أدب الصداقة

في أدب الصداقة

تصميم محمد شحادة.

في أدب الصداقة

الأربعاء 24 آب 2022

في رسالة «الصداقة والصديق» التي جمع فيها أبو حيّان التوحيدي ما قيل في الصداقة من أقوال وأشعار منذ عصر الجاهليّة حتى نهاية القرن الرابع الهجري، يصنّف أبو حيّان طبقات مجتمعه تبعًا لحوار دار بينه وبين أستاذه سليمان بن طاهر السجستاني:

«قال [السجستاني]: أمّا الملوك فقد جلّوا عن الصداقة، ولذلك لا تصح لهم أحكامها…وإنما أمورهم جارية على القدرة والقهر والهوى والاستحلاء والاستخفاف، وأما خدمهم وأَوْلِيَاؤُهُمْ فعلى غاية الشبه بهم…وأمّا التنّاء[1] وأصحاب الضياع فليسوا من هذا الحديث في عير ولا نفير، وأمّا التجار فكسب الدوانيق[2] سد بينهم وبين كلّ مروءة…وأمّا الكتّاب وأهل العلم، فإنهم إذا خلوا من التنافس والتحاسد والتماري والتماحك، فربما صحّت لهم الصداقة وظهر منهم الوفاء وذلك قليل، وهذا القليل من الأصل قليل».[3]

يائسًا من العثور على ذلك القليل، كتب التوحيدي رسالته تلك باثّا ما في نفسه من حسرة وحرقة؛ يناجي ذاته ويسائلها عمّا تعنيه الصداقة الحقّة. وبينما تعرض معظم طبقات المجتمع آنفة الذكر عن الصداقة لغياب منفعتها، يربط السجستاني في حديثه إلى التوحيدي صداقة الكتّاب وأهل العلم بما يسمّيه أرسطو «صداقة الفضيلة».[4] إذ تأثر التوحيدي كأستاذه من قبله بالفلسفة الفضائليّة الفارابيّة،[5] ممّا أضفى نزعة مثاليّة على صفات الصديق الحقيقيّ لديه، فارتأى وجوده منوطًا «بالمدينة الفاضلة»؛ في مجتمع متماسك ومتآخ، يتحرّك أهله مدفوعين بالعواطف والفضائل، فيما ارتأى في «الفساد والانحطاط الأخلاقي» السائد في عصره[6] سببًا لتراجع قيم الصداقة وندرة وجود الصديق الحقيقي.[7]

بين الواقع والمثال، ظلّ سؤال الصداقة قائمًا وملحًّا حتّى يومنا هذا، بعد أن أرّقت إجابته الفلاسفة والأدباء فجعلوا منه موضوعًا للكتابة، فيما انشغل بعضهم في الإجابة عنه في مراسلاتهم الأدبية. ويمكن النظر إلى فعل كتابة الرسائل بوصفه فعلًا من أفعال الصداقة، بحيث تعكس الرسائل تلك الرغبة العميقة في محاورة الآخر ومناجاته روحيًا، وتخلق مساحة بيضاء للبوح والشكوى والتفكير بصوت عالٍ، دون رقابة أو قيود.

إلا أنّ ما تتيحه دور النشر من كتب جمعت فيها الرسائل التي يتبادلها الأدباء والأديبات فيما بينهم قديمًا وحديثًا، يدفعنا للتساؤل عن مدى قدرة «أدب الرسائل» على إظهار ما تعنيه الصداقة حقًا، خاصةً بعد أن تفقد تلك الحوارات شيئًا من خصوصيتها وتمسي مشاعًا للجميع. ولنا أيضًا أن نتساءل عن مدى مصداقية تلك الرسائل، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار معرفة بعض الأدباء والأديبات المسبقة بأن تلك الرسائل المتبادلة قد تنشر فيما بعد.[8] 

وقبل أن نشرع في مساءلة ما تعنيه الصداقة بالنسبة لهم أولًا، وما تعكسه الرسائل من سياقات جندريّة وفنيّة وفلسفيّة وسياسيّة نشأت في كنف الصداقة تاليًا، فإننا كقارئات وقراء في عصرنا الرقمي لا بدّ أن تغوينا رائحة الحبر والورق القديم، ويشدنا خط اليد على رداءته، فنغرق في الحنين إلى زمن المغلّفات والطوابع البريدية، ونتورّط في إزجاء الوقت بين رسالة وردّها، ونعلّم الخيال أن يحترم المسافات دون أن يضع اعتبارًا للجغرافيا والحدود، إلى أن ندرك أننا أسبغنا على «صداقاتهم» الأدبية طابعًا مقدسًا دون وعي منّا، بل بتأثير الحنين إلى زمن ورقيّ لم يعد -بمباهجه ومسرّاته الصغيرة- لنا.

«نهضويّة» أدب الرسائل

رغم أن فنّ الرسالة متجذّر في الأدب العربي القديم، يشير بعض النقاد إلى اكتسابه قالبًا حداثيًا -تبنته المجلات الأدبية ودور النشر فيما بعد- خلال ما يعرف بعصر «النهضة العربية».

في مقدمته لكتاب «في أدب الصداقة» الذي يجمع رسائل عبد الرحمن منيف ومروان باشي، يصف فواز طرابلسي أدب الرسائل بأنه «أدب نهضوي بامتياز»؛ لأنّه «درج إبان النهضة العربيّة في مرحلتيها المتأخّرة والمتقدمة. ونهضويّ أيضًا بمعنى النبرة الفرديّة والثقة بمفعول الكلمة وبأهميّة التبادل والحوار»، فهل ذلك فحسب ما يجعل منه نهضويًا؟

لعل ما يجعل من أدب الرسائل نهضويًا كامن في رغبة الأدباء والأديبات بالنهوض بفكرة الصداقة بشكل فعليّ، بعيدًا عن المجاملات النقدية، وما إلى ذلك من المغالاة في أساليب التبجيل والتزويق في الخطاب، والتكلف اللغوي الذي يجعل من الرسالة أقرب إلى مقالة وصفية أو خاطرة. فهل تمكّن أدباء وأديبات ما يسمى «بعصر النهضة» من الوصول إلى هذا المستوى من الصدق والوضوح في مراسلاتهم الأدبية فعلًا؟

في النظر إلى رسائل الأديبة مي زيادة إلى أصدقائها من أعلام «عصر النهضة» على سبيل المثال، يظهر أنها كانت تولي الصداقة شأنًا عظيمًا في حياتها؛ فكتبت تناقش موضوعها في عدد من رسائلها، كاشفة في أكثر من موضع عن رغبتها الملحة بالتواصل الإنساني مع صديق مقرب منها.

في رسائلها إلى صديقها يعقوب صروف (صاحب مجلتي المقتطف والمقطم)، نتابع الصداقة تتبرعم بينهما تدريجيًا، بدءًا من تلك الرسائل التي كتبتها عام 1918 مخاطبة إياه في مطلع الرسائل بلقب «أستاذي»، حيث يبدو الأسلوب المتحفظ والمهنية في التعبير جليين في أولى رسائلها، لتضحي أقرب إليه في رسائلها اللاحقة، وتلقبه بـ«أستاذي فرعون». أما صروف فيبدو أقل تحفظًا منها وأكثر رغبة في رفع الحواجز بينهما، فيخاطبها بـ«يا حبيبتي» أحيانًا، فيما يفتتح رسائله لها بألقاب مبجلة، فيها الكثير من الغلو أحيانًا أخرى، مثل: «عزيزتي الإمبراطورة المستبدة»، و«عزيزتي الدرة اليتيمة»، و«عزيزتي ملكة البلاغة»، وغيرها.

تعكس رسائل مي زيادة وصروف طبيعة الصداقة بين الرجال والنساء وحدودها في ظل الظروف الاجتماعية السائدة آنذاك، فرغم أن الأدباء والشعراء كانوا يحوّطون مي في صالوناتها الأدبية، فإنها، على ما يبدو، أكثر تحفظًا في صداقاتها خارج نطاق الورق. يكتب صروف في إحدى رسائله إلى مي، في الثاني من آب عام 1918، آسفًا لأنها لا تستطيع مرافقته في إحدى رحلاته مع صديقه الدكتور نمر، قائلًا:

«أليس من الأسف الشديد أنك لا تستطيعين أن تذهبي معنا؟ هنيئًا للأوروبيين والأوربيات الذين كسروا القيود القديمة الجائرة. تصوري كم تكون غبطتنا لو ركبنا ثلاثة أفراس وجلنا في تلك الحقول الخضراء نرى غنى الطبيعة فيها ونتحدث في المواضيع التي ألفناها… كثيرًا ما قلت أنا والدكتور نمر أننا لو لم نتعلم لغات الأوروبيين ونطالع كتبهم ونطلع على أساليب معيشتهم لكنا أنعم بالًا منا الآن ونحن لا نستطيع أن نجاريهم في كل شيء!»[9]

ينطوي كلام صروف على كثير من التناقضات التي تنفي عن ذلك العصر شيئًا من «نهضويته» المطلقة، فنراه مضطربًا متذبذبًا في موقفه؛ فتارة يغبط نمط الحياة والعلاقات لدى الأوروبيين، متحسرًا على صداقته غير المكتملة مع مي بسبب العادات والقيود الاجتماعية، وتارة نادمًا على التأثر والتبعية الناجمين عن الانفتاح على الثقافة الأوروبية. هكذا، نرى الصداقة الورقية بين الأدباء والأديبات فيما يسمى «بعصر النهضة العربيّة» تصطدم بمفارقات اجتماعية وفكرية في الواقع، ولا غرو أن هذا الانبهار المبالغ به بالغرب قد انعكس على أدب الرسائل، لاسيما فيما يتعلق بالمواضيع التي يتباحثونها في الفلسفة الغربية والأدب المترجم.

رغم استبقائهما على الأساليب الإنشائية والبلاغية المبتذلة في الرسائل، والكلمات المنمّقة والمستهلكة في كثير من الأحيان، يبدو أن مي زيادة تحاول جاهدة أن ترسم الحد الفاصل بين فني الرسالة والمقالة؛ بين الخاص والعام. أن تكون بليغة وعفوية وهشّة في آن عندما تكتب إلى أصدقائها لا لجمهورها. تعقّب زيادة في إحدى رسائلها ردًا على صروف وتعليقه على أسلوبها في كتابة الرسائل قائلة:

«لم يزعجني قولك إن رسائلي أفضل من مقالاتي لأن ذلك أعظم مدح لي، كأنك تضع شخصيتي الحقيقية التي تخاطبك في رسائلي فوق شخصيتي المكتسبة التي أعرضها أمام الجمهور في مقالاتي… حتى إذا جاء وقت مخاطبتك لا قواميس ولا لغات… فأكتب لا كمن يكتب بل كمن يفتكر عاليًا كما تقول صديقتنا مدام ده سفينيه. وأؤكد لك أن أعظم ما يقال في كاتب هو أنه أبلغ وأمتن في رسائله إلى أصدقائه منه في رسائله إلى الجمهور. وقد وضعتني بحكمك هذا بقرب شيشرون وفولتر وفردريك الكبير».[10]

في مقالة بعنوان «كلمات في الصداقة» نشرت في العدد الـ84 من مجلة الرسالة، عام 1935 كتبت مي زيادة مقالة أهدتها إلى أحمد حسن الزيات (صاحب المجلة)، وإلى الدكتور طه حسين، قائلة:

«نخطىء إن نحن نسبنا إلى أهل هذا العصر وحدهم الصداقة المغرضة، لأن تلك كانت شيمة الكثيرين في جميع العصور وعند جميع الأقوام. قد تكون في هذا العصر أكثر شيوعًا، وإنما نحن أكثر شعورًا بها لأننا نعيش في وسطها ويجابهنا وجهها الخادع أنّى توجَهنا! إذا أنت طلبت من الصداقة شيئًا غير تلك الفوائد المتبادلة، إذا طلبت العاطفة الخالصة، والفائدة الأدبية المجردة، وتلك اللذة البريئة التي تجدها في محادثة الصديق بالكلام أو السكوت…فما أنت في نظر تلك الفصيلة من الناس إلا من أهل الشذوذ والغباوة… لا تخافوا أن تكونوا من أهل الشذوذ والسذاجة في نظر المغرضين! ألا يئست نفسا فقدت كل سذاجة، وسارت على وتيرة واحدة، لا تعيش إلا للغرض وبالغرض!.. وحسبكم أنتم إيمانكم بالصداقة تجدون الصداقة، وبممارستكم أساليب الصداقة إنما تكونون خميرة الصفاء والصلاح والوفاء».[11]

قد لا يبدو الفارق كبيرًا بين أسلوب زيادة في المقالة والرسالة، فهل شعور صروف بأن مي تخصه في الخطاب كصديق عزيز على قلبها أثّر في قراءته لرسائلها والحكم عليها؟ لربما كلامه عن أسلوبها محض شهادة مجروحة إذن.

أمام وفرة رسائل مي زيادة لأصدقائها، نبتت كذلك صداقة من وحي الهموم النسائية مع الأديبة ملك حنفي الملقبة بباحثة البادية، الأمر الذي أضفى على رسائلهما بعدًا ثوريًا مغايرًا للصداقة التي اعتادتها مي مع الأدباء، حيث يتردد بينهما صوت نسوي حماسي جديد يغذي الصداقة منذ بداياتها. تشكو ملك حنفي في إحدى رسائلها سأمها من النهضوية المزعومة والادعاء بتحرير المرأة الكاذب دون الإصغاء الفعلي إلى صوتها ومطالبها، قائلة:

«كنت اعتزلت الكتابة لا لنضوب مادتها عندي ولا اكتفاء بالقليل الذي كتبت من قبل ولكني كنت مللت المناداة بإصلاح المرأة المصرية وثبط عزمي ما أراه من انصراف فئة المتعلمين والمتعلمات الجدد عن العمل لتكوين القومية المصرية المطلوبة وحركتهم التي ملأوا بها القطر صراخًا إلا عنوان نهضة كاذبة. تسأليني يا سيدتي أن أدلك وسط هذه الأحوال المتضاربة والآراء المتشعبة عن الطريق الذي يحسن بالفتاة نهجه، وإنها لحال توجب الحيرة».[12]

تعيدنا رسالة حنفي مرة أخرى إلى مساءلة نهضوية ذاك العصر قبل رسائله، وتحيلنا إلى نقاشات زيادة وحنفي التي ليست حميمية وخاصة كما ينبغي لها أن تتبدى في رسالة بين صديقتين، لكنها تحمل همومًا شخصية مشتركة تقوي من دوافع الصداقة في أصلها، وتفتح آفاقًا مغايرة للمألوف.

أنثوية أدب الرسائل

فيما تكثر رسائل الصداقة بين الأدباء العرب التي تصدرها دور النشر العربية، يظل التركيز على مراسلات الأديبات الصديقات بين بعضهن نادرًا. فهل صداقات الأديبات نادرة فعلًا؟ أم أنّ الأديبات العربيات يؤثرن الاحتفاظ بخصوصية الرسائل وسريتها بينهن دون نشرها؟ أم أن نزوع بعضهن إلى السرد المبني على البوح والشكوى قد أشبع رغباتهن السردية في الاختباء وراء بطلاتهنّ وأغناهنّ عن اللجوء إلى أدب الرسائل؟

قد لا يكون هناك سبب واحد لتغيّب الأديبات الصديقات عن هذا النوع من الأدب، إلا أن تهافت دور النشر العربيّة على إصدار «رسائل الحب» للأديبات، يعمد إلى إعطاء علاقات الحب أهمية وأولوية على الصداقة، مما يغذّي الصورة النمطيّة الشائعة عن صداقات النساء ذات الأواصر الضعيفة بسبب «الحسد والغيرة»، متناسين أن الأمر ذاته قد ينطبق على الأدباء الرجال أيضًا.

المفارقة تكمن في أنّ بعض نقاد[13] الحركة الرومانطيقية الغربية يعتبرون أدب الرسائل «مؤنّثًا» بطبعه؛ لأنه يحفّز ضمير المتكلم في الخطابية المتكئة على البوح والشكوى، ويجعل من أسلوب الكتابة أكثر حميمية وشخصية، متسمًا بذلك ببعض الملامح التي يتسم بها «الأدب النسائي». آراء نقدية كتلك -وإن اكتسبت مرجعية ثقافية على مر العصور- تحدّ من تنوعات الأفق التعبيري عند الكتاب/ الرجال كذلك، وتنكر حاجتهم الإنسانية للهشاشة التعبيرية بعيدًا عن اعتبارات الكبت الاجتماعي التي يطالبهم المجتمع الذكوري بها، فتتباهى بالبرودة العقلانيّة التي تجرّد الكاتب من جمالية الضعف الإنساني، وأدوات الكتابة بالتداعي بعيدًا عن أية ضوابط وقيود اجتماعية أو سياسيّة.

من هنا تحديدًا، تتجلّى أهمية أدب الرسائل، إذا ما استطاع الأدباء والأديبات إدراك كنهه وتطويعه كما ينبغي، دون تكلّف ولا تزلّف وبلا أفكار نمطية ولا استعراض، بعيدًا عن الاعتبارات التجارية والتنميطية التي تتبنّاها معظم دور النشر العربيّة.

الصداقة في مساحة بيضاء

كتب الفنان مروان قصاب باشي إلى عبد الرحمن منيف رسالة في الثامن من آذار عام 1994 يقول فيها:

«كثيرًا كثيرًا ما تحدثت معك (وهو ما يقال عنه المناجاة). والمناجاة تملك قسطًا من السعادة الداخلية وهي بين المحادثة الشخصية والدخول بسرعة إلى ذكريات وتصعيد أفكار ومشاعر اليوم والبارحة والتأكيد على أحاسيس بسيطة تأتي بالتداعي وسريعًا تأخذ معنى تجديديًا واعتراضيًا. واليوم -غروبًا– وبعد استراحة قليلة وبداية (مناجاة) جئت إلى الريشة والحبر والورق لأسجل دون سابق تفكير قسطًا بسيطًا ممّا يجول تداعيًا بين عيني وقلبي، بين برلين ودمشق».[14]

وتأكيدًا على نمط الحوار القريب من المناجاة الذاتيّة الذي تحتضنه الورقة البيضاء، يرد منيف على صديقه في رسالة أخرى، في 28 نيسان من العام ذاته قائلًا:

«هذا النمط من الرسائل محرّض، لا أعرف لأيّ شيء، ولكنّ الخوف أو الجفلة يزولان، يتراجعان، وقد يكون ذلك بداية الإقدام نحو الأشياء المقدّسة، المحرّمة، غير المعروفة…أفكر منذ فترة طويلة أن تكون هناك كتابة غير خاضعة للرقابة الذاتيّة، غير محكومة بهذا القدر من العقلانية والبرودة».

تتسع المساحة البيضاء على ضيقها أمام الكاتب والفنان، تتحول إلى حيز حر للكتابة عن الكتابة، والرسم بالكلمات، ومساءلة «عهر» الكلمة أمام عفوية اللون وشفافيته. يحلم منيف بأن يزاوج الكتابة بالفن، فيستجيب صديقه الفنان باشي لرغبته ويحلل لوحاته عبر الرسائل، يعيدها إلى هيئتها الأولى: أفكارًا غير متكاملة على مسودة، أو سكتشًا على ورقة صغيرة.

تمثّل الرسائل بين منيف وباشي حيز الصداقة المتريث إلى حين اللقاء وجهًا لوجه، إذ تبدو الصداقة على ورق كلوحة لم تكتمل بعد، إلا أنها كاملة بطريقة ما على حد تعبير باشي، لأن «اللوحة غير المكتملة طريقة لاستفزاز الخيال، لإشراك الآخر في أن يعمل شيئا لإكمالها»، وكذلك هي الصداقة الورقيّة؛ رسالة تستفز ردًا من الآخر، وتشركه في حوار لم يكتمل بعد.

في مقدمة الكتاب الذي يجمع رسائل باشي ومنيف، يذكر فواز طرابلسي أن منيف لم يخطط لنشر هذه الرسائل؛ إذ نشرت بمبادرة من [زوجة منيف] سعاد قوادري منيف ومروان، عقب وفاة منيف، مفترضين أنه لم يكن ليمانع نشرها. فماذا لو كان منيف قد مانع نشرها حقًا؟ هل الرسائل إلى الأصدقاء إرث مشروع نخلّفه لهم بلا وصية؟

وخلافًا لمنيف الذي لم يكن يخطط لنشر مراسلاته الأدبية مسبقًا، يقرر محمود درويش في رسائله إلى سميح القاسم التمرّد على نمطيّة «أدب الرسائل» ومآلات نشره المعتادة، قائلًا:

«لن نخدع أحدًا، وسنقلب التقاليد، فمن عادة الناشرين أو الكتّاب أو الورثة أن يجمعوا الرسائل المكتوبة في كتاب. ولكنّنا هنا نصمّم الكتاب ونضع له الرسائل. لعبتنا مكشوفة. سيرتنا على السطوح، أو نواري الخجل من كتابة المذكرات بكتابتها في رسائل. انتبه جيدًا، لن تستطيع قول ما لا يقال. فنحن مطالبان بالصدق والإخفاء ومراقبتهما في آن. مطالبان بألا نشوّه صورة نمطيّة أعدتها لنا المخيّلة العامّة. مطالبان بإجراء تعديل ما على طبيعة أدب الرسائل؛ أبرزه استبعاد وجوه الشهود وجمالية الضعف الإنساني. فكيف نحل هذه المعضلة التي يجمد بقاؤها الفارق الطليّ بين المقالة والرسالة؟ سنحاول إفلات النص من ضفافه، إذ لعل أبرز خصائص الكتابة هي فن تحديد الضفاف الذي يسمّيه النقد بناءً! فلنكسر البناء لتعثر لعبتنا الجديدة على ساحتها المفتوحة».[15]

يعوّل الشاعران إذن على تلك المساحة المفتوحة للصداقة ليتحرّرا من جمود المقالة وسطوة الشعر وثقل القصيدة، لكنهما ينجرفان إلى السياسة رغمًا عنهما، فيخلصان إلى كتابة الرسائل على هيئة شعر مكسور، في عناق لمصيرهما الأدبي-السياسي المحتّم. يقول سميح القاسم في رسالة عنونها «سأحفر اسمينا على الريح»، في العاشر من حزيران 1986:

«تضغط في رسالتك، تضغط عليّ بشجرة الخروب وبدموعك المنهمرة…لصداقتنا الجميلة همومها الخاصة، وآلامها العائدة دائمًا وبلا انقطاع، جراء ارتكابنا الخطيئة المميتة، خطيئة الاندغام الكامل بين الإنسان، الفرد، الشخص، وبين الوطن، الشعب، والقضية».[16]

يعثر القاسم في همومه وهموم صديقه الوطنيّة ما يبرر اندماغ العام بالخاص، ممّا يجعل الرسالة أقرب إلى الخاطرة المشتركة بينهما، فهل نجح الصديقان فعلًا في التمرد على مبنى الرسالة، كما رغب درويش في البداية؟

لا يبدو ذلك جليًّا، فرسائلهما نظيفة أكثر مما ينبغي، مشذّبة في معظمها؛ «مفلترة» من الأسرار والفضائح التي يكشفها الأصدقاء لبعضهم عادة. فأي مصداقية تحملها تلك الرسائل إن لم تكن عفوية ونيئة، بلا تهذيب وبلا استعراض فنيّ ولغويّ؟

للرسالة بين شاعرين أن تكون عميقة وفلسفية بالتأكيد، لكن الانفلات من النمط الرزين، والانزلاق بيسر نحو تفاهة الفكر وركاكة التعبير وتكاسل اللغة أحيانًا لا يضير، بل يضفي نوعًا من الأريحيّة والتلقائيّة على الحوار، ويأخذه إلى مطارح غير معتادة.

ورغم أن رسائل منيف وباشي لا تخلو من الفلترة كذلك، إلا أنها تبدو أكثر عفوية ومصداقية من غيرها؛ بما تبقي عليه من أخبار «الغيبة» المتوقعة في حوار يدور بين صديقين أديبين؛ يغضبان وينتقدان الوسط الثقافي والسياسي العربي، يتذمّران من رداءة النقد الأدبي،[17] وتخلّف دور النشر العربية عن حرفة صناعة الكتاب، في أداء دون المستوى المطلوب.[18] 

أما الكاتبان المغربيان محمد برادة ومحمد شكري فقد اتفقا فيما بعد على نشر الرسائل التي استمرت بينهما بين عامي 1975 و1994. وبحسب برادة، فإن تواصله مع شكري وجهًا لوجه وعبر الرسائل أهداه صديقًا و«محاورًا قريبًا للنفس، متصفًا بالصراحة والتلقائية»، فألحّ على شكري أن يتبادلا الرسائل بغية تذكيره «بضرورة الاستمرار في الكتابة لمقاومة تفاهة المحيط الذي كان يعيش فيه»، لكنّه اكتشف لدى قراءة الرسائل أن إلحاحاته على صديقه «نوع من التذكير [لنفسه] بأن الكتابة أهم من النشاطات السياسية والثقافية التي [كان] مشدودًا إليها».[19]

يشكو شكري كذلك لصديقه عراقيل الكتابة الحرة ومظالم الناشرين له[20] تتفجّر شتائمه بتلقائية على الورق، ويبوح بأفكاره المجنونة فيما يكتب لصديقه أحيانًا من مستشفى الأمراض العقلية في تطوان. وبذلك يحيل الصديقان المساحة البيضاء إلى مساحة سوداوية للشكوى من الهموم المشتركة، ومشاعر العجز والإحباط من الوضع السياسي العربي.

الكتابة الحرّة غير الخاضعة للرقابة الذاتية قبل أن تخضع للرقابة السلطوية هي ما يحلم الصديقان باللجوء إليه عبر كتابة الرسائل. إذ يشكو برادة في إحدى رسائله إلى شكري وضعية المثقفين العرب وتضييق فسحة التعبير لديهم، وحرمانهم من «مناخ ملائم» لتحقيق مغامراتهم وأحلامهم، ممّا «يزجّ [بهم] في متاهات التمرّد والعبث».[21] جو مشحون ومكبوت كذاك يبث تأثيره السلبي على العلاقات الإنسانية بشكل عام، فتمسي الحاجة إلى الصداقة الشفافة والدافئة أشدّ وأدهى من أيّ وقت مضى.

رسائل عاديّة جدًا

كتب تيسير السبول إلى صديقه صادق عبد الحق عام 1962 يقول:

«كتابة الرسائل مهمة عسيرة على كل الناس. هكذا لاحظت أخيرًا حول نفسي وأصدقائي وغيرهم. لكن يبدو أن سوء افتراض عام مفاده أن ما يكتب يجب أن يكون حارًا أو عظيمًا أو ما شابه، هو المشكلة وهذا خطأ».[22]

لا حرارة ولا عظمة. فقط كلمات صادقة متداعية ومتدفّقة بحرية. هذا تعريف السبول للرسالة بين صديقين.

يتخلى السبول في رسائله إلى صديقه عبد الحق عن هوس العظمة الأدبية والاستعراض اللغوي، يلجأ إلى الورق للثرثرة والفضفضة ، فجاءت رسائله عادية جدًا، لكنها حقيقية ومؤثرة وحزينة، تخرج من القلب إلى القلب، بأسلوب واقعي ومباشر، بلا فذلكة وبلا أقنعة، بريئة وخبيثة في آن، كرسائل مراهق باكٍ وناقم على عالم لم يفهمه بعد.

يروي السبول، على سبيل المثال، لصديقه عبد الحق في إحدى رسائله التي بعثها من دمشق، في 21 نيسان عام 1959 واقعة حدثت معه في إحدى الندوات الأدبية التي قدمها حول تطور حركة الشعر الحر، حيث كان جمهوره عدائيًا و«جاهلًا» على حد تعبيره:

«تصور يا صادق، نبح صوتي وجف لساني، ثلاثة أرباع الساعة وأنا واقف أشرح لبهائم من حولي عن الشعر وتطوره الذي أدى إلى نشوء حركة الشعر الحر، وبعدها أعلنت لهم بمحبة أنني أتقبل كل نقد. ماذا تتصور يا صادق؟ وقف ابن كلب وقال إنه لا يوافق على عنوان الكلمة (..)».[23]

لا يفتأ السبول يذكّر صديقه بأنهما نبيّان منسياّن لا أحد يلقي لهما بالا. إلا أنّ لهجة السبول المتعالية وألفاظه النابية في الحديث عن عامة الناس تتنافى مع ما يتوهم من نبوّة وصفوة، فتفضح هشاشته وحزنه وتوقه إلى الفهم العميق، ونراه يواسي نفسه بوجود صديقه عبد الحق؛ الوحيد الذي يحسن فهمه: «يا حبيبي يا صادق، أود لو أني بجانبك فقط بشرفي يا صادق- كنت أتحدث إلى واحد من معارفي قلت له أود أن أعيش دائمًا مع إنسان اسمه صادق. وحكيتلك له عنك الكثير ولكنه لا يفهمك، لا يفهم أبدًا ويضحك بشكل كريه، وددت لو أني صفعته ولكن (..)»،[24] ثم نراه يحذر صديقه من أن يحلل رسالته السخيفة والمجنونة أكثر مما يجب، وأن يتعاطى معها بصفتها مجرد لحظة يكتب فيه بلا حدود ولا تفسير: «حذار والدراسات النفسية العميقة».

يطالب السبول صديقه بأن تكون الرسالة رخصة الصداقة المفتوحة للبوح، ويذكّره بالكتابة له دائمًا، يعاتبه إن نسي محاججًا إياه «بأولوية الصداقة»، ويؤكد عليه أن يكون عفويًا جدًا في ردوده، خاصةً عندما يتحدثان عن حلمهما حول «جزيرة السعادة»، ملجأ حلمي يهربان إليه كلما ضاقت عليهما الدنيا حزنًا وبؤسًا: «والحق أني أفكر في تجارة الأرانب، ومعها طبعًا بعض الدجاج والبقر وما شابه. حدثني عن هذا بأقل بلاغة ممكنة حدثني عن مثل هذه الأمور».[25]

بخلاف مي زيادة، لا يكترث السبول بأن يكون بليغًا فصيحًا في رسائله إلى أصدقائه، بل يتعامل مع الرسالة بطريقة عملية وبسيطة: التواصل والتقارب من صديق بعيد جغرافيًا وقريب روحيًا؛ التحرر من البلاغة، وبلوغ أقصى درجات الصدق والراحة مع الذات والآخر.

رسائل «بدل فاقد»

تبادل الصديقان الأردنيان إلياس فركوح ومؤنس الرزاز الرسائل خلال حلّهما وترحالهما، فاحتفظ فركوح برسائل الرزاز، إلا أن الأخير أضاع رسائل فركوح إليه. بعد 35 عامًا، يقرر فركوح أن يتمّرد على إحساس الفقد والبعد، فيخرج رسائل الرزاز التي وصلت إليه بين عامي 1976 و1980 ليكتب ردًا بديلًا لتلك الرسائل التي فقدها الرزاز خلال ترحاله، متسائلًا:

«ماذا تكون حصيلة جمع رسائل/ نصوص تعود إلى زمن مضى، إلى نصوص/ رسائل تكتب في صميم اللحظة الراهنة ومستجيبة لدفق الزمن في فعله المضارع، تاركة لحركته أن تحركها؟»[26]

في «رسائلنا ليست مكاتيب»، يعبث إلياس فركوح بمنطق الرسائل المتسلسل، يجرّد الرسالة من نصيّتها فيحيلها إلى شيء يهديه الآخر لنا، ليصير ملكنا ونعيد صياغته وتشكيله وقراءته وتأويله وتقديمه في الهيئة التي نريد. ينفي فركوح في مقدمة الكتاب محاولات تجنيسه تحت مسمّى «أدب الرسائل»؛ إذ عبر التلاعب بزمنية الرسائل، بالحضور المتأخر والغياب المبكر، ينفي فركوح عن النصوص جنسها، وعن الصداقة زمانكيتها، ويحيلها إلى مادة سرمديّة غير خاضعة لفيزيائيّة محددة.

يخاطب فركوح صديقه الرزاز في إحدى رسائله البديلة المتأخرة، في 16 أيلول 2013:

«يا العزيز، حين أتملى جملة تلك المفردات التي أوردتها ذاك الزمن، بينما أعيش زمني ومكاني الراهن، وبوصفي الكائن الكاتب الذي صرت إليه، فأعتقد أنها بذاتها تشكل عالم الكتابة اللانهائي. نعم؛ أوليست الكتابة السردية، الروائية، والقصصية، هي المدن، والوجوه، والشوارع، والعيون، والكتب بطبيعة الحال؟ أوليست هي المواد الحية لأي نصوص حية نابضة تتحين من يشتغل على إعادة تشكيلها وعجنها؟

مؤنس،
أعيد قراءة رسالتك، فتحضر أكثر.
لماذا أشعر في هذه اللحظة بأن روحك ترعف؟»[27]

هل يحمّل فركوح الرسالة أكثر مما تحتمل؟ ربما، وربما لا يحمّلها إلا ما جاءت مغلّفة فيه بداية، إلا أنه لثقله وكثافته يحتاج زمنًا طويلًا لتفكيكه وإعادة تشكيله؛ فالصداقة ذاكرة زاخرة، وليست محض حاضر عابر.

بعودته إلى رسائل صديقه القديمة، يبدو فركوح مثل عجوز يتسكع وحيدًا في مدينته الفارغة من أصدقائه الغائبين الذين رحلوا وأخذوا معهم زمنا متخما بالحراكات والنشاطات الحزبيّة وضجيج الشعارات وهسيس الثورة. لكنه يدرك جيدا أن الرسالة، وبما ينطوي عليه مغلفها من «حب ودفء وقرب»، معادلة للتأجيل والبعد، لكن في بعدها قرب من نوع آخر؛ القرب الذي يحمل في طياته زمنا ومسافة، القرب البعيد والمحبّب والصحي، الذي يعطينا مزيدا من الوقت للرجوع إلى الخلف قليلا، للتفكر ومحاولة تفسير ما حدث، وتقدير ما هو واقع الآن.

ينفي ثيودور أدورنو عن هذا النوع من «القرب في البعد» صفة الفورية المتكاسلة؛ لأن القرب الذي يكون «أقرب من اللازم» يشبع نفسه بسرعة، ويخاطر بالوقت الذي يمنحنا مسافة أرحب للتراخي أمام طراوة الرسالة، للاحتفاظ بها في مكان آمن، للتلكؤ والتأمل بمكنوناتها، للتداعي في الرد عليها.

أمّا رسائلنا الإلكترونية الفورية السابحة في فضاء سيبرانيّ سحيق، فقريبة وسريعة أكثر مما ينبغي، وفاقدة للدفء الذي تمنحنا إياه «شيئية الأشياء». إذ يرى أدورنو أن الهدايا تمنحنا السعادة عندما نتخيل سعادة من يستقبلها، لأن سعادة كتلك كامنة في قدرة الإنسان على الشعور بالدفء الذي يبعثه ملمس الأشياء بين أيدينا. دفء كذاك ضروري بالنسبة لأدورنو حتى يتغلب على البرودة المسيطرة على التواصل الإنساني في عصرنا، برودة طالت كل شيء حتى غلّفت رسائلنا، وطمست طوابعنا، وبعثت لنا بكلمات لا طعم لها ولا رائحة.

يقرّر فركوح في عتمة الليل الرقميّ البارد أن يخرج رسائل صديقه مؤنس القديمة ليتدفّأ بها، فيما نحن نرسل ونستقبل رسائل فورية وقريبة أكثر ممّا ينبغي، إلى أن «يصفعنا عطاؤها الفاقد للحيوية ويجمّدنا»[28] كما يقول أدورنو، دون أن نشعر.

  • الهوامش

    [1] من تنأ بالمكان أقام به فهو تانئ.

    [2] الدانق؛ أي سدس الدرهم.

    [3] «الصداقة والصديق: رسالة لأبي حيّان التوحيدي»، تحقيق وتعليق د. ابراهيم الكيلاني، دار الفكر، 1198، ص 32-33.

    [4] يقسم أرسطو الصداقة إلى ثلاثة أنواع: الصداقة المبنية على المنفعة، والصداقة المبنية على اللذة، والصداقة المنية على الفضيلة. انظر/ي المرجع السابق، ص 18.

    [5] يعتقد د. ابراهيم الكيلاني أنّ أن آراء الفارابي انتقلت إلى طلابه، ومنهما أبو زكريا يحيى بن عدي وأبو سليمان السجستاني، وهما أستاذا التوحيدي، مما يبرر تأثره بالفلسفة الفضائلية ونظرته في رسالة الصداقة والصديق. للمزيد انظر/ي المرجع 3، ص18. 

    [6] العصر العباسي الثالث.

    [7] المرجع 3.

    [8] كما هو الحال في بعض دور النشر والمجلات الأدبية التي تنشر المراسلات بعد اتفاق مسبق مع كاتبين أو كاتبتين، أو عندما يتولى أحد الطرفين جمعها ونشرها عقب موت الآخر

    [9] سلمى الكزبري، مي زيادة وأعلام عصرها، مؤسسة نوفل، 1982، ص 59.

    [10] المرجع السابق، ص 53-54.

    [13] Taussig, Gurion. Coleridge and the Idea of Friendship, 1789-1804. Rosemont Publishing & Printing Crop, 2002, p. 41.

    [14] عبد الرحمن منيف، مروان باشي، في أدب الصداقة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ودار التنوير، 2021، ص 16.

    [15] محمود درويش، سميح القاسم، الرسائل، دار العودة-بيروت، 1990، ص 35-36.

    [16] المرجع السابق، ص51.

    [17] انظري مثلًا الرسالة التي يتذمر فيها مروان باشي من رداءة النقد المكتوب حول رواية منيف «أرض التيه»، مرجع سابق.

    [18] من المعروف أن منيف وباشي تعاونا في العمل على كتاب «سيرة مدينة»، ويبدو من الحوارات التي دارت بينهما اهتمام كل منهما بتفاصيل حرفة صناعة الكتاب وكل ما يتعلق بالخط والأغلفة والعناصر البصرية الداخلية. (الكاتبة).

    [19] مقدمة محمد برادة في رسائله إلى محمد شكري، ورد ورماد، دار المناهل، 2000.

    [20] انظر/ي مثلًا رسالة محمد شكري التي يشكو فيها رفض نشر روايته «الخبز الحافي»، ورسالة أخرى يشكو فيها تأخر سهيل إدريس بالمستحقات من مجلة الآداب.

    [21] المرجع السابق، ص 11.

    [22] تيسير النجار، السيرة الغائبة: رسائل تيسير السبول إلى صادق عبد الحق، أمانة عمان الكبرى -دار اليازوري العلمية، 2007، ص 89.

    [23] المرجع السابق، ص 36-37.

    [24] المرجع السابق، ص 38.

    [25] المرجع السابق، ص 91.

    [26] إلياس فركوح، رسائلنا ليست مكاتيب، دار أزمنة- منشورات مجاز، 2016، ص 16.

    [27] المرجع السابق، ص 118.

    [28] Macdonald, Iain& Krzysztof Ziarek. Adorno and Heidegaar: Philosophical Questions. Stanford University Press, 2008, p.134.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية