إلى جانب بنك الأهداف الواسع الذي تتولى إعداده الوحدات الأمنية المختصة في جيش الاحتلال وأجهزة استخباراته، تتولى العديد من منظمات المجتمع المدني الإسرائيلية، وبغطاءٍ بحثي ورقابي في مجالات الصحافة والتعليم والعمل المدني، إعداد قوائم بأسماء شخصيات ومؤسسات فلسطينية، محرضةً عليهم باعتبارهم «إرهابيين» و«معادين للسامية» و«مطلوب القضاء عليهم». مع العدوان الإسرائيلي على غزة برزت مجموعة من هذه المنظمات، من بينها «Honest Reporting» و«Impact-se» و«NGOs Monitor» و«UN watch» و«Canary Mission» على سبيل المثال لا الحصر.[1]
تشكل هذه المنظمات جزءًا من مشهد أوسع لـ«المنظمات غير الحكومية المنظمة حكوميًا» (GONGO)،[2] وهو تعبير متداول في أوساط المجتمع المدني للإشارة إلى المنظمات غير الحكومية التي تأخذ دور الدفاع عن الحكومة وتتبنى مواقفها وتدار بتمويل مشبوه غير معلن عنه، غالبًا ما تقدم الجهات الحكومية جزءًا منه، خصوصًا وأن قانون المنظمات الأهلية الإسرائيلية يمنح المنظمات غير الحكومية فرصة الوصول بشكل مستمر للموارد الحكومية، بما فيها التمويل، حيث يمكن ضخ الأموال العامة في المنظمات دون رقابة تشريعية أو تنفيذية.
سبق وقادت بعض هذه المنظمات تحركات كثيرة لفسخ عقود فلسطينيين مع منظمات دولية بحجة معاداة السامية، وأججت المستوطنين الإسرائيليين داعية إياهم لمحو قرية حوارة في نابلس بالكامل، كما دفعت لاقتحام مقرات ست مؤسسات مدنية حقوقية في الضفة الغربية. لكنها في الحرب الحالية، عكفت على تكثيف جهودها التحريضية لتحفيز حالة من الانتقام يصل أثرها إلى حدّ إسقاط الصواريخ على غزة.
التحريض على الإعلام «المتحيز ضد إسرائيل»
في الثامن من تشرين الثاني الماضي، نشرت منظمة «تغطية صادقة» (Honest reporting) تقريرًا تتهم فيه مؤسسات إعلامية مثل «أسوشيتد برس» و«رويترز» و«سي إن إن» بتوظيف صحفيين فلسطينيين لديهم صلات بحركة حماس. جاء في التقرير أنه «لم يكن إرهابيو حماس وحدهم من وثّق جرائم الحرب التي ارتكبوها خلال هجومهم على إسرائيل، حيث تم التقاط بعض الفظائع من قبل المصورين الصحفيين الذين يثير وجودهم في المنطقة الحدودية المخترقة تساؤلات أخلاقية خطيرة»، مستهجنةً تواجد الصحفيين في الوقت المناسب من الصباح لتوثيق تفاصيل عملية طوفان الأقصى بما في ذلك اختراق السياج الحدودي أو اقتحام المستوطنات، واعتبرت أن عدم ارتداء الصحفي ياسر قديح -مثلًا- لسترة أو خوذة صحفية وهو يلتقط صورة له مع دبابة إسرائيلية تم احتجاز جنودها أمرًا مثيرًا للشبهات. ودللت على اتهاماتها بتنسيق صحفيين مع حماس عبر نشر صورة قديمة لصحفي آخر هو حسين اصليح تجمعه برئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار.
تتقصى هذه المنظمة الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي بحثًا عن أية مواد قد تساعدها في خلق روابط قد لا تكون منطقية بالضرورة،[3] لكنها تثير هلع الأوساط الإسرائيلية. ولطالما أثارت تقاريرها التحريضية ضجة إسرائيلية واسعة مصحوبة بتهديدات مباشرة بالقتل. فعلى سبيل المثال، اقترح عضو مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي، بيني غانتس، على خلفية مزاعم التنسيق بين الصحفيين وحماس، معاملة الصحفيين الفلسطينيين كإرهابيين ومطاردتهم، وقال المبعوث الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة، داني دانون، إنه يجب «القضاء عليهم»، كما أصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بيانًا اتهم فيه هؤلاء الصحفيين «بالتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية»، تبعته تقديم شكاوى رسمية تطالب بتوضيحات و«إجراءات فورية» من وسائل الإعلام ذات الصلة.
سبق وقادت بعض هذه المنظمات تحركات كثيرة لفسخ عقود فلسطينيين مع منظمات دولية بحجة معاداة السامية، كما دفعت لاقتحام مقرات ست مؤسسات مدنية حقوقية في الضفة الغربية.
لا يقتصر دور هذه المنظمة على إصدار التقارير، إذ تدير قاعدة من المشتركين حول العالم، ويعمل فيها صحفيون إسرائيليون «يتمتعون بعلاقات جيدة مع القادة الإسرائيليين»، ولديها شبكة علاقات مع وسائل الإعلام ووكالات الأنباء الذين تضغط عليهم ليتحول التحريض لفعل عملي. هكذا، أزالت الأسوشيتد برس الصور المذكورة من قواعد بياناتها، وأعلنت سي إن إن وقف العمل مع اصليح وصحفيين فلسطينيين آخرين، ونشرت رويترز بيانًا رسميًا نفت فيه علم صحفييها المسبق بهجوم حماس. وبعد خمسة أيام فقط من اتهامات المنظمة، استهدفت غارات إسرائيلية منزل قديح بأربعة قذائف أسفرت عن استشهاد ثمانية من أفراد أسرته، فيما اعتبر أنه نتيجة للتحريض الذي قادته المنظمة، إن لم يكن بتنسيق مباشر منها مع الأذرع الأمنية والعسكرية الإسرائيلية.
يُذكر أن مؤسسة «Honest Reporting» تأسست عام 2000 على يد الحاخام شاؤول روزنبلات، وهي تعمل بمنهجية الرصد (Watchdog) التي تفلتر وتراقب محتوى وسائل الإعلام «بحثًا عن أي تحيز ضد إسرائيل». وتزعم أنها تتبنى «قيم الديمقراطية السليمة وضمان الحقيقة والنزاهة والإنصاف، ومكافحة التحيز الأيديولوجي في الصحافة». وكانت أولى تحركات المنظمة مهاجمة صورة نشرت مع اندلاع الانتفاضة الثانية لجندي إسرائيلي يقف خلف فلسطيني مُصاب، زاعمةً أن الجندي كان يحاول حمايته وأن اتهام الاحتلال الإسرائيلي بقمع الفلسطينيين عارٍ عن الصحة. ومن ذلك الحين، تعمل هذه المنظمة على مراقبة المحتوى الإعلامي في وسائل الإعلام الغربية والتحريض ضد بعض المؤسسات الإعلامية والفلسطينيين الصحفيين.
في آب 2022، هاجمت المنظمة ثلاثة صحفيين فلسطينيين بحجة معاداة السامية، ما تسبب في إنهاء صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية التعامل معهم. وفي أيار 2023 ضغطت على جامعة «ماونت رويال» الكندية بهدف دفعها للتراجع عن منح الناشط محمد الكرد جائزة «كالغاري للسلام 2023». كما زعمت أن شاهد قناة الجزيرة في قضية استشهاد شيرين أبو عاقلة هو ناشط في حركة الجهاد الإسلامي، ونشطت مؤخرًا في التحريض ضد مؤثري وسائل التواصل الاجتماعي ممن يغطون الحرب على غزة ويحظون بمتابعات واسعة.
وتحظى هذه المنظمة بدعم أمريكي له أشكال مختلفة، إذ سُجلت كمؤسسة خيرية غير حكومية في الولايات المتحدة،[4] حيث تولت مديرتها التنفيذية، جاكي ألكسندر، التي عملت لمدة 15 عامًا في لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية «إيباك»، تنفيذ حملات سنوية لجمع التبرعات. وقدمت مؤسسة «فيديليتي» الخيرية الأمريكية[5] تبرعات للمنظمة بقيمة نصف مليون دولار في 2021، تشكل ربع موازنة المنظمة السنوية، علمًا بأن فيديليتي متهمة باستثمار الأموال في بناء مستوطنات إسرائيلية.
وقد لا يكون من السهل أحيانًا الفصل بين الدور «المدني» والعسكري لمسؤولي المنظمة، حيث عمل مديرها التنفيذي الأسبق، ومدير تحريرها الحالي جنودًا في وحدة المتحدثين باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، ودفعت علاقات المنظمة الوثيقة بالمسؤولين الإسرائيليين لوصفها بأنها «الهيئة الإعلامية الإسرائيلية التي نصبّت نفسها بنفسها».
القطاع التعليمي هدفًا
أواسط تشرين الثاني الماضي، نشرت منظمة تدعى «impact-se» تقريرًا بعنوان «التعليم في الأونروا: الكتب المدرسيّة والإرهاب»، يرصد منشورات عدد من موظفي الأونروا تزامنًا مع طوفان الأقصى، وقوائم أسماء مقاتلي القسام ممن تخرجوا من مدارس الأونروا، وتحليل محتوى الكتب الدراسية. اعتبرت المنظمة نشر بعض الآيات القرآنية والتأكيد على حق العودة دليلاً على الرغبة بـ«احتلال إسرائيل»، كما خلصت إلى أن ذكر غزوة بني قينقاع ومعركة الكرامة ودلال المغربي وخالد بن الوليد في المناهج المدرسية يعتبر حضًا على الجهاد والعنف ومعاداة السامية. بعد شهرين من نشر التقرير الذي راكم على موجة من الجهود الحكومية الإسرائيلية المحرّضة ضد الأونروا، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وهولندا وعشر دول غربية أخرى إيقاف تمويل الوكالة في ظل الحرب التي شهدت استهداف مدارس الأونروا وكوادرها ومراكزها الصحية.
تعمل منظمة «impact-se» أو «معهد السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي» بهدف مراقبة وتحليل محتوى الكتب المدرسية، وخاصة مضامينها ذات العلاقة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لتحديد ما إذا كانت «تنسجم مع المعايير الدوليّة للسلام والتسامح واللاعنف، على النحو المستمد من إعلانات وقرارات اليونسكو».[6] ورغم أن المنظمة الصهيونية تأسست عام 1998 ولديها مقران في لندن ويافا المحتلة، إلا أن نشاطها الجغرافي يتجاوز ذلك، إذ تقوم المنظمة بتحليل المناهج الدراسية وأدلة المعلمين من جميع أنحاء العالم، وتحظى الدول العربية والإسلامية باهتمام خاص، في مصر وتركيا وإيران وكندا وفلسطين. وسبق أن دفعت البرلمان الأوروبي لإصدار قرار تجميد جزء من تمويل السلطة الفلسطينية حتى تصبح مناهجها متوافقة مع المعايير الدولية.
لا تعمل المنظمة على محو القيم العربية والمفاهيم الدينية من المناهج الدراسية في المنطقة بحجة «السلام والتسامح الثقافي» فحسب، بل تسعى لتوجيه المناهج حتى تكون داعمة للسردية الصهيونية.
لا تعمل المنظمة على محو القيم العربية والمفاهيم الدينية من المناهج الدراسية في المنطقة بحجة «السلام والتسامح الثقافي» فحسب، بل تسعى لتوجيه المناهج حتى تكون داعمة للسردية الصهيونية. في كانون الثاني 2022، رفع السفير الإسرائيلي في البحرين إلى الأمين العام لمجلس التعليم العالي توصيات المنظمة بتعليم الطلبة «قيمة مبدأ احترام الثقافات الأخرى، وتشجيعهم على الفضول والحوار»، وتدريس الهولوكوست وتاريخ اليهود. وقد حظي المشروع بموافقة الديوان الملكي وباشرت الحكومة البحرينية تشكيل لجنة مصغرة مختلطة من المشرفين والتربويين لإدخال التعديلات المطلوبة في جميع المراحل الدراسية، رافقها لقاءات رسمية عدة مع ممثلي السفارة والمؤتمر اليهودي العالمي. وقبل نهاية العام، كانت الكتب الجديدة قد وزعت بشكل عاجل رغم المعارضة الشعبية الواسعة.
بالإضافة إلى «impact-se»، تأسست منظمة «Canari Mission» عام 2014 بهدف نشر ملفات عن الناشطين الطلبة والأساتذة والأكاديميين والمنظمات التعليمية ممن تعتبرهم معادين لـ«إسرائيل»،[7] وتركز في رصدها على جامعات أمريكا الشمالية. يضم موقع المنظمة آلاف الملفات لطلبة وأعضاء هيئة تدريسية انخرطوا في نشاط مؤيد للفلسطينيين، ويقوم بإرسال «قوائمه السوداء» بشكل شبه مستمر لأصحاب العمل المحتملين ورؤساء الجامعات الكبرى ومسؤولي الحكومة الإسرائيلية التي استخدمت هذه الملفات لاستجواب ومنع دخول المواطنين الأمريكيين المؤيدين لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات. وقد تسبب تحريض المنظمة بإلحاق الضرر بكثير من الأمريكيين من أصول فلسطينية وبعض رؤساء وأكاديميي الجامعات الأمريكية. وعندما سئلت المنظمة عن موظفيها ومصادر تمويلهم، ردت قائلة إن «العديد من منتقدينا يريدون فقط معرفة هويتنا حتى يتمكنوا من إيذائنا جسديًا».
عين على المنظمات المحلية والدولية
إلى جانب تقرير «Impact-se» وحملتها الإعلامية ضد الأونروا، عملت منظمة «UN watch» على تعزيز التحريض على الأونروا واتهامها بالإرهاب. تتخذ المنظمة من جنيف مقرًا لها، وتتمثل مهمتها المعلنة في «مراقبة أداء الأمم المتحدة وفقًا لمقياس ميثاقها»، وهي تتمتع بصفة استشارية خاصة لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة رغم أن الأوساط الغربية وصفتها بأنها «مجموعة ضغط لديها صلات قوية مع إسرائيل». ويتركز رصد المنظمة على انتهاكات حقوق الإنسان في الدول التي يعاديها الغرب، وتركّز أنشطتها على رصد الصين وكوبا وروسيا وفنزويلا وإيران، فيما تغيب عنها الانتهاكات الإسرائيلية.
تداولت المنظمة ادعاءات «Impact-se» ضد الأونروا، ودعا مديرها التنفيذي في كلمة أمام الكونجرس الأمريكي لأخذ زمام المبادرة في حل الأونروا، استنادًا إلى رصد قائم على ما اعتبروه ابتهاج ثلاثة آلاف معلم في الأونروا في إحدى مجموعات تيليغرام بأحداث عملية طوفان الأقصى. وبالإضافة إلى زعمها وجود أدلة موثوقة لمشاركة 12 من موظفي الأونروا في هجمات السابع من أكتوبر، أكدت «UN watch» أن 1200 موظف في الأونروا بغزة مرتبطون بجماعات إرهابية، ولدى ستة آلاف موظف فيها، عائلات بعض أفرادها لهم علاقات بـ«جماعات إرهابية»، معتبرة أنه «من غير الأخلاقي الاستمرار في تمويل الوكالة بأموال دافعي الضرائب». يُذكر أن الأونروا فصلت تسعة من موظفيها المتهمين بالمشاركة في هجوم السابع من أكتوبر قبل صدور نتائج التحقيق في المسألة، وبرّر مفوّضها العام إصدار القرار قبل الحصول على الأدلة بـ«طبيعة الاتهامات القوية والحاجة لاتخاذ القرار الأسرع والأجرأ لإظهار أننا كوكالة نتعامل مع هذا الادعاء بجدية».
تشكل هذه المنظمات جزءًا من مشهد أوسع لـ«المنظمات غير الحكومية المنظمة حكوميًا» وهي منظمات غير حكومية تأخذ دور الدفاع عن الحكومة وتتبنى مواقفها وتدار بتمويل مشبوه غير معلن عنه، غالبًا ما تقدم الجهات الحكومية جزءًا منه.
حظيت المؤسسات الفلسطينية المدنية بنصيبها من التحريض أيضًا، حيث نشرت منظمة «NGO monitor» في تشرين الأول 2021 تقريرًا يرصد 13 منظمة مجتمع مدني فلسطينية عاملة في الضفة الغربية وقطاع غزة زعم أنها تابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين استنادًا إلى مشاركة موظفين لمنشورات فيسبوك تحتفي بالشهداء، أو لاعتقال بعضهم بتهم الانتماء للجبهة قبل عشرات السنين، أو تنفيذهم أنشطة تصف «إسرائيل» كنظام فصل عنصري. بعد يومين من نشر التقرير، أعلنت وزارة الحرب الإسرائيلية تصنيف ست مؤسسات فلسطينية[8] منها على أنها «إرهابية».[9]
وقد وصف مؤسس منظمة «NGO monitor» منظمات المجتمع المدني الفلسطيني على أنها تعمل كمقاول «سياسي فرعي» يحض على مناهضة «إسرائيل». يقول وسام أحمد، رئيس مركز الحق الذي كان واحدًا من المؤسسات التي شملها تصنيف الإرهاب، إن المنظمة الصهيونية تستند في رصدها على التقارير المالية التي تصدر عن المؤسسات المدنية الفلسطينية من أجل تتبع تمويلها والضغط على الدول الممولة والاتحاد الأوروبي لوقفه بحجج الإرهاب ومعاداة السامية، لكنها حينما تفشل بذلك، توظف القوانين الإسرائيلية أو القوة العسكرية عبر اقتحام جيش الاحتلال لمكاتب المنظمات وتفتيشها وتخريب ممتلكاتها.
تعرّف «NGO Monitor» نفسها كمعهد بحثي يصدر التقارير الدولية بهدف «وضع حد لاستغلالها لمفهوم حقوق الإنسان العالمية لدفع أجندة سياسية وأيديولوجية»، وتأسست عام 2001 بمبادرة من مركز القدس للشؤون العامة الذي يمثل توجهات المحافظين في الولايات المتحدة و«إسرائيل» ممن يضمنون تمويلها. يشمل موقع المنظمة قائمة بأكثر من 100 منظمة غير حكومية مصنفة على أنها «مُعادية للسامية»، وقائمة بمنجزات التمويل التي نجحت في وقفها بالضغط على الدول المانحة.
يقول أحمد إن التحريض ضدهم أدى لاعتقال الموظفين إداريًا أو منعهم من السفر أو عرقلة إجراءاتهم أو التجسس على أجهزتهم أو حتى «نكون قاعدين بقاعة الاجتماعات ونسمع الزنانة فوق المكتب». مؤكدًا أن نشاط المنظمة ازداد مع انطلاق عملية طوفان الأقصى، حيث عادت لاتهام المركز «بالشيطنة المتطرفة تجاه إسرائيل».
تشكل معلومات هذه المنظمات قاعدة بيانات للمعسكر اليميني الصهيوني، وإن كانت تتستر بالشعارات الليبرالية، وتمتلك قدرة هائلة على التأثير في صناعة القرار الإسرائيلي وصياغة السياسات الحكومية، وهو ما اتضح أكثر بعد طوفان الأقصى ودخول «إسرائيل» في وضع حرب وطوارئ ارتفعت فيه مستويات العنصرية والتحريض في الخطاب العام. قد تكون هذه المنظمات خارج إطار المنظومة الأمنية الإسرائيلية الرسمية، إلا أن أثرها على الفلسطينيين لا يقل ضررًا. يقول أحمد: «تعودنا أن نرى هذه المنظمات كامتداد للأجهزة الأمنية الإسرائيلية وجزء من معركتنا ضد الاحتلال، لكن الأهم ألا يدفعنا تحريضهم للتوقف عن العمل».
-
الهوامش
[1] تحدث بحث «صعود المجتمع المدني السيء في إسرائيل» لأمل جمال عن منظمات أخرى مثل معهد الدراسات الاستراتيجية الصهيونية وكلية عيدو زولدن للسياسات ومؤسسات إعلامية مثل كيرن تيكفا والقناة السابعة وصحيفة مكور ريشون، والمنظمة الاستيطانية ريغافيم، ومنظمات التفكير الاستراتيجي مثل منتدى كوهيلت.
[2] GONGO اختصار لـGovernment-organized non-governmental organization.
[3] هاجمت المنظمة رئيس منظمة «هيومن رايتس ووتش» السابق قائلة إن حسابه على منصة إكس يظهر إدانته في المتوسط لـ«إسرائيل» ضعف مرات إدانة إيران وحزب الله وداعش وروسيا وسوريا وطالبان مجتمعة. واستندت على هذه الادعاءات لاتهامه بالتحيز ضد «إسرائيل».
[4] لديها مقران في نيويورك والقدس.
[5] أكبر مؤسسة راعية للصناديق الاستشارية للمانحين، متهمة بالتورط في تحويل ملايين الدولارات من أموال المانحين إلى المنظمات التي تشجع وتزيد من القمع المنهجي على مستوى العالم، بما فيها استثمار الأموال في بناء مستوطنات إسرائيلية على الأراضي الفلسطينية.
[6] تستند المنظمة في عملها إلى «إعلانات وقرارات اليونسكو والأمم المتحدة» ما يمنحها شرعية دولية جعلت من تقاريرها أدلة تستخدم في الكونغرس الأمريكي.
[7] يرتبط ذكر هذه المنظمة التحريضية بمنظمة “أيم ترتسو” التي تأسست عام 2006 وتعمل برؤية مشابهة بهدف تطوير القيم الصهيونية في إسرائيل. تنشط المنظمة في الجامعات الإسرائيلية حيث تقدم اعتراضات ضد الأساتذة الذين يدعمون حركة المقاطعة وتطالب الجامعات بحظر الكتل الطلابية الفلسطينية.
[8] وهي: الحق؛ الضمير؛ مركز بيسان للبحوث والإنماء؛ الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال- فرع فلسطين؛ اتحاد لجان المرأة العربية واتحاد لجان العمل الصحي.
[9] بموجب قانون مكافحة الإرهاب الذي أقر عام 2016.