«إسرائيل» والعمال الفلسطينيون في الداخل المحتل: استبدال متبادل؟

الثلاثاء 09 تموز 2024
عمال فلسطينيون عند حاجز للاحتلال في طولكرم، في آب 2022. رويترز.

رامي غزاوي في الأربعين من عمره،[1] يسكن رام الله من عشر سنوات، ويعمل في ورشة إنشاء في تل أبيب دون تصريح عمل، وهذا سبب كافٍ لأن يكون ميّتًا لو قبض الجيش عليه صباح السابع من أكتوبر.

كان يوم سبت و«إسرائيل» في عطلة، ورامي كذلك، لكن ليس عند زوجته وأطفاله الثلاثة في رام الله، إنما في الورشة. كان ينام منذ شهر مع ثلاثة عمّال فلسطينيين من الضفّة الغربيّة حتّى لا يسيروا يوميًا في الشوارع فيكشف الجيش أمرهم. يأكلون المعلبات التي يشتريها لهم العمّال حاملو التصاريح، يدخنون في الليل كثيرًا دون أن يُظهروا أعقاب السجائر، ويخفضون أصوات نقاشات ما بعد العمل، وينامون مع أول خيوط الليل. فـ«إسرائيل» تعرف بوجودهم، شرط ألّا يشتكي عليهم أصحاب البيوت المجاورة.

حين أفاقوا صباح السابع من أكتوبر سمعوا ما جرى من الأخبار، وشاهدوا الجيش والشرطة يملؤون الشوارع للبحث عن العمّال غير المصرح لهم. بعد مداولات قرروا التالي: نبقى في الورشة، إن داهم الجيش المكان نهرب.

كسر الجيش الباب، فقفزوا من شرفة في الطابق الثاني. ومن ورشة إلى ورشة، ومن شارع إلى شارع، تنقّلت المجموعة حتّى وصلت بسيارة ابن حلال إلى الضفة؛ نزل الشباب في قلقيلية وتابع رامي إلى رام الله. وما كان عطلة يوم واحد، صار عطلة مفتوحة لأكثر من 200 ألف عامل من الضفة وغزّة يعملون في «إسرائيل»، التي منعت 147 ألفًا ممن يحملون تصريح عمل من الدخول، ولاحقت أو اعتقلت من ليس لديهم تصاريح، في وضع لم يشهده العمّال من قبل حتّى في سنوات الانتفاضة الثانية.[2]

عمل ثلثا هؤلاء العمّال -بتصاريح وبدون- في البناء والتشييد، وعمل الباقي في قطاعات الخدمات، والصناعة، والزراعة، ومعظمهم عمّال مياومة، أيّ يعملون في «إسرائيل» ويعودون إلى الضفة وغزة نهاية اليوم. وهم أكثر من ربع العمالة الفلسطينية في الضفّة، ويأتون كل سنة بـ3.8 مليار دولار للسوق الفلسطيني.[3]

اليوم تبحث «إسرائيل» في العالم عن بديل لهؤلاء. فرغم خسارتها مليارات الدولارات منذ بداية الحرب نتيجة إغلاقها باب العمل أمام الفلسطينيين، ورغم الأصوات التي تحذر فيها من مخاطر «أمنية» لهذا القرار، إلا أنها تبدو عازمة على استبدالهم بشكل نهائي. وفي الأثناء وجد هؤلاء العمال أنفسهم أمام واقع جديد، يسعون فيه هم أيضًا لاستبدال «إسرائيل».

البطالة أو الاستباحة

بعيدًا عن الأرقام الكبيرة، سعى رامي وغيره من العمال لتدبر أمورهم والصرف على عائلاتهم في ظل انقطاع العمل. في الأسابيع الأولى من الحرب، أنفقوا من المدخرات على الحاجات الأكثر أساسيّة: الأكل، وإيجارات البيوت وأقساطها. لم يطلب المؤجر من رامي الأجرة بالأصل، ودفع أبو ناي، وهو عامل آخر من طولكرم عمل في كرمئيل في الجليل، ثلاث دفعات من أصل تسعة لصاحب البيت، وحمل محمود الغوادرة، وهو عامل من جنين في نتانيا (المقامة على أنقاض قرية أم خالد)، آخر ما تبقى من المدخرات إلى مؤجر البيت، وأعطاه 1200 شيكل، وقال له هذا ما تبقى: «إذا ما يناسبك بروح بشوف لي خيمة بقعد فيها»، لكن المؤجر قال له: «اقعد ليفرجها ربّك»، فقعد.

من بين خمسة عمّال قابلناهم، ثلاثة يسكنون بالإيجار وواحد يدفع أقساط بيت، قالوا إن المؤجر أو المقسّط راعى ظروفهم ولم يأخذ منهم حين لم يتوفّر معهم، واثنان منهم على الأقلّ لجؤوا إلى الاستدانة لتأمين مصاريف الأكل اليومية من الدائرة الأقرب: الأصدقاء، الجيران، أو الأقارب داخل الضفّة أو خارجها، في الأردن والخليج عبر حوالات مالية.

حين طالت الحرب -وهذا ما لم يتوقعه العمّال- عملوا في مشاريع إنشاءات لقاء 100 شيكل (40 دولار) في اليوم، وهو أقل من نصف متوسط أجورهم في «إسرائيل» في الوضع الطبيعي،[4] وعلى نظام «الطقطقة» أيّ العمل ليوم والنوم لثلاثة، كما فعل رامي والغوادرة. لكن أبو ناي حاول أن يكون أشطر، فعمل في عملين، ليومين أو ثلاثة في الأسبوع مع والده في محل لتأجير عدد البناء في الضفة، وبائعًا لغزل البنات في سوق طولكرم.

مرّ عيدان وشهر رمضان على هؤلاء العمّال، اختلفت فيها الحياة عليهم؛ فتقلصّت إفطارات رمضان وأوقفت عزائم العائلة، وقدّمت الاعتذارات للأخوات عن تقديم العيديات، واقتصرت تقاليد العيد على فنجان قهوة للزائرين، وأمضى أبو ناي أيّام العيد يبيع غزل البنات في السوق، ولم يفسّح بنته مثل كل عيد.

يجتاح الجيش والمستوطنون قرى ومدن الضفة، والإغلاقات تزداد، وأيّام العمل بـ«الطقطقة» تقلّ. قبل أيّام، أوقف صاحب بيت يعمل عنده رامي في صيانة بعض الغرف العمل قبل أن يكتمل، واعتذر له، ورامي قبل الاعتذار: «الناس خايفة، واللي كان فاتح ورشة والا شغل وقّفه، واللي معه قرشين كان بده يبني فيهن دار أو يوسّع على حاله ضبّهن، بده يشوف وين الدنيا رايحة».

الآن، في الضفّة، بات أكثر من ثلث القادرين على العمل بلا عمل، وهم المعطلون السابقون عن العمل، والعمّال السابقون في «إسرائيل» مثل رامي والغوادرة وأبو ناي، وستة آلاف غزّاوي رحلّتهم «إسرائيل» إلى الضفة. من بين 200 ألف عملوا سابقًا في «إسرائيل» وعادوا إلى الضفّة، يحمل 17 ألف عاملٍ تصريح عمل وعادوا أو ظلوا في «إسرائيل» بعد السابع من أكتوبر،[5] وهم بالرغم من التصاريح معرضون للتعليقات العنصرية، والتوقيف على الحواجز لعدة ساعات، والسرقة، وأي شيء تقريبًا. فإذا أوقف الجيش عاملًا منهم فقد «وقع وما حدا سمّى عليه، بصير مستباح»، كما يقول رمزي الذي يحمل تصريحًا ويعمل في قطاع المطاعم في تل أبيب، ويدعو الله وهو في الطريق ألا يوقفه الجنود رغم أنه عامل مرخص. مرةً أوقفه حاجز للجيش وهو عائد ويحمل ثمانية آلاف شيكل، أخذ الجندي منها خمسة آلاف وقال له: «بلزمكاش يكون معك ثمانية».

لكن هذا لا شيء مقارنة مع من لا يحمل تصريح عمل ويدخل بالتهريب إلى «إسرائيل». خذ القصّة التالية: تملك عائلة عامر التي تقيم في قلقيلة تصريح عمل زراعي يخوّلها الدخول إلى أرضها خلف الجدار العازل، إلى المنطقة التي تعرف بمنطقة الأفوكادو بسبب كميات إنتاجه فيها، وهي أرض تقع على جانبي الجدار. بعدما أوقفت «إسرائيل» العمل بتصريحهم، لم تفكّر العائلة في الدخول بالتهريب عبر فتحات في الجدار إلى أرضها رغم قصر المسافة، لأن الحكايات عن عمّال اعتقلوا أثناء محاولتهم الدخول بالتهريب ووضعوا مع بقيّة الأسرى في السجون الإسرائيلية كانت مفزعة، مثل حكاية 85 معتقلًا من العمّال دون تصاريح في سجن عتصيون الذين أطعموا وجبات طعام متعفنّة وتعرضوا للتعذيب.

تعفّن المحصول والبيت بلا معيل، ومع الوقت قلّ وزن الخوف أمام احتمال الجوع، فيما الوقت المطلوب للوصول إلى الأرض ليس سوى نصف ساعة. لهذا، دخل الأب عبد الرحيم عامر (59 عامًا) وابنه ضياء (34 سنة) مع فجر أحد أيام رمضان، على أن يعودا قرابة الساعة الثالثة عصرًا. لكنهما لم يعودا أو يتصلا، بل اتصل رجل من «إسرائيل» عند منتصف الليل يخبّر أنهما أوقفا. «راحت الأيام وحاولنا نحكي مع محامين نعرف عنهم أيّ إشي على الفاضي»، يقول الابن علاء.

بعد تسعة عشر يومًا، اتصل الأب بابنه علاء وبالغ في تطمين العائلة على وضعه وأنه لم يتعرّض للتعذيب أو المعاملة القاسية. «تخافش يبوي» يقول لعلاء، وعلاء يستغرب: «أبوي بحكيش بهالطريقة». وقبل أن يقضيا مدة الحكم، وصلهم الخبر: مات الأب بجلطة داخل سجن هداريم، والموت بالجلطة في سجون «إسرائيل» بعد السابع من أكتوبر هو نفسه الموت تحت التعذيب، لكن بأسلوب مهذب.[6]

«إسرائيل» تبحث عن بديل

بعد تسعة أشهر من صباح السابع من أكتوبر، ما زال المسؤولون في «إسرائيل» يفتشون في لوائح الدول الفقيرة حول العالم -وبالتحديد في آسيا وشرق أوروبا وإفريقيا- بحثًا عن استيراد عمّال يحلّوا مكان العمّال الفلسطينيين.

أغرقت الحرب مع حزب الله في الشمال ومع فصائل المقاومة في الجنوب الزراعة الإسرائيليّة في أكبر أزمة في تاريخها، إذ فرّ آلاف العمّال التايلانديين والنيباليين والتنزانيين، واستغنت «إسرائيل» عن العمالة الرئيسيّة من الفلسطينيين، ودخل القطاع في أكبر أزمة منذ تأسيس «إسرائيل». تعفّنت المحاصيل بالقرب من الحدود اللبنانية وفي الجنوب في مستوطنات غلاف غزّة. في البداية، حاول آلاف المتطوعين الإسرائيليين إنقاذ المحاصيل لكن دون جدوى بالرغم من الحوافز المالية المقدمّة لهم.

تباطأ قطاع الإنشاءات إلى النصف، وانخفضت رخص البناء إلى أدنى مستوى لها، واستنجد رئيس جمعية بناة «إسرائيل» رئيس الحكومة بأن صناعة البناء في أسوأ حال.

يكلف تسريح العمّال الفلسطينيين الاقتصاد الإسرائيلي قرابة 830 مليون دولار شهريًا، بالإضافة إلى المساهمة في انكماشه من الداخل، ورغم المخاسر والتخوفات لا تبدو «إسرائيل» مهتمةً هذه المرة بأن يعودَ العمال الفلسطينيون للعمل فيها.

بين فترة وأخرى، تظهر إعلانات إسرائيلية لتوقيع اتفاقيات أو استقدام عمّال أجانب. تشمل هذه الإعلانات خططًا لاستيراد عمّال من الهند وسيرلانكا وأوزباكستان ومولدافيا وماولاوي وعمّالًا إضافيين من تايلاند، مثل 65 ألف عامل في قطاع الأبنية، 92 ألف آخرين للعمل في قطاعات الزراعة والصناعة والفنادق والمطاعم، و6400 عامل لقطاعات التجارة والبنية التحتية والخدمات والنقل.

بالمجمل، تتخوف بعض الأوساط في «إسرائيل» من الآثار الأمنية لتعطّل آلاف العمال الفلسطينيين وفقدان مئات الآلاف لقوتهم، وتتخوّف كذلك من توسّع عدد الشركات التي تعمل على استيراد عمالة أجنبيّة، الأمر الذي يُدخل قطاع استقدام العمالة -دفعة واحدة وبهذه الأعداد الكبيرة- في فوضى وفساد، وهو ما حصل بالفعل مع بعض العمّال الهنود الواصلين حديثًا للعمل في القطاع الزراعي في «إسرائيل»، مع آمال كبيرة بعقد عمل وراتب جيّد، لكنهم عاشوا حياة العبودية.

ثمة تخوفات أخرى من فقدان وظائف الإسرائيليين في بعض القطاعات بسبب دخول عمالة آسيوية رخيصة مثل رعاية المسنين والتنظيف، والأهم أن هناك تشكيكًا في أن تلبي هذه الخطط حاجة قطاع الإنشاءات من عمالة ماهرة بدل الفلسطينيين وبهذه الأعداد الكبيرة. بحسب مصادر في فلسطين المحتلة العام 1948، فقد دخل بالفعل بعد السابع من أكتوبر جنسيات لم يرها أحد من قبل في سوق العمل الإسرائيلية، من هنود وصينيين وفلبينيين، وأخرى من إفريقيا مثل إريتريا وإثيوبيا، ومن أوكرانيا وروسيا.

يكلف تسريح العمّال الفلسطينيين الاقتصاد الإسرائيلي قرابة 830 مليون دولار شهريًا، بالإضافة إلى المساهمة في انكماشه من الداخل. ورغم كل هذه المخاسر والتخوفات لا تبدو «إسرائيل» مهتمةً هذه المرة بأن يعودَ العمال الفلسطينيون للعمل فيها.

العودة للأرض

لكن بعض العمال أيضًا غير مهتمين بالعودة للعمل في «إسرائيل».

لا أحد يجيب على الهاتف قبل العصر من شباب قرية بيت دجن قرب نابلس ممن عملوا في «إسرائيل» قبل السابع من أكتوبر. ثلاث محاولات، أين اختفى الشباب؟ يردّ مازن أبو جش (42 عامًا) على المكالمات الفائتة قبل الغروب بقليل، كان داخل بيت بلاستيكي لزراعة البندورة في بيت دجن، وهو الآن في الطريق إلى البيت، ركن السيّارة وتحدثنا: «كنّا نشتغل جوّا وكان الوضع عادي. بعد غزة، «إسرائيل» لا تشفق على البشر ولا الحجر، ما بزبطش معنا نرجع نشتغل غاد».

قبل الحرب، عمل أبو جش في أعمال تشطيب ورش البناء في هرتسيليا (المقامة على أنقاض قرية الحرم أو سيدنا علي) مقابل 478 شيكلًا (127 دولار) في اليوم. بعد الحرب رضي بالعمل في الضفّة بـ150 شيكلًا (40 دولار) لكنّه لم يجد عملًا فعاد إلى مهنة العائلة القديمة بالزراعة.

كانت مجموعة من شباب القرية العاملين قبل الحرب في «إسرائيل» قد بدأوا مشروعًا لزراعة الخضار في بيوت بلاستيكية في البداية على مساحة دونم واحدٍ. دعم المجلس المحلي في القرية ومؤسسة الإغاثة الزراعيّة المشروع؛ شقّت طرق زراعيّة إليه وأوصل بالكهرباء ومدّت خطوط المياه من الخزانات الرئيسيّة، وكثرت البيوت البلاستيكية وصار الدونم الواحد 150 دونمًا.

باع الشباب مصاغ الزوجات، واقترضوا من مؤسسات إقراض محليّة، واستدانوا من العائلة، وباع أبو جش حصته في تاكسي وبدأ بيتًا بلاستيكيًا لزراعة البندورة كلّفه 50 ألف شيكل (قرابة 13 ألف دولار)، ونزلت الزوجة والأولاد والبنات إلى العمل من الصباح حتى العصر. استوعب المشروع قرابة 100 عامل من قرابة 350 عامل في القرية كانوا يعملون في «إسرائيل»،[7] وهم بين عمّال مياومة يحصلون على ما بين 100-200 شيكل (26-53 دولار) يوميًا، أو أكثر من مهندسين زراعيين أو مساهمين.

تمتدّ هذه الأرض حول قرية بيت دجن على مساحة 48 ألف دونم في محافظة نابلس، زرعت في الماضي بمحاصيل بعلية وموسمية مثل الحبوب والقمح والشعير. منذ منتصف أيار وحتى هذه الأيّام، أنتج بيت أبو جيش قرابة 20 طن من البندورة بيعت في أسواق الحسبة المركزية في الضفّة. لكن الأسعار لم تكن مثل أسعار العام الماضي، وأبو جش يعرف ذلك: «مش مشكلة، بنصرف على حالنا».

«الناس ما معها سيولة، وما فيش رواتب»، يقول أبو جش. هذا صحيح في هذه الأيّام، وصحيح أيضًا أن الاقتصاد الزراعي البسيط الذي كان منتشرًا في الضفة قبل الاحتلال العام 1967، صار أسيرًا لدى الاحتلال، أو كما يقال، مصدرًا لأيد عاملة رخيصة للاقتصاد الإسرائيلي، الذي قام في أحد أساساته على السيطرة على ثلثي أراضي الضفة وعلى المصادر الطبيعية والمائية فيها وحدّ من حركة الأفراد.[8]

بيت دجن مثال مصغر على ذلك. إذ يسكنها خمسة آلاف فلسطيني، أخذت «إسرائيل» نصف مساحتها منذ السبعينيات، والباقي مهدد بالمصادرة. سيطرت على المياه فيها، وعلى حركة الناس من وإلى مزارعهم، وعلى المواد التي تدخل في الزراعة، مثل الأسمدة، وبنت على الجبال الشرقية من القرية عدة بؤر استيطانية. ومع ذلك يقول أبو جش: «إحنا ماخذين موقف نهائي بعدم العودة إلى الداخل».

يقول محمد أبو ثابت، أحد المزارعين في هذه البيوت، «مش مهم تنتشر هذه الفكرة إذا ما كان هناك خطّة من السلطة لحماية الإنتاج وتصدير هذه المنتجات».

الآن، بعد قرابة تسعة أشهر على الحرب، يتنقّل العمّال في المناطق الحضرية، مثل الغوادرة ورامي وأبو ناي، في الضفة للعمل في المياومات أو على بسطات صغيرة فيما تبقى من أسواق أهلكها الاحتلال بحصاره للأموال وتقييد حركة الناس بالحواجز، فيما دخل عمّال الأرياف مثل أبو جش في مشاريع زراعية بعدما باعوا كل ما يملكون لأجل الاستثمار في أرضٍ نصف مائها ومساحتها مصادرة لصالح بؤر استيطانية. أما آخرون، فما زالوا يتخفون ويغيرون من ملامحهم في طريقهم من وإلى تل أبيب خوفًا من الاعتقال والتعذيب، فمثلما يقول رمزي «مجرد ما يبين شكلك مثل العرب تتعرض للتهديدات زي بدنا نحرق العرب».

  • الهوامش

    [1] اسم مستعار.

    [2] في الانتفاضة الثانية، انخفض عدد العمّال من 107 ألف عامل عام 2000 إلى 42 ألف عامل في 2002.
    ماهر الكرد، إسلام ربيع، صبري يعاقبة، «العمالة الفلسطينية في إسرائيل، اتجاهاتها، ودوافعها، وتأثيراتها»، معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس)، القدس ورام الله 2024، بالاعتماد على أرقام الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، مسح القوى العاملة 1996-2023، التوزيع النسبي للعمالة الفلسطينية في إسرائيل، حسب النشاط الاقتصادي، ص 34.

    [3] 63.2% منهم عملوا في قطاع البناء والتشييد، و17.5% في قطاعات الخدمات، و12.9% في القطاع الصناعي، و6.4% في القطاع الزراعي، ونسبتهم 23% من إجمالي العاملين في الضفة، الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، مسح القوى العاملة، 1995-2022 التوزيع النسبي للعمالة الفلسطينية في إسرائيل، حسب النشاط الاقتصادي، ص 35.

    [4] يُعادل متوسط أجر العاملين اليومي في إسرائيل والمستعمرات 276.8 شيكل أيّ ضعفي متوسط أجر العاملين في الضفة الغربية، البالغ 125.7 شيكل. ماهر الكرد، إسلام ربيع، صبري يعاقبة، «العمالة الفلسطينية في إسرائيل، اتجاهاتها، ودوافعها، وتأثيراتها»، معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) القدس ورام الله 2024، ص 76.

    [5] بين الربع الثالث والرابع من العام 2023، ارتفعت نسبة البطالة من 13 إلى 32%، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

    [6] مثلما حصل مع الأسير ثائر أبو عصب، حيث ادعت سلطات الاحتلال أنه توفي جراء مشاكل في القلب قبل أن يفتح تحقيق في الحادثة ويكشف عن تورط 19 سجانًا في قتله ومثله أسرى آخرين.

    [7] بعض التقديرات في القرية تقدر العدد بألف عامل.

    [8] ماهر الكرد، إسلام ربيع، صبري يعاقبة، «العمالة الفلسطينية في إسرائيل، اتجاهاتها، ودوافعها، وتأثيراتها»، معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) القدس ورام الله 2024، ص 65.

Leave a Reply

Your email address will not be published.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية