ لكتابة المقدمة في قلعة بني سلامة غربي الجزائر لمدّة أربع سنوات، لتكون كتابًا في فلسفة ومفهوم التاريخ، ومدخلًا لعمله الموسوعي «كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر». 

ينتقل الكاتب بعدها لمناقشة وتحليل أبرز أفكار ابن خلدون في «المقدّمة»، تحديدًا فيما يتعلْق بالبدو ودورهم في التاريخ ومفهوم «العصبية»، الذي يشكل فكرة ابن خلدون الأساسية في تفسيره لأسباب صعود السلالات الحاكمة واندثارها. كانت نظرة ابن خلدون للتاريخ تشاؤمية، وتبنى نظرية الطبيعة الدورية للتاريخ. يستمر الكتاب في تحليل منهجية المقدّمة وعلاقة ابن خلدون الشائكة بالفلسفة. ويستكشف علاقة ابن خلدون بالصوفية، والغموض والسحر، والخيال العلمي، والاقتصاد، ويتتبع إقامته في مصر بين المماليك وعمله كقاضٍ في الفقه المالكي، ولقاءه بتيمور، القائد التركي، في دمشق. 

يختتم إروِن كتابه في فصل بعنوان «أغرب ما قيل في المقدّمة» (وقد تكون الترجمة الأدق لعنوان الفصل هي «الحيوات الآخرة الغريبة للمقدّمة»)، لعله يشكل نقطة الانطلاق الأساسية للكتاب والأفكار التي يحاول الرد عليها، إذ يسائل كون ابن خلدون كما نعرفه اليوم نتاجًا استشراقيًا، ويرصد ويحلل التأثير اللاحق لكتاباته، بدءًا من الأتراك العثمانيين، مرورًا بالقراءات الاستعمارية الفرنسية ومن ثم الألمانية والإنجليزية، وصولًا إلى القراءات العربية المعاصرة، والأعمال الأدبية والروائية المتأثرة بابن خلدون.


 

الطريق إلى صفقة وفاء الأحرار: «صفقة شاليط» 2006 – 2011
محمد عبد ربه مطر
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بيروت، 2022

كمال الجعبري

هذا الكتاب من تأليف الباحث الفلسطيني المختص بدراسة المفاوضات محمد عبد ربه مطر، وهو عبارة عن دراسة تحليلية وتوثيقية موسعة تقدم للقارئ المراحل التي مرت بها صفقة «وفاء الأحرار» وكيف أدارت المقاومة الفلسطينية دفة المفاوضات خلالها. يضم الكتاب ضمن فصوله تأطيرًا نظريًا لصفقات تبادل الأسرى بين حركات المقاومة وقوى الاحتلال من الناحية الإسلامية، والحقوقية الدولية، وتأريخًا لتاريخ تلك الصفقات بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني، ومن ثم يسرد الباحث بعرضٍ زمني كافة المراحل التي مرت بها الصفقة. وفي الفصل الثالث من الكتاب يحلل الباحث تجربة الصفقة ويستقرأها من حيث المراحل والظروف التي مرت بها، والمعوّقات التي واجهتها والأهداف الاستراتيجية لها، ومن ثم يتناول أداء المفاوض الفلسطيني خلالها مركزًا على أداء نائب القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام، آنذاك، الشهيد أحمد الجعبري، قبل أن يقدم الباحث عددًا من المقترحات لإنجاح أي صفقات قادمة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني.


 

التجربة العسكرية الفلسطينية: ملاحظات في النظرية والأداء
نافذ أبو حسنة
مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2022

كمال الجعبري

يتناول الكتاب تحليلًا لعدة انطلاقات في العمل العسكري الفلسطيني المقاوم، خلال فترة الاحتلال البريطاني، وما قبل نكسة حزيران، والتجربة الحالية التي بدأت في نهاية السبعينيات، مع ملاحظات من الكاتب على كل تجربة من تلك التجارب. يتناول الكتاب المقاومة الفلسطينية في الفترة الممتدة بين نهايات القرن التاسع عشر وحتى النكبة كحالة معيارية يقاس عليها ما بعدها، أو كما يسميها أبو حسنة «الإرث الجهادي الفلسطيني»، ومن ثم يؤرخ لبداية التجربة العسكرية الفلسطينية فيما بدأ من بعد النكبة وتم تتويجه بانطلاق فصائل منظمة التحرير الفلسطيني، مثل حركة «فتح» والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مقسمًا البداية الفعلية للعمل العسكري الفلسطيني بانطلاقة العمل الفدائي بعد نكسة حزيران عبر ثلاث محطات رئيسية: بين النكسة والكرامة، ومن ثم بين عامي 1967 و1970، ويفرد للتجربة العسكرية المقاومة في غزة في تلك الفترة عنوانًا منفصلًا. ثم يتناول الكتاب التجربة العسكرية الفلسطينية بين عامي 1970 و1982، إذ ابتدأت الفترة بخروج المقاومة الفلسطينية من الأردن وانتهت بخروجها من لبنان. ويركز الباحث في طرحه على محاولات المقاومة الفلسطينية لنقل التجربة لداخل فلسطين المحتلة، عبر استعراض تجربة «الكتيبة الطلابية» و«لجنة التنظيم 77».

وفي الفصل قبل الأخير في الكتاب يعرْج نافذ أبو حسنة على ما جمعه ضمن تحقيب زمني موحد، بنظره، تحت عنوان «الجهاد الفلسطيني مستأنفًا» في إشارة لانطلاق حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» وتفجر الانتفاضتين. وفي نهاية الكتاب يقدم أبو حسنة مجموعة من الملاحظات الإجمالية على أداء المقاومة الفلسطينية العسكرية الكلي، وتتركز تلك الملاحظات حول جغرافية فلسطين العسكرية وأهمية انطلاق العمل الفلسطيني المسلح المقاوم من الأرض الفلسطينية، مع وجود قواعد ارتكاز له في الخارج.  


 

الإنسان والعمران واللسان: رسالة في تدهور الأنساق في المدينة العربية
إدريس مقبول
المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت، 2020

ريما العيسى

الكتاب قراءة عابرة للتخصصات لأمراض المدينة، حيث يبحث العلاقة بين اللساني والاجتماعي في الفضاء المدني. فالمدينة كما يقول تخفي في كثير من الأحيان خلاف ما تظهر. كما يتتبع المؤلف جدلية العلاقة بين النفسي والعمراني في المدينة العربية. ويقدم تفسيرًا لعدد من الظواهر التي باتت علامة واضحة على تشوهات حياتنا المدينية نظرًا لإقبالنا على المدينة دون تخطيط أو تفكير. 

من العناوين الملفتة في الكتاب، الريف موضوعًا للحقد، ومخلفات الاستعمار في تقسيم المجال، والعشوائيات تفيض بالعنف، والمدينة العربية خلية نحل أم مقبرة، أسواق عملاقة تبلع بقال الحي، والتلوث البصري، إضافة إلى عناوين ملفتة أخرى، تدفع جميعها القارئ للبحث في هوية الفضاء ودينامية الرمز.

بحسب المؤلف، نحتاج اليوم لإعادة النظر في أعراض تمدننا العربي في الوقت الحالي، من أجل بعث نهضوي يرتقي بمستوى الإنسان في علاقته بذاته وبالآخر وبالعالم الذي يحتضنه، والعناية بعمارة الإنسان قبل عمارة العمران.


 

يافا.. دم على حجر: حامية يافا وفعلها العسكري، الجزء الثاني
بلال محمد شلش
المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2019

ريما العيسى

يعتبر الجزء الثاني من الكتاب دراسة تحليلية لما لم يروَ من قبل من تاريخ يافا خلال حرب 1948. يتناول الكتاب الوثائق والرسائل والتقارير والخرائط والسجلات التي تضم أسماء المجاهدين والشهداء في حامية يافا، مع عرض يومي لمجريات المعارك.

يعيد المؤلف قراءة التاريخ كي يثبت أن المدينة لم تسقط بدون مقاومة ولم تهزم قبل أن تقاتل. ويرى المؤلف أن ذلك جزء من كشف الحقيقة المغيبة في صفحات خزائن تاريخ المدينة المنهوب. ويقدم قراءة تحليلية للوقائع تضع القارئ في مواجهة الحدث.

يقع الكتاب في 796 صفحة، وثلاثة فصول. يتناول الفصل الأول يافا من شهر شباط 1948 وحتى نيسان 1948. وقسمت الوثائق فيه إلى محورين، الأول نسخة من الموقف اليومي لجبهات الحامية، والمحور الثاني بقية وثائق الحامية وبيانات الصحف وغيرها، مضمنة في الفصل الثاني بعنوان مختارات وثائقية. وأما الفصل الثالث فيشتمل على قوائم بأسماء المجاهدين والشهداء.


 

جهاد النساء: لماذا اخترن «داعش»؟
فتحي بن سلامة وفرهاد خسروخاور، ترجمة جلال بدلة
دار الساقي، بيروت، 2019

روان بيبرس

بعد عمليات التحالف الدولي ضد داعش ومحاصرة عناصر ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية في شمال سوريا، يعيش الآلاف ممن يُطلق عليهم «نساء وأطفال داعش» إما في سجون أو مخيمات أشبه ما تكون بالسجون في ظروف معيشية سيئة. بينما تنحدر النساء من أصول وجنسيات مختلفة، نرى تفاوتًا كبيرًا في تعاطي دولهن من تجاهل أو محاولات تجريد من الجنسية، وغيرها. في حالة النساء الأوروبيات خصوصًا، تهيمن سردية على الإعلام تحاكم النساء والقاصرات بشكل خاص وتتنصل من مسؤولية المواجهة و«إعادة التأهيل» وحتى الخوض في محاكمات عادلة ضد الإرهاب.

لا بد أن قرار الانضمام إلى تنظيم «داعش» وكل ما يترتب عليه له عواقب وخيمة. لكن ما الذي دفع أولئك الأوروبيات والإسكندنافيات الشابات والصغيرات في بعض الحالات إلى ترك حياة مألوفة والذهاب إلى المجهول؟ يقدم الكتاب مقاربات اجتماعية ونفسية تحليلية، بالإضافة إلى تحليلات مستندة إلى معايير موضوعية، كالسنّ والطبقة الاجتماعية ومكان الإقامة والانتماءات الثقافية. ويتطرق إلى البواعث الذاتية وراء الانتساب إلى هذا النظام القمعي والعنيف.

الكتابان فرنسيان من أبناء المهاجرين، ولديهما خلفية في علم النفس والاجتماع. ففتحي بن سلامة مختص في التحليل النفسي وفرهاد خسروخاور عالم اجتماع. مهتمة بالاطلاع على معالجة الكتاب للموضوع من ناحية أكاديمية دون بهرجة الإعلام وتفاصيله التي تلقى رواجًا وتجذب اهتمام القراء وتعزز سرديات عنصرية مسبقة تخدم أجندات سياسية.


 

الانقراض السادس: تاريخ لا طبيعي
إليزابيث كولبرت، ترجمة أحمد عبد الله السباعي وفتح الله الشيخ
المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 2019

دعاء علي

أكثر فأكثر، يصبح واقع التغير المناخي حقيقة لا يستطيع إنكارها أشد المتشككين وأبلد اللامبالين، خصوصًا مع تزايد وتيرة وشدة الكوارث الطبيعية من فيضانات وحرائق وعواصف وجفاف، واتساع رقعة المتأثرين فيها، خاصة بين من لم يتسببوا بكل ذلك، في جنوب العالم. 

يأتي كتاب الصحافية الأمريكية إليزابيث كولبرت ليضع التحولات البيئية الراهنة في سياقها الأوسع، الأوسع جدًا، منذ ظهور الحياة على كوكب الأرض، ساردًا قصة الانقلابات الحيوية المدمرة السابقة التي شهدها التاريخ، والتي سببتها أحداث نادرة أدت إلى «هبوط مفاجئ في تنوع الحياة»، كانت خمس منها كارثية بما يكفي لتعتبر الانقراضات الخمس العظام. تروي كولبرت تاريخ اكتشاف البشر لهذه الانقراضات والأسباب التي قادت إليها والكائنات التي كانت ضحيتها، متتبعةً في كل فصل من فصول الكتاب الثلاثة عشر قصة انقراض أحد الأنواع الحية، وصولًا إلى «الانقراض السادس»، الذي نشهده ببطء اليوم، والذي بات يطال العديد من البشر، فيما تسميه كولبرت تاريخًا لا طبيعي، على عكس الانقراضات السابقة.

تغوص الكاتبة في عوالم سحيقة ذات كائنات غريبة سبقتنا أو عاصرتنا -وقضينا أو تفوقنا عليها- عبر سرد جذاب. لكن مثل كثير من الأعمال التي تتناول التغير المناخي، تطغى على الكتاب لغة فوق-سياسية، تحدثنا عن نوع بشري دمّر الكوكب ويستمر في قيادتنا نحو الهلاك، تمثله «نحن» صمّاء، لا تمايز فيها. ربما ليس مطلوبًا من كل كتاب يتناول الأزمة البيئية أن يكون بالأساس شرحًا لما تمثله الرأسمالية كمرحلة تاريخية وعلاقتها التدميرية بالطبيعة، لكن لجوء الكتاب إلى لغة منذرة بالفناء توزّع المسؤولية عنه بشكل متساوٍ يذّكر بمقولة مارك فيشر بإن «تخيّل نهاية العالم أسهل من تخيّل نهاية الرأسمالية».

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية