سجادة مفروشة على الأرض. هي ليست سجادة تمامًا، ولكنها بلاط ملّون مزخرف مفروش أرضًا، عُرِف أحيانًا بالبلاط النابلسي، وأحيانًا أخرى بالبلاط الشامي. وقصته التي تتجاوز قرنًا ونصف تحكي قصة التفاعل بين ضفتي المتوسط، والعلاقة بين حواضر بلاد الشام ومدنها.
بلاط السجاد الشامي، هو بلاط ملوّن مصنوع يدويًا، قطعة قطعة، ويتكوّن من طبقة من إسمنت مطحون، وطبقة أكثر خشونة من الرمل والإسمنت، وأصباغ معدنية توضع ضمن قالب معدني يكون مشكّلًا على شكل الزخرفة المطلوبة، ويتم كبسها جميعًا بواسطة مكبس هيدروليكي. ويختلف هذا البلاط عن بلاط البورسلان والسيراميك بأنه لا يحرق، ولا توجد طبقة من التزجيج (Glazing) على سطحه.
بلاط بيت عارف العارف في جبل عمان. تصوير مجد حجاوي.
ظهر هذا النوع من البلاط، والذي يسمى خارج بلاد الشام بالبلاط الإسمنتي، لأول مرّة في إقليم كاتالونيا في إسبانيا خمسينيات القرن التاسع عشر، فيما تشير بعض المصادر إلى أصل آخر وهو إقليم «فيفييه» في جنوب فرنسا، حيث افتتح لأول مرة مصنع الإسمنت لافارج عام 1833 لاستغلال مقالع الحجر الجيري الموجودة هناك.[1]
مثّل هذا البلاط ثورة في صناعة الأرضيات آنذاك لأنه كان أرخص بكثير وأكثر متانة وأسهل في الصنع من البلاط الخزفيّ المزجّج المصنوع يدويًّا، وبالتالي كان نوعًا متاحًا للاستخدام على نحو أوسع في المنازل، كما أنه سمح بتصميم أنماط زخرفية عديدة. وكانت ذروة استخدامه في نهاية القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين، قبل أن تحلّ مكانه تدريجيًا تقنيات أحدث بدءًا من ستينيات القرن العشرين، مثل التيرازو، والحجر الخزفي المزجج (البورسلان)، والسيراميك الصناعي، والتي لم تسمح بذات المستويات من الزخرفة ولكنها كانت أرخص وأسرع إنتاجًا.
في إسبانيا، أُطلق على هذا البلاط اسم «البلاط الهيدروليكي» أو «الفسيفساء الهيدروليكية»، لأنه يكبس بواسطة مكابس هيدروليكية. وقد أنشئت العديد من الشركات المصنعة له في برشلونة وبينها شركة «موزايكس مارتي» التي لا تزال نشطة حتى اليوم، وشركة «إسكوفيت وفورتوني وشركائهم»، وتأسست عام 1886 وكانت تَصنع أرضيات المباني في برشلونة قبل أن تتوسع صادراتها لتشمل جميع أنحاء إسبانيا والأمريكيتين.
وأدى تزامن تطور هذه التقنية مع زمن الحركة الحداثية أواخر القرن التاسع عشر إلى ظهور أرضيات بتصاميم فن «الآرت نوفو».[2] وقد استخدم أحد آباء الحداثة الكاتالونية، أنطوني غاودي، هذا البلاط في عدد من أعماله وصنّع النقشات الخاصة به ما أعطى البلاط الإسمنتي الزخرفي شهرة أوسع باعتباره جزءًا من عمارة الحداثة الناشئة مع دخول القرن العشرين. وكانت تصاميم مصممي النقشات الذين كانوا أحيانًا من المهندسين المعماريين الكتلان في برشلونة من أصحاب النزعة الحداثية، تعبّر عن التفنن بالبلاط، والمزج بين كونه مادة بناء ومادة زخرفية في الوقت نفسه.
أمثلة على تصاميم ونقشات بلاط إسمنتي، ظهرت في إسبانيا منذ أواخر القرن التاسع عشر
الدخول إلى بلاد الشام
دخل هذا البلاط بلاد الشام في ثمانينيات القرن التاسع عشر، أي بالتزامن مع بدء انتشاره في أوروبا، وضمن سياق الاضطرابات والتحوّلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي ضربت المجتمعات ببلاد الشام في أعقاب الحملة المصرية على بلاد الشام (1830-1840)، وما أعقبها من تصاعد جهود الإصلاح والتحديث، بالتزامن مع زيادة التأثر والتغلغل الأوروبي على كافة المستويات، فجاء دخول واستخدام البلاط الإسمنتي المزخرف مجسدًا لروح هذه المرحلة.
أثّر استخدام هذا النوع من البلاط على الديكورات الداخلية للبيوت في بلاد الشام بشكل واضح، إذ أسهم في تشكيل فهمٍ جديد للمادة واللون ولجماليّة الفضاء الداخلي، مما سمح بالتعامل مع المساحات المسقوفة بطرق جديدة تجاوبت مع التطورات والتحوّلات الاجتماعية والثقافية والتقنية.
ويستدل من استخدام هذا النوع من البلاط وانتشاره في أواخر الفترة العثمانية على حضور موجة التحديث المتأثرة بأوروبا بشكل واضح. وفي الوقت نفسه وجد البعض فيه وسيلة لإحياء الماضي، إمّا من خلال اعتماد نماذج مستوحاة من التراث المحلي أو من خلال تحديث الزخرفة متعددة الألوان التي مثلت سمة أساسية من سمات الهندسة المعمارية والتصميم الداخلي للمدن العربية القديمة. كان هذا الجدال بين اتجاهين، أحدهما راغب بالتحديث على الطريقة الأوروبية وجد في البلاط وسيلة لذلك، وآخر أكثر محافظة، متزامنًا مع سياق اقتصادي متوافق ناجم عن أشكال جديدة من الإنتاج والاستهلاك، وزيادة الامتيازات الأجنبية الجديدة، وتغلغل رأس المال الأوروبي.
البلاط الإسمنتي الزخرفي داخل دار الأندى في عمان، ويعود لثلاثينيات القرن الفائت.
أولى ورش إنتاج البلاط الإسمنتي
خَطَت صناعة البناء خطوات مهمة بداية القرن العشرين في سوريا ولبنان، وقد تطلّبت المباني الجديدة والمشاريع الحضرية مواد جديدة وموحّدة وسريعة التركيب وسهلة التنظيف وبأسعار منخفضة بما فيه الكفاية للبناء والتشطيب. وقد استوفى البلاط الإسمنتي معظم هذه المتطلبات، وبالتالي استُخدِم بسهولة في أنواع مختلفة من المباني الخاصة والعامة.
في البداية، كان هذا البلاط يستورد من أوروبا وتحديدًا من فرنسا،[3] وبالتزامن بدأت ورشات محلية بإنتاجه. في بيروت كان طنوس أشعيا أوّل من أسّس ورشة بلاط إسمنتي عام 1881، واستمرت الورشة لثلاثة أجيال قبل أن تغلق في أربعينيات القرن الفائت، ثم أعاد الحفيد إدغار شعيا إحياء المصنع بعد حوالي ستين عامًا، وباستخدام نفس المكوّنات التقليدية والألوان الطبيعية، ويحمل اسم بلاط أشعيا (Blatt Chaya).
ويورد دليل بيروت لعام 1988، إعلانًا لشركة «شامي وشعيا» لتصنيع البلاط الإسمنتي، وفيه إشارة إلى القدرة على إنتاج البلاط بألوان مختلفة وبأي بعد مطلوب، وأن البلاط الذي تصنّعه مقاوم للرطوبة في الشتاء.[4] وفي سوريا ازدهرت صناعة البلاط الإسمنتي في حلب إذ كان ثمة أربع ورش لتصنيع البلاط الإسمنتي بحلول 1931، فيما لم تتواجد أيّ ورشة في دمشق.[5]
وتكشف تقارير الجمارك أثناء الانتداب الفرنسي عن استيراد سوريا ولبنان معًا خلال الربع الأول من عام 1932، (6695) طنًا، بقيمة (32,600) ليرة سورية، في حين أنه وفي الربع نفسه، بلغت قيمة البلاط الإسمنتي المنتج في لبنان وحده (35) مليون ليرة سورية.[6]
ويعود سبب تراجع حجم الكميات المستوردة إلى السعر المرتفع نسبيًا للبلاط الإسمنتي في أوروبا بسبب عملية التصنيع شبه الحرفي، ولارتفاع تكلفة النقل بسبب وزن البلاط الإسمنتي مقارنة ببلاط السيراميك. وفي الوقت نفسه، كان تطور التصنيع المحلي يتسارع بسبب عدة عوامل، بينها سهولة عملية التصنيع، وهذا يشمل صنع الآلات، فضلًا عن إبرام العديد من المعاهدات الجمركية مع الدول المجاورة، وإنشاء شبكة سكك حديدية تربط معظم المدن السورية واللبنانية بفلسطين والأردن والجزيرة العربية وتركيا، وكذلك لوفرة المواد الخام اللازمة لتصنيع الإسمنت البورتلاندي، وتلك اللازمة لتصنيع الحجر الكلسي، والأصباغ، والرمل.
مكبس بلاط هيدروليكي مستورد من ألمانيا بواسطة ورشة السيوفي في دمشق
وتعد الأصباغ عاملًا رئيسًا في جودة البلاط الإسمنتي، وعادة ما تأتي هذه الأصباغ من المعادن الحديدية أو الأملاح المعدنية غير القابلة للذوبان، حيث إنها لا تتلاشى مع الزمن. ومنذ بداية الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان أوضحت النشرات الاقتصادية استيراد الأصباغ من فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا وبلجيكا وهولندا وإيطاليا.[7]
قالب بلاط إسمنتي معروض على مواقع تسوّق إلكترونية. وفي هذا القالب نشاهد اعتماد نمط زخرفي إسلامي.
البلاط الإسمنتي في فلسطين
وصل البلاط الإسمنتي الملون فلسطين أوائل القرن العشرين، واستُخدم في غالب المدن، وحل بالتدريج مكان بلاط الحجر.[8] واستخدم خاصة في الأحياء الجديدة التي قطنتها الطبقة البرجوازية.
بدأت هذه الصناعة في فلسطين مع افتتاح معمل قسيسية لإنتاج البلاط عام 1900 في القدس.[9] ومن ثم افتُتِحت معامل وورش أخرى، وكانت صناعة البلاط جزءًا من مجموعة من حرف البناء الناهضة في فلسطين، لا سيّما في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، وذلك بفعل اتساع النمو الاقتصادي وازدهار الحركة العمرانية في البلاد.
اتسعت أعمال مصنع خليل قسيسية ليصبح معمل البلاط الرئيس في فلسطين، ووصلت منتجاته بيت لحم ورام الله ونابلس، وإلى عمّان. تقول حفيدة العائلة لينا قسيسية إن الجد خليل كان عامل بناء ذا مهارات عالية، وقد بنا مصنع البلاط الأصلي عام 1900، وعاشت العائلة في الطابق السفلي من المبنى، وفي السنوات ما بين 1935-1940 توسع النشاط الصناعي للمصنع وخصص المبنى بأكمله لإنتاج البلاط، وبلغ عدد العمال فيه 15 عاملًا، وقد كان الحفاظ على أساليب الإنتاج اليدوية التقليدية التي يستخدمها أمرًا في غاية الأهمية، ولذا كان القرار بعدم استخدام أي آلات أوتوماتيكية في المصنع ومواصلة استيراد الإسمنت الملون من إيطاليا. «نمت شهرة مصنع البلاط، وكان منتجه الأكثر نجاحًا بلاط السجاد المصنوع بخبرة، والذي يزين حتى يومنا هذا العديد من المنازل المبنية في فلسطين».
صورة حديثة لمعمل بلاط قسيسية في القدس. تصوير لينا قسيسية
مي خليل قسيسية (عمّة لينا قسيسيّة) تركض في المصنع بين البلاط.
استمر معمل البلاط في العمل حتى مطلع السبعينيات عندما سحبت بلدية القدس المحتلة ترخيص العمل من جميع المصانع العاملة داخل أسوار القدس القديمة. ومن ثم افتتح فرع له في الأردن عام 1974.[10]
عرفت المدن الفلسطينية الأخرى معامل للبلاط الإسمنتي، فأقيم معمل أصلان في نابلس عام 1913، ولا يزال يعمل حتى اليوم، وينتج قرابة (500) متر مربع من البلاط شهريًا، تستعمل في أعمال ترميم البيوت القديمة وأخرى لتزيين المنازل الجديدة. وهناك معمل «وَزوَز» الذي تأسس على يد عبد الكريم وزوز عام 1953، في البلدة القديمة بالقدس، قبل افتتاح مصنعه في شعفاط عام 1967، ومن ثمّ نقل بعد حوالي عشرين عامًا إلى مدينة الرام. كما توجد مؤسّسات تعمل في مجال الحفاظ على المباني، تقوم بإنتاج هذا النوع من البلاط لغايات ترميم المباني التراثيّة، كمركز المعمار الشعبي الفلسطيني (رواق).
البلاط الإسمنتي في الأردن
في الأردن، استخدم البلاط الإسمنتي في بيوت كبار التجار والبيروقراطيين والساسة في عمان والسلط، خلال نهايات القرن التاسع عشر ومنتصف القرن العشرين. ولم يكن يصنع محليًا وإنما يستورد، ولذا كان يسمى «البلاط الشامي»، أو «البلاط النابلسي»، بالإشارة إلى جهات استيراده. وكان يشحن عبر سكك الحديد؛ فالمصنّع في بيروت ودمشق يأتي عبر خط دمشق – عمّان. والمصنّع في نابلس يأتي عبر خط (نابلس – درعا – عمّان)، والمستورد من أوروبا يأتي عبر موانئ حيفا وبيروت، ومن ثم عبر سكك الحديد (خط بيروت – دمشق – عمّان، أو حيفا – درعا – عمّان).
بلاط بيت عارف العارف في جبل عمان. تصوير مجد حجاوي.
جاء استخدام البلاط الإسمنتي في منازل الطبقة الأرقى في البلاد متفقًا مع الاتجاه للتفنّن في الفضاءات الداخلية والتركيز عليها والاعتناء بها حتى أكثر من الواجهات وزخارفها، وخلق استخدامه نظرة جديدة للتعامل مع الفضاء الداخلي وأداة إضافية للتعبير، من حيث التعامل مع الفضاء الداخلي كمساحة جماليّة مخصصة للاستئناس والاسترخاء لا كمجرد مساحة للإيواء والمبيت. ومن ناحية اجتماعية-اقتصادية جاء استخدامه تعبير عن الانتماء لطراز وذوق أرستقراطي بلاد شامي.
بلاط إسمنتي زخرفي من مبنى مقهى فن وشاي في جبل اللويبدة، عمان. تصوير مجد حجّاوي
شيوع البلاط الزخرفي في البيوت الراقية في عمّان، تحديدًا في الفترة ما بين عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين، بعد أن كان رائجًا في دمشق وبيروت قبلها، يظهر كيف كانت القيمة الجمالية المعماريّة في حينه تنتقل من المراكز الحضاريّة المحيطة. كما كان استخدامه متفقًا مع الصورة المثالية للتفصيلات الداخلية لبيوت البرجوازيات والطبقات العليا في بلاد الشام، وللتعبير عن الامتياز والوضع الطبقي، وفي الوقت عينه محاولة للتقرب من العمارة الأوروبية المعاصرة والسائدة، ونزعات العمارة الدوليّة، وذلك باعتبارها معيارًا للرقي والتقدّم والتمايز الطبقي الاجتماعي.
بلاط إسمنتي من منزل عارف العارف. من تصوير خالد بشير
وعبر مواكبة الذوق الرائج آنذاك في الحواضر الشامية، كانت هذه البيوت بفضاءاتها الداخليّة المزخرفة تتميّز عن السياق المحلي للبيوت التقليدية، والتي كانت في غالبها بيوتًا تبنى وفق الأساليب الريفية الموروثة.[11] كما تزامن استخدام هذا النوع من البلاط مع ثورة على مستوى أنماط البيوت ومخططاتها ككل، والذي حدث عبر الانتقال نحو استدخال الطراز البيت الثلاثي الأروقة، في السلط وعمّان خاصّة، بكل عناصره وتفاصيله الداخلية، من النوافذ ذات الأقواس الثلاثية في الواجهات، إلى البلاط الإسمنتي الزخرفي في الأرضيات.
بلاط إسمنتي بنقشات مختلفة، من أرضيات بيت عائلة دولة حاليًا، وكان سابقًا بيت عائلة عمّاري، في جبل اللويبدة، عمّان. تصوير مجد حجّاوي
اعتمد معظم مصنّعي البلاد الإسمنتي في بلاد الشام التصاميم الأوروبية، ولكنهم كذلك طوروا زخارف مرتبطة بالهندسة المعمارية المحلية، مثل الزخارف النباتية المستخدمة في فنون العمارة الإسلامية. ويظهر هذا التفاعل كيف كان التحديث المعماري في شرق البحر الأبيض المتوسط في القرنين التاسع عشر والعشرين حاصلًا عبر المزج بين المعايير الجمالية المحلية والغربية.
تراجع استخدام البلاط الإسمنتي خلال النصف الثاني من القرن الماضي، بسبب تدني جدواه الاقتصادية، فهو مكلف لأن صناعته يدوية وإنتاجه بطيء، إذ لا تتجاوز حدود إنتاج الفني المختص في اليوم الثلاثة إلى أربعة أمتار مربعة، حيث تحتاج كل بلاطة ما بين خمس إلى عشر دقائق، وتحتاج لتركيز عالٍ في الألوان والنقشات ونسب الرمل والإسمنت. نتيجة لذلك تراجع استخدامه خاصة مع انتشار البدائل المنافسة كالسيراميك والبورسلان والتي تُنْتَج في مصانع بشكل آليّ وبكميات تجاريّة وبالتالي يكون سعر المتر المربع منها أقل.
أرضيات بيت طوقان في السلط، تصوير خالد بشير
تبرز اليوم عدة مشاريع محاوِلة إحياء استخدام البلاط الإسمنتي في الأرضيات، متزامنة مع توجه لترميم البيوت القديمة وإحيائها، واستعادة روحها وما يرتبط بها من ذكريات وأجواء الحقب الماضية. بحيث يجري تحويل بعضها إلى مطاعم ومقاهٍ وفنادق تحتفظ بطابع أصيل وتتمسك بالهوية العمرانية للمدينة وسجل الأنماط والتفاصيل المعمارية المتبعة والسائدة عبر العقود الماضية. ومن هذه المشاريع في الأردن، مشروع الشركة الأردنية القبرصية للصناعات الإنشائية، التي يعود تأسيسها إلى العام 1977، والعتيق وتأسست عام 2021.
لقد عكس استدخال البلاط الإسمنتي في التصاميم الداخلية للبيوت ببلاد الشام والأردن تسارع عملية الاتصال على المستويات الحضارية مع أوروبا، منذ أواخر القرن التاسع عشر، وقبل وصول المرحلة الاستعمارية المباشرة إلى البلاد. وعبّر عن تطوّر أساليب الإنشاء والعمارة على أساس الاستعارة والتطوير وإضفاء الطابع المحلي، فهو قد ولد في أوروبا، ولكنه استُدخِل وصار محليّا، أي أنه يأتي ضمن إطار تفاعل ثقافي وحضاري، لا يقوم فقط على أساس «فاعل ومفعول». وكل ذلك ضمن توجه للتجديد على مستوى العمارة، منذ نحو القرن ونصف، عَكَسَ التحولات الاجتماعية والاقتصادية في البلاد وأضفى عليها بعدًا ماديًا ملموسًا ومشاهدًا.
-
الهوامش
[1] Cement Tile: Evolution of an Art Form. Ortega, C. Lora, A. Voigt, Z. Aguayo, J. (2008).
[2] كلمة فرنسية، وتعني: فن جديد وهو أسلوبٌ دوليٌ مِنْ الفَنِّ والهندسة المعماريةِ والتصميمِ بَلغ ذروة رواجه في فترة (1880-1914) ويتمَيَّزُ بتصميماته المستوحاة من الأشكال الطبيعية مثل المنحنيات المتعرجة للنباتات والزهور. ويقوم مبدؤه على الشعور بالديناميكية والحركة، والتي غالبًا ما تُعطى من خلال عدم التماثل والخطوط المتعرجة.
[3] خطط الشام، محمد كرد علي، مكتبة النوري – دمشق، سنة النشر: 1983، الطبعة: 3.
[4] دليل بيروت لعام 1889، تحرير: أمين خوري، المطبعة الأدبية، لبنان – بيروت، 1889.
[5] المرجع السابق.
[6] Soufan, Anas. «An overview of cement tile manufacturing and importation in Syria and Lebanon». op.cit.
[7] La Courneuve (France), Archives diplomatiques, C 186 SYRIE, Carton no. 2+3.
[8] نابلس وبلاطها الملون، مهند الرابي. المكتبة الشعبية-ناشرون، فلسطين: نابلس، 2020.
[9] رام الله، عمارة وتاريخ، الجعبة، نظمي، وبشارة، خلدون · 2002، ص: 270.
[10]بحسب ما يرد في صفحة المعمل على موقع دليل الأردن.
[11] كان البيت الفلاحي يبنى من الحجارة الكبيرة بأسلوب الأقواسٍ والقناطر والعقود، وتكون الجدران مبنية من جذوع الشجر المثبتة بالطين والتبن، وكان البيت يقسّم إلى قاع البيت والمصطبة والسدة.