أن تكون زهرة حائط: الحصول على الحب الذي تستحق

الخميس 29 تشرين الأول 2015

تقول الأسطورة إنه في يوم من الأيّام، قرر أحدهم أن يجمع كل ألعاب الأطفال الغريبة والمكروهة والإلقاء بها في جزيرة نائية. لكن تلك الألعاب استيقظت في اليوم التالي لتعتقد أنها هناك لكونها أفضل الألعاب، مما جعل العيش في تلك الجزيرة مكافأة لها، وأقصر طريق للسعادة.

قدّمت هوليوود عام 2012 عددًا كبيرًا من الأفلام المهمة كان من ضمنها فيلم «The Perks of Being  Wallflower». قد يبدو الفيلم للوهلة الأولى سطحيًّا وركيكًا، لكن ما أن تنتهي منه حتى تشعر أن شيئًا ما قد لمسك في هذا العمل. يتحدّث الفيلم عن «تشارلي»، وهو فتىً على وشك دخول المدرسة الثانوية، يسعى لتشكيل فهم أوسع لما يحيط به: عائلته، أصدقائه والمجتمع من حوله، وفهم سبب قيام الناس بأفعال معيّنة رغم امتلاكهم جوانب أخرى تختلف عمّا هو ظاهر منهم، والأهم هو أنه يريد فهم نفسه.

  imdb  Wild Tales  rotten-t

يبدأ الفيلم برسائل إلى صديق لا نعلمه، يحاول تشارلي من خلالها أن يتصالح مع بعض الأحداث التي مرّ بها في حياته، سواء كانت حزينة أم سعيدة، موجهًا أسئلة حول نفسه والمحيطين به. وهذه الرسائل ستكون نفقًا إلى داخل عقل تشارلي، الذي لعب دوره الممثل الشاب لوغان ليرمان.

إن مشكلة تشارلي الأولى هي بحثه المستميت عن مكانه المناسب، وهذا ما وجده مع باتريك وسام، الصديقين الجديدين اللذين سيكون لهما تأثير أبديّ على حياته. سام التي شكلت لتشارلي التحدي العاطفي الأكبر: لا يكفي أحيانًا أن تحب شخصًا، بل يجب أن تعبّر عن هذا الحب بصورة واضحة ومباشرة. كان هذا الدور الأول لإيما واتسون بعد سلسلة أفلام هاري بوتر الشهيرة. أمّا باتريك، وهو الشخصية الرئيسية الثالثة في الفيلم، فقد كان الأكثر تأثيرًا على حياة تشارلي، حيث جمعت بينهما الصدفة التي جعلت من باتريك بوابة تشارلي نحو عالم يفهمه، بينما يُعايش باتريك أحداثًا مختلفة تتطور بالتوازي مع سير علاقته بأصدقائه، تبرِز تلك الأحداث سلبيات أن تمتلك وجهين تتعامل بهما مع الناس، سواء من أجل مصلحتك أنت أو من أجل الحفاظ على سمعة المقربين منك في مجتمع لا يبذل الجهد الكافي لتقبّلك كما أنت.

قد نجد المعنى وراء عنوان الفيلم على لسان باتريك عندما يوجه كلامه لتشارلي قائلًا «أنت تلاحظ الأشياء، وتفهمها، أنت زهرة الحائط». زهرة الحائط هو من يراقب الحياة ولا يشارك فيها، لكنه يفهم كل ما يجري حوله. هو الشخص الذي يجلس في نهاية الفصل، صامتًا طوال الوقت، لكنه الأوّل في نهاية العام الدراسي. شخص بلا حياة اجتماعية، وبلا أصدقاء، وهو شخص يكاد لا يلاحظ وجوده أحد. بمصارحة هامة كهذه كان على تشارلي أن يفهم بأن عليه التوقف عن كونه «زهرة حائط» وأن يشارك في العالم بدلًا من الاكتفاء بدور المشاهد.

إن المأساة الذاتية التي يقع فيها تشارلي لا يجد حلّها إلا بمساعدة الآخرين. في هذه الحياة من الصعب أن تكون وحدك، يجب أن تجد المكان الملائم لك فحسب، ومن هناك سوف تنطلق. إن ما يميّز هذا الفيلم هو قدرته على الجمع بين عدد كبير ومختلف من الأذواق والخلفيات، ليجد كل متابع نفسه وقد اندمج مع جزء من القصّة أو كلّها. مواضيعٌ مثل المخدرات، والمثليّة، والسعادة، والاندماج مع الآخرين، والصداقة، والبحث عن القبول، والوحدة والتورّط بعلاقات غير ناجحة هي ما شكّلت هذا العمل الذي أخرجه ستيفن تشبوسكي، والذي كان قد كتب الرواية التي تم اقتباس الفيلم عنها عام 1999.

«إذًا، هذه هي حياتي. وأريدك أن تعلم أنني سعيدٌ وحزين في نفس الوقت، وأني ما زلت أحاول فهم كيف يمكن لذلك أن يحدث». كانت هذه الكلمات هي ما شكلت افتتاحية الفيلم مع أُمنية من تشارلي بأن يقوى على صنع صداقات جديدة. إلا أن النهاية، والتي كانت أيضًا على لسان تشارلي، مختلفة إلى حد بعيد «عندما تدرك أنك لم تعد قصّة حزينة، وتشعر بأنّك تُمارس الحياة، في هذه اللحظة تحديدًا، أُقسم أننا لانهائيون».

هذا الفيلم موجه لكل «تشارلي» في هذا العالم، قد أدرك أنه من غير الممكن أن يكون عاقلًا في عالم كهذا لا يرى كل الألم والفوضى في داخله. يجيب الفيلم عن تساؤلات عدة قد تدور في عقول المراهقين، ليكون الفيلم في أدق تفاصيله رسالة طويلة للبحث عن الحياة في دواخلنا، وكما تقول الأغنية التي بدأ بها الفيلم «من غير الممكن أن تُحب أحدًا قبل أن تُحب نفسك».

* فيلم الأسبوع هي زاوية جديدة نقترح عليكم فيها كل خميس فيلمًا يستحق المشاهدة.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية