مكتبة الأسرة: تاريخ الأردن في ثلاثة كتب

الثلاثاء 16 تشرين الثاني 2021
مهرجان القراءة للجميع 2021 في المركز الثقافي الملكي. تصوير مؤمن ملكاوي.

ربما تكون كتب الدورة الحالية من مكتبة الأسرة، والتي تستمرّ حتى الخميس، 18 تشرين الثاني، فرصةً مناسبةً للراغبين في تأسيس مكتبة عائلية جيدة تشتمل على كتب مهمّة عن تاريخ الأردن، ألفها أردنيون. إذ وعلى خلاف الدورات الفائتة، خَلت منشورات مكتبة الأسرة في الدورة الحالية من الكتب المترجمة، واقتصرت، بمناسبة مئوية الدولة، على عناوين لكتّاب أردنيين.

توّزعت عناوين هذه الدورة، والبالغ عددها 49 عنوانًا، على عدة أقسام، هي التراث والدراسات الأردنيّة، والآداب والفنون، والفلسفة والمعارف العامّة، والعلوم، وكتب الأطفال. وقد طبعت الوزارة من كل عنوان موجه للأطفال أربعة آلاف نسخة، وألفي نسخة من كل عنوان ضمن الأقسام الاخرى.

ركّز القائمون على هذه الدورة على كتبٍ تتناول تاريخ الأردنّ؛ إذ شملت 11 عنوانًا في هذا القسم، وهو العدد نفسه الذي نُشِر في الدورة الفائتة. غطّت هذه العناوين بشكل مفصّل الفترة من نهايات القرن التاسع عشر وحتى نهايات القرن العشرين. وشملت التاريخ السياسيّ والتاريخ الاجتماعي، بالإضافة إلى دراسات اجتماعيّة، فيما ركزت عناوين الدورة الفائتة على التاريخ الاجتماعي وتغطية فترات محددة من تاريخ البلاد.

في هذه القائمة، اخترنا عرض ثلاثة كتب تحمل نسقًا متجانسًا وتغطي حقلها بشكل أشمل من غيرها، ولا يعني هذا بحال من الأحوال أن الكتب الأخرى أقل أهمية.

السلط وجوارها (1864-1921)

جورج طريف

هذا الكتاب جزء من مجموعة كتب ظهرت في منتصف تسعينيّات القرن الماضي، وتناولت تاريخ الأردن في العهد العثماني، وهو تاريخ لم يُدرس بنفس القدر الذي دُرس فيه تاريخ الأردن السياسي في عهديْ الإمارة والمملكة؛ إذ ظلّت كتابات تاريخ الأردنّ تركّز على «ما تعلّق بدور ما سُميَّ بالرعيل الأوّل: المؤسسين من الأسرة المالكة، والساسة، والوزراء».[1]

من كتب هذه المجموعة: إربد وجوارها (ناحية بني عبيد 1850-1928) لهند أبو الشعر، وعمّان وجوارها (1864-1921) لنوفان السوارية، وتاريخ مأدبا وجوارها (1893-1946) لمحمد القعايده، والسلط وجوارها (1864- 1921) لجورج طريف.

قدّمت مكتبة الأسرة الطبعة المنقحة والمزيدة من الكتاب الذي صدرت طبعته الأولى عام 1994. وفي هذه النسخة أضاف المؤلف عنوانيْن جديدين، هما السلط في كتابات الرحالة الذين زاروها، والدور الوطني والقومي للسلط ورجالاتها.

والكتاب لا يلتزم بالحدود الحالية لمدينة السلط، وإنما يشير للسلط التي كانت حدودها تصل، منتصف القرن التاسع عشر ونهايته، غربًا حتى نهر الأردنّ، وشمالًا إلى نهر الزرقاء والمصطبة، وجنوبًا حتى سويمة والرامة، وشرقًا حتّى الشميساني وطبربور. كما شمل الكتاب معلومات حول مدن في سوريا وفلسطين، ضمّنها طريف الكتاب بسبب العلاقات التي ربطت المدينة بمحيطها.

يعرض الكتاب، الواقع في جزأين من حوالي 900 صفحة، جغرافية السلط وجوارها، وثروة الأهالي الحيوانية وطرق جمع المياه والمسطحات المائية والآبار التي رفدت السكان بحاجاتهم، وأراضي السلط وملّاكها وما زرع فيها تلك الفترة. كما تناول الإدارة والقضاء والأمن، ثم الحياة الاجتماعيّة وتوزيع سكّانها على الديانة والعائلات التي فيها، ومن وفد لها في الهجرات من تركمان وشراكسة وشيشان وأكراد، وعادات السكّان، ومكانة النساء في المجتمع، والحركة العمرانية لبيوت الأغنياء والفلاحين تلك الفترة، وأماكن التعليم، والحِرف التي امتهنها السكّان.

وقد اعتمد الكتاب -مثل الكتب التي أشرنا لها سابقًا- على مصادر أساسيّة غير منشورة من قبل، وهي سجلّات دائرة الأراضي والمساحة في السلط وصويلح وعمّان، وسجلات الكنائس المختلفة، وسجلات المحاكم الشرعيّة الموجودة في مركز الوثائق والمخطوطات في الجامعة الأردنية، والسجلات الفيصليّة، وسجلات الدعاوى الشرعيّة، وأخرى منشورة مثل سالنامات الدولة العثمانيّة والدستور العثماني، وأعداد الصحف والمجلّات بدايات القرن الماضي، مثل الاتحاد العثماني والبيان والبشير، وكتب الرحلات وما نشره الرحّالة في مجلة صندوق استكشاف فلسطين. ولذا يعدّ الكتاب من الكتب الأصيلة التي كان اعتمادها على مصادر رئيسيّة في المعظم، وبشكل نادر على دراسات حديثة.

اشتمل الكتاب -الذي يمكن اعتباره واحدًا من أهم المراجع عن السلط- على الكثير من الجداول التي أحصت بشكل شامل الكثير من المعلومات عن المدينة.

دراسات في تاريخ الأردن الاجتماعي

مجموعة مؤلفين

يمكن عدّ هذا الكتاب أطلس الأردن الاجتماعي، إذ شمل معظم مناحي الحياة الاجتماعية على امتداد الفترة من أواخر القرن التاسع عشر وحتى العقود الأخيرة من القرن العشرين، وفيه بحوث في العمارة، والعائلة، ودلالات الأسماء، والريف والبادية، والفنون، والمال والأعمال، والزعامات المحليّة، والمعارضة، وتاريخ المدن، والهجرات السكانية.

وشارك في إعداد الكتاب، الواقع في 870 صفحة من القطع الكبير، أكثر من خمسين باحثًا وأكاديميًا عاملًا في جامعات أردنية وأوروبية وأمريكية، وهو حصيلة أعمال ثلاثة مؤتمرات عقدها مركز الأردن الجديد للدراسات بين الأعوام 1998 و2002. وجاء في طبعة مكتبة الأسرة في جزأين.

يقول هاني حوراني، أحد المشاركين في تأليف الكتاب، إن الكتاب جاء لإعادة التوازن للجهود التأريخية التي ظلت تركّز اهتمامها على تاريخ الأردن السياسي دون تاريخه الاجتماعي؛ أي أنها كانت تُعنى بالأحداث السياسيّة الكبرى وبعلاقات الأردن بدول الإقليم والعالم أكثر من عنايتها بالتطورات والأحداث التي كانت تصنعها الحركات الاجتماعيّة.

وقد غطّت أبحاث الكتاب التاريخ الاجتماعي على مستوى الأردن، مثل بحث عمار خمّاش «العمارة كسجل لتاريخ الأردن الاجتماعي»، أو ضمن نطاق جغرافي محدّد مثل «دلالات الأسماء في القرن التاسع عشر في السلط» لمحمد خريسات، أو قدمت تاريخًا لبعض المؤسسات مثل «مسيرة إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية ودورها الثقافي» (1956-1996) لعامر أبو جبلة، وبحث «قراءة في صحافة الشيوعيين في الأردن» (1949- 1970) لسامر خرينو. وتضيء بعض فصول الكتاب على تاريخ العمل النقابي الطبي في الأردن، والحركة العمّالية في الأردن، كما تطرق بعضها للهجرات الداخلية، مثل بحث أحمد أبو خليل «حي الطفايلة في عمان: الهجرة من الفقر إلى الفقر».

شارك في الكتاب تسعة باحثين أجانب درس بعضهم مناطق محددة في الأردنّ، أبرزهم ريتشارد ت. أنتون، الذي أقام في بعض مناطق لواء الكورة في فترات متقطعة، كان أطولها في سنتي 1959 و1960، إذ رصد تغير أنماط الاستقرار والسكن وروابط القربى والبنى السياسية والاقتصادية المحلية فيها، وحلّل الكثير من المعلومات التي جمعها.

تاريخ الأردن في القرن العشرين

سليمان الموسى ومنيب الماضي

هذا أكبر كتب القائمة، حيث يقع في قرابة 1500 صفحة، ويختص بتاريخ الأردنّ السياسيّ الرسميّ الذي يعتمد على الوثائق السياسيّة والرسميّة مصدرًا للمعلومات، بالإضافة إلى ما قاله الساسة وأصحاب المناصب.

يبدأ الكتاب في التأريخ لشرقيْ الأردن في فترة العهد العثماني أواخر القرن التاسع عشر، لكنه لا يفرد لهذه الفترة إلّا 15 صفحة. وفي المقابل يركز على فترة الثورة العربية الكبرى، والعهد الفيصلي، والحكومات المحلية، ثم عهد الإمارة، ثم الانتداب والاستقلال، وبعدها تتوالى الفصول عن تاريخ المملكة حتى اتفاقية السلام مع الكيان الصهيوني 1994.

سبق للمؤرخ سليمان الموسى أن نشر كتبًا توثّق لفترات محددة من تاريخ البلاد، بينها «الثورة العربية الكبرى وثائق وأسانيد» (1966)، وكتاب «المراسلات التاريخية الثورة العربية الكبرى» (1973). لكن المختلف في هذا الكتاب هو شموليته، ومع ذلك ربما يعدّ هذا الكتاب قديمًا، حيث كتب جزء منه عام 1959. يعترف الموسى في المقدمة بأنَّه عانى في الوصول إلى بعض الحقائق التي تتعلّق ببعض فترات تاريخ الأردن، مثل فترة ما قبل قدوم الأمير عبدالله إلى المنطقة، بسبب عدم وجود مصادر كافية وثقّت لهذه المرحلة، وربمّا فاته بسبب ذلك تسجيل بعض الأحداث في تلك الفترة.

ربّما يدفع هذا الأمر إلى اقتناء كتب تناولت فترات محددة من تاريخ الأردن، وكانت قد صدرت بعد كتاب الموسى هذا، وهذا خيار توفّره عناوين أخرى ضمن منشورات مكتبة الأسرة هذه الدورة، مثل كتاب «تاريخ الأردن السياسي المعاصر» (1952-1967) لحازم نسيبة، وكتاب «التطور السياسي لشرق الأردن في عهد الإمارة» (1921-1946) لميسون عبيدات.

يعدّ الموسى واحدًا من أهمّ مؤرخي الأردن. ولم يقتصر عمله على التأريخ، وإنما ترجم كتب رحلات عن الأردن لم تكن معروفة، مثل كتاب «آثار الأردن» للانكستر هاردينج، وكتاب «رحلات في الأردن وفلسطين» الذي ترجم فيه مقتطفات من كتب رحلات لمّا تترجم حينها، مثل كتاب وليام لينش «بعثة مشاة البحرية الأمريكية (المارينز) لاستكشاف نهر الأردن والبحر الميّت 1848»، الذي ترجمه جمال أبو غيدا العام الماضي فقط. وكان الموسى قد ترجم مقتطفات منه عام 1987.

أخيرًا، ورغم الإعلان عن فتح نقاط البيع للزوّار من يوم الأحد، كأول أيّام المعرض الذي يمتد حتى الخميس 18 تشرين الثاني الجاري، إلّا أن بعض المنشورات لم تتوفر في بعض نقاط البيع في المحافظات، مثل إربد وجرش، في أول يومين. يقول مساعد الأمين العام في الوزارة أحمد راشد لحبر إن سبب التأخر هو زيادة عدد نقاط البيع، الأمر الذي سبب ضغطًا على العاملين في المشروع.

وشملت نقاط البيع هذا العام مناطق لم تصلها المكتبة سابقًا، مثل الأغوار الشمالية، وهو أمرٌ إيجابي، إذ كان يعاب على المشروع سابقًا محدودية نقاط بيعه واقتصارها في الأغلب على مراكز المدن.

  • الهوامش
    [1] هاني حوراني، «التركيب الاقتصادي والاجتماعي لشرق الأردنّ: مقدمّات التطوّر المشوّه (1921-1950)» منظمة التحرير الفلسطينية، 1978 ص 9.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية