أييندي وكيسنجر والسي آي إيه: خمسون عامًا على انقلاب تشيلي

هنري كيسنجر مع الرئيس الأميركي السابق ريتشارد نيكسون عام 1973. المصدر: أسوشيتد برس.

أييندي وكيسنجر والسي آي إيه: خمسون عامًا على انقلاب تشيلي

الإثنين 11 أيلول 2023

النص التالي هو ترجمة لمقتطفات من الجزء الأول من مقابلة مطولة مع الباحث بيتر كورنبلو حول دور الولايات المتحدة في انقلاب الجيش التشيلي على حكومة سالفادور أييندي في 11 أيلول 1973، الذي يصادف اليوم الذكرى الخمسين له. نشرت المقابلة في موقع Truthdig في 6 تموز 2023.

لم يعد خفيًا الدور الذي لعبته إدارة ريتشارد نيكسون، بقيادة هنري كيسنجر ووكالة الاستخبارات المركزية، السي آي إيه، في زعزعة حكومة سالفادور أييندي الاشتراكية في تشيلي، وصولًا إلى إسقاطها. لكن كثيرًا من التفاصيل ما زالت محيرة وخادعة، وأحيانًا متناقضة. إلى أي مدى كانت استهداف السي آي إيه لتشيلي مسألة استراتيجية؟ هل كان الانقلاب سيحدث على أي حال [لولا تدخل الولايات المتحدة]؟ وماذا عن كيسنجر، الذي أتم مؤخرًا مئة عام من العمر ويعيش حرًا؟ هل أعطى الضوء الأخضر لمجازر تشيلي؟

نناقش هذه النقاط وغيرها من الأسئلة الملحة في هذه المقابلة التي يمكن اعتبارها فصل المقال، مع أحد أهم المختصين في هذا الموضوع: بيتر كورنبلو، الذي يعمل منذ عام 1986 كباحث في مؤسسة أرشيف الأمن الوطني غير الربحية. جمع كورنبلو وحلل الكثير من الأوراق الرسمية الأميركية التي كانت مصنفةً كوثائق سرية، والتي تروي القصة القذرة الكاملة. كما لعب دورًا رئيسًا في رفع السرية عن الكثير من هذه الوثائق.

ليس من المبالغة وصفه بسيّد مؤرخي الدور الأميركي في السياسة التشيلية خلال حقبة بينوشيه. نشر كورنبلو خلاصة بحثه في كتاب «أوراق بينوشيه» الذي صدرت الطبعة الثانية منه عام 2013، كما ستصدر طبعة جديدة منه بالإسبانية في تشيلي في الذكرى الخمسين لانقلاب عام 1973. كما يعمل التلفزيون التشيلي حاليًا على إنتاج وثائقي من أربعة أجزاء حول كورنبلو وعمله القيّم في كشف هذا الفصل الوحشي والدموي من تاريخ النصف الغربي من العالم. منحنا كورنبلو شرف هذه المقابلة في سانتياغو مطلع عام 2023.

مارك كوبر: حين نفكر بالعلاقة بين السي آي إيه وتشيلي، نميل للبدء بعام 1970 حين انتخب الماركسي سالفادور أييندي رئيسًا للبلاد. لم يشكّل أحد نظرة أشد شمولًا وإلمامًا بدور الولايات المتحدة في السياسة التشيلية بقدر ما فعل بيتر كورنبلو. من هنا، هل تتفق بأن عام 1970 ليس أفضل نقطة انطلاق؟

بيتر كورنبلو: علينا أن نعود إلى عام 1958، إلى السباق الانتخابي بين أييندي، والمرشح الأوليغارشي خورخيه أليساندري، والمرشح الديمقراطي المسيحي إدواردو فريه. حينذاك، كان أييندي سياسيًا وطبيبًا محترمًا وقائدًا للحزب الاشتراكي التشيلي. في الواقع، كان مرشحًا مخضرمًا، فحين فاز بالانتخابات عام 1970، كانت تلك رابع مرة يترشح فيها. وعام 1958، كان قريبًا جدًا من الفوز. لولا وجود قس تقدمي يحظى بالشعبية ترشح كمستقل ونال 4% أو 5% من الأصوات، لكان أييندي على الأغلب أول رئيس ماركسي منتخب بشكل ديمقراطي في العالم، في أوج الحرب الباردة في الخمسينيات، ولكان تاريخ العالم قد اتخذ مسارًا مختلفًا جدًا، لأنه كان سيخلق نموذجًا للتغيير الاجتماعي والسياسي في أميركا اللاتينية، قبل عام على استلام فيديل كاسترو السلطة في كوبا.

لكن ما حدث هو أن كاسترو استلم السلطة عبر ثورة مسلحة وأفزع صانعي السياسة الأميركيين، الذين صبّوا تركيزهم على إجهاض أي تغيير ثوري في أميركا اللاتينية. وكان هذا في فترة الانتقال من آيزنهاور إلى كينيدي.

فاز كينيدي بالانتخابات، لكنه اتبع سياسة مثيرة للاهتمام تجاه تشيلي. فقد أراد أن تصبح نموذجًا إصلاحيًا بديلًا عن نموذج كاسترو للثورة المسلحة. لقد فهم أنه إذا استمرت الولايات المتحدة بدعم الأغنياء واليمين المتطرف، فستفقد الجماهير أمام جاذبية كاسترو وتشي غيفارا وغيرهما. لذا، دخلت السي آي إيه إلى تشيلي بتفويض من كينيدي وبدأت عام 1963 بتمويل الديمقراطيين المسيحيين بقيادة إدواردو فريه تحضيرًا لانتخابات عام 1964. مولت السي آي إيه أكثر من 50% من حملة فريه، بما شمل إيجارات جميع المقرات والمكاتب. كما اشترت المحطات الإذاعية عبر نقل الأموال لأعضاء رئيسيين في الحزب الديمقراطي المسيحي لشرائها، واشترت الصحف، ومحطات التلفاز وأوقات البث التلفزي؛ كل ذلك لدعم الديقراطيين المسيحيين، وقد نجح الأمر.

يصف بعض المؤرخين التشيليين حملة البروباغاندا التي قادتها السي آي إيه عام 1964 بـ«حملة الرعب»، تعبيرًا عن التصوير المخيف لوقوع تشيلي في قبضة الشيوعية. هل يمكن اعتبار تلك الفترة ولادة الأخبار الزائفة؟

أجل، كان هناك الكثير من التضليل والتلاعب الإعلامي. عام 1964، كانت السي آي إيه تعتمد تكتيكات تخويف أساسية. بين ليلة وضحاها، ظهرت ملصقات ضخمة على الجدران في مختلف أنحاء سانتياغو محاولةً إخافة الطبقة الوسطى. كثير منها كان موجهًا للنساء، قائلة إن الشيوعيين واشتراكيي أييندي يستهدفون أطفالهن، وأنهم سيرسلونهم إلى كوبا وإلى روسيا. وقد نجح الأمر. فاز فريه بفارق كبير، قرابة 10%. وبعدها، على مدى ست سنوات، ضخت الولايات المتحدة أكثر من مليار دولار من المساعدات والاستثمارات في تشيلي في محاولة لتعزيز هذا النموذج السياسي الجديد للديمقراطيين المسيحيين، وبوضوح شديد، لمنع أييندي وائتلافه من مراكمة الزخم في المستقبل، وهذا ما فشل. نجحت انتخابات 1964 فيما يتعلق بالهدف المباشر لتدخلات الولايات المتحدة، لكن الجهود الساعية لجعل الديمقراطيين المسيحيين يستمرون ويحتفظون بالشعبية بين عامي 1964 و1970 فشلت.

أييندي يخطب في حشد من التشيليين في سانتياغو، حين كان مرشحًا للانتخابات الرئاسية، 30 آب 1970. تصوير إدواردو دي بايا، أسوشييتد برس.

كان هذا، جزئيًا، لأن تشيلي كانت جزءًا من العالم الأوسع خلال الستينيات.

كان لدى التشيليين مجموعة من المطالب الأساسية. غالبيتهم أرادوا إصلاحًا زراعيًا. أرادوا أن تُجسّر الهوة بين فاحشي الثراء، الذين امتلكوا كل شيء، وكل من سواهم، ممن لم يمتلكوا شيئًا. أرادوا تطوير الريف من أجل الفلاحين. أرادوا السيادة على مواردهم الطبيعية الرئيسة الموجهة للتصدير، خاصة النحاس، الذي كان مملوكًا لشركتين أميركيتين، هما كينيكوت وأناكوندا، وكلتاهما مؤيدتان للتدخل الخارجي في تشيلي. كما كانت جميع المرافق العامة تقريبًا مملوكة لشركة ITT، التي كانت شركة احتكارية إمبريالية سيئة الصيت. هذه الشركات مثلت بالتأكيد تعريف الإمبريالية الاقتصادية.

وبالمناسبة، قُبيل انتخابات عام 1970، تواصلت هذه الشركات مباشرة مع كيسنجر ونيسكون قائلة: «نريد آرتورو أليساندري رئيسًا لتشيلي، وسنبدأ بتمويله، ونعتقد أنكم يجب أن تعملوا معنا». لم تكن الحكومة الأميركية متحمسة إزاء فوز أليساندري شديد المحافظة، لكن الاستخبارات رجحت فوزه، ولم تكن الشركات تريد المخاطرة.  

كان ذلك في الطريق إلى انتخابات 1970.

صحيح. وتاريخ نضوج جهود تقويض أييندي يبدأ في صيف 1970، مع اقتراب انتخابات الرابع من أيلول. لكن المؤسسات الأميركية، من السي آي إيه إلى وزارة الخارجية إلى البيت الأبيض، لم تكن متفقة حول التدخلات التي يجب إجراؤها. هل علينا التدخل مباشرة لتمويل الديمقراطيين المسيحيين؟ هل نقيم عملية سرية ضد أييندي؟ هل نبدأ الحديث مع الجيش التشيلي حول إمكانية انقلاب؟ ونظرًا إلى غياب الإجماع حول من سيفوز، أهو أليساندري أم أييندي، فقد اختاروا في النهاية المضي في خطة السي آي إيه، بمباركة نيكسون وكيسنجر. لكنهم كانوا يخشون بشدة أي انكشاف علني لدورهم، وهو ما كان من شأنه بالطبع أن يساعد أييندي.

لكن في الوقت نفسه، كانوا يريدون أن يفعلوا شيئًا ما. لذا، بدأوا بالتواصل مع بعض أعضاء البرلمان التشيليين حول ما الذي يمكن أن يحدث في حال انتُخب أييندي، ونال الأكثرية وليس الأغلبية المطلقة، وبات على البرلمان التشيلي أن يصوت على انتخابه بعدها بشهرين.[1] كيف يمكن التلاعب بهذه العملية؟ تواصلوا مع فريه لنقاش الخطط المحتملة. وأدرك الجيش التشيلي أنه سيكون عاملًا حاسمًا. وفي خطوة استباقية قبل انتخابات الرابع من أيلول، قال رئيس أركان الجيش التشيلي، الجنرال رينيه شنايدر، إن «الجيش التشيلي لن يتدخل في نتائج الانتخابات. نحن قوة دستورية وسنحترم إرادة الشعب التشيلي». لذا، كان يحاول إزاحة القوات المسلحة عن الطاولة كعنصر فاعل.

نظرًا إلى أن أييندي كان يحتاج الأكثرية فحسب، بوجود ثلاثة مرشحين رئيسيين يتنافسون في انتخابات 1970، لا بد أن إدارة نيكسون كانت قلقة للغاية.

حدث أمران: أولًا، تشير وثيقة رُفعت عنها السرية أن مسألة التحريض على انقلاب (في حال نيل أييندي الأكثرية) كان لا بد من دراستها كخطة محتملة. وهذه المسألة بدأت تُتداول سرًا بين مسؤولين رفيعي المستوى منذ آب 1970، أي قبل الانتخابات. الأمر الآخر هو أنه، مع اقتراب الانتخابات، أجرت السي آي إيه عملية تشهير، أي حملة بروباغاندا سوداء. أحد المسؤولين الأميركيين عمليًا أخرج الملصقات المستخدمة عام 1964 وغيّر التواريخ وأعاد نشرها على الجدران. وبالطبع، كانت هناك حملة بروباغاندا سوداء ضد أييندي في الصحف التي تتحكم بها السي آي إيه. حدث ذلك في كبرى الصحف اليومية في تشيلي، إل ميركوريو، ونعم، يمكننا اعتبار ذلك أخبارًا زائفة بتعابير اليوم.

ثم، في الرابع من أيلول، فاز أييندي بـ36 ألف صوت. قد لا يكون هذا رقمًا كبيرًا، خاصة بالنسبة لأول رئيس ماركسي منتخب ديمقراطيًا، وقد نال الأكثرية لا الأغلبية المطلقة. لكن كثيرًا من الانتخابات حسمت بأقل من ذلك بكثير.

نال أييندي تقريبًا ثلث الأصوات، لكن يمكن أن نجادل بأن هذا يجب أن يُفهم في سياقه، نظرًا إلى أن ثلثًا آخر من الأصوات كان أقرب بكثير لأفكار الإصلاح، وأقرب لأييندي مما هو للأوليغارشيين في ذلك الوقت.

بالتأكيد. أُجبر الديمقراطيون المسيحيون على الاتجاه يسارًا في محاولة لكسب أصوات مناصري أييندي. فقد اتخذوا موقفًا أشد جذرية بكثير تجاه تأميم النحاس والإصلاح الزراعي. جاء مرشحهم في المركز الثالث، لكن هذه هي النتيجة على أي حال. وكما قال كيسنجر لاحقًا في مذكرة لنيكسون، وأنا أعيد صياغة كلامه هنا، «لقد انتُخب أييندي بشكل شرعي، وما من شيء يمكننا فعله أو قوله لنزع الشرعية عن حقيقة أنه انتُخب ديمقراطيًا. لذا، ما الذي سنفعله للتعامل مع هذا الرجل؟».

أييندي بين أنصاره عقب إدلائه بصوته في الانتخابات الرئاسية التشيلية في الرابع من أيلول عام 1970.

أعِدنا إلى فترة الشهرين المضطربين بين الرابع من أيلول 1970، حين انتُخب أييندي، والرابع والعشرين من تشرين الأول، حين بات على البرلمان أن يمنحه الأغلبية المطلقة أو يختار مرشحًا آخر.

فهم صانعو السياسات الأميركيون هذه الفترة كالتالي: «لدينا هذه الفرصة لمنعه بطريقة ما منع بلوغ الرئاسة، ولخلق جوّ انقلابي في تشيلي». كيف يتطور ذلك؟ في غضون ساعات من انتخاب أييندي، يذهب أغوستين إدواردز، أحد أثرى رجال تشيلي، للقاء السفير الأميركي إدوارد كوري. لم يكن إدواردز فحسب مالك إل ميركوريو، كبرى صحف تشيلي، بل كان يملك إمبراطورية إعلامية كاملة. لقد كان روبرت ميردوخ التشيلي. كان وكيل بيبسي في تشيلي، وكان مقربًا جدًا من رئيس الشركة، دونالد كيندال. نظرًا لكل هذا، فقد كان انتخاب رئيس اشتراكي تهديدًا لإدواردز أكثر من أي شخص آخر.

يذهب إدواردز إلى كوري ويسأله: «ماذا سنفعل؟ كيف سنوقف هذا؟»، لكنه لا ينال الأجوبة التي يريدها. لذا، يتصل بزميله ومديره السابق، دونالد كيندال، ويقول: «عليّ أن آتي إلى واشنطن». ويساعده كيندال في ترتيب سلسلة من الاجتماعات. في 13 أيلول، بعد تسعة أيام فقط على الانتخابات، يصل إدواردز إلى واشنطن، وبعد أقل من 24 ساعة، يلتقي وجهًا لوجه بمدير السي آي إيه ريتشارد هيلمز. وفي صباح اليوم التالي، يُفطر مع مستشار الأمن القومي هنري كيسنجر في البيت الأبيض.

هنا، برز لاعبان محوريان يمكن اعتبارهما أهم شخصين في التدخل لإسقاط أييندي ثم فرض أحد أكثر الأنظمة دموية في تاريخ أميركا اللاتينية: أغوستين إدواردز؛ الخائن لقضية الديمقراطية في بلاده بكل ما للكلمة من معنى، وهنري كيسنجر؛ الظهير الخلفي، مهندس جهود إسقاط أييندي وتلميع أوغوستو بينوشيه. إن سجل الوثائق يثبت هذا الكلام بشكل لا ريب فيه.

يلتقي إدواردز بهيلمز، ليس من أجل الدردشة، بل لتمرير أكوام من المعلومات الاستخبارية والتحليلات عمّن يمكن أن يكونوا مخططي الانقلاب في تشيلي، وما يملكونه من قوة في مراكزهم المختلفة، سياسيًا وعسكريًا، ومن يمكن أن يعيقوا الانقلاب، وموقف الرئيس التشيلي إدواردو فريه من مسألة الانقلاب. يخبر إدواردز هيلمز أن فريه سيجبن ويتراجع في اللحظة الأخيرة. كمية التفاصيل التي نقلها لمدير السي آي إيه في هذا الاجتماع الأول مذهلة بحق.

تجمع السي أي إيه كل هذه المعلومات وتبدأ بتحليلها. في اليوم التالي، 15 أيلول، يتصل نيكسون بهيلمز ويقول: «عليك أن أن تمنع تنصيب أييندي. اجعل الاقتصاد يصرخ. لا تخبر السفارة. خذ 10 ملايين دولار إضافية إن لزم الأمر. كلّف أفضل رجالك بالمهمة». كل هذا مكتوب بخط اليد في ملاحظات باتت إحدى أهم الوثائق الأيقونية عند كشفها لاحقًا. ولسنوات عديدة، كانت تلك الوثيقة الوحيدة التي نمتلكها لإثبات أن نيسكون أمر بشكل استباقي بمنع أييندي من بلوغ الرئاسة. هذا مهم للغاية، فالجيل الحالي من طلبة تاريخ السياسة الخارجية يعرفون مصطلح «ضربات استباقية» باعتباره ما فعله جورج بوش في العراق بعد أحداث الحادي عشر من أيلول. لكن ما فعله نيسكون بحثّه السي آي إيه على دخول تشيلي كان ضربة استباقية بحق. لم يكن أييندي قد نُصّب رئيسًا، ولم تطأ قدمه قصر مونيدا الرئاسي بعد. لم يكن قد أصدر أمرًا واحدًا موجهًا ضد الولايات المتحدة أو شركاتها. لا شيء.

فضلًا عن ذلك، كان لديه تاريخ يمتد عقودًا -وليس له وحده بل لائتلافه أيضًا- يشهد بكونه ديمقراطيًا، ورئيسًا سابقًا لمجلس الشيوخ. بالمعايير التشيلية، كان سياسيًا اعتياديًا تمامًا لديه سجل عمره أكثر من 40 عامًا من العمل الديمقراطي الذي لا تشوبه شائبة.

كان معتدلًا وديمقراطيًا. لقد دافع عن تأميم صناعة النحاس. وأراد علاقات جيدة مع الولايات المتحدة. لم يكن ينوي اتباع خطى كاسترو بقطع العلاقات مع الولايات المتحدة. لكنه أراد أن يتفاوض حول تأميم النفط، وهذا ما أراده أيضًا سلفه فريه، والتزم به الديمقراطيون المسيحيون، وأراده الشعب التشيلي. كان تأميم النحاس أحد أهم الأسباب التي أدت لانتخاب أييندي.

أييندي يلقي خطابًا في أحد مناجم النحاس إثر تأميمه في تموز 1970. عن موقع تيلي سور.

لكن عمليًا، مع هذا الأمر الصادر عن نيكسون، بدأ كيسنجر يعد لعملية سرية واسعة، وبات أقرب لمدير مشارك للسي آي إيه في تشيلي. كان كيسنجر هو من تلقى، بعدها بـ48 ساعة، خطة السي آي إيه الفورية لمنع تنصيب أييندي رئيسًا، وإلى حد كبير كان هو من أشرف على هذه الخطة. كان يلتقي كل بضعة أيام بأعلى المسؤولين الاستخباريين المكلفين بالمهمة. وهناك وثائق مدهشة بهذا الخصوص. في إحداها، يرسل مدير السي آي إيه برقية إلى مكتب تشيلي قائلًا: «عليكم أن تطوروا عمليات نفسية. عليكم أن تنشروا الشائعات. اذهبوا إلى الحانات، اجعلوا رجالكم ينشرون ثلاث شائعات يوميًا لمدة عشر أيام متتالية مفادها أن الاقتصاد ينهار».

نحن نتحدث هنا عن ثمانية أو تسعة أو عشرة من أفضل عناصر السي آي إيه، يقال لهم: «اذهبوا واجلسوا في الحانات وانشروا شائعات تفيد بأن انتخاب أييندي سيجبر شركة فورد موتورز على مغادرة تشيلي. وبالمناسبة، اذهبوا إلى رئيس شركة فورد موتورز قولوا له: عليك أن تغادر تشيلي وتصدر تصريحًا دراميًا كبيرًا بأنك لا تستطيع البقاء هنا، وأنه لن يعود هناك سيارات، وأن الجميع سيفقدون وظائفهم». بكلمات أخرى، كركِب الأوضاع. اجعل الكل يظن أنه سيفقد عمله.

يرد مدير مكتب السي آي إيه في تشيلي ببرقية يقول فيها: «من المستحيل أن نهيئ الأجواء لانقلاب هنا في ثمانية أسابيع. تشيلي هادئة، ما من اضطراب هنا. لا يوجد سخط شعبي تجاه انتخاب أييندي. الكل يعرف أييندي وليس لديهم مشكلة مع ما يجري. إنهم لا يرون الوضع كما نراه نحن». فيأتيه الرد من المقر المركزي في لانغلي قائلًا: «لم نطلب رأيك. هذه أوامر مباشرة من الرئيس، من سلطات عليا. وهم ليسوا مهتمين بتقييمك أو اعتراضك. علينا أن ننفذ فحسب».

من هنا، فإن خطة إسقاط أييندي ومنعه من تولي الرئاسة، وخلق ما أسمته السي آي إيه مرارًا بـ«الجو الانقلابي» بحيث تشهد البلاد من الاضطراب والقلاقل ما يخلق مبررًا لتدخل الجيش، تبدأ بالتمحور حول الجنرال رينيه شنايدر، الذي كان حينها رئيس أركان القوات المسلحة التشيلية.

… والذي كان قد سبق وصرّح أن الجيش لن يتدخل في السياسة. وهو ما لفت انتباه السي آي إيه إليه.

صحيح. لكنني لا أظن أنه كان مدركًا بأن هناك مجموعات تحته مستعدة للعمل مع السي آي إيه. تبدأ السي آي إيه بالعمل مع ثلاث مجموعات متطرفة. أولها هي منظمة «الوطن والحرية» الفاشية الجديدة، وهي مجموعة مسلحة من الشبان الشبيهين بزعران الشوارع العنيفين. تبدأ السي آي إيه بلقائهم للتباحث في التخلص من شنايدر. وفي الحقيقة، تظهر وثائق السي آي إيه أن هذه المجموعة كانت متطرفة أكثر من اللازم، لذا تتوقف السي آي إيه عن لقائها، لتبدأ بعدها بلقاء مجموعتين أخريين كانتا أكثر محورية. إحداهما مجموعة يقودها الجنرال المتقاعد روبيرتو فيو، المعروف بميوله الفاشية وبكونه مناصرًا بشدة للانقلاب. والأخرى يقودها كاميلو فالِنزويلا، وهو ضابط عسكري ما يزال على رأس عمله، يطمح بالترقي ليصبح قائدًا عالي المستوى.  

كان لدى السي آيه إيه عناصر غير رسميين، لا يتمتعون بغطاء دبلوماسي، يدخلون البلاد منتحلين صفة رجال أعمال أو سياح. أرسلت السي آي إيه فريقًا من هؤلاء يقودهم عنصر أسطوري شديد السرية يدعى آنثوني سفورزا، كان له تاريخ طويل من الحروب السرية ضد تشي غيفارا والكوبيين في أماكن عدة. لقد كان إنسانًا قذرًا وخسيسًا بحق. يذهب سفورزا وثلاثة عناصر غير رسميين آخرين للقاء فالنزويلا وآخرين لمناقشة الخطة.

حتى تنجح العملية، تحدث عدة أشياء: توافق السي آي إيه على منح فيو ورفاقه بوليصات تأمين على الحياة. وترسل 50 ألف دولار لكاميلو فالنزويلا، فضلًا عن مجموعة من الأسلحة التي لا يمكن تتبعها.

رشاشات آلية.

صحيح. أرسلت هذه الأسلحة في حقائب دبلوماسية بصفتها، على ما أعتقد، معداتٍ للصيد. أُبلغ كيسنجر بهذه الإجراءات في 15 تشرين الأول. علينا أن نتذكر أن فيو جنرال متقاعد، وليس تحت إمرته أي جنود. يقيّم كيسنجر وكبار مسؤولي السي آي إيه الوضع ويقولون: «لا يمكننا أن نجعل فيو يفعل ذلك وحده، لأن فشل الانقلاب الاستباقي سيكون أسوأ شيء ممكن». لذا يقررون أن عليه أن يعمل مع فالنزويلا وآخرين، ويتوصلون إلى خطة: أولًا، سيحاولون اعتراض طريق الجنرال شنايدر في 19 تشرين الأول خلال مغادرته حفلًا عسكريًا في سانتياغو. سيُختطف ويُرسل إلى الأرجنتين، ثم سيتحرك الجيش. لكنهم لسبب ما يغيرون الموعد إلى 22 تشرين الأول. ويعمل الجميع معًا على هذه الخطة.

صباح 22 تشرين الأول 1970، يذهب الجنرال شنايدر إلى العمل مع سائقه، تعترض أربع سيارات طريقه عند مفترق طرق في سانتياغو يبعد بضعة أحياء فقط عن منزله، يوقفونه ويقتربون من سيارته بأسلحتهم ومطارقهم. وحين يحاولون كسر النافذة الخلفية، يمد يده لتناول مسدسه، فيطلقون عليه النار ويردونه قتيلًا.

أييندي (الرابع من اليسار) وإدواردو فريه (الخامس من اليسار) يشاركان في جنازة رئيس الأركان التشيلي الجنرال رينيه شنايدر، 26 تشرين الأول 1970. تصوير ماكس سيمون، أسوشييتد برس.

لم تكن هذه الخطة، كان عليهم أن يختطفوه فحسب. لكن أتظن أن السي آي إيه قالت حينها «يا للهول، ما الذي حدث هنا؟ لم تكن هذه هي الخطة»؟ ما قالوه كان مختلفًا تمامًا. دعني أقرأ لك جزءًا منه: تأتي البرقية من مقر السي آي إيه، من مكتب ريتشارد هيلمز نفسه، إلى مكتب السي آي إيه في تشيلي «لقد راجعنا تطور العملية في 23 تشرين الأول»، أي اليوم التالي على إطلاق النار على شنايدر، وكان حينها في المستشفى محتضرًا، ليموت بعدها بيوم. «لقد اتُفق على أنه، بالنظر لقصر الوقت المتاح لعملية فوبلت -الاسم الممنوح للعملية- والظروف السائدة في تشيلي، فقد استُخدمت القوة القصوى»، في إشارة لإطلاق النار على شنايدر. «وحدهم التشيليون يمكن أن ينفذوا انقلابًا ناجحًا، إلا أن المكتب قد أبلى بلاءً ممتازًا في توجيه التشيليين إلى النقطة التي نحن فيها اليوم، حيث أصبح الحل العسكري على الأقل خيارًا مطروحًا».

مذهل.

لماذا أشاركك هذه البرقية؟ لأنه في خطة الاغتيال هذه، هنري كيسنجر هو السلطة الفاعلة، إن لم نقل العقل المدبّر. والوثائق المتاحة بهذا الصدد تقود مباشرة إلى مكتبه من حيث المسؤولية.

إذن، تفشل خطة السي آي إيه لمنع وصول أييندي، يُقتل شنايدر، ويُنصّب أييندي رئيسًا. ماذا بعد؟

اغتيل رئيس القوات المسلحة التشيلية. لكن الشعب التشيلي لا يلوم أييندي، بل يلوم المصدر المنطقي: الضباط العسكريين اليمينيين والجنرال فيو. تهرع جماعة فيو للسي آي إيه قائلين: «ساعدونا. علينا أن نغادر البلاد. سوف نُعتقل». فتقرر السي آي إيه أن تصرف لهم 35 ألف دولار لإسكاتهم، وتساعدهم وعائلاتهم على مغادرة البلاد حتى لا يكشفوا عن صلاتهم بالسي آي إيه. وترسل عنصرًا خاصًا للقاء كاميلو فالنزويلا الذي لا يريد أن يعيد الـ50 ألف دولار التي قدمت له. وبحسب رواية سيمور هيرش في كتابه حول كيسنجر «ثمن القوة»، يضرب هذا العنصر الأميركي فالنزويلا بمسدسه ليجبره على إعادة الـ50 ألف دولار، ثم يأخذون الأسلحة منه كذلك.

الرشاشات التي أرسلتها السي آي إيه.

… والتي لم تُستخدم. بالمحصلة، يذهب رئيس مكتب السي آي إيه في تشيلي مع ملحق عسكري إلى ميناء فالبارايسو ويلقون الأسلحة فيه لإخفائها، وتبدأ عملية تعتيم. تُصرف الرشاوى لإسكات المتآمرين. لكن بالطبع، يخرج أييندي منتصرًا من كل هذا. فالبلاد برمتها شديدة السخط لوقوع هذا الاغتيال السياسي وما يمثله من تهديد للديمقراطية التشيلية. لذا، يُصادَق على انتخاب أييندي بأغلبية عارمة في البرلمان، وتخرج الجماهير في الثالث من تشرين الثاني للاحتفال بتنصيبه رئيسًا. وبذلك، لم يفشل الجهد المسمى «عملية فوبلت» -أو «المسار الثاني» بحسب وثائق السي آي إيه- فحسب، بل انعكس سلبًا.

إن الغباء والتعجرف والحقد والخبث والوحشية والإجرام في هذه العملية، انطلاقًا من رئيس الولايات المتحدة، مرورًا بهنري كيسنجر، ثم مدير السي آي إيه ريتشارد هيلمز، وصولًا إلى العناصر الذين نفذوا العملية -رغم أن بعضهم حذروا هيلمز من فشلها- كلها في غاية الإدهاش. والوثائق المتوفرة تذكرنا بذلك.

بعدها، بدأت مرحلة جديدة بالكامل. بات أييندي رئيسًا، والسنوات الثلاث المقبلة ستكون مختلفة للغاية. لا يعني هذا أن سياسة محاولة تقويض أييندي أو عرقلته تغيرت، بل تغير إطارها الزمني واستراتيجيتها لتصبح استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى زعزعة الاستقرار وخلق حالة واسعة من الفوضى والاضطراب وصولًا إلى «الجو الانقلابي».

أي أنه، بمجرد تنصيب أييندي، لم تسحب إدارة نيسكون والسي آي إيه خطتهم، بل عدّلوها فحسب.

صحيح. تصوغ وزارة الخارجية -التي كانت جاهلة بالكامل بخطة السي آي إيه بشأن شنايدر- رسالةً لنيكسون مقترحةً إرسالها إلى تشيلي للتعزية بشنايدر، الذي قُتل في عملية سرية أدارها الرئيس الأميركي. كان موقف وزارة الخارجية كالتالي: «أييندي بات رئيسًا، ويمكننا التعايش معه. علينا أن نعمل فحسب خلال السنوات الست المقبلة لدعم الديمقراطيين المسيحيين سرًا وعلنًا».

من أجل الانتخابات المقبلة.

كان رد كيسنجر: «مستحيل. علينا عقد اجتماع لمجلس الأمن القومي بخصوص تشيلي في الخامس من تشرين الثاني».

أي اليوم التالي لتنصيب أييندي.

أجل، وذلك من أجل تحديد السياسة الجديدة. ترد وزارة الخارجية على كيسنجر، مستشار الرئيس للأمن القومي حينذاك، بأن وظيفته هي التنسيق، لا وضع السياسات، وأن عليه أن ينسق بين وزارتي الدفاع والخارجية والهيئات الأخرى. يصبح كيسنجر قلقًا من أن يميل نيسكون إلى هذه الحجج، فيذهب إلى مدير جدول نيسكون ويقول: «أخّر اجتماع مجلس الأمن القومي ليوم كامل، وانقله للسادس من تشرين الثاني. ودعني اجتمع بالرئيس في الخامس من تشرين الثاني لأن لدي وثيقة يجب أن أعرضها عليه».

يدخل كيسنجر ويلتقي بالرئيس على انفراد، ويقدم وثيقة بعنوان «اجتماع مجلس الأمن القومي، السادس من تشرين الثاني، تشيلي»، مؤرخة بالخامس من تشرين الثاني، 1970. إنها مذكرة سرية شديدة الحساسية. وأريد أن أشارك معك بعض الاقتباسات الأساسية، لأن هذه الوثيقة جوهرة لكونها أفضل تفسير لما جعل الولايات المتحدة تهتم بتشيلي إلى هذا الحد، وما جعل كيسنجر مشغولًا بشدة بانتخاب أييندي. لقد اهتم بالأثر الاستراتيجي والجيوسياسي لانتخابه إلى حد جعله يخرق حرفيًا كل قانون دولي ممكن، من أجل الاتقلاب على رئيس منتخب ديمقراطيًا.

بحثت لسنوات عديدة حتى عثرت على هذه الوثيقة، لكنها لا تقدر بثمن. يقول كيسنجر:

«يشكل انتخاب أييندي رئيسًا لتشيلي بالنسبة للولايات المتحدة أحد أخطر التحديات التي واجهناها في هذا النصف من العالم. إن قرارك فيما يجب فعله حيال ذلك قد يكون أصعب وأهم قرار خارجي تتخذه هذه السنة، لأن ما يجري في تشيلي خلال الأشهر الست إلى الـ12 المقبلة ستمتد آثاره إلى ما هو أبعد بكثير من العلاقات الأميركية التشيلية، إذ سيؤثر فيما سيجري في بقية أميركا اللاتينية والعالم النامي، وفي موقعنا المستقبلي في النصف الغربي من العالم، وفي صورة العالم الأوسع، بما فيه علاقاتنا بالاتحاد السوفييتي، بل سيؤثر حتى في تصورنا نحن لدورنا في العالم… إن توطد قوة أييندي سيشكل تهديدات جدية عديدة لمصالحنا وموقعنا في النصف الغربي من العالم… وقد نخسر استثمارات أميركية تصل قيمتها لقرابة مليار دولار. إن نموذج حكومة ماركسية ناجحة في تشيلي سيترك أثرًا غير مسبوق في أماكن أخرى في العالم، خاصة إيطاليا».

حيث كان هنالك يسار قوي ممثل بالحزب الشيوعي الإيطالي. وفي وقت انتخاب أييندي، كان الحزب ضخمًا وقادرًا بسهولة على دخول الحكومة، لكنه لم يفعل ذلك.

إنه هاجس الشيوعية الأوروبية. ثم يقول:

«بينما تهدد الأحداث في تشيلي بهذه العواقب شديدة الخطورة بالنسبة لنا، فإنها تتخذ شكلًا يجعل تعاملنا معها أو عكس مسارها أمرًا في غاية الصعوبة، وهو ما يضعنا أمام معضلات مزعجة بشدة. لقد انتُخب أييندي بشكل شرعي، ليقود أول حكومة ماركسية تبلغ السلطة عبر انتخابات نزيهة. ما من شيء يمكننا فعله أو قوله لإنكار شرعيته… لدينا مواقف قوية ومسجلة في التعبير عن دعمنا لحق تقرير المصير واحترام الانتخابات الديمقراطية. ولديك، سيدي الرئيس، سجل طويل من التصريحات الحازمة ضد التدخل في الشؤون الداخلية في النصف الغربي من العالم، والدعوة لقبول الدول كما هي. سيكون تصرف الولايات المتحدة بما يبدو مناقضًا لهذه المبادئ أمرًا مكلفًا للغاية. وشعوب أميركا اللاتينية وغيرها من شعوب العالم ستنظر إلى سياستنا باعتبارها اختبارًا لمصداقية خطابنا. لكن في المقابل، فإن فشلنا في الاستجابة للوضع القائم قد يُفهم، في أميركا اللاتينية وأوروبا، باعتباره عجزًا أو عدم اكتراث في وجه تطورات في غير صالحنا، في قلب منطقة لطالما اعتُبرت منطقة نفوذ لنا».

ويكمل شارحًا: «سيتحرك أييندي في اتجاه يوضّح أن تشيلي بلد اشتراكي مستقل، وليست تابعة للاتحاد السوفييتي أو أي حكومة شيوعية». ورغم ذلك، وهذا في غاية الأهمية، يقول كيسنجر لنيكسون: «إن حكومة اشتراكية في أميركا اللاتينية ستمثل خطرًا أكبر بكثير بالنسبة للولايات المتحدة من حكومة شبيهة في أوروبا، لأنها ستتحرك ضد سياساتنا ومصالحنا بشكل أسهل وأقل وضوحًا، ولأن تأثير نموذجها يمكن أن يكون مغريًا». هذه خلاصة الأمر. كان هذا دافع كيسنجر لإقناع نيسكون بضرورة اتخاذ موقف حاسم. وفي اجتماع اليوم التالي، نرى نيسكون يردد هذه اللغة كالببغاء.

إذن، ما تقوله هو أنه بينما قد يحاجج بعض السذج ذوي النوايا الحسنة بأنه «لو أن كيسنجر ونيكسون فهما أن أييندي كان في الحقيقة رجلًا مسالمًا وديمقراطيًا وأنه لم يكن ينوي إقامة ديكتاتورية موالية للسوفييت، لكانا تعاملا معه بشكل أفضل»؛ في الحقيقة، كان الأمر على العكس تمامًا.

كان كيسنجر سيد لاعبي الشطرنج. كان يرى تأثير تشيلي المحتمل على دول الناتو، وكان يعتقد أن اليونان وإسبانيا وبريطانيا وفرنسا وغيرهم سيبدأون بدعم مرشحين اشتراكيين تقدميين، وسينسحبون من الناتو، وبذلك يُدَمّر الناتو، وتسقط بنية التقسيم العالمي للحرب الباردة برمتها. كان هذا كابوسًا بالنسبة لنيكسون وكيسنجر.

إذن، كيف حصلت زعزعة الاستقرار في تشيلي؟

لم تكن السياسة الأميركية قط هي إسقاط أييندي، بل دعم المؤسسات المسماة «ديمقراطية» التي كانت تدعو يوميًا لإسقاط حكومة منتخبة ديمقراطيًا. لكن بالطبع، كانت السي آي إيه تدعمهم حتى تتمكن من التأثير عليهم ضد أييندي وصولًا لإقامة انقلاب.

كانت الفكرة أن الولايات المتحدة ستنأى بنفسها عن أييندي بهدوء، ثم تحاول تقويض حكمه عبر عمليات سرية، وعبر ما بات يعرف بالحصار الخفي، أي إنها ستقطع بهدوء الائتمان الخارجي القادم من مؤسسات الإقراض الدولية، كالبنك الدولي، أو بنك تنمية البلدان الأميركية، أو الائتمان الناتج عن الاستيراد والتصدير مع الولايات المتحدة.

ما شكل هذه العمليات السرية؟

في الواقع، هناك مذكرة من كيسنجر لنيكسون يحدد فيها بوضوح عناصر العمليات السرية: توسع السي آي إيه اتصالاتها مع القادة العسكريين للتأثير عليهم وضمان أنهم ما زالوا يريدون الانقلاب؛ تغدق السي آي إيه الأموال على الأحزاب السياسية، وتشتري لها المحطات الإذاعية وتوسع قدراتها الإعلامية؛ تخلق السي آي إيه حملة بروباغاندا، تركز بشكل خاص على تمويل صحيفة إل ميركوريو وإمبراطورية أغوستين إدواردز. ظن بعض المسؤولين الأميركيين أن هذا إهدار للمال لأنهم اعتقدوا أن الصحيفة ستفلس في كل الأحوال، لكن مسؤولين آخرين رأوا أنه موقف رابح على الحالتين. إذا أفلست الصحيفة، سيكون لديهم سلاح جديد في حملة البروباغاندا ضد أييندي: إنه يقمع حرية الصحافة، إنه يدمر النيويورك تايمز التشيلية. في نهاية هذا الخلاف، صادق نيسكون بنفسه، بعد حوار مع كيسنجر، على إرسال مليون دولار إضافية.

ثم بدأوا بالعمل بجد شديد للتأثير على الانتخابات النصفية في تشيلي، التي أجريت في ربيع 1973، والتي حصد مرشحو ائتلاف الوحدة الشعبية فيها مقاعد أكثر، أي أنهم زادوا من شعبيتهم بدلًا من أن يخفضوها.

أييندي بين مناصريه خلال الحملة الانتخابية قبيل الانتخابات البرلمانية في تشيلي، شباط 1973. أ ف ب، جيتي إيمجز.

كان هذا في آذار 1973. ظن اليمينيون أنهم سيفوزون بثلثي مقاعد البرلمان وسيطيحون بأييندي عبر التصويت لعزله. ثم صُدموا حين حصل ائتلاف أييندي على 45% من الأصوات، في زمن انهيار اقتصادي وفوضى اجتماعية، أي أكثر مما حقق في الانتخابات الرئاسية بـ10%. لذا، لا بد أن هذا أرعب المعارضة التي كانت متأكدة من تراجعه.

بلى، ويمكنك في الواقع أن تقرأ تقارير السي آي إيه بعد هذه المحاولة الفاشلة للتأثير على الانتخابات، حيث يقولون إن أييندي يزداد شعبية رغم كل جهودنا الناجحة في خلق حالة من الاضطراب والفوضى هنا، وحينها يبدأ النقاش بالاتجاه أكثر فأكثر نحو العمل العسكري.

كان بينوشيه نفسه يتحدث عن الانقلاب منذ عام 1972 حين التقى بمسؤولين عسكريين أميركيين في منطقة قناة بنما، حيث كان في رحلة لشراء الأسلحة من الولايات المتحدة. دار حوار حول الانقلاب، وقال له أحد الضباط الأميركيين «حين تكونون جاهزين، فنحن معكم». لقد طغى دور السي آي إيه في تشيلي على دور الجيش، وأعتقد كمؤرخ أننا يجب أن نخصص وقتًا أكثر لدراسة ما فعله الجيش.

كان التشيليون يدركون تدخلات السي آي إيه بوضوح. وكثير منهم اتهموها بالوقوف وراء إضراب النقل عام 1972 الذي كلف الاقتصاد كثيرًا، لكنك أخبرتني أنه لا وثائق تثبت ذلك. كيف كان عناصر السي آي إيه يعملون على الأرض ضد أييندي؟

لقد عملوا بطرق كثيرة. بحلول ذلك الوقت، كان أحد أكثر أشكال الاحتجاجات رمزيةً هو مظاهرات نساء الطبقات الوسطى والعليا التي قرعن فيها الطناجر والمقالي زاعمات أنهن يتضورن جوعًا. كان هناك عنصر تابع للسي آي إيه في إحدى أولى مهامه في تشيلي، اسمه جاك ديفين. كان يرتدي سراويل واسعة وكان شعره طويلًا وأشعث ويبدو كالهيبيين. كان في الحقيقة ناقل الأموال إلى صحيفة إل ميركوريو، كان يصعد إليهم حاملًا الكاش.

قبل بضع سنوات فحسب، نشر ديفين مذكراته التي يسرد فيها مسيرته الأسطورية كعنصر سي آي إيه. وفي الفصل المتعلق بتشيلي، يقول إنه دفع لأول امرأة 350 دولار لتبدأ بقرع الطناجر، وأنها أخذت المال، ونظمت جيرانها في العمارة، ثم انتقلت إلى العمارة المجاورة، وما لبث الأمر أن تطور حتى بتّ ترى هؤلاء النساء يقرعن طناجرهن في الشوارع.

أشير هنا إلى أنه حين كان هذا يحدث، كان يخرج معهن صفوف من الشباب الفاشيين من مجموعة «الوطن والحرية»، بكامل حلتهم من خوذ وأقنعة وعصي، ليباشروا مهاجمة المقرات اليسارية وإحراقها حالما تنتهي مظاهرة الطناجر.

وكل هذا بدأ بذلك الاستثمار الصغير جدًا الذي منحته السي آي إيه لامرأة ساخطة واحدة، أصبحت عنصرًا صغيرًا مؤثرًا في التاريخ.

مظاهرة نسائية مناوئة لأييندي في سانتياغو، 1973. عن موقع آيرش تايمز.

أعِدنا إلى انتخابات عام 1973 النصفية التي أساء اليمين تقديرها بشدة. إذن، فشلت طموحات الولايات المتحدة في هذه الانتخابات. هل يمكن القول إنه حين لم تعد هناك احتمالية للإطاحة بأييندي عبر عزل البرلمان له، اتُخذ القرار الصعب بالانقلاب؟

لا، لم يكن هناك أي قرارات صعبة. كانت السياسة برمتها مصممة لخلق أفضل جو ممكن للانقلاب. وهذا ما عملوا من أجله طيلة تلك السنوات الثلاث، مشاركين فعليًا في الانقلاب، ومتقربين بشدة من المخططين له، مزودينهم بالأسلحة والاستراتيجية.

كان ديفيد آتلي فيليبس رئيس فريق عمليات تشيلي في السي آي إيه عام 1970، لكنه كان رئيس قسم النصف الغربي من العالم في الوكالة عام 1973. وهو يذكر أن الجيش التشيلي المتخاذل برأيه لم يتصرف بحسم في حين جازفت السي آي إيه من أجل خلق اللحظة المناسبة. فقد وضعت مجموعة من الشروط الواجب تحقيقها من أجل التعاون بشكل أكبر نحو الانقلاب. وأحد هذه الشروط كان ضرورة التخلص من الجنرال كارلوس براتس، الذي خَلَف الجنرال شنايدر. كان براتس مثل سلفه مناصرًا للدستورية، وقد أدخله أييندي إلى الحكومة في محاولة منه لتحصينها ضد تدخل الجيش. كان هذا أحد مواقف السي آي إيه؛ على براتس أن يرحل حتى تنضج بيئة الانقلاب. لكن كان هناك شرط آخر: على الديمقراطيين المسيحيين أن يكفوا عن التفاوض مع أييندي حول استفتاء عام محتمل في المستقبل. عليهم أن يعلنوا أن المفاوضات عقيمة وأن الخيار العسكري هو الحل الوحيد.

أتى أييندي بالجنرال براتس إلى الحكومة كوزير داخلية. لكن بعدها بستة شهور، قبل الانقلاب بأسابيع قليلة، أُجبر براتس على الاستقالة بعد أن أقام عساكر آخرون مظاهرة أمام بيته، كان من بينهم جنرالات أرادوا الإطاحة به.

صحيح. وهنا بالضبط بدأ تراكم الزخم نحو انقلاب 11 أيلول. يُجبر براتس على الاستقالة أواخر آب، ثم يعلن الديمقراطيون المسيحيون، بعد ضغط شديد من الولايات المتحدة والسي آي إيه، إنهم يوقفون المفاوضات مع أييندي.

هناك تصوّر لدى الناس أريد أن أبدده، مفاده أن السي آي إيه كانت تعمل بخطى ثابتة على مدى ثلاث سنوات من أجل تشكيل الانقلاب. في الحقيقة، هم كانوا يحاولون تحقيق الشروط المطلوبة للانقلاب. لم يكونوا يعلمون إن كان الانقلاب سينجح، لأن الجيش سبق وأن خذلهم في تشرين الأول 1970 حتى بعدما أعطوه كل ما احتاجه، وظل الديمقراطيون المسيحيون يتحدثون مع أييندي.

كانت السي آي إيه تريد إطلاق حملة بروباغاندا جديدة لدعوة الناس للنزول إلى الشوارع في مظاهرات كبرى. لكن لم يكن هناك برهان على أن جنود الجيش وعناصر الشرطة لن يتبعوا أوامر أييندي. لذا، قبل دعوة الناس للشوارع، كان على الديمقراطيين المسيحيين أن يكفوا عن التفاوض مع أييندي، وكان على براتس أن يخرج من الحكومة.

هناك الكثير من التفاصيل الدقيقة لعملية التخطيط لانقلاب، من الطرفين. في الحقيقة، كان الجيش التشيلي مرتابًا تجاه السي آي إيه. إنهم قوميون فعلًا، ولم يكونوا متحمسين لإطلاع السي آي إيه على خططهم. لكن السي آي إيه كان لديها عدد من المصادر وجهات التواصل. لم تقُدْ السي آي إيه الجيش التشيلي قط، لم يكن الجيش مجرد بيدق أو دمية بيد الولايات المتحدة. لقد كانت لديه كمؤسسة خلفيةٌ عميقة من التدريب البروسي، الجرماني تقريبًا. وبات رؤساء الهيئات العسكرية، الجيش والبحرية وسلاح الجو، مناصرين بشدة للانقلاب. المشكلة كانت بضرورة إزاحة براتس عن رئاسة الأركان، وهو ما فعلوه، ثم كان على الديمقراطيين المسيحيين أن يتبعوا الخطة، وهو ما فعلوه كذلك.

بالتالي، لوقت طويل، ظل المسؤولون الأميركيون يعتقدون أن الأوان لم يحن، ولم تتحقق الشروط المطلوبة بعد، رغم استمرارهم بالعمل نحو الانقلاب. لكن هذا حدث في نهاية آب 1973، وعندها نبدأ بوضوح شديد برؤية تسلسل الانقلاب منذ الأول من آيلول.

ما الذي ترصده الوثائق المتوفرة حول الأول من أيلول؟

تبدأ تقارير السي آي إيه بالحديث عن تحركات على الأرض لمجموعة من القوى تدفع نحو الانقلاب، وأن هذه القوى تنسق مع بعضها البعض. يشمل هؤلاء اتحادات سائقي الشاحنات وسيارات الأجرة، والجيش، ومجموعة «الوطن والحرية»، وصحيفة إل ميركوريو، التي تسميها تقارير السي آي إيه رأس حربة معارضة أييندي، والتي كانت مدرجة في كشف رواتب السي آي إيه. كل هذه العناصر تنسق مع بعضها البعض.

ثم تتصاعد مساعي الانقلاب بشكل كبير. دعني أقتبس جزءًا من وثيقة استخبارية مؤرخة بـ25 آب: «لقد أزال رحيل الجنرال براتس أهم عاملًا كان يحول دون الانقلاب… الجيش موحد في تأييده للانقلاب وقد تعهد قادة كتائب أساسية في سانتياغو بدعمهم. تسير الجهود نحو التنسيق التام بين الهيئات العسكرية الثلاث، لكن لم يحدد بعد تاريخ لمحاولة الانقلاب».

إذن، تتكثف مساعي الانقلاب في الأيام الأخيرة من آب ثم تتسارع بشكل كبير. وبحلول الثامن أيلول، تنقل هيئة الاستخبارات العسكرية أنه تم تحديد العاشر من أيلول موعدًا للانقلاب، ثم يؤجل الموعد يومًا. ويتضح أن جاك ديفين، العنصر الذي بدأ مظاهرات الطناجر، قد نقل عن مصدر قوله «سأغادر البلاد لأن الانقلاب سيحصل غدًا».

أريد أن أقرأ لك شيئًا من أول تقرير بعد الانقلاب من قائد المجموعة العسكرية الأميركية في فالبارايسو، المقدم باتريك رايان. يقول في تقريره «كان الانقلاب شبه مثالي». من المهم جدًا أن نفهم كيف يتحدث هؤلاء الناس. يقول إنه بحلول الساعة الثامنة من صباح 11 أيلول، كانت البحرية التشيلية قد سيطرت على مدينة فالبارايسو الساحلية وأعلنت أن حكومة ائتلاف الوحدة الشعبية في سانتياغو قد أسقطت، وأن الشرطة توجهت لاعتقال أييندي من منزله، لكنه تمكن من بلوغ قصر مونيدا الرئاسي، لتُغير الطائرات الحربية عليه.

الهجوم على قصر مونيدا الرئاسي صباح 11 أيلول 1973. أسوشييتد برس.

لاحقًا، سعت السي آي إيه إلى ترويج فكرة أن أييندي رفض الممر الآمن [لمغادرة تشيلي بسلام]، لكن هذا كان كذبًا صريحًا، لأن أمرين قد حدثا: أولًا، أرسل أييندي وفدًا من كبار مستشاريه للاجتماع بالجيش ومناقشة شروط تسليم قصر مونيدا، لكنهم اعتُقلوا جميعًا. لذا، لم يعد أحد منهم حتى يكون هناك أي حوار يوم الانقلاب. الأمر الآخر هو أنه تم تسجيل كلام بينوشيه نفسه في رسالة إذاعية..

..عن طريق رجل تشيلي من هواة الراديو.

صحيح، يقول فيه، بصوته الخشن الحاد، إنهم سيجعلون أييندي يصعد على متن طائرة ثم يسقطونها، وإن الطائرة لن تهبط قط. لذا أعتقد أن أييندي فهم ذلك بكل تأكيد، واختار أن ينهي حياته بنفسه.  

قلت في البداية إن وزارة الخارجية لم تكن على اطلاع بخطط السي آي إيه الأولى في تشيلي. لكن بحلول زمن إسقاط أييندي، لا بد أن وزارة الخارجية في إدارة نيسكون كانت قد شكلت موقفًا عدائيًا شبيهًا تجاه أييندي، وعليه رحّبت بالانقلاب.

في اليوم التالي على الانقلاب، يقول مساعد وزير الخارجية جاك كوبيش في اجتماع مع كيسنجر «لقد نحجت سياستنا بشكل جيد جدًا»، ثم يمزح كيسنجر قائلًا إن الرئيس نيسكون قلقٌ من أن نفكر بإرسال وفد لجنازة أييندي، ويقول «قلت له إنني لا أظن أننا سندرس الموضوع»، ثم يقول أحدهم مازحًا: «لا، إلا إذا كنت أنت تود الذهاب، سيد كيسنجر».

الأشد إدهاشًا، هو أن نيسكون يرفع الهاتف ويتصل بكيسنجر، بعد بضعة أيام على الانقلاب، طالبًا بعض التحديثات. يقول كيسنجر: «الأمور في تشيلي تتوطد»، مشيرًا للنظام العسكري الجديد. «الصحافة الليبرالية تصيح متذمرةً من أن حكومة أييندي الشيوعية قد أُسقطت»، ويوافقه نيسكون الرأي، ثم يقول إن الصحافة الليبرالية لن تنسب إليهما الفضل الذي يستحقانه، فيقول كيسنجر: «صحيح. أتعلم، في أيام آيزنهاور، كنا سنعد أبطالًا»، ويواسيان بعضهما.

أشك أن موت الديمقراطية التشيلية وآلاف التشيليين قد أقلقهما كثيرًا.

كانا يتذمران عبر الهاتف من أنهما لا يستطيعان أن ينسبا الفضل علنًا لنفسيهما عن هذا النصر العظيم في الحرب الباردة الذي عملا من أجله طيلة ثلاث سنوات، ومن أنهما لا يستطيعان الحديث عمّا كان الدور الأميركي الفعلي في ذلك. يخشى نيسكون انكشاف هذا الدور، فيسأل كيسنجر: «إن يدنا غير ظاهرة، أليس كذلك؟»، فيقول كيسنجر: «لسنا نحن من فعل ذلك»، أي أننا لم نشارك مباشرة في الانقلاب. ثم يقول: «أعني، لقد ساعدناهم، وخلقنا أفضل الظروف الممكنة»، فيرد نيسكون قائلًا: «هذا صحيح».

الصفحة الأولى لصحيفة إل ميركوريو صبيحة 13 أيلول 1973، حاملة عناوين: «مجموعة عسكرية تسيطر على البلاد»، و«الجنرال بينوشيه يترأس الحكومة»، و«موت أييندي»، و«نحو التعافي الوطني».

  • الهوامش

    [1] يُنتخب الرؤساء التشيليون بالتصويت الشعبي المباشر. وإن لم يحصل أي من المرشحين على أغلبية صريحة (أكثر من 50%)، فعندها يختار البرلمان الرئيس. نال أييندي 35% من الأصوات بالانتخاب المباشر، ثم صادقت الأغلبية البرلمانية على فوزه بعدما قدم ضمانات دستورية للديمقراطيين المسيحيين.

Leave a Reply

Your email address will not be published.