على غلاف كتاب «شرق أوسط عادي: بين الاستهلاك والتنقل»[1] يشير كل من تييري بواسير[2] ويوان مورفان[3] إلى أن هذا الكتاب الجماعي الذي أشرفا على تحريره، والذي يضم ثماني دراسات وخاتمة كتبها حميت بوزرسلان،[4] يهدف أساسًا إلى «المساهمة في أنثروبولوجيا الرأسمالية من خلال دراسة الأشكال المختلفة للتداول والاستهلاك كما تتكشف في الشرق الأوسط، في عوالمه الثلاث، التركي والعربي والإيراني».
تأثرت هذه المنطقة، شأنها شأن العديد من المناطق الأخرى على مدى العقدين الماضيين، بالسياسات الاقتصادية ذات التوجه النيوليبرالي. التي من المفترض أن تسمح بظهور سوق إقليمي متكامل، إلا أنها ساهمت في تعزيز التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية، وخلق إحباطات جديدة، ولكن أيضًا تطلعات جديدة في سياق الجمود السياسي. في بعض الأحيان، يُنظر إلى هذه الإصلاحات الاقتصادية على أنها تفتح الطريق أمام «رأسمالية المحسوبية»، وقد أفادت في البداية أقلية من المنتسبين ورجال الأعمال المقربين من السلطات القائمة، لكنها أيضًا شملت على نحو غير مباشر قطاعًا من الطبقات الوسطى الحضرية الجديدة، التي تميل نحو النزعة الاستهلاكية ومنتجات «الحداثة». كما ساهمت أيضًا في تحويل المشهد البصري للمدن الكبرى المعنية، لا سيما من خلال الاتجاه نحو تعدد الأقطاب الذي يرمز إليه ظهور الأبراج ومراكز التسوق الكبيرة. لكن الكتاب يسعى للبحث في التغييرات التي جلبتها هذه السياسات على إعادة تعريف تداول السلع والأشخاص على المستويين المحلي والإقليمي، وفي إحداث تحول كبير في أشكال وأنماط الاستهلاك، مدفوعًا بنقص الدراسات المتعلقة بهذا التحول، رغم أن الاستهلاك يشهد طفرة غير مسبوقة في الشرق الأوسط، ويشكل معيارًا لفهم نقاط القوة والضعف داخل الهياكل الاجتماعية في هذه المنطقة.
يذهب المشرفان إلى هذا «الشرق الأوسط العادي»، حيث تحتل اقتصادات الحرب مكانة مهمة، تمثل حالة مشتركة وفريدة من نوعها للرأسمالية المعولمة. هو جزء من العمليات الاجتماعية المعقدة بشكل خاص. كيف يتدخل العالم في الحياة المحلية وتمثيلات الأفراد والجماعات؟ ما هي الروابط التي يمكن ملاحظتها، ما وراء التوترات وتحتها، الانقسامات الداخلية والحدود الجغرافية والثقافية والاجتماعية، بين مختلف المساحات والسكان، وكذلك بين مختلف الطبقات الاجتماعية وطبقات الأجيال؟ تتجلى هذه التدفقات المعاد تكوينها والمختلطة، ولا سيما من خلال هذه القيود، في كل من تطورات الدين وتطورات المدن. لذلك فهو ينطلق من فرضية مفادها: «أن تحولات الرأسمالية، منذ الثمانينيات وانتشار السياسات النيوليبرالية، شكلت أسس التغيرات الدينية والحضرية والاقتصادية والتجارية في مدن الشرق الأوسط». خلف واجهات التجانس و/ أو التطرف، أدت الديناميكيات الرأسمالية والحضرية الجديدة في الواقع إلى تنويع وإعادة تشكيل التقسيمات الاجتماعية، ولا سيما الجندر، وظهور طبقات جديدة.
تقدم الفصول الأولى من الكتاب تحليلات تاريخية وعبر عالمية للتداول. تحاول نورا لافي في فصل بعنوان «العولمة العثمانية وأنظمتها التاريخية: نهج حضري» فهم خصائص التداول -للناس والأفكار والبضائع- التي أثرت على الشرق الأوسط بين الفترة العثمانية وبداية الاستعمار الأوروبي. من خلال رسم مسار تاريخي لتطور الرأسمالية في المنطقة وتأثيرها على أنماط التداول. موضحةً الحاجة إلى مراعاة الوقت الطويل لتحول هذه الأنماط في فترة الإمبراطورية العثمانية التي لم تكن إمبراطورية إنتاج، إلا في المجال الزراعي في صيغة إقطاعية، مع الأخذ في الاعتبار موقعها الجغرافي الممتد، الذي دفع الاستهلاك والتداول والتراكم إلى مستويات عظيمة، ليس لرأس المال بل للثروة العينية والضرائب. كما كانت أيضًا إمبراطورية مصادرة منعت عمليًا حتى اختفائها التحول نحو الرأسمالية. يوضح الاستنتاج الذي وصلت إليه الباحثة الأشكال المختلفة للعالمية المتفاعلة في المنطقة العثمانية كمصفوفة لظواهر دورة التداول بين المركز العثماني والأطراف التابعة: العلاقات بين الحكم المحلي والإطار الإمبراطوري، والتجسيدات المعمارية أو البنية التحتية للتداول بين النخب المحلية والإمبراطورية، والبيوت التجارية التركية السائدة في الأطراف والمندمجة فيها.
في المقابل، تفحص بقية الفصول نماذج لأشكال التداول والتنقل بين حواضر المشرق الإسلامي وتأثيرها على أنماط الاستهلاك، وتفاعلها مع أنماط التدين، في تركيا وإيران والخليج العربي.، وكيف تتأثر هذه العوامل الثلاثة ببعضها البعض: التدين والتنقل والاستهلاك، في دورة سببية لا يمكن الكشف عن علتها الأصلية، أو القطع بأيها العامل الرئيسي، لكنها تشترك في البيئة الحاضنة، وهي الرأسمالية بوصفها نظامًا اقتصاديًا، وبالتالي تطبع هذه البيئة بطابعها الخاص، فتجعل منها نظامًا اجتماعيًا كاملًا لا نمط إنتاج فحسب. لذلك سنأخذ في هذه المراجعة ثلاثة نماذج معبرة لهذه التحولات الحضرية في مدن المشرق الإسلامي، وذات تمثيل جغرافي نسبي.
«لاليّلي» : الرأسمالية التركية المُعقمة
في المنطقة المجاورة مباشرة للبازار الكبير، يتميز حي لاليلي أولًا وقبل كل شيء بموقعه في قلب شبه الجزيرة التاريخية، في مدينة إسطنبول. تعود هوية المنطقة التجارية إلى التركز الاستثنائي لمحلات الجملة والمكاتب وشركات النقل والفنادق التي توجد مجتمعة على مساحة ليست شاسعة. وهذا يعني إيقاعات متناقضة للغاية للنشاط، حيث يكون عدد السكان المقيمين (المسجلين) منخفضًا جدًا هناك (ويتناقص بشكل واضح منذ عام 1990). وقد تبلورت هذه الهوية منذ نهاية السبعينيات، حول شكل التجارة الموصوف في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي على أنه «تجارة حقيبة السفر». منذ ذلك الحين، ارتبطت التمثيلات الشائعة بين لاليلي وهذا النوع من التجارة، وهو نشاط يمتهنه غير المحترفين الذين يعملون خارج منطق الضرائب، ويقومون برحلات ذهابًا وإيابًا أكثر أو أقل بكميات محدودة بين مكان العرض وأماكن إعادة البيع، ظلت لاليّلي ثابتة رغم التحولات التي حدثت. في الواقع، منذ أوائل العقد الأول من القرن الـ21، تراجعت رؤية التبادلات التجارية الصغيرة على مسرح لاليلي، ما أفسح المجال أمام نشاط لوجستي مكثف.
في مساهمته يسعى جان فرانسوا بيروز، الباحث في جامعة جان جوريس (تولوز، فرنسا) إلى تحليل التحولات التي حدثت على هذه المساحة التجارية على مدار العشرين عامًا الماضية، من خلال رسم تخطيطي لتحليل مرئي للمشهد في إعادة التكوين، اعتمادًا على منهجية مقارنة الصور والمخططات القديمة للمنطقة بالصور والمخططات الجديدة. هذا المنهج البصري يقود بيروز إلى ملاحظة تصاعد تعميم الإشارات والنقوش باللغة العربية مقابل تراجع ذلك بالروسية أو الرومانية أو البلغارية. أي إثراء مجموعة اللغات المعروضة بالتوازي مع تحولات الهدف أو العملاء المستهدفين، ذلك أن المنطقة وإسطنبول عمومًا قد شهدت خلال السنوات الأخيرة حضورًا عربيًا لافتًا، سواءً كانت مؤقتًا أو دائمًا. لكن الباحث يشير إلى أن هذه القرائن «المرئية» لا تعطي نتائج كافية، حيث لا توجد «لحظات وطنية» متجانسة لــ«لاليلي» -تتميز بسيطرة حضور وطني أو عرقي أو لغوي معين- بل بالأحرى تعدد حضور تنوعات عرقية ولغوية موازية لبعضها البعض، مع اختلافات خاصة بكل عرق أو لغة، من عام إلى آخر. توجد العديد من الفروق الدقيقة والاختلافات فيما يتعلق بالأجواء اللغوية لـ«لاليلي». من بين التغييرات الأكثر لفتًا للانتباه مقارنة بالتسعينيات، يجب أن نلاحظ تأكيد وجود قطاع كثيف من «آسيا الوسطى» (مع شركات نقل متخصصة في الوجهة/ الأصل الكازاخستاني والأوزبكي) على الجانب الجنوبي من المنطقة.
شكلت نهاية الحرب العراقية الإيرانية عام 1988 بداية مرحلة جديدة في حياة الجمهورية الإسلامية ومواطنيها نحو الانتقال تدريجيًا إلى التحرر الاقتصادي ومعه اتجاه جديد يقدر الاستهلاك.
كما يكشف نهج المسح البصري إلى ملاحظة نوع من الانقطاع المكاني والتنظيمي في الصلة بين المصانع (ورش العمل) والأعمال التجارية قد أصبح أكثر وضوحًا لصالح الأخيرة وحدها، تحت تأثير سياسات جمعية الصناعيين ورجال الأعمال المستقلين (الموصياد) وبلدية العاصمة منذ إطلاقها في عام 2003، يهدف إلى تنظيف شبه الجزيرة التاريخية بأكملها من الأنشطة الإنتاجية التي تعتبر مرهقة وملوثة. وبهذا المعنى، فإن التغييرات التي حدثت في «لاليلي» تعكس خيال المدن الكبرى «النظيفة» والثالثية والسياحية – وإنكار/ تشويه سمعة الإنتاج التي ابتلى بها أعضاء مجلس المدينة منذ نهاية التسعينيات. أصبح المشهد بعيدًا (وغير مستقر) بشكل متزايد في عصر الرأسمالية المعولمة: فهي تتراوح من ورش ضواحي إسطنبول إلى تلك الموجودة في الصين، مرورًا بالمدن الصناعية في وسط الأناضول والشرق (مثل ملاطية أو كهرمان مرعش أو غازي عنتاب)، في مقابل حصر النشاط في وسط العاصمة في طابعه التجاري والخدمي.
إلى جانب هذه التحولات الرسمية التي لا ينبغي المبالغة في تفسيرها لأنها تشير أيضًا إلى تغييرات أكثر عمومية في مدينة إسطنبول (سياسات التحول الحضري، ونمو السياحة التجارية، وسياسة جذب العملاء العرب الأثرياء)، من الضروري الإشارة إلى الاستقرار الذي طبع «الصيغة المكونة» لهوية المشهد التجاري في الحي. تعتمد هذه الصيغة بشكل أساسي على تركيبة مستقرة نسبيًا وتسلسل هرمي للمنتجات التي يتم تسويقها بمرور الوقت، وهي: الملابس الجاهزة للنساء، والملابس الداخلية النسائية والملابس الجلدية. من خلال هذا الارتباط غير المتغير لقاطرات المنتج، يتم تمييز «لاليلي» دائمًا بسهولة عن المناطق التجارية المجاورة. ترتبط طبيعة المنتجات المفضلة بحقيقة أن الممارسات التجارية في «لاليلي» لا تزال شديدة التمييز بين الجنسين، مع تباين كبير عبر المجموعات الوطنية.
استثمر المسرح بطريقة أحادية الجنس: من ناحية الكروات والمولدافيون والبلغار والروس والأوكران والرومانيون؛ ومن ناحية أخرى الجزائريون والليبيون والعراقيون. بالإضافة إلى ذلك، تظل تجارة الجملة سائدة حتى لو لم تستبعد تجارة التجزئة مطلقًا من الفجوات. في هذا الصدد، تتميز العلامات التجارية المعروفة للألبسة الجاهزة الموجودة في «لاليلي» في شكل متاجر كبيرة بخصوصية عرضها هناك مع خيار «البيع بالجملة». ومع ذلك لا بد من الاعتراف بأن اقتصاد سوق الحقيبة، الذي يتناسب مع سياحة الطبقات المتوسطة الصغيرة في البلقان أو إيران أو العراق أو جنوب القوقاز أو روسيا أوكرانيا أو المغرب العربي، لا ينتمي إلى الماضي. هناك بالفعل تجاور معقد بين ممارسات تجارية متعددة، يرتبط كل منها بأشكال مختلفة من التنقل وفقًا للأصول العرقية والوضع الاجتماعي والاقتصادي، أي القوة الشرائية والتنقل.
في الوقت ذاته، فإن جمعية الصناعيين ورجال الأعمال المستقلين في تركيا (الموصياد) -وهي أحد الأذرع الرئيسية لحزب العدالة والتنمية- والتي قادت عملية تحويل «لاليلي» خلال العقود الأخيرة، تسعى إلى جعله مساحة «رأسمالية تجارية معقمة أخلاقيًا» من خلال الترويج إلى صورة للحي التجاري لا يتم فيها الخلط بين «لاليلي» وإقليم أكساراي «اللاأخلاقي» المجاور، في جهد استطرادي مستمر لإنكار ماضي «لاليلي» بطريقة ما. في التمثيلات الجماعية، التي تبلورت جزئيًا/ وأعيد إنتاجها في السينما أو الأدب، ارتبطت «لاليلي» ارتباطًا وثيقًا بالجريمة والانحراف في العقود السابقة (فيلم لاليلي لبير عزيز 1999). سعى القادة المحليون لحزب العدالة والتنمية منذ عام 2003 إلى طرح المسألة الأخلاقية للواجهة، والتي تستدعي بشكل دائم الارتباط بين إعادة الترتيب المادي للمشهد والهندسة الأخلاقية. لذلك يساهم رواد الأعمال هؤلاء في وضع حدود مكانية أخلاقية لمنطقة السوق، مما يفرض الاختلافات في الروح وينكر تعدد استخدامات «لاليلي»، خاصة الترفيهية، وهي أحد الأبعاد الأساسية للسياحة الأجنبية في إسطنبول، ومع ذلك لم يتم «طرد» هذا النشاط الترفيهي بالكامل من «لاليلي»؛ بل أعيد إنتاجه ضمن أوقات وأماكن أكثر سرية.
الاقتصاد السياسي للقهوة في إيران
شكلت نهاية الحرب العراقية الإيرانية عام 1988 بداية مرحلة جديدة في حياة الجمهورية الإسلامية ومواطنيها: من زهد فترة الصراع وسياسات التقشف التي بررتها الحرب نفسها والخطاب الثوري المستوحى من المثل العليا، نحو الانتقال تدريجيًا إلى مرحلة من التحرر الاقتصادي ومعها اتجاه جديد يقدر الاستهلاك والاهتمام بالجسد كرموز للمتعة وبناء الهوية الاجتماعية.
خلال إحدى خطب الجمعة عام 1990، دعا الرئيس الإيراني الأسبق، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، إلى ضرورة «السماح للناس بالاستفادة من الخيرات التي وعدهم الله بها على الأرض، من خلال تمهيد الطريق لأشكال جديدة من الاستهلاك وتراكم الثروة». شهدت التسعينيات انتقالًا، أو حتى عودة، إلى الممارسات الاجتماعية التي أعطت أهمية أكبر لمتع الأكل و/ أو السفر. ثم أعطت الخطابات السياسية في فترة إعادة الإعمار معنى جديدًا لممارسات الاستهلاك، من خلال زيادة قيمتها ودمجها في الأنماط الجديدة لتمثيل الطبقة الوسطى ما بعد الثورة. هذا رغم عدم الاستقرار الاقتصادي السائد والتضخم المزمن الذي نتج عنه. منذ ذلك الوقت، نشهد صعودًا لنجم عمليات تجميل الجسد، وانتشار صالونات التجميل والصالات الرياضية، وتعزيز الثقافة الاستهلاكية التي أعادت احتلال الفضاء العام الإيراني، وخاصة طهران، بوصفها «متروبول» الجمهورية الإسلامية.
هذا التحول في أنماط الاستهلاك ترافق مع هيمنة السياسات النيوليبرالية، خاصة خلال العقد الذي تلا مظاهرات عام 2009، والمعروفة باسم «الحركة الخضراء». أدت هذه السياسات إلى هشاشة الوظائف مع انتشار عقود العمل المؤقتة، وتسليع التعليم والتغطية الصحية. ومع ذلك حافظت الطبقات الوسطى -رغم تدهور أوضاعها- على علاقات معقدة ومترابطة مع الدوائر الاجتماعية العليا بسبب الأنماط الاستهلاكية، وحتى الجمالية، التي يُنظر إليها على أنها عوامل للحراك الاجتماعي.
يحلل أمين مقدم[5] في فصل كامل، طرائق توزيع واستهلاك القهوة في إيران، فيما يتعلق بالمساحات المخصصة لها. ومن خلال ذلك يحاول تسليط الضوء على العلاقة بين بعض الممارسات الاجتماعية، مثل تلك المتعلقة بالسفر في البيئة الإقليمية لإيران، وما يسمى بالممارسات الثقافية والفنية المتعلقة باستهلاك القهوة. أي دراسة الاقتصاد السياسي لإنتاج القهوة واستيرادها ضمن منطق تثمين المنتج واستهلاكه، الذي يندرج في إطار استراتيجيات الطبقية والمكانة في المجتمع الإيراني.
لا يزال الشاي اليوم هو المشروب الأكثر استهلاكًا في إيران، رغم أن القهوة كانت المشروب المفضل في القرن السابع عشر، مع إنشاء العديد من «المقاهي» ( کافِه خانه)، في الحواضر الصفوية قزوين وأصفهان. ويعود الفضل بشكل خاص إلى رحلات الحجاج إلى مكة والشبكات التجارية والعسكرية بين الدولة العثمانية والدول الصفوية، حيث بدأ الإيرانيون في تقدير القهوة وتكريس أماكن مؤانسة لها. لكن الانفصال عن الإمبراطورية العثمانية، وبعد ذلك النفوذ المتزايد لبريطانيا في جنوب إيران، سهّل طرق استيراد الشاي إلى إيران من الهند، وكذلك الأواني المتنوعة اللازمة لتحضيره.
لكن على مدى السنوات العشر الماضية، شهدت إيران زيادة في واردات البن، وتكاثر في أماكن الاستهلاك وتوسع في جغرافيتها، وتنوع أنواع القهوة المستهلكة، ما يشير إلى حماس جديد لا يمكن إنكاره لهذا المنتج في المدن الإيرانية. وسعت الدول نطاق واردات البن من مصادر مختلفة (14 دولة)، ولا سيما فيتنام، حيث بلغ حجم الواردات الإجمالي حوالي 346 طنًا في أيار 2018، بينما كان حوالي 255 طنًا في نفس الفترة من سنة 2017. ويقدر استهلاك القهوة في البلاد بحوالي 1.1 مليار فنجان قهوة. وفي التشريع الجمركي للجمهورية الإسلامية، لا تزال القهوة جزءًا من فئة ما يسمى بالمنتجات الفاخرة، واعتمادًا على نوع القهوة المستوردة، تفرض ضريبة القيمة المضافة.
حتى سنوات قليلة ماضية ، كان مستوردو البن في إيران يشترون بشكل أساسي القهوة المحمصة والجاهزة للشرب. كما غذت ضرائب الاستيراد المرتفعة سوق تهريب البن المحمص من البلدان المجاورة، ولا سيما من تركيا وأرمينيا. لكن إضفاء الطابع المهني على البيئة والاستثمارات الضخمة في شراء آلات تحميص البن وإنشاء معاهد لتدريب المهنيين، جعل من الممكن منذ العام 2010 استيراد المزيد من البن غير المحمص. يستفيد الأخير من الرسوم الجمركية المنخفضة ويصعب تهريبه بسبب ظروف الحفاظ عليه التي تتطلب التعامل المهني مع نقله.
كما أدى تبني البن غير المحمص إلى خفض تكاليف الاستيراد وبالتالي انخفاض أسعار المستهلك. ورغم أن التعريفات الجمركية المرتفعة المفروضة على ما يسمى بالمنتج الفاخر، مثل القهوة، تمثل جزءًا من نهج رادع لاستيراد هذه المنتجات. فإن إضفاء الطابع المهني على القطاع مصحوبًا باستثمارات رأسمالية كبيرة، في الوقت نفسه الذي تم فيه تعميم استهلاك القهوة، سمح بتشكيل ما يسميه المهنيون في هذا القطاع «صناعة القهوة في إيران». ينعكس هذا بشكل أساسي في سلسلة من حلول معالجة القهوة التي ابتكرتها مدن مثل مشهد وطهران وشيراز وأصفهان.
يمكن أيضًا فهم تطور صناعة البن، مثل العديد من المجالات الأخرى في إيران المعاصرة، من خلال الخصائص العامة للاقتصاد الإيراني القائم حول الاحتكارات التي تشكلت على نحو خاص في نهاية الحرب الإيرانية العراقية. وبالتالي يمكننا أن نتذكر دورًا مهمًا يمكن أن يلعبه تأسيس مؤسسة العتبة الرضوية المقدسة (آستان قدس رضوي) في مدينة مشهد، بوصفها أحد الأذرع الاقتصادية الرئيسية للنظام. لذلك ليس من المستغرب أن تصبح مشهد هي المحور الأهم في توزيع القهوة على الصعيد الوطني، حيث تزدهر المقاهي في المدينة المقدسة نفسها. في طهران، نجد آثارًا لعدد قليل من الشخصيات البارزة وراء تطوير مساحات جديدة لاستهلاك القهوة، والذين غالبًا ما يشاركون في مجالات أخرى مثل الممارسات الفنية والثقافية. وهذا أحد الأسباب التي تفسر العلاقة بين تعزيز الممارسات الثقافية والفنية على المستوى المحلي والارتباط بأنماط الاستهلاك الجديدة. هذه الفئة من «رواد الأعمال الثقافيين» بمعنى أنهم يشاركون في مختلف القطاعات المتعلقة بالإنتاج الثقافي (سوق الفن، والسينما، والإنتاج الإعلامي، وتنظيم الحفلات الموسيقية، وتمويل المشاريع المعمارية، وإنتاج المسلسلات التلفزيونية) والتي يجب أن ترتبط أيضًا مع تطوير أماكن الاجتماعات والاستهلاك، لذلك يشغل هؤلاء حلقة رئيسية في الاقتصاد السياسي للبنّ والقهوة في إيران المعاصرة، باعتبارهم يملكون ويديرون مساحات استهلاك وشركات توزيع وتوريد.
ظهر العديد من رواد الأعمال الثقافيين في إيران من سياق ما بعد الثورة السياسي والاقتصادي. وأصبحت المدن الكبرى مثل دبي أو إسطنبول، وجهات ترفيه مفضلة لدى هذه النخبة الجديدة، بسبب الشبكات التجارية الموجودة مسبقًا، وفي الوقت نفسه شكلت بالنسبة لهم نماذج لأنماط استهلاك يمكن نقلها إلى الداخل الإيراني، وأفضل هذه الأنماط وأشدها جذبًا المقاهي ومساحات الاستهلاك بمذاقات القهوة المتعددة والديكور الداخلي وأساليب العرض والتقديم. يمتلك رواد الأعمال الثقافيون القلائل الذين أثروا على المشهد الفني في طهران سمات مشتركة: إذ كانوا جميعهم بين الـ30 والـ50 من عمرهم في عام 2019، مثل الجمهورية الإسلامية التي احتفلت بالذكرى الأربعين لتأسيسها في العام نفسه؛ يشاركون جميعًا في العديد من القطاعات الثقافية، ولديهم علاقات وثيقة مع الجهات الحكومية الإيرانية التي تحميهم، كما كانوا أيضًا مصدر استثمارات كبيرة لإنشاء مساحات عرض جديدة ولكن أيضًا للاجتماعات والاستهلاك (مقاهي، مطاعم، معارض، صالات عرض، إلخ) في طهران وفي جميع أنحاء البلاد.
ظاهرة أخرى تسمح لنا بفهم انتشار أنماط مختلفة من استهلاك القهوة في إيران، وهي تعميم ممارسة السفر في طبقات مختلفة من المجتمع الإيراني. فخلال السنوات الأخيرة أدى تطوير مجالات جديدة للتبادل، مثل السياحة الإقليمية أو السياحة الفنية أو سوق العقارات، إلى ولادة أشكال جديدة من التنقل، عززت الروابط بين إيران وبيئتها الإقليمية وأصبح الخارج القريب جذابًا للغاية. حيث تحولت مدن مثل إسطنبول ودبي وأربيل ويريفان وتبليسي إلى وجهات مفضلة للعديد من الإيرانيين، وبالتالي ولد ذلك نوعًا من تبادل القيم أو استيرادها، وأثر على أنماط الحياة داخل البلاد.
الكويت: من المركز إلى الهامش
في فصل تحت عنوان «الكويت، حاضرة ثانوية: بين التخفيض والانبساط واللحاق بالركب» تعالج كلير بوغراند ثلاثة مواضيع أساسية: دور الاستهلاك في الهوية السياحية الكويتية، مما يجعل أماكنها وممارساتها بداهة الحياة اليومية العادية تستحق زيارة يمكن وصفها بأنها سياحية، أي تستحق اهتمام الزوار الأجانب. ثانيًا، قضية الاستهلاك كوسيلة للخيال والرمزية الحضرية، حيث تفتقر البلاد للجاذبية النسبية، وهو ما يستوعبه الفاعلون الاجتماعيون، بدءًا من الزائرين، ولكنه أيضًا منتشر على نطاق واسع في الرأي العام في الكويت وحتى في الخليج. وأخيرًا، الأهمية التي يؤكدها إصرار المستهلكين على المنشأ العالمي للبضائع، والتفكير في الاستهلاك، والسوق، والتبادلات، والصور التي تنتجها، على مستويات مختلفة. وتشير الباحثة إلى أن السياسات العامة في الكويت المعاصرة -بوصفها دولة ريعية- جعلت الاستهلاك عنصرًا مركزيًا في المجتمع الكويتي، كما هو الحال في أماكن أخرى في الخليج العربي، حيث شكل الاستهلاك هو الطريقة التي يتحدث بها المجتمع عن نفسه وإلى نفسه.
اليوم، في بيئتها الإقليمية، يُنظر إلى الكويت على أنها مدينة هامشية، متأخرة جدًا في المنافسة بين المدن الكبرى في المنطقة. أما على مستوى الخليج، فإن المقارنة أقل إغراءً: فالمركزية الجديدة للخليج تدور حول رموز حضرية جديدة تتجه نحو جنوب المنطقة: دبي والدوحة وأبو ظبي. ومع ذلك، لم تكن الكويت دائمًا غير جذابة: عاصمة أول دولة خليجية نالت استقلالها عن البريطانيين في عام 1961، شكلت وبرزت على مدى ثلاثة عقود كنموذج للحداثة، من خلال بناء دولة حديثة وصناعة البتروكيماويات، وتحلية المياه والتعليم والجامعة والدستور والبرلمان والحياة الثقافية. كما عملت الكويت على الاندماج مبكرًا في التداول الرأسمالي العالمي من خلال أقدم صندوق ثروة سيادية في العالم، مجلس الاستثمار الكويتي، والذي سيصبح هيئة الاستثمار الكويتية، وقد تأسس قبل استقلال البلاد بثماني سنوات، وبعد سبع سنوات من استغلال النفط ولدت أول دخل لها في عام 1946، لكنه ركز دائمًا استراتيجيته على الاستثمار الأجنبي ولم يهتم أبدًا بأهداف التنمية الوطنية أو التنويع، حيث كانت الفكرة هي تصدير رأس المال وتنميته بهدف الادخار.
تسعى الكويت إلى الاعتماد على صعود الطموحات التجارية للصين، وإلى تأطير مشاريعها التنموية في إطار مبادرة الحزام والطريق الصينية، وهي شبكة من مشاريع البنية التحتية تقدر قيمتها بنحو 1100 مليار دولار.
شكلت الثروة النفطية الهائلة واستثمارات الصندوق السياسي معًا تمثيلات ذهنية غير موضوعية لدى السكان عززته السياسات العامة، حيث تصور المواطنون أن تدفق الثروة «غير محدود». وهنا يستعير الباحث مصطلح «غير محدود» من عالم الأنثروبولوجيا سليمان خلف، الذي يحاول أن يوضح كيف، في سياق التحولات الاجتماعية والاقتصادية الجذرية التي تحركها الثروة النفطية، تم بناء العلاقات بين الدولة والمجتمع بوعي حول صورة السلع غير المحدودة. هذه الصورة تشكلت تدريجيًا وتفاقمت بشكل خاص في العقد الذي أعقب صدمة النفط عام 1973 أو ما بات يعرف بالطفرة النفطية. هذه الطفرة التي ولدت في حضنها «دولة الرفاهية الكويتية» والتي تشمل مجموعة واسعة من المرافق والخدمات العامة المجانية: التعليم والصحة (حتى في الخارج) والضمان الاجتماعي والمزايا والبدلات للأسر والشباب وكبار السن والمعاقين، ومساعدة الدولة للزواج وبناء وتجديد المساكن وخدمة الهاتف المحلية المجانية والمواد الغذائية والبنزين والكهرباء والمياه المدعومة بشكل كبير.
انعكست السياسات العامة لدولة الرفاهية وشيوع الاستهلاك على التنظيم الحضري للمدينة. في عام 1951، كلفت السلطات الكويتية شركات تخطيط بريطانية بصياغة خطة تحديث لمدينة الكويت الساحلية، بهدف جعلها مدينة حديثة. تستند هذه الخطة، المستوحاة من مفاهيم التخطيط الحضري لـ«المدينة الجديدة» في ذلك الوقت، إلى مفاهيم التقسيم الوظيفي والخطط لجعل وسط المدينة التاريخي منطقة تجارية في الغالب، ونقل جميع الأنشطة الأخرى (الصناعة والتعليم، الصحة)، بدءًا من المساكن السكنية خارج هذه المساحة في الضواحي، تحدها شبكة طرق مكونة من طرق كبيرة وطرق سريعة حضرية. رافق إعادة الهيكلة الكاملة للمدينة شراء أراضٍ تعود ملكيتها لكويتيين بأسعار أعلى بكثير من قيمتها السوقية: فقد جمع أولئك الذين عاشوا في وسط المدينة ثروة بين عشية وضحاها. يُقدَّر أنه بين عامي 1957 و1962 تم إنفاق ما يقرب من 840 مليون دولار من المال العام على شراء الأراضي من المواطنين الكويتيين، الذين كانوا بالتالي المستفيدين الرئيسيين من إعادة التوزيع هذه. هذا التحديث الحضري المتسارع، الموصوف في الخطاب الرسمي بأنه «نهضة معمارية»، تم قبوله بسهولة، رغم تدميره الكثير من التراث التاريخي للمدينة. كما ظهرت أثار سلبية أخرى لشيوع الاستهلاك مثل ارتفاع معدلات مرض السمنة (أعلى نسبة في العالم 42.8% في عام 2014) وواحدة من أعلى المعدلات لمرضى السكر، أو الأرقام القياسية العالمية لاستهلاك المياه المنزلية.
هذه الريادة الخليجية تراجعت تدريجيًا منذ نهاية الثمانينات. تفسر كلير بوغراند ذلك بالغزو العراقي في عام 1990. إذ عاشت مدينة الكويت لأكثر من عشر سنوات في خوف من جارتها الشمالية: حتى مع انفتاح منافسيها الخليجيين على العولمة، فقدت الكويت رونقها ومكانتها. وتميزت فترة ما بعد التحرير بخاصيتين: موقف الانتظار والترقب، الذي دفع الشركات الكويتية الكبرى للاستثمار في مدن حضرية أخرى بدلًا من مدنها، وانبساط سلوك المستهلك، لا سيما في العقارات أو الترفيه. وقد ترافق ذلك مع إرساء سياسات الانفتاح الاقتصادي في العالم العربي منذ العقد الأول من القرن الحالي، بما في ذلك في أكثر البلدان انغلاقًا مثل سوريا. وقد وفر هذا الانفتاح الفرصة لاستثمارات ضخمة للشركات والأفراد في الخليج. تتوافق هذه المرحلة من توسع الرأسمالية الخليجية مع فترة ارتفاع أسعار النفط خلال «الطفرة النفطية الثانية» في الأعوام 2004- 2008، حيث شهدنا هجرة واسعة لرأس المال الخليجي نحو مصر وسوريا ولبنان بعد الحرب. هذه المكانة المفقودة أدت إلى تحول في نظرة قطاع واسع من الشعب الكويتي للديمقراطية. فقد كان يُنظر إلى النظام الديمقراطي على مدار العقد الماضي على أنه أحد أسباب أمراض الإمارة. بسبب بطء عملية صنع القرار التي يحثها، إذ يُنظر إلى وجود برلمان قوي ناتج عن دستور عام 1962، في خطاب الفئات الأشد محافظة، على أنه مصدر لعدم الاستقرار والشلل بسبب قدرته على تحدي و إجبار أعضاء الحكومة على الاستقالة. وتأخذ هذه النظرة دائمًا منهجًا مقارنًا ببقية الدول الخليجية المزدهرة، حيث يتم إرجاع ذلك الإزدهار بمركزية الحكم.
اقرأ/ي أيضا:
في محاولة للخروج من هذه الهامشية، وعدم العودة للصيغة الريعية الاستهلاكية الحادة، صاغت الحكومة الكويتية، مثل جميع جيرانها، «رؤية 2035» التي تهدف إلى حد كبير إلى ترسيخ نفسها كجسر نحو السوق العراقية -أو حتى الإيرانية- وبث حياة جديدة في فضاء حضري جديد. للقيام بذلك، تسعى الإمارة إلى الاعتماد على صعود الطموحات التجارية للصين، وإلى تأطير مشاريعها التنموية في إطار مشروعها الضخم، مبادرة الحزام والطريق الصينية، وهي شبكة من مشاريع البنية التحتية تقدر قيمتها بنحو 1100 مليار دولار. وتنتهي الباحثة إلى أن أسباب ريادة الكويت خليجيًا، والتي كانت قائمة في الأساس على نموذج «الدولة الخليجية» التي تستمد فيها الدولة الاجتماعية شرعيتها من تبذيرها ومنحها شبه اللامحدود للسلع الاستهلاكية بفضل عائداتها النفطية، لم تعد متاحة، في المقابل يقوم مشروع النهوض الجديد على تأسيس اقتصاد الخدمات من خلال الوساطة التجارية الجذابة للاستثمار الأجنبي، في مرحلة تبدو متأخرةً وفي ظل أنماط استهلاكية ما زالت مشدودة لنموذج دولة الرفاهية.
يقدم كتاب «شرق أوسط عادي: بين الاستهلاك والتنقل» نموذجًا من الدراسات الاجتماعية التي تستند إلى مناهج متنوعة من أدوات علم الاجتماع والأنثروبولوجيا والجغرافيا، والعلوم السياسية، والاقتصاد، والتاريخ، لتقدم صورة شبه متكاملة للتحولات الحضرية في مدن المشرق الإسلامي، تشكل فيما بينها مساهمة هامة في أنثروبولوجيا الرأسمالية في المنطقة، على قلة هذه المساهمات.
كما يجب الإشارة أخيرًا إلى السياق العام الذي حدثت فيه هذه التحولات، فهي ليست تحولات اقتصادية أثرت في أنماط الاستهلاك والتداول والتنقل فحسب، بل مظهر من مظاهر عملية «تسليع العالم»، التي تسارعت خلال العقود الأخيرة، سواء في ظل تأثير ظهور وتكريس الصين وبعض البلدان الآسيوية كدول ذات طبيعة «رأسمالية خاصة»، وانهيار الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية التي أعادت تحديد وظيفة حدود آسيا الوسطى والقوقاز والبحر الأسود، وكذلك غرب آسيا، العراق وسوريا وإيران وتركيا والأردن ولبنان، أصبحت العديد من الحدود الأخرى أكثر سهولة مما كانت عليه في الماضي، نتيجة إما سياسات التقارب بين الدول، أو ظواهر التهريب أو الترحيل القسري وتدفقات اللجوء.
-
الهوامش
[1] Un Moyen-Orient ordinaire : Entre consommations et mobilités – Paris, Diacritiques Éditions, Sciences humaines et sociales, [2022], 276 p.
[2] جامعة ليون 2.
[3] مركز البحر الأبيض المتوسط لعلم الاجتماع والعلوم السياسية والتاريخ، آكس أون بروفانس.
[4] صدر الكتاب عن مركز الدراسات التركية والعثمانية والبلقانية وآسيا الوسطى، باريس.
[5] أمين مقدم هو باحث يشغل كرسي أبحاث التميز الكندي حول الهجرة والاندماج في جامعة رايرسون الكندية.