قبل تسعة أعوام، فازت مجموعة شنغهاي الدولية للموانئ (SIPG)، والتي تشغّل أكبر ميناء حاويات في العالم، بعقد تشغيل وإدارة محطة جديدة في خليج حيفا فيما وصف بأنه «حدث تاريخي لإسرائيل سيخلق آلاف فرص العمل وسيؤدي إلى تقليل تكاليف المعيشة». اعتبرت هذه الخطوة «تعبيرًا عن ثقة الصين كقوة عظمى في استثمار المليارات التي ستحوّل إسرائيل لمركز شحن لكلّ العالم»، بحسب يسرائيل كاتس، وزير النقل الإسرائيلي آنذاك. مطلع هذا العام، قررت شركة كوسكو الصينية للشحن البحري (COSCO)، والتابعة لمجموعة شنغهاي، تعليق رحلاتها إلى الموانئ الإسرائيلية على خلفية هجمات جماعة أنصار الله على السفن المتوجهة لـ«إسرائيل» من البحر الأحمر.
خلق تخلي كوسكو عن إدارة حركة الشحن من ميناء حيفا وإليه، في السابع من كانون الثاني الجاري، حالة من الذعر في الأوساط الإسرائيلية الرسمية والإعلامية. أعلنت وزارة النقل الإسرائيلية أنها تتابع مع الجهات المعنية استيضاح الأسباب وذكرت شركة الشحن الإسرائيلية زيم (ZIM) التي تدير مع كوسكو خطوطًا ملاحية مشتركة أن القرار جاء «مُفاجئًا». كما أحيا الخبر موجة من المخاوف الإسرائيلية والأمريكية التي حذرت من «التغلغل» الصيني في الاقتصاد الإسرائيلي في محطات مختلفة، أشهرها قول رئيس الشاباك الإسرائيلي عام 2019 إن الاستثمارات الصّينيّة في «إسرائيل» تُهدّد أمن «الدولة» وتستلزم سنّ تشريعات رقابية مشددة.
من أصل خمسة موانئ، تعتمد «إسرائيل» اليوم بشكل مكثّف على ميناء حيفا الساحلي فقط، بعد أن أصبح ميناءا أسدود وعسقلان القريبان من غزة في نطاق استهداف صواريخ المقاومة الفلسطينية، بينما تسببت هجمات أنصار الله بتوقف شبه كامل لميناء إيلات الذي يشكل المنفذ الوحيد للبحر الأحمر. في الوقت نفسه، لا يمكن لميناء الخضيرة الصغير أن يسد الحاجة في حال تأثر الميناء الرئيسي في حيفا أو في حال ظلت الموانئ الثلاثة الباقية قيد التهديد والإغلاق.
يضغط هذا الحصار البحري الذي فاقمه انسحاب كوسكو من الموانئ الإسرائيلية على حركة السفن والملاحة، فمتى بدأت الاستثمارات الصينية في «إسرائيل»؟ وكيف توسعت في قطاع إدارة الموانئ الإسرائيلية رغم الضغوطات الأمريكية؟ وكيف استقبلت «إسرائيل» قرار كوسكو الأخير وأثره على الاقتصاد الإسرائيلي؟
مسار دبلوماسي طويل وحذر
أقيمت العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين «إسرائيل» والصين، بعد محطات كانت العلاقة تتأرجح فيها ما بين الإقدام والتراجع. اعترفت «إسرائيل» عام 1950 بدولة الصين، لكن الأخيرة لم تبادلها الاعتراف بسبب الموقف الإسرائيلي المنسجم مع سياسة الولايات المتحدة من الحرب الكورية، ونظر قادة الصين الشعبية للنضال ضد الصهيونية باعتباره نضالًا ضد الإمبريالية. قال الرئيس الصيني ماوتسي تونغ عام 1965 في أول زيارة لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية، أحمد الشقيري، للصين: «إن إسرائيل وفور موزا [تايوان] هما قاعدتان للإمبريالية في آسيا، أنتم [العرب] البوابة الأمامية للقارة العظيمة ونحن بوابتها الخلفية، وهدفهم تجاهنا واحد».[1]
ساندت الصين مصر ضد العدوان الثلاثي عام 1956، واعترفت بمنظمة التحرير كممثل شرعي للفلسطينيين عبر افتتاح مكتب دبلوماسي لها في العاصمة بكين، كما وقفت إلى جانب الدول العربية لاستعادة الأراضي المحتلة بعد حرب 1967.[2] لم يكن عقد الستينيات الأسوأ في العلاقات الصينية الإسرائيلية بسبب التقارب الصيني العربي فحسب، بل لأن «إسرائيل» أقامت علاقات وثيقة مع تايوان ودعمت الهند ومدتها بكافة أنواع الأسلحة في حربها ضد الصين.[3] أصبحت العلاقة بين البلدين أقل حدة مع تصويت «إسرائيل» لصالح قبول الصين في الأمم المتحدة عام 1971، وزيارة الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون للصين عام 1972. كما أدى التغير في قيادة الحزب الشيوعي الصيني مع تزعم دينغ شياو بينغ عام 1978، إلى تبني سياسة أكثر مرونة وانفتاحًا للتعاون مع القوى الغربية خصوصًا مع تفاقم الخلاف بين الاتحاد السوفييتي السابق والصين الشعبية.
تعتمد «إسرائيل» اليوم بشكل مكثّف على ميناء حيفا الساحلي فقط، بعد أن أصبح ميناءا أسدود وعسقلان القريبان من غزة في نطاق استهداف صواريخ المقاومة الفلسطينية، بينما تسببت هجمات أنصار الله بتوقف شبه كامل لميناء إيلات.
شهدت أواخر السبعينيات أول اتصال رسمي بين «إسرائيل» والصين، حصل بين مندوب الصين في الأمم المتحدة مع وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلية. ودفعت الجهود الدبلوماسية في هونغ كونغ إلى مزيد من التطبيع لإنشاء مكتب لأكاديمية إسرائيلية في بكين ومكتب سياحي صيني في تل أبيب، ثم أجري أول اتصال رسمي بين وزير الخارجية الإسرائيلي ونظيره الصيني، وصولًا لإقامة العلاقات الدبلوماسية عام 1992 وتبادل افتتاح السفارات، بعد توجه الدول العربية للسلام في مؤتمر مدريد عام 1991.[4] قام الرئيس الصيني جيانغ زيمين بزيارة تاريخية لتل أبيب في عام 2000 كجزء من جولة في الشرق الأوسط وفي محاولة لإتمام صفقة عسكرية، في حين توجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بزيارة إلى بكين عام 2013 لمناقشة العلاقات التجارية. وضمن هذين العنوانين العريضين، تمحورت العلاقات بين البلدين بعد الاعتراف الرسمي.[5]
في السنوات التي تلت انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001، صعدت الصين كقوة اقتصادية وبدأت في الاستثمار بكثافة في «إسرائيل» في مجالات الزراعة والتكنولوجيا وتحلية المياه والرعاية الطبية والطاقة النظيفة والأمن السيبراني.[6] أعلن البلدان في آذار 2017 عن شراكة مبتكرة شاملة تعتمد على التعاون التكنولوجي ضمن زيارة نتنياهو الثانية لبكين في سياق مبادرة الحزام والطريق التي انطلقت عام 2013. عقب ذلك، شاركت الصين في تحديث الموانئ وإنشاء البنية التحتية، وبلغ إجمالي حجم التبادل التجاري الإسرائيلي الصيني نحو 24.45 مليار دولار عام 2022، بزيادة قدرها 11.6% عن العام السابق، لتصبح الصين ثاني أكبر شريك تجاري لـ«إسرائيل» بعد الولايات المتحدة.
من تشغيل ميناء حيفا إلى تعليق الإبحار إليه
لقيت الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وفوز مجموعة شنغهاي بمناقصة تشغيل الميناء بعض الاعتراضات، مثل قيام رابطة المقاولين الإسرائيليين بنشر لوحات إعلانيّة ضخمة تدعو إلى منع اختراق الشّركات الصينية السوق الإسرائيلية. لكن وزارة النقل تابعت تنفيذ الصفقة دون استشارة الكابينيت أو مجلس الأمن القوميّ الإسرائيلي، مثلما تقتضي العملية الرسمية التي تمر بها العطاءات. زارت أول سفن الحاويات العملاقة التابعة لشركة كوسكو الصينية الشواطئ الإسرائيلية في حفل الافتتاح الرسمي الذي عقد في آب 2021 بعد أن استغرق إنشاء ميناء الحاويات ست سنوات. بلغت تكلفة الميناء 1.7 مليار دولار تم استثمارها في البنية التحتية ومعدات التشغيل لبنائه، وعلى مساحة تقدر بحوالي 840 دونمًا.
فور وصولها، قامت هذه السفينة بتفريغ الحاويات إلى سفن أصغر ومن هناك تفريغها إلى موانئ أخرى في الخارج، كما نقلت الحاويات الفارغة التي كانت مكدسة خلال فترة كورونا. قفز نطاق نشاط الميناء في وقت قصير ومع نهاية عام 2023، استحوذ على 88% من سوق الشحن في «إسرائيل» وتوسعت كوسكو في خطوط ملاحية أخرى مثل شراكتها مع شركة زيم الإسرائيلية في ميناء إيلات لنقل السيارات الصينية للسوق الإسرائيلي.
رغم الدور الحيوي الفاعل الذي لعبته كوسكو في تشغيل الميناء وإدارة الشحن عبره، إلا أن مراكز الدراسات الأمريكية أشارت بشكل مستمر لخطورة الدور الصيني في إغراق السّوق الإسرائيلية بالصناعات عالية التّقنية وبناء نفق للسكك الحديديّة ومترو أنفاق فائق السرعة، وصولًا إلى تشغيل ميناء حيفا، نتيجة قربه من الأساطيل الأمريكية واحتمالية التجسس عليها وتسريب معلومات حساسة لأيدي الصينيين خارج إطار الأنشطة التجارية الظاهرة، عدا عن أن الاعتماد على الشركة الصينية سيجعل الشركات والاقتصاد الإسرائيلي على «درجة غير صحيّة من الاتكالية تفقدها القدرة على التحكم في ممتلكاتها القيمة».[7]
قطعت كوسكو، وهي أكبر شركة شحن في آسيا ورابع أكبر خط ملاحي للحاويات في العالم وتساهم بحوالي 11% من التجارة العالمية، علاقاتها التجارية مع الموانئ في «إسرائيل» بعد عمليات أنصار الله في البحر الأحمر.
لطالما تسببت الولايات المتحدة في توترات في الصفقات الإسرائيلية الصينية؛ فدفع الضغط الأمريكي «إسرائيل» لإلغاء صفقتي بيع نظام «فالكون» العسكري عام 2000 وتحديث شركة صناعة الطائرات الإسرائيلية مع الصين طائرات من دون طيار من طراز «هاربي» عام 2005. بالنسبة للصين، فإن التواجد في السوق الإسرائيلية، وإن كانت ضئيلة مقارنة بحجم اقتصادها، إلا أنه حضور استراتيجي يعزز دورها في الشرق الأوسط. يمكن النظر أيضًا لإدارة الصين ميناء حيفا كجزء من نشاط صيني تجاري متوسع في مجال الموانئ؛ شغلت الصّين ميناء للحاويات في بيرايوس في اليونان، وحصلت على حصصٍ كبيرٍة من موانئ روتردام في هولندا وأنتويرب في بلجيكا وهامبورغ في ألمانيا.
يمتد العقد الأوليّ لتشغيل الميناء لمدة 25 عامًا منذ افتتاحه، لكن اندلاع طوفان الأقصى ومستجدات الحرب على غزة عرقلت الاتفاق قبل أن تتم كوسكو ثلاثة أعوام من تشغيل الميناء. منذ 19 تشرين الثاني الماضي، استهدفت حركة أنصار الله السفن الإسرائيلية واحتجزت سفينة «غالاكسي ليدر» التي تعود ملكيتها لرجل أعمال إسرائيلي. نفذ الحوثيون في البحر الأحمر حوالي 38 عملية كان معظمها قرب مضيق باب المندب، حيث يمر نحو 12% من حركة الشحن العالمية عبر قناة السويس، وهي أقصر طريق ملاحي بين أوروبا وآسيا في البحر الأحمر قبالة اليمن. أدت الهجمات الحوثية على السفن الامريكية والبريطانية التي تورطت دولها في قصف اليمن ضمن تحالف «حارس الازدهار» إلى توسيع نطاق الاستهداف، وشل الحركة الملاحية لشركات الشحن.
بالنسبة لكوسكو، انخفضت كمية الحاويات المحملة في مرفأ حيفا من متوسط 13 ألفًا شهريًا إلى حوالي 2800 حاوية في في تشرين الثاني. ولذلك، أعلنت شركة OOCL الصينية التابعة لكوسكو في كانون الأول الماضي تعليق رحلاتها من وإلى الموانئ الإسرائيلية حتى إشعار آخر لأسباب تشغيلية. كما رفعت سفن الشحن الدولية التي تمر بالبحر الأحمر رسوم الشحن، مثل شركة «CMA CGM» الفرنسية التي قررت زيادة رسومها بمقدار الضعف لعمليات الشحن بين آسيا والبحر المتوسط، ورفع تسعيرة نقل حاوية يبلغ طولها 40 قدمًا من ثلاثة آلاف إلى ستة آلاف دولار، والحاوية التي يبلغ طولها 20 قدمًا، من ألفَين إلى 3500 دولار.
أمّا السفن المهددة بالاستهداف، فاضطرت لتغيير مسارها إلى طريق رأس الرجاء الصالح، ما يعني رحلة أطول وتكاليف نقل وتأمين إضافية؛ وبالتالي رفعت شركة «MSC» الإيطالية السويسرية وشركة زيم الإسرائيلية وشركة «Maersk» الدنماركية رسومها لتغطية نفقات إطالة رحلات سفنها. سلكت كوسكو في البداية المسار نفسه، إلا أنها أصبحت تضع حمولتها في الميناء اليوناني الذي تشغّله، حيث تتحمل شركات الشحن الإسرائيلية مسؤولية نقلها من هناك لميناء حيفا، قبل أن تقرر التوقف بشكل كامل عن الشحن للموانئ الإسرائيلية، بحسب نائب غرف التجارة الاسرائيلية التي تنضوي تحتها خمسة آلاف شركة إسرائيلية، في كانون الثاني مطلع هذا العام.
أضرار محتملة واتهامات سياسية
كوسكو، وهي أكبر شركة شحن في آسيا ورابع أكبر خط ملاحي للحاويات في العالم، وتساهم بحوالي 11% من التجارة العالمية، هي الشركة الأولى والوحيدة التي تقطع علاقاتها التجارية مع الموانئ في «إسرائيل» نظرًا لأزمة البحر الأحمر القائمة والتكلفة التي تتحملها نتيجة ذلك. بعد رحيل كوسكو، تعمل في ميناء حيفا اليوم ثلاث شركات شحن رئيسية، هي MSC الإيطالية السويسرية وزيم الإسرائيلية وشركة ميرسك الدنماركية، والتي اضطرت جميعها لتغيير مسار رحلاتها للدوران عبر القارة الإفريقية وتحمل أعباء مادية وإدارية ضخمة. قالت شركة زيم إن قرار تعليق الشحن هو ضربة لتعاونها مع الشركة الصينية التي كانت تشغل أيضًا خطًا ملاحيًا مشتركًا «TCLS» يربط موانئ «إسرائيل» بأوروبا. تحاول هذه الشركات البحث عن سفن شحن بديلة تغطي الدور الذي لعبته كوسكو واحتياج الاستيراد المتصاعد منذ اندلاع طوفان الأقصى، في محاولة لمنع انعكاس ذلك على أسعار المنتجات على المستهلك الإسرائيلي.
تستحوذ التجارة البحرية على 70% من واردات «إسرائيل»، 98% منها يمر عبر البحرين الأحمر والمتوسط. وقد ارتفعت حاجة «إسرائيل» لاستيراد مزيد من البضائع، بعد السابع من أكتوبر، جراء نقص العمالة وانخفاض الإنتاج وهروب المستثمرين والمموّلين، وهو ما تحاول «إسرائيل» تحقيقه عبر تطبيع علاقاتها مع الدول العربية المحيطة بها.
تستحوذ التجارة البحرية على 70% من واردات «إسرائيل»، 98% منها يمر عبر البحرين الأحمر والمتوسط. ارتفعت حاجة «إسرائيل» لاستيراد مزيد من البضائع جراء نقص العمالة وانخفاض الإنتاج وهروب المستثمرين والمموّلين.
سبق وأن قررت شركات شحن دولية عدم زيارة الموانئ البحرية في روسيا وأوكرانيا بسبب تضاعف الأجور، لكن الجهات الإسرائيلية لا ترى أن القفزة في أجور الشحن البحري بين آسيا وأوروبا والأمريكيتين إلى نسبة زادت عن 173% منذ تشرين الثاني الماضي مبرر كافٍ لتخلي كوسكو عن الموانئ الإسرائيلية، لأن الشركة الصينية ليست «مهددة كثيرًا في البحر الأحمر لمجرد أنها صينية، في ظل العلاقات النفطية بين الصين وإيران، راعية الحوثيين في اليمن». رجح دبلوماسي أمريكي سابق أن هذا القرار مردّه موقف الخارجية الصينية الذي يعارض العدوان على غزة.
التزمت الصين الصمت في أول يومين بعد عملية طوفان الأقصى قبل أن تصدر موقفًا دبلوماسيًا يدين الأعمال العدوانية والعنف من الطرفين، فسر المعلقون الإسرائيليون هذا التصريح على أنه معادٍ إذ لم تدن «حماس أو حتى تعترف بحجم الفظائع التي وقعت في السابع من تشرين الأول». بعد أسبوع من الهجمات الإسرائيلية على القطاع، قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي إن تصرفات «إسرائيل» «تتجاوز نطاق الدفاع عن النفس»، وطالبها بالتوقف عن فرض «عقاب جماعي» على الفلسطينيين، كما أفشل فيتو روسي- صيني مشروع قرار أميركي في مجلس الأمن الدولي يرفض ويدين هجمات السابع من أكتوبر. وقال الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة، شانغ جون، إن بلاده صوتت ضد مشروع القرار لأنه يشمل عناصر كثيرة «تفرّق ولا تجمع، وتتجاوز البعد الإنساني».
سبق وأن ذكر موقع يديعوت أحرنوت أن مصانع الإلكترونيات والتكنولوجيا الفائقة في «إسرائيل» تواجه صعوبات في استيراد المكونات الإلكترونية الضرورية للأغراض المدنية والعسكرية من الصين، زاعمًا أن الصين تقوم بزيادة العقبات البيروقراطية أمام الشحنات إلى «إسرائيل» «كطريقة لمعاقبتها على حربها على غزة». لكن بغض النظر عن وجود نية صينية لتغيير سياساتها التجارية وممارسة ضغط اقتصادي على «إسرائيل»، إلا أن قرارها الأخير بوقف رحلات الشحن للموانئ الاسرائيلية له تداعيات ملموسة على حركة الملاحة الإسرائيلية وآلية عمل شركات الشحن التي قد تتخذ قرارًا بتقديم خدمة أقل جودة لـ«إسرائيل» عبر تفريغ البضائع المتجهة إلى «إسرائيل» في الموانئ البحرية الأوروبية، أو تحميلها تكاليف ومدد إبحار مضاعفة، في توقيت حساس ينكمش فيه اقتصادها بنسبة 2% على الأقل.
في أعقاب طوفان الأقصى، قال عضو سابق في الشاباك لرئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست إن استثمارات الصين الواسعة، على رأسها ميناء حيفا، لديها القدرة على شل عمليات البنية التحتية الحيوية في «إسرائيل» عندما يحين الوقت المناسب. بعد أسابيع قليلة من رسالته التحذيرية، تحققت نبوءته وتضاعفت مخاطر أن «تصبح إسرائيل سوقًا فوضويًا وغير جذاب للتجارة البحرية العالمية»، بحسب رئيس جمعية المصنعين الإسرائيليين رون تومر.
-
الهوامش
[1] دراسة تطور العلاقات الصينية الإسرائيلية، سامي مسلم، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)، 2012، صفحة 41.
[2] دراسة الصين والقضية الفلسطينية 1976ـ1981، سامي مسلم، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1982.
[3] دراسة «علاقة رباعية: «إسرائيل» والصين وتايوان والولايات المتحدة»، المجلة الأمريكية للدراسات الصينية، جونثان جولدشتاين، 2005.
[4] المرجع الأول
[5] دراسة العلاقات الإسرائيلية الصينية: البدايات والشراكات والمعيقات، أيمن يوسف، الجامعة العربية الأمريكية في جنين، 2014، صفحة 3.
[6] كتاب «الاستثمارات الصينية في التكنولوجيا والبنية التحتية الإسرائيلية: التداعيات الأمنية على «إسرائيل» والولايات المتحدة»، مجموعة مؤلفون، مؤسسة راند الامريكية البحثية، 2020.
[7] بحسب الورقة البحثية «إسرائيل والصين والولايات المتحدة ومشروع ميناء حيفا»، روي يلينك، معهد الشرق الأوسط، 2018.