ناصر الدين الأسد

ناصر الدين الأسد: سيرة محفوظة «في الشعر الجاهلي»

تصميم محمد شحادة.

ناصر الدين الأسد: سيرة محفوظة «في الشعر الجاهلي»

الثلاثاء 28 شباط 2023

عندما أنهى محمد أحمد جميل الأسد، المولود في العقد الأخير من القرن التاسع عشر، تعليمه في مدارس مدينة حماة العثمانية، اتجه إلى مصر للدراسة في الأزهر،[1] وهناك انخرط في الفضاء الثقافي المصريّ؛ فتواصل مع رجل الدين رشيد رضا، مؤسس مجلّة المنار، وابن أخيه محي الدين رضا، المحرّر بجريدة المقطّم، والأديب والصحفي جرجي زيدان مؤسس مجلّة الهلال.

وخلال دراسته؛ اندلعت الحرب العالمية الأولى فطلبه الأمير فيصل بن الحسين، قائد الجيوش الشماليّة في جيش الحسين بن علي ضد الدولة العثمانيّة، فقطع دراسته والتحق به.

عيّن محمد الأسد في البداية كاتب رسائل في قضاء الوجه الواقع على ساحل البحر الأحمر شمالي الحجاز، ثم تدرّج في المناصب حتى وصل إلى قائم مقام العقبة.[2] وخلال عمله ظلّت الحسرة في قلبه لعدم إكمال تعليمه في مصر؛ لذا حاول -دون جدوى- إكمال تعليمه في دمشق.[3]

بعد سنوات، عندما انتهت الثورة العربية وقامت إمارة شرقي الأردن، عمل الأسد تاجرًا في عاصمتها عمان، وتوفي في عام 1939، لكن «لم يعرف عنه أهل عمّان إلا أنه كان تاجرًا في شارع السعادة ثم في ساحة الجامع العُمري [الحسيني]، ولم يذكره أحد ممن كتب في تاريخ الأردن، أو في سيرة الحسين بن علي وأولاده مع أنه كان من المقربين إليهم».

انتهت سيرة الأب، لكن ابنه البكر أحمد ناصر الدين الأسد، المولود في 14 كانون الأوّل 1922 في العقبة، من أمٍ مسيحية من موارنة لبنان، هي ماري جريس شعيا، وكانت دخلت الإسلام للزواج من أبيه وغيّرت اسمها إلى أمينة بنت عبدالله، سيعاود الكرّة مرة أخرى ويدخل مصر لإكمال تعليمه الجامعيّ فيها، ويتصلّ، كما اتصل أبوه من قبل، برجال الفكر والثقافة فيها.

سيظل اسم الأسد الابن محفوظًا في الثقافة العربيّة لعشرات السنوات كطالب جامعيّ لم يتجاوز الثالثة والثلاثين من عمره آنذاك، قدّم دراسة تأصيليّة لأحد أهم سجالات الأدب العربيّ حينها، وكانت واجهتها صحّة الشعر الجاهلي، وفي عمقها الخلاف بين خطابين ثقافييْن؛ خطاب من أُطلق عليهم المجدّدون وخطاب المحافظين.

محمد أحمد الأسد، المصدر: أرشيف بشر الأسد.

البدايات: بين الأردن وفلسطين

بسبب تنقّله مع والده، لا يتذكّر الأسد الكثير عن فترة دراسته الأولى في مدارس العقبة، ووادي موسى، والشوبك، ومعان. تبدأ ذكرياته واضحةً في فترة دراسته بمدارس عمّان؛ تحديدًا في مدرسة الهاشمية بجبل اللويبدة، ومدرسة العسبلية أمام المدرّج الروماني.

كأي طالبٍ في تلك الفترة، عرف الأسد كلاسيكيات الأدب العربيّ من المنهاج، لكن معلميه وطّدوا علاقته بهذا الأدب وخاصة الشعر منه، في البداية عرّفه أستاذه أحمد العبد الدبعي المتخرّج في الصف العاشر من مدرسة السلط[4] على الشعر الجاهليّ، وقدّم له سعيد الدرّة تفسيرات جديدة للعلاقة بين الشعر والأحداث التاريخيّة، وكان بين معلّميه شعراء مثل عبد المنعم الرفاعي وحسني فريز.

الأسد في مدرسة معان الابتدايّة سنة 1932 من أرشيف بشر ناصر الدين الأسد.

كانت حكومة إمارة شرق الأردنّ توفد تلميذًا واحدًا في كل سنة دراسيّة من أوائل المدارس الثانوية في الإمارة في إربد وعمان والكرك والسلط، للدراسة في الكليّة العربيّة في القدس لأنّها كانت أعلى معهد تعليمي في الأردن وفلسطين.

ولمّا كان الأسد من أوائل المدرسّة؛ أوفدته الحكومة للدراسة في الكلية العربيّة في القدس العام الدراسي 1938-1939. في هذا العام توفي أبوه، وكان قد مضى على وفاة أمه خمس سنوات.

في القدس، تعمّقت صلته بالأدب أكثر عن طريق معلّميه، وكان بينهم شعراء وكتّاب مثل: نقولا زيادة، وجورج حوراني، وكاظم الخالدي، وكنج شكري،[5] بالإضافة إلى مدرّس آخر هو إسحاق موسى الحسيني، الذي درّبه على أساليب البحث العلمي، وشجّعه على إكمال تعليمه في مصر؛ لذا ولبقيّة حياته سيظلّ الأسد يدين للحسيني، ويعتبره أهم شخص أثّر فيه في تلك الفترة.

لم يتردد الأسد لاتخاذ قرار الدراسة في مصر؛ إذ وافقت نصيحة الحسيني رغبةً دفينةً وبعيدةً في عقل الأسد ورثها من أبيه في سنوات دراسة الأخير هناك، والتي طالما حدثه عنها. بالإضافة إلى ذلك كانت مصر أهمّ ساحة أدبيّة وفكريّة في الوطن العربي تثير حماسة المثقفين العرب للإقامة فيها والدراسة، فالتحق بجامعة فؤاد الأوّل بعد تخرّجه من الكلية العربيّة عام 1943.[6]

صورة شخصيّة لناصر الدين الأسد مأخوذة سنة 1941 من أرشيف بشر ناصر الدين الأسد.

مصر: بين المجددين والمحافظين

منذ بدايات القرن التاسع عشر، اتصل المصريون بأوروبا عن طريقين؛ المدرسين الأجانب في المدارس المصرية التي أنشأها محمد علي، والطلبة المصريين المبتعثين إلى دول أوروبية.[7]

ومع نهايات ذلك القرن، بدأ التأثر بالثقافة الأوربيّة يتسّع في مصر؛ فافتتحت دار الأوبرا (1869)، ثم المكتبة الخديوية (1870)، وانتشرت أكثر الصحف والمجلات والكتب المترجمة عن لغات أجنبيّة ودرسَ في جامعة فؤاد الأوّل مستشرقون، مثل جويدي وكارلو نللينو.

أدى هذا الانفتاح على أوروبا إلى ولادة خطابين في الثقافة في مصر مع بدايات القرن العشرين؛ خطاب يدعو إلى إعادة النظر في اللغة والقومية والتاريخ العربي ومنه الإسلامي، وأطلقت الصحافة المصرية عليهم مسمى المجددين، وخطاب آخر يعارض الخطاب الأول، وبعضهم من خريجي وطلبة ومدرسين الأزهر، عرفوا في الصحافة بالمحافظين.

انتشرت السجالات في الصحف والمجلات المصرية، وشملت قضايا مثل القوميّة العربيّة والقوميات الفرعية، والخلافة الإسلامية، والاعتماد على اللغة المحكية مكان العربيّة الفصيحة في الكتابة،[8] وتعريب المصطلحات الأجنبية،[9] واقتراح الكتابة بالأحرف اللاتينية،[10] وغيرها.

كان أحد هذه السجالات قد بدأ لكن بشكل خافت عندما نشر المستشرق الإنجليزي ديفيد مرجليوث بحثه «نشأة الشعر العربي» في مجلّة الجمعية الملكية الآسيوية عام 1925، خُلاصته أن الشعر الجاهلي ما هو إلّا شعر إسلامي وضعه الرواة ونسبوه إلى مرحلة ما قبل الإسلام.

احتدمت السجالات بعد نشر طه حسين -الذي عدّ من فريق المجددين- كتابه «في الأدب الجاهلي»* سنة 1926 وحمل آراءً قريبة من آراء مرجليوث، بالإضافة إلى احتوائه خلال مناقشة صحة الشعر الجاهلي تأويلًا لأحداث وظواهر جرت فترة ما قبل الإسلام، واستمرت لما بعد ظهوره، واستقبل الكتاب في بعض الأوساط على أنه «كفر بالله وسخرية بالناس، فكذّب الأديان وسفَّه التواريخ».[11] نشرت على الأقل ستّة كتب ردًا على هذا الكتاب[12] خلال السنتين التاليتين لصدوره، بالإضافة إلى الكثير من المقالات في المجلات والصحف، وجرت مناقشته في بيوت المثقفين والمقاهي.

حضر الأسد بعد دخوله مصر بعض هذه المجالس من الفريقين: المجددين والمحافظين، وكانت آثار السجالات حول صحّة الشعر الجاهلي لم تنته بعد. ظلت هذه السجالات تثار طوال فترة وجود الأسد في القاهرة للدراسة فيها. وعندما أنهى المرحلة الجامعية الأولى عام 1947 تنقّل في العمل في فلسطين مدرسًا في المدرسة الإبراهيمية بالقدس وفي الإذاعة العربية لمحطة الشرق الأدنى، ثم ليبيا التي جاءها إثر حرب 1948 وأسس هناك مع معلمين مصريين أول مدرسة ثانوية متوسطة في طرابلس.[13]

كانت مسألة صحة الشعر الجاهلي وقيمته تؤرقه خلال هذه السنوات[14] التي عمل فيها فيها في فلسطين وليبيا، لذا عاد إلى القاهرة مرة أخرى لدراسة الماجستير، وقدّم رسالته في العصر الجاهلي وصدرت في كتاب بعنوان «القِيان والغناء في العصر الجاهلي» 1951. ثم عاد مرة أخرى في مرحلة الدكتوراه واختار البحث في صحّة هذا الشعر بشكل مختلف، ومع أنه صرّح أن قصده من البحث أن ينهج نهجًا علميًا خالصًا لا يميل فيه مع هوى ولا يتعصب لرأي،[15] إلّا أن تكوينه المعرفي منذ كان في مدارس الأردن يتلقى قصائد الشعر الجاهلي من مدرسيه، وقبلها تكوينه البدوي الذي يفتخر به، كان مهددًا تحت آراء الشكّ في هذا الشعر، ومن على مبدأ أن «ليس من باحث يبحث عن معرفة للتراث إلّا وهو يُحاول أن يُنتج معرفة عن التراث (تتكيّف) مع نظام بنائه الفكري أو مع منطلقاته»[16] بدأ الأسد سعيه لإثبات صحّة الشعر الجاهلي.

درس الأسد مجتمعات العرب في الجاهليّة، والطبقات الاجتماعية فيها، وقبائلها، وأديانها، والمستوى المعرفي لقبائلها، ليدلل أن الشعر قد دوّن بعضه، ولم ينقل شفاهةً كلّه. ثم انتقل للبحث في الكتابة في العصر الجاهلي، ونشأة الخطوط والتنقيط والحالة التعليمية في الجاهلية، وأدوات الكتابة وموضوعاتها وأين انتشرت. وبعدها انتقل إلى فترة بداية التدوين بشكل عام، ومنه تدوين الحديث النبوي والفقه والسيرة وتفاسير القرآن، وكيف دون من أفواه الرواة وطبقات المدونين، واستعرض قضية النحل والوضع في الشعر الجاهلي العربيّ وآراء المستشرقين والعرب في هذه القضيّة، حتّى وصل إلى آراء طه حسين الذي «استقى أكثر مادته من العرب القدماء، وسلكَ بها سبيل مرجليوث في الاستنباط والاستنتاج والتوسّع في دلالات الروايات والأخبار».[17] ليصل في نهاية بحثه أن الشعر الجاهلي قد دوّن بالفعل وإن كان ليس كلّه، وأن مسألة وضعه بعد الإسلام ليست صحيحةً تمامًا.

كتاب من جامعة فؤاد الأوّل إلى ناصر الدين الأسد يخبره بموعد مناقشته لرسالة الدكتوراه. المصدر: أرشيف بشر ناصر الدين الأسد.

لا تقتصر فائدة الرسالة على حقل الشعر، لأن بعض موضوعاتها تتقاطع مع حقول أخرى مثل مسألة تدوين الحديث النبوي والسير.

لفتت رسالة الأسد المثقفين، واتصل سكرتير طه حسين، فريد شحادة، بالأسد وقال له: جهّز نفسك أنا الآن أقرأ الكتاب للدكتور طه حسين وهو من حين إلى حين ينهض من مقعده وأحسّ أنه سيزورك.
كان اسم طه حسين قد تأكد منذ سنوات، بعد الكثير من آرائه ومؤلفاته، كقوة كبيرة في الأدب العربي، وأطلق عليه لقب عميد الأدب العربي. وكان أحد رموز الأدب التي لا يمكن تجاوز رأيها.

يقول الأسد: «زارني [طه حسين] بمكتبي بالإدارة الثقافيّة بجامعة الدول العربيّة متجهمًا دون أن يُلقي السلام وجلس، ثم بدأ يتحدث، وأسمعني من القول أغلظه». لم يرد الأسد، وسيقول لاحقًا: «تألمت كثيرًا لأنني كنت أتصور أن الدكتور طه حسين بلماحيته سيلحظ أن الكتاب ليس ردًا عليه، وإنما هو دراسة تأصيليّة جامعيّة منهجيّة». بعد أسبوع دخل طه حسين على الأسد وقال له: منهجك جيد وأسلوبك الأدبي جيد وأنا راضٍ عن الكتاب.

هكذا، وبعمر لم يتجاوز 33 عامًا، في القاهرة موطن السجالات الأدبية والفكرية الأكثر حدة في الوطن العربي، ولد كتاب ناصر الدين «مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية» وولد معه اسم الأسد كباحثٍ تأكد اسمه بين الكبار.

حصل الأسد في عام 1955 على الدكتوراه بتقدير امتياز، وحصل كذلك على امتياز آخر وهو مقولة متداولة: في صحة الشعر الجاهلي ثمة قولان قول طه حسين وقول الأسد.

خبر نيل الأسد الدكتوراه في الآداب في جريدة الجمهورية. المصدر: أرشيف بشر ناصر الدين الأسد.

الأسد ينشغل بالعمل الإداري

بدا الحمل ثقيلًا على الأسد بعد نشر كتابه «مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية 1956» لمحاولة تجاوزه، فانتقل إلى الكتابة في موضوع لم يكن قد كُتب فيه من قبل[18]، فخرج كتاباه «الاتجاهات الأدبية الحديثة في فلسطين والأردن 1957»، ثم «الشعر الحديث في فلسطين والأردن 1961»[19] حاول فيهما التأصيل؛ فاستعرض في البداية تاريخ البلدين السياسيّ، وجُغرافيتهما، والمستوى التعليمي فيهما. ثم تعريفًا بالكتّاب فيهما، لكن دون تناول التفاصيل والاتجاهات الأدبية، إذ اقتصر الكتابان على «الإلمام السريع بالموضوع، وتجنب الخوض في التفصيلات».

