«الردع النووي هو حجر الأساس في الأمن القومي الأمريكي، إذ يعمل كجدار خلفي وأساس للدفاع القومي الأمريكي والدفاع عن حلفاء الولايات المتحدة منذ عام 1945، ويؤمّن كل عملية عسكرية أمريكية».
– دليل الشؤون النووية 2020.[1]
في أيدي قلة من كبار مسؤولي الأمن القومي وقادة الجيش الأمريكيين، توجد النسخ الورقية المعدودة للاستراتيجية المسماة «توجيه الاستخدام النووي»، التي تحاط بسرية عالية لدرجة أن لا نسخ إلكترونية منها. باعتبارها دليل إرشادات للظروف والآليات التي يمكن وفقها لأي رئيس أمريكي أن يقرر استخدام السلاح الأخطر في تاريخ البشرية، يمكن القول إن الوثيقة تعبّر عن أكبر مخاوف الولايات المتحدة وموقفها الاستراتيجي تجاه متغيرات العالم، وليس من المستغرب أن يثير أي تعديل عليها كثيرًا من القلق.
قبل أيام، أفادت صحيفة النيويورك تايمز بأن الرئيس الأمريكي جو بايدن أقر في آذار الماضي نسخة معدلة من هذه الوثيقة، معيدًا توجيه استراتيجية «الردع النووي» الأمريكية لتركز على الصين، وتسعى لتحضير الولايات المتحدة لسيناريو تواجه فيه «تحديات نووية منسّقة من الصين وروسيا وكوريا الشمالية». لم يكن البيت الأبيض قد أعلن عن إجراء هذه التعديلات عند اعتمادها، لكن ناطقًا باسمه أقر بذلك عقب نشر تقرير الصحيفة.
يورد التقرير تصريحًا لمسؤول في البنتاغون[2] قال فيه إن الوثيقة المعدلة تقدم أساسًا «للتعامل مع الخصوم النوويين المتعددين، وبالأخص، التزايد الملحوظ في حجم وتنوع الترسانة النووية الصينية». كما ينقل عن مسؤول في مجلس الأمن القومي الأمريكي[3] أن الاستراتيجية هي «أول وثيقة تدرس بتفصيل ما إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة للتعامل مع أزمات نووية يمكن أن تنشب بشكل متزامن أو متلاحق، بمزيج من الأسلحة النووية وغير النووية».
على نحو غير مفاجئ، لم يكن هذا التعديل موضع ترحيب صيني. إذ اعتبرت المتحدثة باسم الخارجية الصينية ماو مينغ وصف الولايات المتحدة لبلادها بـ«التهديد النووي» ذريعةً للتنصل من الالتزام بالحد من انتشار الأسلحة ولتوسيع الترسانة النووية الأمريكية والسعي نحو تكريس الهيمنة الاستراتيجية المطلقة.
«ليست لدينا نية بالانخراط في سباق تسلح مع الآخرين»، قالت ماو، مشيرةً إلى أن الصين تتبنى سياسة عدم الاستخدام الأول للأسلحة النووية،[4] على عكس الولايات المتحدة التي «تمتلك أكبر ترسانة نووية في العالم وأكثرها تطورًا… وتستثمر بكثافة في تحديث منظومتها النووية، وتخط بشكل سافر استراتيجيات ردع نووي ضد الآخرين. الولايات المتحدة هي المصدر الأكبر للتهديد النووي والمخاطر الاستراتيجية في العالم».
عقب صدور رد الفعل الصيني، حاول البيت الأبيض احتواء المشهد بالتقليل من جِدة ما جاء في الوثيقة المعدلة. إذ قال الناطق باسمه شون ساڤيت إن الوثيقة «ليست تهديدًا ولا ردًا على دولة بعينها»، وإن فيها «من الاستمرارية أكثر بكثير مما فيها من التغيير»، مشيرًا إلى أن الإدارات الأمريكية الأربعة السابقة اعتمدت وثائق مماثلة، دون أن ينفي التركيز المستجد على الصين.
«كما نفعل دومًا، فنحن نراجع سياساتنا ونعدلها عند الحاجة للاستجابة إلى المستجدات الجيوسياسية»، قال ساڤيت، مضيفًا أن الولايات المتحدة ستستمر في «تركيز جهودها على تقليل المخاطر النووية عبر تحسين الردع».
تشير النيويورك تايمز في تقريرها إلى أن الصين ذُكرت في التوجيه النووي السابق الذي أصدرته إدارة دونالد ترامب، إلا أن التعديل الذي أجرته إدارة بايدن يشدد التركيز عليها، استجابةً لما أسمته «طموحات شي جينبينغ النووية». وبينما تمتنع الصين عن التعليق على حجم ترسانتها، تنقل التايمز عن البنتاغون تقديره أن الصين تسعى لرفع عدد الرؤوس النووية التي تملكها إلى 1,000 رأس نووي بحلول 2030 و1,500 بحلول 2035، فيما يقول مسؤولون أمريكيون إن بكين تسير نحو تحقيق هذه الأهداف قبل موعدها المقرر.
كان البنتاغون قد دق ناقوس الخطر العام الماضي، حين زعم أن عدد الرؤوس النووية الصينية تجاوز الـ400، وهو رقم كانت الولايات المتحدة قد قدّرت أن الصين لن تبلغه قبل نهاية العقد. اليوم، تقدر رابطة الحد من الأسلحة عدد الرؤوس النووية التي تملكها الصين بـ500، مقابل 5,748 للولايات المتحدة، و5,580 لروسيا، اللتين تحوزان سويًا 90% من مجمل الرؤوس النووية في العالم البالغ عددها أكثر من 12,100، 9,600 منها في الخدمة، والبقية تنتظر الإبطال.
«جيل جديد من الأسلحة النووية»
لكن مقابل هذه «الطموحات» الصينية وقبلها، تسير الولايات المتحدة منذ سنوات على قدم وساق في أحد أضخم مشاريعها العسكرية على الإطلاق. إذ تبنت منذ عهد باراك أوباما خطة لتحديث «الثالوث النووي»، أي منظومة الأسلحة النووية المحمولة برًا وجوًا وبحرًا، تقدر كلفتها بترليونيْ دولار، ويتوقع أن تمتد للعقود الثلاثة المقبلة.
الجزء الأبرز في هذه الخطة هو مشروع تحديث الصواريخ البالستية العابرة للقارات والقادرة على حمل رؤوس نووية، الذي أطلقته وزارة الدفاع الأمريكية عام 2020، وعرف في البداية باسم «الردع البري الاستراتيجي» (GBSD)، ثم غُير اسمه إلى Sentinel أي «الحارس».
يعِد المشروع بتزويد الولايات المتحدة بـ«الجيل الجديد من الأسلحة النووية»، حيث يشمل إنتاج 634 صاروخًا، إضافة للأنظمة والبنى التحتية الخاصة بالإنذار والإطلاق والتحكم. ووفق التقدير الأولي، يفترض أن يدخل الخدمة عام 2029، ويستمر حتى 2075. ومن المتوقع أن يصل مدى الصواريخ إلى 5500 كيلومتر، ما يجعلها قادرة على بلوغ أي هدف في الكوكب خلال 30 دقيقة من الإطلاق.
تأتي صواريخ «سنتنيل» لتحل محل منظومة الصواريخ السابقة [5] المعروفة باسم Minuteman، والتي بدأ تطويرها في الخمسينيات، ودخلت نسختها الأولى الخدمة عام 1962، وصولًا إلى نسختها الثالثة عام 1970 التي ما تزال في الخدمة حتى اليوم، وتضم 400 صاروخ. عبر السنوات، أُدخلت على هذه النسخة مجموعة من التحديثات الهادفة لإطالة عمرها، كان آخرها عام 2015، وهي بذلك أقدم منظومة صواريخ نووية عاملة في العالم. وبحسب الخطة، ستزود صواريخ «سنتنيل» في البداية بنفس الرؤوس النووية التي حملتها صواريخ «مينتمان»، على أن يتم تطوير نسخة جديدة من هذه الرؤوس تدخل الخدمة عام 2031.
خُصصت للمشروع ميزانية ضخمة بلغت في البداية قرابة 78 مليار دولار، وذهب عقد تطوير الصواريخ بالكامل لشركة نورثروب غرومان، التي تتعاقد من الباطن مع شركات أخرى مثل لوكهيد مارتن وجنرال داينمكس وغيرها، بينما تضطلع الإدارة القومية للأمن النووي، التابعة لوزارة الطاقة، بإنتاج الرؤوس النووية. لكن مع مضي السنوات، تضخمت الميزانية شيئًا فشيئًا لتبلغ قرابة 141 مليارًا.
استدعت هذه الزيادة إجراء مراجعة إجبارية، بدأت مطلع العام الحالي، وصدرت نتائجها في تموز الماضي، وخلصت إلى المضي بالمشروع رغم التوقعات بأن تتضخم الميزانية أكثر.[6] حيث اعتُبر المشروع «ضروريًا للأمن القومي»، وذا «أولوية أعلى من مشاريع أخرى». لكن المراجعة خلصت أيضًا إلى ضرورة إجراء «إعادة هيكلة» للمشروع، يتوقع أن تؤخره بضع سنوات.
يصب القسم الأكبر من هذه الكلفة الهائلة في تطوير أنظمة التحكم والإطلاق، الجزء الأعقد من المشروع، والذي يشمل المنشآت التي تضم هذه الأنظمة. إذ سيجري بناء وتحديث 450 صومعة نووية وأكثر من 600 منشأة أخرى تمتد على أكثر من 100 ألف كيلومتر مربع، إضافة لمد آلاف الكيلومترات من شبكات الألياف الضوئية. في تشرين الأول الماضي، قال وزير سلاح الجو الأمريكي فرانك كيندال إنه «غالبًا أكبر مشروع تولاه سلاح الجو على الإطلاق».
ورغم أن القرار النهائي بالمضي بالمشروع يعود لوزارة الدفاع، إلا أنه حظي بكثير من الدعم، تحديدًا من طرف المستفيدين منه. أحد أبرز هذه الجهات الداعمة هو «تحالف الشيوخ للصواريخ الباليتسية العابرة للقارات»، الذي يجمع سيناتورات من الولايات الأربع التي تحتضن مشروع «سنتنيل». تلقى هؤلاء ما مجموعة ثلاثة ملايين دولار من «التبرعات» من نورثروب غرومان وغيرها من الشركات المنخرطة في المشروع، التي قدمت تمويلًا لما مجموعه 92 من أصل 100 عضو في مجلس الشيوخ و413 من أصل 435 عضوًا في مجلس النواب.
إضافة لذلك، من المعروف أن لوبيات شركات الأسلحة كثيرًا ما تعبر «الباب الدوار»، إذ يتنقل أعضاؤها بين الشركات التي توظفهم والمناصب الرسمية العليا. فمن أصل 380 عضو لوبي وظفتهم الشركات الأمريكية المتعاقدة في المشاريع النووية عام 2020، انتقل أكثر من الثلثين إلى مناصب في الكونغرس والبنتاغون ووزارة الطاقة. ومن بين آخر خمسة وزراء دفاع، عمل ثلاثة كأعضاء لوبيات أو مجالس إدارة في هذه الشركات.
عن «التهديد» النووي للولايات المتحدة
في تصريح حول نتائج المراجعة، برر نائب وزير الدفاع الأمريكي، وليام لابلانت، التمسك بالمشروع بالتشديد على كونه «تاريخيًا» لم تشهد الولايات المتحدة مثيلًا له في الحجم والتعقيد منذ أكثر 60 عامًا. «نحن ندرك الكلف تمامًا. لكننا أيضًا ندرك مخاطر عدم تحديث قوانا النووية وعدم معالجة التهديدات الحقيقية جدًا التي تواجهنا». أمّا رئيس أركان سلاح الجو، جيم سليف، فكان أكثر صراحة حين قال إن المشروع «يؤسس للردع وسط بيئة أمنية معقدة ومتحركة بشكل متزايد، نشهد فيها لأول مرة بروز الصين كقوة كبرى مسلحة نوويًا وكمنافس استراتيجي».
«مقابل الخصوم المتهورين، تقدم الولايات المتحدة، التي أدخلت البشرية في العصر النووي، وبقيت الدولة الوحيدة في التاريخ التي استخدمت القنبلة النووية، وما زالت ترفض الاعتذار عن ذلك حتى اليوم، بوصفها الطرف الذي يُتوقع منه أن يتخذ الخطوات المناسبة لحماية العالم من سيناريو الحرب النووية الواسعة».
منذ سنوات، تحضر الصين في استراتيجيات الدفاع والأمن القومي الأمريكي بوصفها، مع روسيا، أكبر تهديد استراتيجي للولايات المتحدة، وإن كانت التعديلات الأخيرة قد منحت الصين المرتبة الأولى. فبعد قرابة ثلاثة عقود خفّضت فيها حجم ترسانتها عقب نهاية الحرب الباردة،[7] عادت الولايات المتحدة لتتحدث في استراتيجية «مراجعة الوضع النووي» لعام 2018 عن «عودة روسيا وصعود الصين كمنافسين استراتيجيين وخصمين محتملين، بما يتطلّب بشكل ملح تحديث الردع النووي الأمريكي». كان ذلك في عهد ترامب الذي قال في العام نفسه -بفجاجة كعادته- إن لدى الولايات المتحدة «مالًا أكثر بكثير من أي دولة أخرى»، وأنها ستوظّف هذا المال لتنمّي ترسانتها النووية حتى تعود الدول النووية الأخرى «إلى رشدها».
تكرّست هذه اللغة أكثر في الوثائق اللاحقة، استجابةً لتطورات ما يسميه بايدن «العقد الحاسم». ففي استراتيجية الأمن القومي لعام 2022، يقول بايدن إن الصين «هي الدولة الوحيدة التي تملك في آن واحد النية لتغيير النظام العالمي، والقدرة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية على فعل ذلك». أمّا استراتيجية الدفاع القومي للعام نفسه، فتنص على ضرورة «التصرف بشكل عاجل لتأمين وتقوية الردع الأمريكي»، تحديدًا في وجه الصين التي تصنفها الوثيقة «المنافس الاستراتيجي الأهم في العقود المقبلة».
تأتي مراجعة الوضع النووي للعام نفسه[8] لتضع الأسلحة النووية في قلب هذا الردع، مشددة على أنها «ستظل في المستقبل المنظور توفر مفاعيل ردعية لا يمكن لأي عنصر آخر في الجيش الأمريكي أن يحل محله». لا يقتصر نطاق هذا الردع على الولايات المتحدة وحدها، إذ تتحدث الاستراتيجيات عما تسميه «الردع الموسّع» الذي يشمل الحلفاء والشركاء. فبموجب معاهدات دفاعية ثنائية، تمتد حماية «المظلة النووية» الأمريكية إلى كل من اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا. بينما تنشر الولايات المتحدة أسلحتها النووية خارج أراضيها في كل من إيطاليا وتركيا وألمانيا وبلجيكا وهولندافي هذه الوثائق، وفي السيل المتزايد من التصريحات التي عادت فيها الأسلحة النووية للواجهة كجزء من النقاش السياسي، يُصوَّر مشروع التحديث النووي الأمريكي كردة فعل اضطرارية على عالم بات محفوفًا بالمخاطر، بعد عقود هادئة أزيح فيها التهديد النووي وأبقيت فيها القنابل في الظل. «مسؤوليتنا تقتضي أن نرى العالم كما هو، لا كما تمنينا أن يكون»، يقول مسؤول في البنتاغون، متحسرًا على أن فترة الهدوء تلك يمكن أن تسجل في كتب التاريخ كفاصل قصير غاب فيه التهديد النووي مؤقتًا.
تكمل وسائل الإعلام المشهد بالتحذير من أن «تدابير الحماية التي أبقت الحرب الباردة باردةً باتت جزءًا من الماضي»، وأن العالم باتت أقل أمنًا بفعل طموحات الآخرين، ما يعني أن الولايات المتحدة «ستضطر للأسف لتوسيع ترساناتها النووية»، و«طمأنة حلفائها بأن مظلتها النووية ما زالت تحميهم». مقابل الخصوم المتهورين، تقدم الولايات المتحدة، التي أدخلت البشرية في العصر النووي، وبقيت الدولة الوحيدة في التاريخ التي استخدمت القنبلة النووية، وما زالت ترفض الاعتذار عن ذلك حتى اليوم، بوصفها الطرف الذي يُتوقع منه أن يتخذ الخطوات المناسبة لحماية العالم من سيناريو الحرب النووية الواسعة؛ سيناريو يمكن أن يفضي لإبادة معظم سكان الأرض، قبل أن يدخلها في «شتاء نووي» بفعل الرماد الناتج عن الانفجار، الذي سيهبط بدرجات حرارة الغلاف الجوي إلى ما دون الصفر، قاضيًا على معظم أشكال الحياة على الكوكب..اقرأ/ي أيضا:
لطالما صوّرت الولايات المتحدة حروبها وعملياتها العسكرية، سواء المباشرة أو بالوكالة، باعتبارها خطوات دفاعية وردات فعل على اعتداءات الغير، حتى حين ترسل جنودها لغزو أراضٍ تبعد عنها آلاف الكيلومترات. لكن نظرية الردع النووي الأمريكية كثيرًا ما تتجاهل حقيقة بسيطة تفرضها الجغرافيا، وهي أن الولايات المتحدة غير قابلة للغزو، ما يضعضع فكرة التهديد الوجودي، الذي يستحق المجازفة بحرب نووية من أجل ردعه.
في ورقة بعنوان «ما بعد الردع: السياسة النووية الأمريكية منذ 1945»، يقول المؤرخ الأمريكي فرانسيس ج. غافين: «تخيلوا أن الولايات المتحدة قررت بشكل أحادي أن تُخرج كل قواتها النووية الاستراتيجية من الخدمة غدًا. بالنظر إلى أنها محاطة بمحيطيْن ودول ضعيفة على حدودها، وتسيطر على المجال العام، وتمتلك تفوقًا هائلًا من حيث القوة التقليدية والاقتصادية والناعمة، هل يمكن أن تزداد فرص اجتياح البر الأمريكي على الإطلاق؟ ليس من الواضح في هذا السيناريو من هي الجهة التي يفترض أن يبقيها الردع النووي بعيدة».
في ظل استبعاد مثل هذا التهديد الوجودي، فإن ما يتبقى هو نوع آخر من التهديد، لا تخفيه استراتيجيات الأمن القومي الأمريكي، وإن كانت تغشيه بالحديث عن دول «عدوانية» تتلاعب بالنظام الدولي «القائم على القواعد»، وتحاول شيئًا فشيئًا أن تزعزع الاستقرار العالمي، وهو تهديد التفوق الأمريكي الذي طبع القرن الماضي، والهيمنة التي مكّنت أمريكا من تطويع العالم لصالحها. حمايةً لهذه الهيمنة، تسعى الولايات المتحدة لبناء منظومة نووية تليق بتحديات «العقد الحاسم».
-
الهوامش
[1] كتيّب غير رسمي صادر عن مكتب نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي للشؤون النووية.
[2] ڤيبين نارانغ، القائم بأعمال مساعد وزير الدفاع لسياسات الفضاء، وكان على رأسه منصبه حتى مطلع آب الماضي، قبل أن ينتقل للتدريس في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
[3] براناي ڤادي، مدير قسم منع انتشار الأسلحة في مجلس الأمن القومي الأمريكي.
[4] من بين الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، وكلها دول نووية، الصين هي الدولة الوحيدة التي تتبنى سياسة عدم الاستخدام الأول.
[5] استقي اسم المشروع من ميليشيا «Minutemen» التي شاركت في حرب الاستقلال الأمريكية في القرن الثامن عشر وعرفت بمهاراتها القتالية واستجابتها السريعة في غضون دقيقة. قبل مشروع الصواريخ، ظهر اسم Minuteman في سلسلة قصص مصورة صدرت خلال الحرب العالمية الثانية، كبطل تصفه السلسلة بأنه «جيش من رجل واحد».
[6] بحسب تعديل «نان-ماكيردي» على قانون إقرار الدفاع الأمريكي، الذي يحدد ميزانية وزارة الدفاع، فإن أي مشروع يتجاوز الميزانية المخصصة له بأكثر من 25% يجب أن يلغى ما لم تقرر وزارة الدفاع إجراء مراجعة تشهد بموجبها بأن المشروع يحقق مجموعة من المعايير التي وضعها الكونغرس.
[7] تربط وزارة الدفاع الأمريكية بداية تقليص الترسانة النووية في عهد جورج بوش الأب بما سمي «عوائد السلام»، أي الوفر المتحقق جراء تخفيض النفقات العسكرية بعد نهاية الحرب الباردة. لكن رغم أن الإنفاق العسكري الأمريكي انخفض كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أنه استمر بالتضخم كرقم إجمالي بشكل شبه منتظم، ومن المتوقع أن يبلغ رقمًا قياسيًا عام 2025 بأكثر من 895 مليار دولار.
[8] لأول مرة، أصدرت وزارة الدفاع في إدارة بايدن في نفس الوثيقة كلًا من استراتيجية الدفاع القومي، ومراجعة الوضع النووي، ومراجعة الصواريخ الدفاعية، عازية ذلك إلى «ضمان الربط الوثيق بين الاستراتيجيات والموارد» من أجل تحقيق ما تسميه «الردع المتكامل».