مؤنس الرزاز

مؤنس الرزاز: عشرون عامًا من الغياب

مؤنس الرزاز: عشرون عامًا من الغياب

الأحد 20 شباط 2022

شيء ما سينقص في عمان، هكذا اختار الشاعر الأردني أمجد ناصر أن يعنون مقاله الوداعي، والذي يحكي فيه عن صديقه الروائي مؤنس الرزاز، والذي تُصادف هذه الأيّام الذكرى العشرين لوفاته، وتحديدًا في الثامن من شباط 2002.

بالتأكيد، مع وفاة مؤنس فإن أشياء عديدة نقصت، ليس في عمّان فحسب، ولكن في منطقتنا، إذ كان هذا الأديب المولود عام 1951 شاهدًا، عن قرب أكثر مما ودّ أحيانًا، على أحداث عظام مرّت بها المنطقة العربية، وتحديدًا بلاد الشام، من صعود حزب البعث في سوريا والعراق، إلى الانقلابات التي شهدها هذان البلدان، إلى الأحكام العرفية التي شهدها الأردن، إلى الحرب الأهلية في لبنان، واجتياح العدو الإسرائيلي لعاصمة عربية جديدة. أحداث عاصرها، وكتب عنها، ومن وحيها، من موقع المشارك حينًا، من موقع المفعول به حينا، ومتأثرًا بها دومًا.

وفي تجربته الأدبية الممتدة لأكثر من أربعة عقود، أنتج مؤنس أعمالًا وصفَها لاحقًا بأنها كانت محاولات غير ناضجة للاحتجاج على الواقع العربي، وأخرى وضعته كعلامةٍ فارقةٍ في مسيرة الرواية العربيّة. نصوص، اشتبك عبرها مع الأحداث، بالنقد والتحليل والهجاء، محاولًا تقديم تفسيرات للأزمات والمآزق التي تمرّ بها الأمّة، من خلال الغوص في دواخل الفاعلين في هذه الأحداث. 

وقد جاءت أعماله الروائية منفتحة على التأويل، وعلى إعادة التأويل. معدّة لتوريط القارئ والقارئة في كتابة أجزاء منها، وفي تفسير أجزاء أخرى. كسرَ فيها الأنماط الروائية السردية وتفنّن في التجريب، والتخريب أحيانًا، لتصير عملية قراءة نصوصه عملية منهكة متطلّبة، ولكن غنية تعين على إنتاج الأفكار لا استهلاكها. نصوص حضر فيها المكان، فكان مؤنس فيها معماريًا مخضرمًا، مفككًا المكان ومعيدًا تركيبه مرّة أخرى.

ومع اقتراب رحلته من النهاية، عاد مؤنس للفكرة التي صاحبته زمنًا طويلًا، وهي الدخول إلى عالم الاعترافات، وبالفعل بدأ كتابة سيرته الجوّانية، وفيها بحسب من اطلعوا عليها، مارس مؤنس درجة عالية جدًا من الصراحة، وربما كان هذا السبب وراء عدم نشرها لليوم رغم مرور عشرين عامًا على وفاته. وربما في الامتناع عن النشر هذا تصدق مقولة والدته عنه، في إحدى رسائلها لوالده أيام كان الوالد في سجن الجفر، «مسكين مؤنس! أو أنّه محظوظ».

وفي الذكرى العشرين لوفاته، نقدّم في حبر هذا الملف، الذي يسعى لتقديم صورة أكثر وضوحًا لمؤنس الرزاز، من خلال الإضاءة على جوانب من سيرته، منذ الولادة في السلط منتصف القرن الفائت، وانتهاء بعودته إلى عمّان ليستقرّ فيها منتجًا بغزارة، مرورًا بتأثره بوالده الذي كان له كما سنرى عظيم الأثر في تجربة ابنه. ومن خلال تقديم قراءات في عدد من أبرز أعماله الروائية، التي مارس فيها التجريب على مستويات عدة، متفاعلًا مع الراهن بطريقته.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية