(ترجمة بتصرّف لهذا المقال المنشور بالإنجليزية في مجلّة مونثلي ريفيو)
يبدو أن هناك مشكلة تبرز بصورة متكررة في النقاشات العامة حول النمو الأخضر وتخفيض النمو، كمسارين مقترحين للتغلب على الأزمة البيئية. يفترض بعض المعلقين البارزين أن الجدل يدور هنا حول مسألة التقنيات بشكل رئيسي، من حيث أن النمو الأخضر يعزز حلولًا تقنية للأزمة البيئية، في حين يفضي تخفيض النمو إلى حلول اقتصادية واجتماعية (يطرح تخفيض النمو هنا في أسوأ تحريف شائن له بأنه مسار «معادٍ للتقنية»). إلا أن هذه السردية غير دقيقة، بل تكفي مراجعة سريعة للأدبيات لتوضيح ذلك. في الواقع، تحتضن أدبيات تخفيض النمو، التغير التقني وتحسينات الكفاءة إلى حد حاسم يجعلها ممكنة تجريبيًا، ومتماسكة بيئيًا، وعادلة اجتماعيًا. كما أن هذه السردية تعي بأن هذا وحده ليس كافيًا؛ إذ إن التحولات الاقتصادية والاجتماعية ضرورية أيضًا، بما فيها نقلة خارج الرأسمالية. لذلك فإن الجدل لا يدور حول التقنية بشكل رئيسي، وإنما حول العلم والعدالة وبنية النظام الاقتصادي.
لقد بات من المؤكد الآن أن سيناريوهات النمو الأخضر تعاني من مشكلة صعبة، إذ تنطلق من فرضية توجب على الدول الغنية التي تقع في «لب» النظام العالمي، الاستمرار في زيادة إجمالي مراكمة الإنتاج والاستهلاك (النمو) حتى نهاية القرن. بيد أن النمو لا يأتي من فراغ، حيث يتطلب طاقة تمتلك الدول الغنية مستويات عليا منها، تفوق بمراحل باقي العالم وتزيد إلى حد كبير عما هو لازم لتوفير حياة كريمة للجميع.
يعتبر الاستخدام الزائد للطاقة مشكلة، ليس لأنه يدفع نحو انهيار مناخي ويسهم في عبور حدود كوكبية أخرى فحسب، بل لأنه أيضًا يجعل من إزالة الكربون بسرعة كافية (أي إزالة الكربون بالتماشي مع الحصص العادلة المتوافقة مع اتفاقية باريس لأرصدة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون) صعب التحقيق حتى بوجود فرضيات متفائلة حول سرعة انتشار الطاقة المتجددة. لذلك، تلجأ سيناريوهات النمو الأخضر من أجل حل هذه القضية إلى عدد من الفرضيات التي تعتبر إشكالية للغاية.
تفترض هذه السيناريوهات أولًا أن بإمكاننا تجاوز حدود اتفاقية باريس الآن والاعتماد على الانتشار المكثف لتقنية الانبعاثات السلبية التخمينية في المستقبل (أغلبها للطاقة الحيوية الناتجة عن احتجاز ثنائي أكسيد الكربون وتخزينه (بي إي سي سي إس))، لسحب الكربون الزائد خارج الغلاف الجوي. أثار العلماء تحذيرات رئيسة ضد هذه المقاربة.
إذ تحتاج الطاقة الحيوية الناتجة عن احتجاز ثنائي أكسيد الكربون وتخزينه إلى مساحات شاسعة من الأرض للاستزراع الأحادي للوقود الحيوي، تساوي ثلاثة أضعاف مساحة الهند، ويتم الاستحواذ على أغلبيتها الساحقة من الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية، مما يفاقم اجتثاث الغابات واستنزاف التربة ونضوب المياه وفقدان التنوع البيولوجي وغيره من الأضرار التي تلحق بالنظام البيئي، في الوقت الذي تقيّد فيه وفرة الغذاء. إن الاعتماد على هذه المقاربة غير عادل ولا حتى متماسك بيئيًا، وينطوي على المخاطر أيضًا، لأنه إذا ما لم يتم تحجيمه في المستقبل، نظرًا لأية أسباب تقنية أو سياسية، فإننا سنحتجز حينها في مسار من ارتفاع درجات الحرارة يستحيل الفكاك منه.
أمّا الفرضية الرئيسة الثانية ضمن سيناريوهات النمو الأخضر فتقول إنه يمكن تحسين الكفاءة إلى حد يفصل جذريًا الناتج المحلي الإجمالي عن استخدام الطاقة. لكن المشكلة الرئيسة تكمن هنا في كون المعدلات المفترضة للفصل غير مدعومة في الأدبيات التجريبية، فهي خارج حتى أكثر الإنجازات البطولية الموثقة. أضف إلى ذلك، تكشف الدراسات التجريبية أنه في الاقتصاد الموجه نحو النمو، تميل الأرباح الناجمة عن تحسين الكفاءة لأن يستفاد منها في توسيع عمليات الإنتاج والاستهلاك، والتي تميل بدورها لتقويض التخفيضات المطلقة في الطاقة أو استخدام المواد. باختصار، إن تحسينات الكفاءة أمر مهم، ولكنه لا يمنحنا النتائج اللازمة في اقتصاد منتظم حول النمو والمراكمة. لذلك لا تكمن المشكلة أساسًا في تقنياتنا، بل في أهداف وغايات الاقتصاد.
يدعو نهج تخفيض النمو إلى تقليص أشكال الإنتاج المدمرة للبيئة وغير الضرورية اجتماعيًا، مثل الطائرات الخاصة والقصور و[منتجات] الموضة السريعة والأسلحة، وفي المقابل يدعو لسياسات اجتماعية قوية لتأمين الاحتياجات البشرية والرفاه، إلى جانب خدمات عامة شاملة، وأجور كافية، وضمان للوظائف العامة، وتقليص ساعات العمل.
وأخيرًا، تحافظ سيناريوهات النمو الأخضر على مستويات عليا من الاستخدام الطاقي في الدول ذات المداخيل المرتفعة عبر تقييد استخدام الطاقة، ومن ثم التطوير، في جنوب الكرة الأرضية، إلى الحد الأدنى من المستويات اللازمة حتى للاحتياجات الأساسية في بعض الحالات. من الواضح أن هذه المقاربة لا أخلاقية وغير منصفة (وتعيد إلى الأذهان مصطلح الفاشية البيئية)، وغير مقبولة لمفاوضي نصف الكرة الجنوبي. تجدر الملاحظة هنا أن تحقيق اقتصاد خالٍ من الكربون والحفاظ عليه عند الدول ذات المداخيل المرتفعة وبمستوياتها الحالية من استخدام الطاقة (واستخدام السيارات) سيتطلب مستويات غير اعتيادية من استخراج المواد لكافة البنى التحتية الطاقية والبطاريات، والتي سيتم الاستحواذ على معظمها من نصف الكرة الجنوبي من خلال سلاسل التوريد التي باتت مدمرة اجتماعيًا وبيئيًا في العديد من الحالات. صحيح أننا نحتاج إلى انتقال للطاقة المتجددة، ولكن الاستخدام المرتفع للطاقة الذي لا داعي له في البلدان الغنية، يعني أن هذا الانتقال سيكون أبطأ وستكون التكاليف الاجتماعية والبيئية أعلى.
باختصار، تراوغ سيناريوهات النمو الأخضر مع العلوم. وتوصي باتفاقيات غير عادلة بشكل لا يصدق، وتقامر بمستقبل الإنسانية -والحياة برمتها على الأرض- فقط من أجل الحفاظ على مستويات تتزايد باستمرار من الناتج الإجمالي في الدول ذات المداخيل المرتفعة، والتي لا حاجة لها كما سنرى.
يشير اقتصاديو البيئة إلى أننا عندما نقلص افتراضاتنا حول التغيرات التقنية إلى مستويات «غير جنونية» بحسب عالمة الفيزياء واقتصاد البيئة جوليا شتاينبيرغر، وعندما نرفض فكرة المحافظة على النمو في البلدان الغنية على حساب الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية، يصبح من الواضح أن الاعتماد على التغيرات التقنية ليس كافيًا في حد ذاته لحل الأزمة البيئية. إذ نحتاج إلى نشر طاقة متجددة وسريعة، وتحسين الفعالية والكفاءة، وتعميم التقنيات المتطورة، (التدفئة بالحثّ ، والأجهزة الفعالة [بيئيًا]، والمضخات الحرارية، والقطارات الكهربائية وغيرها). ولكننا نحتاج أيضًا من الدول مرتفعة الدخل إلى خفض تراكمي إجمالي كبير للطاقة واستخدام المواد، بسرعة تزيد -كما نأمل- عما يمكن للتحسينات على الكفاءة أن تقدمه وحدها. ومن أجل تحقيق ذلك، يتوجب على البلدان ذات الدخل المرتفع أن تتخلى عن التنمية كهدف، وتقلص بشكل نَشِط أشكال الإنتاج غير الضرورية، من أجل خفض استخدام الطاقة والمواد مباشرة.
يقودنا هذا إلى نقطة هامة وحاسمة. إذ يجب أن نكون واضحين حول ماهية النمو. فهو ليس ابتكارًا وتجديدًا أو تقدمًا اجتماعيًا أو تحسينات في الرفاه وسعة العيش، بل هو على وجه الدقة، زيادة في تراكم الإنتاج، كما يقاس بأسعار السوق (الناتج المحلي الإجمالي). لا يفرق الناتج المحلي الإجمالي بين الغاز المسيل للدموع بقيمة 100 دولار والرعاية الصحية بقيمة 100 دولار. إن هذا المعيار ليس لقياس ما هو مهم لصالح الناس، بل ما هو مهم للرأسمالية. وبالطبع، ما يهم الرأسمالية ليس تلبية احتياجات البشر، أو تحقيق التطور الاجتماعي، وإنما زيادة ومراكمة رأس المال إلى أقصى الحدود. فإذا كانت غايتنا التطور الاجتماعي والرفاه، فلن تهمنا القيمة السوقية لتراكم الإنتاج، بل ما ننتجه هو الأهم (الغاز المسيل للدموع أم الرعاية الصحية)، وإذا ما كان بمقدور الناس أن تطال البضائع والخدمات الضرورية (هل الرعاية الصحية مخصخصة أم عامة وشاملة).
تكون البضائع الأساسية في ظل الرأسمالية إما نادرة (النقل العام) أو مسلعنة، بحيث باتت أسعارها بعيدة عن متناول أسر الطبقة العاملة (المسكن والرعاية الصحية والتعليم العالي إلخ). هذا يفسر أنه حتى في البلدان الغنية، ورغم المستويات العالية من التراكم الإنتاجي، نجد أن الكثيرين بالكاد يسدون رمقهم. يعيش ربع السكان في الولايات المتحدة في مساكن دون المستوى، ولا يتمكن النصف تقريبًا من تحمل تكاليف الرعاية الصحية. في حين يعيش 4.3 مليون طفل في المملكة المتحدة في فقر وبؤس. لماذا؟ لأن قوى الإنتاج قد انتظمت حول مصالح رأس المال بدل مصالح الشعب.
لا يدعو تخفيض النمو إلى خفض كافة أشكال الإنتاج. إنما يطالب بتقليص أشكال الإنتاج المدمرة للبيئة وغير الضرورية اجتماعيًا، مثل سيارات الاستخدامات الرياضية والطائرات الخاصة والقصور و[منتجات] الموضة السريعة والتسلح ولحوم البقر المصنعة والرحلات البحرية والسفر الجوي التجاري، إلخ، في الوقت الذي يتم فيه تخفيض الإعلانات، وتوسيع عمر المنتج (وحظر التقادم المخطط له، وإدخال ضمانات إلزامية بطول المدة وحقوق الصيانة)، وتقليص القوة الشرائية للأغنياء. بمعنى آخر، استهداف أشكال للإنتاج تمأسست في الغالب حول مراكمة رأس المال واستهلاك النخب. فهل علينا في قلب الأزمة البيئية أن ننتج مركبات للتجهيزات الرياضية والقصور؟ أم علينا تحويل الطاقة لدعم الاستهلاك الفاحش والتراكم لدى الطبقات الحاكمة؟ كلا، فلا يمكن أن تنشُد مثل هذه اللاعقلانية إلا الرأسمالية وحدها.
وفي الوقت ذاته تصر أدبيات تخفيض النمو على سياسات اجتماعية قوية لتأمين الاحتياجات البشرية والرفاه، إلى جانب خدمات عامة شاملة، وأجور كافية، وضمان للوظائف العامة، وتقليص ساعات العمل، والديمقراطية الاقتصادية، وكبح اللامساواة إلى أدنى الحدود. ستقوم هذه الإجراءات بإلغاء البطالة وانعدام الأمن الاقتصادي، وتضمن الشروط المادية لحياة شاملة كريمة من جديد، أي مبادئ الاشتراكية الأساسية. تدعو هذه الثقافة لتحسين الكفاءات، ولكن أيضًا إلى نقلة وتحول نحو الاكتفاء والعدالة والاقتصاد الديمقراطي ما بعد الرأسمالي، حيث ينتظم الإنتاج حول الرفاه للجميع، بحسب الصياغة الشهيرة لبيتر كروبوتكين، بدل الانتظام حول تراكم رأس المال.
باستطاعتنا رؤية الحركة المزدوجة للكفاءة مع الاكتفاء بوضوح في السيناريوهات المنشورة لما بعد النمو وتخفيض النمو للاقتصاد الكلي. حيث يبدأ نموذج تخفيض النمو الأوروبي الأخضر، على سبيل المثال، بسيناريو خط بقاء الأمور على حالها المعتادة، ثم يضيف إجراءات الكفاءة (متضمنة أمور مثل تسعير الكربون وتحسينات الكفاءة والتجديد والكهربة وتحويل الطاقة المتجددة وهكذا)، ومن ثم تضاف فوق هذا السياسات الاجتماعية والاقتصادية التحويلية (التخفيض من الإنتاج غير الضروري، وأسبوع عمل أقصر، وضمان الوظيفة، والضرائب على الثراء، إلخ)، لتحقيق أفضل النتائج.
تصر أدبيات تخفيض النمو على سياسات اجتماعية قوية لتأمين الاحتياجات البشرية والرفاه، إلى جانب خدمات عامة شاملة، وأجور كافية، وضمان للوظائف العامة، وتقليص ساعات العمل، والديمقراطية الاقتصادية، وكبح اللامساواة إلى أدنى الحدود.
يمكننا أن نشاهد المبادئ ذاتها في دراسة حديثة منشورة في مجلة نيتشر حول نزع الكربون في قطاع المواصلات في البلدان ذات الدخل المرتفع. يقول المؤلفون: «نجد أنه إلى جانب تنفيذ تغييرات في تخفيض الانبعاثات في تصميم المركبات، لا بد من تخفيض استخدام السيارات بسرعة، وعلى نطاق واسع، لتلبية ميزانيات الكربون الصارمة، وتفادي الطلب المرتفع على الطاقة». أي بكلمات أخرى نحتاج إلى التحول نحو السيارات الكهربائية -ولكننا نحتاج أيضًا إلى تقليص صناعة السيارات في الوقت عينه، بينما يجري تحسين وتوسيع خيارات النقل العام لضمان الحركة للجميع. نعم للكفاءة، ونعم للتجديد التقني، ولكن مضافًا إليهما الاكتفاء والعدالة.
إذًا، فإن الجدل العام حول خفض النمو مؤسس على مغالطة ثنائية زائفة. فالصراع الحقيقي ليس بين التقنية ومعاداة التقنية. إنما هو حول كيفية تصور التقنية والشروط التي تنتشر في ظلها. تشدد أبحاث خفض النمو على كونها تمتلك توجها أكثر علمية (وأكثر إنصافًا) نحو الرؤى التقنية.
ولكن ماذا عن مسألة تقدم التقنية؟ غالبا ما يدمج النمو الرأسمالي في الخطاب الإعلامي بالتقدم التقني أو حتى يعتبر ضرورة له. إلا أن هذا يدلل على سوء النوايا.
أجل، نحن في حاجة إلى التجديد لحل الأزمة البيئية. فنحن بحاجة إلى ألواح شمسية أفضل، وعزل أفضل، وبطاريات أفضل، وإعادة تدوير أفضل، وأساليب أفضل لإنتاج الفولاذ، إلخ. إلا أننا لسنا في حاجة إلى النمو الكلي للحصول على هذه الأشياء. إذا كانت الغاية هي تحقيق نوع معين من الابتكار، فليُستهدَف مباشرة بدلًا من تنمية اقتصاد كامل بشكل عشوائي أملًا بأن ينبثق التجديد الذي ننشده بشكل سحري. فهل من المنطقي إنماء صناعة البلاستيك، وصناعة لحوم البقر، وصناعة الدعاية والإعلان من أجل الحصول على قطارات أكثر فعالية؟ وهل من المنطقي إنبات أشياء قذرة للحصول على أشياء نظيفة؟ علينا أن نكون أكثر ذكاءً، إذ يمكن تحقيق الابتكارات اللازمة مباشرة -عبر الاستثمار العام في الابتكار والتجديد- في الوقت الذي تقلّص فيه الأشكال الأقل ضرورة من الإنتاج، إذ إن الأخيرة تُمَكِّن الأولى. فمثلًا يمكن للمواهب الهندسية التي تتمركز حاليًا حول التنمية -فلنقل، في مجال خوارزميات الإعلانات- أن يعاد تنشيطها لتطوير الطاقة المتجددة وأنظمة النقل بدلًا من ذلك.
علينا أن نلاحظ أيضًا أن حتميات النمو الرأسمالي كثيرًا ما تحد من التطور التقني. لا تقوم الشركات في ظل الرأسمالية بتنظيم الابتكار والتجديد حول أهداف ضرورية اجتماعيًا، وإنما حول ما يخدم نموها وربحها. ولهذا نجد الابتكارات والتجديد في مجال زيادة استخراج الوقود الأحفوري تصل إلى حدودها القصوى، ولكن نادرًا ما يحدث ذلك في المجالات الضرورية حتميًا وإن كانت أقل ربحية (مثل الطاقة المتجددة)، أو غير مربحة على الإطلاق، (مثل النقل العام، والمنتجات القابلة للإصلاح، وأدوية الأمراض المدارية المهملة). وحتى عندما تكون الابتكارات مفيدة اجتماعيًا، فإنها غالبا ما تُحتجز بموجب براءات الاختراع التي تمنع انتشارها السريع (كما في لقاحات كوفيد 19 وتقنية البطاريات).
لا يجب أن يقتصر فهمنا لما يحتسب كتقنية على الآليات المعقدة. فأحيانًا تكون التقنيات البسيطة أكثر فعالية وكفاءة وديمقراطية: فعلى سبيل المثال تعتبر الدراجات الهوائية تقنية قوية بشكل هائل في مجال المساعدة على نزع الكربون في النقل الحضري المديني، وكذلك الأساليب الزراعية البيئية، فهي حيوية أيضًا لإعادة إخصاب التربة. كما لا يجب التقليل من قوة التقنيات الاجتماعية. نذكر مثالًا كلاسيكيًا من الأدبيات الاشتراكية النسوية؛ حيث تعتبر الجلايات والغسالات حاسمة لتحرير البشر (النساء على وجه الخصوص) من العمل الشاق، وكذلك الأمر بالنسبة للعناية بالأطفال والمطابخ الخيرية الجماعية. لذلك، علينا أن نكون أشد انتباهًا كي نضمن أن رؤيتنا للتقنية ليست ملوثة ومقيدة بالافتراضات الرأسمالية، ووجهات النظر العالمية. إذ إن التقنية الأفضل ما تزال أمرًا ممكنًا.