بعدها، ولقرابة 40 عامًا، تنقلّ الأسد في 11 وظيفة إداريّة في التعليم والسلك الدبلوماسي والإدارة الثقافية في مصر وليبيا والأردن.[20] بالإضافة إلى عضويّته في مجامع اللغة العربيّة في دمشق، والقاهرة، والأردن، والصين، وفي المجمع العلمي الهندي والمصري، وأكاديمية المملكة المغربية، واللجنة الملكية لجامعة آل البيت، واللجنة الملكية لشؤون القدس في الأردن.[21]

شغلت هذه الوظائف الأسد عن البحث، وكان يشكو -كما يقول ابنه بشر- من العمل الإداري الذي سلب الوقت منه، ومع ذلك، نشر الأسد على فترات متباعدة كتبًا في التحقيق والترجمة، وأبحاث في مسائل لغوية، وحتى كتبًا في الفكر، لكن ستبقى كتبه «مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية» وكتاب «الحياة الأدبية في فلسطين والأردن» و«الشعر الحديث في فلسطين والأردن» هي الأبرز التي وضعت اسمه مع جيل الكبار.

تأكّدت صورته كمرجعٍ في الأدب الجاهلي واللغة في كليّات الآداب في جامعات الوطن العربيّ، وكان بينها جامعة الموصل في العراق، التي درّس فيها الدكتور إسماعيل القيّام مرحلة البكالوريوس اللغة العربية وآدابها بداية التسعينيات، إذ كان اسم الأسد -كما يقول القيّام لحبر- حاضرًا على الدوام في مناقشات الماجستير والدكتوراه، كأحد أبرز المراجع في هذا الموضوع.

كانت بعض مؤلفات الأسد في فترة ما بعد القاهرة إعادة لموضوعات ولدت أفكارها في فترة القاهرة، أو نشرها في مجلات سابقًا أو أجرى بعض التعديلات عليها،[22] أو موضوعات جديدة لكن جزئيّة لا تتناول مواضيع كبيرة جمعها في كتاب: تحقيقات لغوية، وفي كتاب آخر بعنوان: تحقيقات أدبية،[23] وحوى كتابه ألفاظ من القرآن الكريم مقالات منشورة سابقًا.[24]

خلال عمله في التدريس بالجامعة الأردنية بين التسعينيات والألفينيات لمرحلتيْ الماجستير والدكتوراه، كان اسم الأسد يجذب بعض طلبة البكالوريوس لحضور محاضراته مثلما حصل مع المدرس في كلية الآداب بالجامعة الأردنية، الدكتور عمر الفجّاوي، حين كان طالبًا. يقول الفجاوي لحبر إنه حضر محاضرات الأسد دون أن يكون طالبا عنده، وكان ينظر إلى هيبة الأسد كشخصٍ تأصيلي فيما يكتب، وشخصٍ يتخيّر ألفاظه حين يتحدّث.

ناصر الدين الأسد، أول رئيس للجامعة الأردنية (1962 -1968).

لقد شكّل الأسد صورة المدرّس المثلى لثلاثة أجيال من بعده في الجامعة، يستذكر الفجاوي الأسد في بدايات الفصول الدراسيّة في الجامعة حيث يبدأها بإهداء كتبه إلى طلّابه، وكان يكره أن تباع كتبه «معظم كتبي حصلت عليها إهداءات» يقول الفجّاوي.

لهذا، قبل وفاته في أيّار 2015، أهدى الأسد مكتبته الشخصيّة إلى مكتبة الجامعة الأردنيّة، وضمّت قرابة 21 ألف كتاب، احتفظ أولاده بالقليل منها، مثل نسخة كتاب طه حسين النادرة «في الشعر الجاهلي»، الصادرة سنة 1926، كما يقول بشر.

ترك الأسد مئات الصفحات المخطوطة والتي يحتفظ بها ابنه بشر في بيته، قد يكون جزء منها نشر قديمًا في مجلّات أدبيّة، كما يقول بشر، فيما يقول الفجاوي إن الأسدَ كان يعمل آخر أيّامه على كتابة الموسوعة الأردنية الميسرة على غرار الموسوعة الفلسطينية الميسرة التي حرّرها الأسد.

قاعة تحمل اسم ناصر الدين الأسد في مكتبة الجامعة الأردنية، وفيها مكتبته.

يمكن القول إن للأسد أكثر من سيرة؛ فطلّابه في الجامعة الأردنية وليبيا ومصر يعرفون سيرته كأستاذ له طريقته الخاصّة في التدريس ألف فيها بعض الكتب،[25] وسيرة أخرى في الكتابة والمعرفة بالعربيّة يعرفها المختصون في النقد وأعضاء مجامع اللغة العربيّة وغير العربيّة، وسيرة أخرى إداريّة تقلّد فيها بعض المناصب في الأردن، مثل رئاسته لأوّل جامعة أردنيّة، وأول وزارة أردنية للتعليم العالي، وسيرةٌ أخرى شخصيّة تعرفها عائلته وفيها الكثير من الحكايات غير المنشورة التي ربّما تظهر يومًا.

  • الهوامش

    *صدر كتاب طه حسين بطبعته الأولى بعنوان «في الشعر الجاهلي» وحين قامت ضجّة عليه وسحبت السلطات المصرية نسخه جرى تغيير العنوان بعد إجراء مؤلفه بعض التغييرات عليه إلى «في الأدب الجاهلي».

    [1] مي مظفر، ناصر الدين الأسد جسر بين العصور، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، ط1، 2000 ص 10.

    [2] ناصر الدين الأسد، محمد أحمد الأسد، سيرة وثائقيّة، دار الفتح للدراسات والنشر، ط1، 2008، ص: 11، 12، 13، 14، 16، 30، 31، 203.

    [3] أراد مرة أخرى أن يكمل تعليمه في دمشق، غير أنه لم يكمله بسبب دخول الفرنسيين.

    [4] ناصر الدين الأسد، مقابلة أجراها الدكتور مهند مبيضين في مجلّة المستقبل العربي، عدد (314)، تموز 2013.

    [5] مي مظفر، ناصر الدين الأسد جسر بين العصور، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، ط1، 2000 ص 17 -21 و 24

    [6] ودرّس لفترة قصيرة في مدرسة عمّان الثانوية المتوسطة. كان حينها قد صار يتيم الأم وهو لم يكمل 13 عامًا، ويتيم الأب وهو لم يكمل 17 عامًا.

    [7] جمال الدين الشيّال، تاريخ الترجمة والحركة الثقافيّة في عصر محمد علي. مؤسسة هنداوي، 2021 ص 22، 35، 55

    [8] بدايتها في 1913 بين لطفي السيّد ومصطفى صادق الرافعي على صفحات جريدة اللواء ومجلّة البيان.

    [9] بدأت منذ 1931 بين طه حسين ومنصور فهمي على صفحات جريدة الأهرام ومجلّة البيان

    [10] بدأت في 1944 بين بين عبد العزيز فهمي ومحمد كرد علي ومحمد محمود شاكر وعبّاس محمود العقاد، على صفحات مجلّة الرسالة

    [11] مصطفى صادق الرافعي تحت راية القرآن دار الكتاب العربي، ط7، 1974، ص 8

    [12] مثل كتاب مصطفى صادق الرافعي «تحت راية القرآن 1926»، وكتاب محمد الخضري «محاضرات في بيان الأخطاء العلمية التاريخية التي اشتمل عليها كتاب: في الشعر الجاهلي 1927»، وكتاب محمد الخضر حسين «نقض كتاب في الشعر الجاهلي 1926 أو 1927»، وكتاب محمد فريد وجدي «نقد كتاب في الشعر الجاهلي 1926»، وكتاب محمد لطفي جمعة «الشهاب الراصد 1926»، وكتاب محمد أحمد الغمراوي «النقد التحليلي في كتاب في الأدب الجاهلي 1929».

    [13] أحمد العلاونة، ناصر الدين الأسد العالم المفكر والأديب الشاعر، دار القلم، دمشق، ط1، 2004، ص 17

    [14] ناصر الدين الأسد، مقدمة كتاب «مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية» دار المعارف، ط 5، ص 5

    [15] ناصر الدين الأسد، مقدمة كتاب «مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية» دار المعارف، ط 5، ص 7 وقال: «فقد كان قلبي مع هذا الشعر حين كنت أقرأه وكان عقلي عليه حين كنت أقرأ عنه، فأردت أن أصل إلى يقين»

    [16] حسين مروّة، تراثنا.. كيف نعرفه. مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، ط 2، 1986، ص 7

    [17] ناصر الدين الأسد، مقدمة كتاب «مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية» دار المعارف، ط 5، ص 380.

    [18] ناصر الدين الأسد، الحياة الأدبية الحديثة في فلسطين والأردن حتى سنة 1950، مؤسسة عبد الحميد شومان والمؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط1، 2000، ص 5 و 6

    [19] دُمِج الكتابان معًا وصدرا في كتاب واحد هو الحياة الأدبية الحديثة في فلسطين والأردن حتى سنة 1950.

    [20] تنقل السد موظفًا في الإدارة الثقافية بجامعة الدول العربية حتى 1959، ثم أول عميد كلية الآداب في الجامعة الليبية ببنغازي حتى 1961، وعميدًا لكلية الآداب بالجامعة الأردنية ومدرسًا فيها وأوّل رئيسٍ لها بين 1962 -1968، ثم وكيلًا للإدارة الثقافية في جامعة الدول العربية ثم مديرًا عامًا مساعدًا مشرفًا على الشؤون الثقافية بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم 1968-1977، ثم سفيرًا للأردن في المملكة العربية السعودية بين 1977- 1978، ثم رئيسًا للجامعة الأردنية للمرة الثانية بين 1978-1980، ورئاسة المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية (مؤسسة آل البيت) وتولى رئاستها حتى عام 2000، ووزيرًا لأول وزارة للتعليم العالي في الأردن بين 1985-1989، ثم رئيسًا لجامعة عمّان الأهلية بين 1991-1993، ثم رئيس مجلس أمناء جامعة الإسراء حتى 1996 ثم عضوًا في مجلس الأعيان بين 1993-1997. أحمد العلاونة، ناصر الدين الأسد العالم المفكر والأديب الشاعر، دار القلم، دمشق، ط1، 2004، ص 19

    [21] أحمد العلاونة، ناصر الدين الأسد العالم المفكر والأديب الشاعر، دار القلم، دمشق، ط1، 2004، ص 19

    [22] مثل تحقيقه في جمع وادٍ، منشور في مجلة مجمع اللغة العربية بمصر، عدد(26)، 1 آذار 1972، ص 29 – 39، وكلمة حماس وحماسة المنشورة في نفس المجلة العدد (34)، 1 تشرين الثاني 1974، ص 39 -44، ولفظة العشرينات المنشورة في مجلة مجمع اللغة العربية الأردني، عدد(1)، 1 كانون الثاني 1978، ص 139-145

    [23] صادر عن أمانة عمان، 2006، وحوى مقالات قديمة مثل: البطولة في الأدب الجاهلي المنشور في مجلّة الآداب عدد (1) 1 كانون الثاني 1959. ص 43- و44، ومقال: عناصر التراث في شعر شوقي المنشور في مجلة فصول عدد (1)، 1 كانون الأول 1982، ص 23 – 32. ومقال التراث والمجتمع الجديد المنشور في مجلة الأقلام عدد (8) بتاريخ 1 آب 1965، ص 68-77. ومقال ليس في شعر ابن زيدون المنشور في مجلّة الثقافة، عدد(1) بتاريخ 1 كانون الأول 1975، ص 53-59. ومقال: اللغة العربية وقضايا الحداثة المنشور في مجلّة فصول عدد (3) بتاريخ 1 حزيران 1984. ص 121-127.

    [24] مثل لفظة أعراب وبادية المنشور في مجلة الدوحة، عدد (8) بتاريخ 1 آب 1976 ص

    [25] مثل كتاب «الأمالي الأسديّة» الذي ألّفه الدكتور إسماعيل القيّام حين كان طالبًا عنده.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية