جيم كاري: «ليس هنالك أنا»

الأربعاء 23 كانون الثاني 2019
صورة مارتن دي بور لمجلة «The Talks».

في نوفمبر عام 2017، أطلق جيم كاري فيلمًا وثائقيًا بعنوان «Jim & Andy: The Great Beyond». احتوى هذا الوثائقي على لقطات من وراء الكواليس من فيلمه «Man on Moon»، إلى جانب حوارات أجراها لتظهر في الفيلم الوثائقي. ويأتي هذا الوثائقي بعد حوالي 18 عامًا من تجسيد جيم كاري لدور آندي كوفمان في «Man on Moon» عام 1999.

في الحوار التالي، المنشور في 17 كانون الثاني 2018 على مجلة «The Talks»، يحكي جيم كاري عن إدراكاته الوجودية التي استلهمها من تجسيده لدور آندي كوفمان، إذ أنه بعد هذا الدور بات يؤمن بأنه «ليس هنالك أنا»، فالذات ليست سوى مجموعة من الأفكار أو الطاقات التي نختارها أو نختار أن نعيشها. وقد توصّل جيم كاري إلى هذا الإدراك بعد معايشته لعدد من فترات الاكتئاب وكذلك بعد أن واجه صعوبة في خروجه من شخصية آندي كوفمان التي كان قد خلقها لنفسه حتى بعد انتهائه من تصوير الفيلم.

سيد كاري، هل حظيت من قبل بتجلٍ روحي؟

حسنًا، لقد مررت بالكثير من التغيرات في الأعوام القليلة الماضية وكذلك الكثير من الإدراكات – أعتقد أن بإمكانك تسميتها استفاقات بخصوص بعض الأشياء. وقد تأثر كل شيء بذلك، فكل أمر إبداعي أقوم به الآن يبدو أنه يشير إلى وعيٍ بفقدان الذات. ما نحن؟ لماذا نحن هنا؟ إجابة هذين السؤالين في رأيي هي: لا شيء ولا سبب. فما الأمر سوى تلاعب بالصيَغ.

ما الذي تعتقد أنه قد استنهض تلك الاستفاقات؟

أعتقد أن ما استنهضها هو أنني بلغت مكانة امتلك فيها كل شيء قد يتمناه أي شخص، وأدركت بأني ما زلت تعيسًا. فحقيقة أنك ما زلت تعيسًا تمثل صدمة بعد أن حققت كل شيء حلمت به يومًا ما، لتكتشف بعدها أنه «يا إلهي، الأمر لا يتعلق بهذا». وأنا أتمنى لكل شخصٍ أن يحقق تلك الأشياء كي يتمكن من رؤية ذلك.

هل هذا ما حدث معك؟

نعم، بالتأكيد. الأمر لم يحدث معي، فليس ثمة أنا، لكنه حدث. وقد دفعني هذا لإدراك أنه ليس ثمة فرد هنا. فليس هنالك سوى طاقات فحسب.

طاقات؟

نعم، تلك الطاقات هي أنا. إنها أنا وأنا أحدث نفسي – بصرف النظر عن ماهيتها، وبصرف النظر عن مدى سوءها. لقد مررت بأوقات عصيبة للغاية في الأعوام القليلة الماضية، وأتمنى ألا يمر أحد بذلك، ولكن، يا إلهي، قد كان ذلك سببًا في توسّع استيعابي للحياة وما هو حقيقي وما هو غير حقيقي. وكذلك قدرتي على استيعاب المعاناة، وهو أمر ثمين. فهذا هو الطريق للخلاص، لأنه بمجرد استيعابك للمعاناة ستعرف معنى التعاطف، وعندها ستشعر بأنك حر. لذا، ما حدث بعد ذلك الإدراك كان في جوهره طاقة يائسة وكذلك جيدة للغاية، وقد تمثّلت تلك الرغبة في أن أنال الحب وأن أُحِب وفي أن أُبدِع وأن أنال الإعجاب.

هل تشعر بأمرٍ غريب عندما تنظر للوراء إلى أفلامك بعد أن حظيت بتلك الإلهامات؟ لا بد أن الأمر بدا وكأنك تشاهد شخصًا مختلفًا بالكلية.

أرى رجلًا أعتقدَ أنه شخص، وحاول خلق الشخصيات ولكن… كيف يمكنني شرح ذلك؟ بسبب تأدية دور آندي كوفمان في فيلم «Man on the Moon» عام 1999، على سبيل المثال، أدركت أنني قد أخسر ذاتي في شخصية ما؛ أنه يمكنني العيش في شخصية. وقد كان هذا خيارًا. وعندما انتهيت من ذلك أخذ مني الأمر شهرًا كي أتذكر من كنت عليه. «ما الذي أؤمن به؟ ما هي توجهاتي السياسية؟ ما الذي أحبه وما الذي أبغضه؟»، لقد أخذ مني الأمر بعض الوقت وقد كنت مكتئبًا عند رجوعي لأموري الشخصية وتوجهاتي السياسية. ولكن تحولًا ما كان قد حدث بالفعل. وكان هذا التحول هو: «انتظر لحظة. إذا كان بإمكانك وضع جيم كاري جانبًا لمدة أربعة أشهر، فمن هو جيم كاري؟ من هو بحق الجحيم؟».

وماذا اكتشفت؟

أعلم الآن أن ليس له وجود. فما هو سوى أفكار.

ماذا تقصد؟

إن أردت التحدث بشكل علمي، يمكنك رؤية الأمر تحليليًا باعتباره مجموعة من الأجسام رباعية الأسطح التي تعتقد بطريقة ما كونها شيء. لكنهم ليسوا سوى أفكارًا – مجرد أفكار. جيم كاري هو فكرة مررها لي والداي. أيرلندي-سكوتلاندي-فرنسي كانت فكرة أُعطيت لي. كندي كانت فكرة أُعطيت لي. كان لي فريق هوكي وديانة وكل تلك الأشياء التي تشاركت معًا في خلق هذا الفرانكنشتاين؛ هذه الصورة. فالأمر كالأفتار [الصورة الرمزية]. كل تلك الأشياء هي أنا. فأنت لست ممثلًا أو محاميًا. فلا أحد محامٍ. ثمة محامون، فالقانون يُمارس، لكن لا أحد محامٍ. في الواقع لا يوجد أحد [يجسّد نفسه].

ليس ثمة شيء حقيقي، إذًا؟

أعتقد أن المرء يلعب دوره إلى حدٍ بعيد بشكلٍ جيد قدر الإمكان – لكن لا، لا أعتقد أن هذا حقيقي.

لقد بدأت الرسم مؤخرًا. هل ساعدك هذا على تخفيف هذه التغيّرات التي كنت تواجهها؟

نعم. بالنسبة لي، فإن هذا يُعد طريقًا آخر للإبداع. لقد حدث هذا وقد كان الأمر مستلهمًا من مأساتي، فقد كان لي من المآسي نصيب. لقد كان الأمر مستلهمًا من هذا، من رغبتي في التعبير عن شيء ما بشكلٍ فوريّ، دون انتظار الإشارة الخضراء من لجنة أو انتظار السيناريو ليكون مثاليًا أو أيٍ من هذه الأمور! «ها هي أحد الأفكار، دون حتى أن أعلم معناها في ذلك الحين. سأرسمها. سأنحتها. من ثم ستخبرني هي بمعناها بعد سنة من الآن». إنه حقًا لشعورٍ رائع.

وأنا متأكد كذلك من أنه لا ضير في عرض تلك الأعمال.

بالطبع، حتى وإن كان ذلك في مدينة لاس فيغاس دونًا عن كل الأماكن! (ضحكات) قد ذهبت إلى النقيض المطلق للفن. أريد أن أكون في الأماكن التي يمكن للأشخاص الحقيقيين الوصول إليها. قد لا يستطيعون شراء الرسمة، لكنهم سيتمكنون من رؤيتها. أنا واثق من أنني سأقيم معرضًا وأشياء من هذا القبيل، آمل أن يحدث هذا يومًا ما… ولكن في الوقت الحالي، أريد حقًا أن يرى الناس ما معنى أن ينغمس فنان ما في الإبداع. فقد جاء في الواقع وثائقي «Jim & Andy: The Great Beyond» بهذه الكيفية. كنت أتحدث مع سبايك جونز العام الماضي عما كان يجول في خاطري… بدأنا الحديث عن بعض لقطات ما وراء الكواليس من تجربتي مع تصوير فيلم «Man on the Moon» وتحوُّلي لآندي كوفمان، وهو ما حولناه فيما بعض لفيلمٍ وثائقي. لذا… فأنا لا أعثر على الأدوار، بل هم من يعثرون علي.

هل تعتقد أن آندي كوفمان الذي أصبحته من أجل الفيلم قد وجد نوعًا من أنواع السعادة في النهاية؟

أعتقد أنه كان سعيدًا في اللحظة التي كان يبدع فيها. لا يمكن لأحد أن يكون سعيدًا بمسارٍ مهني. فالمسار المهني هو على ما هو عليه. فهناك تقلبات، وأشياء مؤقتة تحدث، وطاقات تحدث. أحيانًا أجد صعوبة في أن أصف بالكلمات ما أقصده، لكنني راضٍ للغاية. فثمة شعور يسيطر الآن بأن هناك تقديرًا جمًا وامتنانًا هائلًا وحماسةً واندهاشًا مما يؤول إليه كل هذا. فقد حدث هذا المشروع بشكلٍ عضوي: إذ ان تلك اللقطات وُلِدَت من المرح والشغب، ومن الاحتفاء بفنانٍ كان شديد الحيوية والاستثنائية. لذا فإن في الاحتفاء بتلك الطاقة أو التمرد أو الأناركية… هناك رضا بالتأكيد، لكنه لا يخصني. هو هناك فحسب.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية