روسيا روبل دولار

روسيا وسويفت: اليد الطولى للدولار

عملة روبل معدنية ودولارات معدنية وورقية. أ ف ب.

روسيا وسويفت: اليد الطولى للدولار

الخميس 24 آذار 2022

من بين العقوبات التي فُرضت على روسيا على خلفية تدخلها العسكري في أوكرانيا المستمر منذ 24 شباط الماضي، جاء فصل عدد من البنوك الروسية عن نظام SWIFT للمراسلات المالية.[1] منذ صدور القرار، بُث سيل من الأخبار والتحليلات عبر وسائل الإعلام والفضاء الرقمي لتوضيح ماهية هذا النظام، الذي يربط بين أكثر من 11 ألف مؤسسة وشركة في أكثر من 200 دولة ومنطقة حول العالم، ويجري عبره تداول مليارات الرسائل التي تحمل قيمًا بعشرات ترليونات الدولارات سنويًا.

ذهبت الكثير من هذه التحليلات إلى أن فصل روسيا عن هذا النظام سيتسبب لها بأزمة اقتصادية كارثية. وأثيرت الكثير من النقاشات حول سؤال حيادية نظام سويفت ومشروعية استخدامه كأداة للعقوبات. فعلى الرغم من أن هذا النظام هو عبارة عن شركة يساهم فيها 3500 جسم اقتصادي ومالي من مختلف الدول، إلا أنه يعلن عن نفسه كمنشأة حيادية دورها الأساسي تحقيق تبادل آمن ونزيه للبيانات المالية بين الأعضاء المشاركين. 

لكن المسألة تتعدى معرفة مدى حيادية هذا النظام إلى محاولة فهم سياق نشوئه وبالتالي استنباط وظيفته وما يتبعها من سطوة قد تطال دول عدة، بما فيها من موارد ومجتمعات، بناءً على التقييم الغربي لخيارات وسلوكيات النظام السياسي لتلك الدول على الصعيد الخارجي وحتى الداخلي.

سويفت كانعكاس جزئي لفشل النظام النقدي العالمي

في نيسان 1922، حضرت إلى مدينة جنوة الإيطالية 34 دولة للتباحث في نتائج الحرب العالمية الأولى. من بين مخرجات الاجتماع، جرى الاعتراف بمعادلة العملتين البريطانية والأميركية بالذهب، كإجراء يعيد التوازن للسوق العالمية بعد سقوط معيار الذهب خلال الحرب. فقد تم تأمين تكاليف الحرب عبر طباعة النقود دون غطاء ذهبي، أي دون وجود ما يعادل هذه الأموال المطبوعة من احتياطيات بالذهب لدى البنوك المركزية التي طبعت تلك الأموال.

بعد قرابة عقد من الزمان، ظهرت على الساحة الدولية المناطق النقدية، أو بالأحرى الأحلاف النقدية. ففي 1931 ظهر حلف الإسترليني، ثم حلف الدولار في 1933، إلى جانب حلف الفرنك الفرنسي وغير ذلك. بموجب هذه الأحلاف، كان أعضاء الحلف يودعون المبالغ في بنوك الدولة المركزية للحلف وبعملتها، لتقوم تلك البنوك بإدارة مدفوعات الأعضاء، التمويلية والتجارية. وكان على الدولة التي تريد أن تتعامل تجاريًا مع دولة ما من خارج الحلف أن تحظى بموافقة «مركزه»، لكي يتم إجراء تبادل العملات بناءً على وزنها الذهبي. استند هذا الشكل النقدي بالدرجة الأولى إلى التوسع الاستعماري العسكري المباشر والهيمنة السياسية: بريطانيا في دول الكومنولث، الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية ومستعمرات في آسيا، فرنسا في مستعمراتها في وسط وشمال أفريقيا، وهكذا. ومع نهاية الستينيات، بلغ نصيب الدولار 30% من المدفوعات التجارية العالمية، مقابل 18% لصالح الجنيه الإسترليني.[2]

من هنا، ظهر أول أعراض المشكلة النقدية العالمية والمستمرة حتى يومنا هذا، والتي يمكن تلخيصها بأن الاقتصاد الرأسمالي لم يستطع إنشاء غرف مقاصة عالمية،[3] لإدارة المطاليب والالتزامات التسليفية لعملية التبادل التجاري بين الدول، ما نتج عنه حاجة مستمرة لوجود النقود الجاهزة.[4] استمر هذا الوضع  بعد مؤتمر بريتون وودز عام 1944، الذي جرى فيه الإعلان عن ارتباط الدولار بالذهب، واعتبار الأول عملة احتياطية تُستخدم للمدفوعات الدولية، وذلك على الرغم من الدعوات التي سبقت وتلت المؤتمر المذكور والتي نادت بإنشاء عملة عالمية يتم استخدامها لإجراء عمليات المقاصة وتسوية المطاليب المتقابلة بين الدول في المجال التجاري والتمويلي، مثل دعوة الاقتصادي الإنجليزي جون كينز في مطلع الأربعينيات والأميركي روبرت تريفن في الخمسينيات.

كانت هناك مخاوف من أن تنتقل مشكلات الاقتصاد الأميركي إلى الساحة الدولية، وهذا ما حدث فعلًا. ففي نهاية الخمسينيات، فاض ميزان المدفوعات للدول الأوروبية الغربية واليابان بعد أن استكملت عمليات بناء ما دمرته الحرب العالمية الثانية. إذ تراكمت الدولارات في خزائن هذه الدول، وهو ما تعارض مع مبدأ ندرة الدولار، ما دفعها للمطالبة -بالترافق مع مراقبة الإنفاق العسكري الأمريكي الضخم- بتحويله إلى ذهب. فالولايات المتحدة كانت تعتمد في انخراطها بالعمليات الإنتاجية خارج حدودها (بعد الحرب) على تصدير الدولار الورقي المرتبط بنشاط الشركات متعددة الجنسيات. أما عائد هذه الأنشطة، فأصبح لا يعود بالكامل إلى الولايات المتحدة، ليعوّم كله أو جزء منه في الخارج في دورة إنتاج جديدة أو في أنشطة المضاربة على العملات والذهب وغير ذلك. إن هذا الفائض الدولاري العابر للحدود، فاقم الشكوك لدى الدول الأوروبية واليابان تجاه وجود ما يلبيه من غطاء ذهبي، فبدأت المطالبات بإبدال احتياطيات الدولار بالذهب، أي استعادة الذهب من الولايات المتحدة وإيداعه في البنوك المركزية للدول المعنية لتقوم بمهام إصدار النقود، توازيًا مع التحكم بحجم الدولار في الأسواق المحلية.

إن السمة الوظيفية الأساسية لنظام سويفت هو ضمان تدفق السيولة الدولارية في العالم.

جراء عمليات التحويل، انخفض الاحتياطي الذهبي في الولايات المتحدة بمقدار 5.1 مليار دولار مع نهاية الستينيات،[5] وارتفع عجز ميزان المدفوعات الأميركي لعدم القدرة على منافسة تدفق البضائع الأوروبية واليابانية. وفي نفس الوقت، لم يكن ممكنًا تخفيض سعر الدولار مقابل الذهب مراعاة لدوره في الاقتصاد العالمي كعملة احتياطية وكوسيلة دفع دولية. إلا أنه وعلى الرغم من التمسك بأسعار الصرف الثابتة تجاه الذهب، أصبح هناك سعران للذهب، الأول رسمي والآخر في السوق السوداء، بسبب زيادة الطلب على المعدن الأصفر. مثّل هذا الوضع تحديًا جوهريًا لمقررات اتفاقية بريتون وودز،[6] أو بعبارة أخرى، شكلت هذه الهيمنة الدولارية تحديًا لاستقرار العلاقات الاقتصادية ما فوق الوطنية، نتيجة فشل قيام النقود الوطنية بمهام العملة الدولية.

انتهى الأمر في آب 1971 عندما أعلن الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون فك ارتباط الدولار بالذهب، ليظهر نظام سويفت بعد أقل من عامين، تحديدًا في أيار 1973، ويدخل حيز التنفيذ في 1977، في إطار فوضى لأسعار الصرف جراء التعويم الصادم للعملة العالمية الرئيسية.

لا بد هنا من ذكر ثلاثة أحداث مفصلية في تلك الفترة ساهمت في ظهور هذا النظام:

أولًا، إصدار صندوق النقد الدولي لحقوق السحب الخاصة في 1969 كأصول حسابية دفترية، لتمثل من حيث المبدأ عملة احتياطية دولية، ارتبطت أولًا بالدولار المقوم بالذهب (سُميت حينها بالذهب الورقي)، ثم بسلة عملات من 16 عملة بعد 1971، انخفضت لتصل إلى خمس عملات في الوقت الحالي.[7] وتحدد هذه السلة سعر وحدة السحب الخاصة من خلال حركة أسعار الصرف فيما بينها.

ثانيًا، أزمة الطاقة في 1973، التي نتج عنها إعادة تدوير فوائض عائدات النفط في البنوك الأميركية والأوروبية بالدولار الأميركيفبعد إقدام دول منظمة أوبك على مضاعفة أسعار النفط لأكثر من مرة، انهالت كميات ضخمة من العوائد على اقتصاديات تلك الدول التي كانت بنيتها لا تسمح توظيف هذا الكم من العوائد على مدى القصير، فكان مصيرها التسرب إلى السوق العالمية (بالدولار تحديدًا) واستثمارها في سندات الدين والاعتمادات المصرفية. وبغض النظر عمّا إذا كان ارتفاع أسعار النفط حينها نتيجة مؤامرة لإعادة الثقة بالدولار أم بسبب سياق تحرك دول منظمة أوبك لتحقيق سيطرة أكبر على ثرواتها في مواجهة الاحتكارات الأجنبية، فقد كانت هذه الأخيرة قادرة دومًا على تحميل المستهلك في بلدانها آثار الزيادة في الأسعار، مُضافًا إليه بند الربح أيضًا، إلى جانب رفع أسعار السلع المصدرة إلى البلدان المتخلفة تحت العديد من الذرائع التقنية.[8] كانت النتيجة ازدياد الطلب على الدولار الذي مثل له النفط سندًا سلعيًا مركزيًا جديدًا في السوق العالمية.

ثالثًا، اجتماع لجنة محافظي صندوق النقد الدولي عام 1976 في العاصمة الجامايكية كينغستون، الذي خلص إلى قرار بترك الحرية للدول في اختيار نظام الصرف الخاص بها، ورمي الذهب في السوق ليأخذ هذا الأخير مهمة تحديد سعره بعد نزع الصفقة النقدية عنه، وتشجيع دور حقوق السحب الخاصة كأصول احتياطية عالمية.[9]

لقد بات معلومًا لدى الجميع أن نظام بريتون وودز قد انتهى من دون رجعة. لكن ما كان يعلمه المجتمعون في مؤتمر جامايكا -إلى جانب دائرة ضيقة من السياسيين والصيارفة في الغرب هو أن حقوق السحب الخاصة لن تنزع صفة عملة الدفع الدولية عن الدولار لتحل محله. فالدولار يجتاح العالم على شكل سيولة تنبع من عجز مزمن في ميزان المدفوعات الأميركي، لكي تستخدمها -في مفارقة عجيبة- دول العالم الثالث بالدرجة الأولى لموازنة ميزان مدفوعاتها. إذ لا يُمكن أن يتم التخلي عن هذا الامتياز؛ امتياز تمويل السيولة الدولية (والسيولة المحلية الأميركية) من خلال العجز المزمن في ميزان المدفوعات الأميركي، وأيضًا –بفضل هذا العجز- ضمان التواجد العسكري الأميركي ما وراء البحار، عبر إنفاق  متصاعد على ميزانية «الدفاع» يضمن هيمنة عسكرية منقطعة النظير.

عادة ما يتم ربط نشوء نظام سويفت بالتطور التكنولوجي لوسائل الاتصالات، وهذا صحيح بالطبع، فسويفت يستند على قاعدة معقدة من الخوادم والبرامج وما إلى ذلك، وهذا ما يجعله يُقدم خدمة سريعة وسلسلة وآمنة[10] ذات مستوى متدنٍ من الخطأ. لكن نشوء سويفت يرتبط أيضًا بتوجه الاقتصاد الأميركي إلى مراقبة هياكل المدفوعات الدولية وتتبعها، وما يُثبت ذلك هو أن نظام سويفت لا يدير الحسابات المصرفية ولا هو بمنشأة لأعمال المقاصة وتسوية المدفوعات الدولية للتقليل من كمية النقد السائل وتحقيق الانضباط المالي، بل هو آلية لإرسال الرسائل المالية بين المؤسسات والشركات المعنية، تضمن استمرار الطلب على الدولار بالنسبة للولايات المتحدة التي اقتنصت اللحظة التاريخية المناسبة لإنشائه. فلن يكون من المنطقي الحفاظ على هيمنة الدولار دون هذا الاحتكار للبيانات الذي يقيس حجم المدفوعات الدولية بهذه العملة أو تلك. هذا الاحتكار لم يكن متاحًا في نظام «تيليكس» السابق، الذي اعتمد على بنية تحتية قديمة (خطوط الهاتف والتلغراف)، حيث كانت تجري المراسلات بشكل ثنائي دون الحاجة إلى تدخل طرف ثالث. المقصود هنا، هو أن المبالغة في إظهار سويفت على أنه قفزة تقنية هائلة بالمقارنة مع ما سبقه من أنظمة تبادل للرسائل المالية، يؤدي بشكل واعٍ أو ساذج إلى قطع الصلة بين هذا النظام كبنية تكنولوجية وما قابلها -وما زال يقابلها- من أحداث اقتصادية وتناقضات للنظام الرأسمالي العالمي، على المستوى النقدي على الأقل. في هذا السياق، يُذكر أن الرسائل الأولى التي جرى تبادلها عبر سويفت لم تكن تختلف كثيرًا من حيث الشكل والمضمون عن تلك التي كانت موجودة على تيليكس.[11]

يذكرنا كارل ماركس بأنه «باتساع التبادل البضاعي، تزداد سلطة النقود؛ هذا الشكل الاجتماعي المطلق للثروة الذي هو دائمًا على أهبة الاستعداد القتالي». وعلى الرغم من أنه كان يقصد بشكل أكبر النقد الذهبي،[12] إلا أن هذا التوصيف ينطبق على الدولار أيضًا، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا التوسع النقدي غير مترافق مع نظيره البضاعي، بل إنه يتكثف في مجال الاعتمادات المالية المنفصلة بهذا القدر أو ذاك عن الإنتاج المادي الحقيقي. فعلى سبيل المثال، بلغ التبادل التجاري العالمي بواسطة الدولار 4.7 ضعف حجم الواردات الأميركية و3.1 ضعف حجم الصادرات. وفي الربع الثالث من العام الماضي بلغت حصة الدولار 59.1% من مجمل الاحتياطيات النقدية العالمية البالغة 12.8 ترليون دولار. وعليه، يمكن القول أن السمة الوظيفية الأساسية لنظام سويفت هو ضمان تدفق السيولة الدولارية في العالم.

استعداد روسي رغم التباينات الداخلية

يتغاضى الكثير من «المراقبين والمحللين» عن حقيقة أن تصريحات المسؤولين الروس فيما يخص أثر فصل روسيا عن نظام سويفت، كانت أكثر قلقًا في أعقاب إقدامها في 2014 على ضم شبه جزيرة القرم وتقديم الدعم العسكري واللوجستي للموالين لموسكو في الدونباس، مما هي عليه اليوم. فعلى عكس تلك الفترة، يتحدث المسؤولين الروس اليوم عن جاهزية الدولة في وجه العقوبات التي من ضمنها الفصل عن سويفت.

يُدرك الساسة والاقتصاديون الروس أن سويفت قد يتحول بين ليلة وضحاها إلى عصاة غليظة تستخدم لضرب الاقتصاد، فإذا فُصلت البنوك الروسية عن النظام لن تتمكن من إرسال واستلام المدفوعات من وإلى الأطراف الخارجية، بمعنى أنها لن تستطيع بيع أو شراء السلع بالعملة الصعبة- أو تلبية متطلبات الدائنين الدوليين إلا من خلال طرق في غاية الصعوبة مثل الفاكس والبريد الإلكتروني وغير ذلك. وما عمّق هذا الإدراك هو ما حدث مع إيران في أعقاب إعلان إدارة ترامب في أيار 2018 عن الانسحاب من الاتفاق النووي والبدء بحملة الضغوطات القصوى على طهران، التي شملت فصل نظامها المصرفي عن سويفت (قبل ذلك في آذار 2017 فُصلت كوريا الشمالية، وفي 2019 فُصلت فنزويلا). كان هذا الفصل مطبقًا منذ شباط 2012، لكن تم تخفيفه عقب الاتفاق النووي مع إيران، ليعود التشديد بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق. وعلى الرغم من أن هذه الحملة كانت بجزئها الأكبر أحادية الجانب من قبل الولايات المتحدة، فقد اضطرت الدول الأوروبية واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها إلى الانصياع خوفًا من أن تطالها العقوبات. إلا أن الدول الأوروبية الأعضاء في الاتفاق النووي (ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا) توجهت إلى خلق قناة مالية [13] سُميت INSTEX، لتكون بديلة عن نظام سويفت لتسوية المدفوعات مع إيران، التي خسرت أكثر من نصف عائدات نفطها المُشكّلة لـ 30% من عائدات تجارتها الخارجية. إلا أن هذا الخيار كان مصيره الفشل لاتهامات متبادلة بين طهران وعواصم الدول الثلاث بخصوص مدى الالتزام ببنود الاتفاق النووي.

هذه الحادثة تطرح التساؤل التالي: باعتبار أن الولايات المتحدة تسعى لمنع الدول «المُعاقَبة» من استخدام الدولار في معاملاتها المالية والتجارية الخارجية، فلماذا لم يتم التعامل التجاري مع إيران بواسطة اليورو أو الجنيه الاسترليني ضمن نظام سويفت؟ الجواب ببساطة هو أن مساحة الدولار هي الأوسع في هذا النظام، ففي نهاية 2021، بلغ حجم التحويلات بالدولار واليورو واليوان والجنيه الإسترليني، 40.5%، 36%، 5.9%، 2.7% على التوالي من مجمل تحويلات سويفت، ناهيك عن أن الأذرع الاستخباراتية والمالية الأميركية تمتلك «حق» الوصول إلى معلومات هذه التحويلات عبر النظام من بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر بحجة مكافحة الإرهاب، مما يوفر هيمنة أكبر وأعمق على البيانات من حيث اتاحة التحويلات أو منعها.

بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في آذار 2014، فرض مكتب إدارة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية (OFAC)[14] عقوبات على سبع بنوك روسية، ليؤدي هذا القرار إلى امتناع شركتي فيزا وماستر كارد، العاملتين من خلال سويفت، عن التعامل مع هذه البنوك. حينها خرجت أكثر من نصف مليون بطاقة ائتمان من الخدمة، منها 170 ألف بطاقة صادرة عن بنك SMP الذي سُحب منه خلال يومين حوالي المليار روبل بسبب حالة الهلع التي سيطرت على المودعين صغارًا وكبارًا. من هنا، بدأت الجهود الرسمية تنصب على إيجاد بديل لسويفت. وفي نهاية عام 2014، أطلق البنك المركزي الروسي نظام SPFS للمراسلات المالية،[15] ليتبعه في العام التالي إطلاق بطاقات مير (Mir) التي نشأت في إطاره، كبديل عن بطاقات الائتمان والدفع الأميركية.[16] بحلول 2020، استحوذ نظام SPFS على 20- 25% من معاملات الرسائل المالية، فيما كان قد أُصدر أكثر من 73 مليون بطاقة مير.

وبما أن الخروج عن سويفت يعني التحرر من سيطرة الدولار، أكد وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف في تشرين الأول 2018 أن هناك خطة قد أُقرت لنزع الدولرة من الاقتصاد الروسي، بحيث يصبح خاليًا منه بحلول عام 2024. وكان سيكون من الصعب تبني هذا التصور لولا استناد موسكو إلى علاقات اقتصادية متنامية مع الصين، التي اتفقت معها على التقليل تدريجيًا من استخدام الدولار في التبادل التجاري بينهما. وبالفعل، انخفض حجم الدولار في التجارة الثنائية بين البلدين من 90% في 2015 إلى حوالي 40% في 2021 من أصل 146.9 مليار دولار تمثل حجم التبادل ذلك العام، وقد جرى تسوية 17% من هذا التبادل باليوان الصيني. وتجدر الإشارة إلى أن الصين أنشات نظامها الخاص للرسائل المالية (CIPS)[17] في 2015 كمحاولة لتجنب حصر العلاقات التجارية بالدولار واليورو وإتاحة المجال للعملة المحلية لتحقيق انخراط أكبر في السوق العالمية.

لكن وفي نفس الوقت الذي تحضرت فيه روسيا للعقوبات الغربية، وبغض النظر عن تقييم مدى فعالية هذه الدفاعات الاقتصادية، هناك العديد من الشواهد التي تفيد بأن الطبقات الحاكمة الروسية تذهب إلى خيارات «التحصين الاقتصادي» بشكل اضطراري وبمنطق ردة الفعل وليس بتخطيط مُسبق، وهذا من شأنه أن يقلل من فاعلية الوقوف في وجه العقوبات.

يشير فالنتين كاتاسونوف، أستاذ الاقتصاد في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، إلى أن قانون «البنك المركزي في روسيا الاتحادية» يُخرج هذه المؤسسة السيادية من دائرة الرقابة الفعلية للدولة، وأن عمل البنك المركزي ينحصر ككثير من نظرائه في غيرها من الدول- في إدارة احتياطيات النقد الأجنبي بالسوق المحلية. أي أنه يعمل كـ«مُبدّل للعملة»، عبر تحويل جزء مما بحوزة المصدّرين من عملة صعبة إلى الروبل الذي يتم إبداله لصالح منح المستثمرين المحليين والأجانب العملة الصعبة عند مغادرتهم للبلاد أو تحويلهم الأموال إلى الخارجبذلك، لا يخضع إصدار النقد لمتطلبات الاقتصاد الوطني، وإنما لتقلبات حجم النقد الأجنبي. 

كما تنص المادة 22 من القانون المذكور على عدم إمكانية الحكومة الاقتراض من البنك المركزي، وهذا أمر غريب بالفعل. فحتى في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية واليابان، يتم تزويد الحكومة بالسيولة مقابل إصدار سندات دين الخزينة من أجل التعامل مع عجز الموازنة. إلا أن الأمر في روسيا خاضع بشكل كامل للتقلبات في سوق النقد الأجنبي، المرتبطة بطبيعة الحال بتجارة النفط والغاز. فإذا كان تدفق هذا النقد إلى الداخل مرتفعًا نتيجة ارتفاع أسعار النفط والغاز، باعتبار أن الدولة تملك حصص العديد من شركات النفط والغاز، فبالإمكان البدء بالمشاريع الاستثمارية وتوسيع الاقتصاد والتعامل مع عجز الموازنة. أما إذا كان التدفق متواضعًا، فلا يوجد خيار أمام الدولة سوى طلب السيولة «الصعبة» من البنوك الأجنبية على شكل مديونية. هذا ما يجعل من البنك المركزي الروسي في نهاية المطاف مؤسسة «غير وطنية»، حاله كحال عدد كبير من البنوك المركزية من حول العالم التي يعلم أو لا يعلم- القائمون عليها أنهم مجرد أفرع غير مباشرة للبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، على حد تعبير كاتاسونوف.[18]

على إثر السياسة النيوليبرالية التي انتهجتها الطغم البرجوازية الروسية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، انفجر عدد البنوك التجارية الروسية ليصل إلى ثلاثة آلاف بنك، إلا أنه تقلص مع الوقت إلى 438 بنكًا بحلول نيسان 2019. وفي مطلع 2014، كان هناك أكثر من 600 مؤسسة مالية واقتصادية روسية منضمة إلى نظام سويفت، [19] وعبره جرى 90% من معاملات روسيا الخارجية في العقد الأول من القرن الحالي.

كان هناك نَهَمٌ مكبوت للانفتاح على الأسواق الغربية وعلى امتلاك السيولة الصعبة؛ نهمٌ لم توقفه الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي ضربت الاقتصاد الروسي. ففي عام 1996، رُفعت القيود عن حركة رأس المال الأجنبي الذي تغلغل في الأنشطة الاقتصادية التمويلية والتجارية. بعد عامين فقط، ونتيجة المضاربة على السندات قصيرة الأجل المقومة بالروبل والصادرة عن وزارة المالية، تلقى الاقتصاد الروسي ضربة كبيرة نتيجة انهيار سعر الصرف، فارتفعت معدلات التضخم إلى 85.7%،[20] لينكمش الاقتصاد بنسبة 5.3%. حينها، عزى «المراقبون» هذا الانهيار المالي إلى أن الأسواق الروسية كانت متأثرة بالأجواء السلبية للأزمة المالية الآسيوية التي اندلعت عام 1997،[21] دون إلقاء اللوم على النهج الاقتصادي المشوه «المتحرر من المركزية» الذي انتهجه قاطنو الكرملين الجدد.

هذه الأزمة، التي أتت بفلاديمير بوتين رئيسًا لروسيا الاتحادية في نهاية الألفية، كانت الفاتحة لمحاولات تقليل الاعتماد على الدولار في الاقتصاد. فبعد أزمة آب 1998، عمم البنك المركزي على المصدّرين ضرورة تحويل 5075% مما يكسبونه بالعملة الصعبة إلى الروبل. وعام 2006، استحوذت الدولة على SberBank، أكبر البنوك الروسية، الذي لم يعد يقدم القروض المقومة بالدولار. كان من الواجب تعديل البنية النقدية للاقتصاد الذي كان الدولار يستحوذ فيها حتى 2001 على 87% من السيولة، سواء كودائع في البنوك أو كنقد جاهز (كاش) في أيدي المواطنين.[22]

تتناقض هذه الإجراءات الهادفة إلى التخفيف من حدة دولرة الاقتصاد إلى حد بعيد مع اعتماد تعديل جديد للقانون الاتحادي الخاص بتنظيم ومراقبة العملات، تم إقراره أيضًا في عام 2006. فقد أزال هذا التعديل الحواجز أمام تدفق رؤوس الأموال من وإلى روسيا، وعليه، بلغ صافي تدفقات رؤوس الأموال إلى الخارج للفترة 2005-2014 ما متوسطه 67 مليار دولار في السنة. ومن خلال إجراء مقارنة بين ربحية العائد من استثمار رأس المال الروسي في الخارج وبين نظيره الأجنبي العامل داخل روسيا، يتبين أن العجز المتحقق لصالح الأخير يمثل ما متوسطه 7% من الناتج المحلي الإجمالي الروسي لكل سنة خلال تلك الفترة. هذه الأرقام لم تمنع النائب الأول السابق لرئيس الحكومة الروسية ايغور شوفالوف من التعهد في مؤتمر دافوس عام 2015 بعدم وضع الحكومة أي قيود على حركة رؤوس الأموال عبر الحدود الروسية.[23]

كل هذه المؤشرات تدل على أن الكرملين والبنك المركزي الروسي ليسا على خط واحد. فـ«الماليون» الروس مسكونون بضرورة الحفاظ على احتياطيات النقد الأجنبي، إذ تم تعويم الروبل بقرار من البنك المركزي الروسي في تشرين الثاني 2014، أي في العام ذاته الذي انهالت فيه العقوبات على موسكو على خلفية التدخل في أوكرانيا. كانت الحجة حينها هي أن العمل على استقرار سعر الروبل يستنزف الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي، وأن انخفاض سعر صرف الروبل سيعزز من تنافسية الصادرات، في خطاب يستسلم لإمكانية الاعتماد على السوق الخارجية إلى الأبد. لكن في ذلك العام، بدأ انهيار تاريخي في أسعار النفط استمر لمدة عام، ونظرًا إلى أن الميزانية الروسية تعتمد في 40% من إيراداتها على تصدير النفط والغاز، فقد تعرض الروبل لهزات عنيفة أفقدته نصف قيمته في تلك الفترة. إن تعويم الروبل -الذي كان خيارًا مستبعدًا من قبل بوتين نفسه في تصريح له في كانون الثاني 2014- كان لا بد أن يستند إلى تنويع واسع للقطاعات الإنتاجية، تؤدي إلى إيجاد استثمارات مقومة بالروبل كأصول للبنك المركزي الروسي. لكن يبدو أن «الاقتصادويين» القائمين على البنك المركزي، مع بطانتهم السياسية، لا يفهمون سوى إدارة حسابات النقد الأجنبي تحت شعار «توازن سعر الصرف»، الذي لا يتوازن في كل مرة تشتبك فيه موسكو مع محيطها الجيوسياسي.

إن إصلاح بنية الاقتصاد الروسي والتقليل إلى الحد الأدنى من حرية حركة رؤوس الأموال يعني بالضرورة تخفيض «حساسية» البنك المركزي تجاه احتياطيه من النقد الأجنبي. وللسخرية، فقد وصلت هذه الحساسية إلى حد وضع حوالي نصف هذا الاحتياطي البالغ 640 مليار دولار في بيوت المال لعواصم دولٍ غربية، لتقوم هذه الدول بتجميد نحو 300 مليار دولار منه منذ بداية الأحداث الأخيرة في شباط 2022!

إلا أن الأزمة الحالية تُساهم بتغيير هذه البنية، على الأقل من الناحية النقدية، سواء قبل أو رفض المستفيدون من بقائها على ما هي عليه. فالحصار الاقتصادي الذي يشتد شيئًا فشيئًا على الجبهة الغربية، أصبح يعني أن لا الدولار ولا اليورو وبالطبع ولا الجنيه الإسترليني يشكلون ملاذات آمنة أو حتى متاحة للاقتصاد الروسي بشقيه العام والخاص. وعليه، لا خيار سوى الاعتماد على العملة الوطنية الروبل في إجراء التعاملات التجارية والتمويلية، مع الغرب في المقام الأول. هذا الوضع دفع القادة الروس إلى الإعلان عن استخدام الروبل في سداد ما يترتب على بلادهم من ديون خارجية (تُقدر بـ100 مليار دولار) وفي عقد الاتفاقات المقبلة لتوريد الغاز لجميع الدول التي فرضت العقوبات. فروسيا ليست مضطرة لتكديس العملة الصعبة مقابل بيع الغاز لأنه سيكون من الصعب -بسبب العقوبات- إعادة استخدامها في العلاقات الاقتصادية الخارجية مع الدول الغربية. كما أن التوجه إلى تعزيز موقع العملة الوطنية في العلاقات الخارجية، وبالتالي الداخلية، هو الطريق المختصر والأكثر نجاعة لتحقيق التوازن في سعر الصرف، مقارنة مع ضخ العملة الصعبة في السوق، وهي الطريقة التي لطالما كانت نتائجها متواضعة -إن لم نقل غير مجدية- في جميع الدول التي عانت من انخفاض قيمة عملتها بغض النظر عن السبب.

خلاصة

قد يكون من الجائز القول بأن التناقضات بين التيارات السياسية وما تمثله من قواعد اقتصادية ومصالح طبقية حال دون السير على طريق واضح المعالم لنزع الدولار من الاقتصاد الروسي. فهناك تيار حاول الإبقاء على تبعية روسيا بصبغ الاقتصاد بنمط عقد التسعينيات، الذي كان يبيح الدولة جغرافيًا وسكانيًا وثقافيًا واقتصاديًا واستخباراتيًا للدول الغربية. فيما انفصل عن هذا التيار تيارٌ آخر أراد الذهاب لخيار الحفاظ على استقلالية الدولة وتأمين ما تبقى من الثروات والامتيازات التي ورثها عن الحقبة السوفييتية. إلا أنه وفي نفس الوقت لم يُقدم أو لا يريد الإقدام- على تحويل الاقتصاد الروسي من شكله الخامي الريعي إلى الإنتاجي المُدار ولو جزئيًا من قبل الطبقات الشعبية غير البرجوازية. بل يريد أن يجابه الغرب بنفس ما يمتلكه الأخير من نموذج اجتماعي واقتصادي، أو حتى تقليد ما لديه من هذا النموذج، مبررًا ذلك داخليًا بالاستناد إلى ثقافة قومية وتحليلات سياسية تدور فقط في فلك «الجيوبولتيك».

إن هذا النمط لا يُتوقع منه الصمود طويلًا، لا لشيء إلا لأن التيار الثاني ليس وحيدًا على الساحة؛ فالتيار الأول يتربص به منتظرًا إعادة «مجد» التسعينات. لقد ظل الوضع في روسيا لفترة طويلة من الزمن لا يخرج عن إطار توصيف سمير أمين في تعليقه على الأزمة الأوكرانية في 2014: «لا يمكن أن تؤدي هذه التحركات الروسية إلى نتائج إيجابية في الصراع الحالي بين سعي موسكو لاتباع سياسة دولية مستقلة من ناحية ومن ناحية أخرى اتباع سياسة داخلية اجتماعية رجعية».

لكن الأمور قابلة للتغير في ظل الأحداث الحالية. فروسيا بمؤسساتها المدنية والعسكرية وغالبية نخبها الثقافية والاقتصادية والمالية باتت تدرك بأن الغرب فقد ما تبقى من رصيد مصداقيته في «احترام» الشراكات الاقتصادية، بما فيها من تبادل تجاري واستثمارات بينية، وأن مراهنتهم قد فشلت فيما يخص إمكانية مقاومة الاتحاد الأوروبي لوَهَج هيمنة واشنطن. فما من تحدٍ للعقوبات المفروضة بواسطة سويفت وغيره إلا مقاومة جزئية بهدف استثناء البنك المملوك لغازبروم Gazprombank وبنك Sberbank لتسيير المدفوعات وضمان عدم انقطاع إمدادات الطاقة بشكل نهائي –40% من احتياجات الاتحاد الأوروبي من الغاز تأتي من روسيا- مع تصاعد الدعوات الأميركية والأوروبية لإيجاد مصادر أخرى بدلًا من الغاز والنفط الروسيين. كما أن خطط إنشاء الجيش الأوروبي التي كانت فرنسا ومن خلفها ألمانيا تنادي بها، والتي لقيت تشجيع من موسكو كجسم موازي للناتو، قد تأخرت كثيرًا، فالجميع الآن موحد تحت مظلة هذا الأخير المسيطر عليه أميركيًا. بعبارة أخرى، سيظل التهديد الأمني والاقتصادي ماثلًا أمام الروس لفترة طويلة؛ وعليه قد يكون هناك عودة لنسبة غير قليلة من رؤوس الأموال الروسية من الخارج والاستثمار في قطاعات اقتصادية مختلفة، مما قد يعزز شكلًا من أشكال رأسمالية الدولة الوطنية المتمحورة على الذات والمشتبكة إقليميًا، لكن هذه المرة بشكل أعمق مع الصين وآسيا وأميركا اللاتينية.

هذا الاحتمال من شأنه تسريع الانعتاق من نظام سويفت؛ هذه المؤسسة التي تتمظهر فيها بوضوح سطوة الدولار على المعاملات المالية حول العالم. فاستمرار صعود مؤشرات العلاقات التجارية والمشاريع الاستثمارية التي تقودها الصين بالدرجة الأولى سيترافق بدون شك مع تعزيز مكان العملات الوطنية المُحصنة بواسطة أنظمة دفع خاصة للمراسلات المالية، تستند تدريجيًا على مفهوم العملات الرقمية الصادرة من البنوك المركزية. كل هذا سيكون بديلًا عن صنم العملة الخضراء الصادرة عن اقتصاد الولايات المتحدة القائم منذ السبعينيات على سياسات التمويل بالعجز. لكن هذا التحول يتطلب من الدولة المنخرطة فيه -ونتكلم هنا عن روسيا- فرض سيادة نقدية حقيقية على الاقتصاد، تعلي من شأن العملة الوطنية، وبالتوازي مع ذلك، حدوث تغييرات نوعية في منظور الطبقات المسيطرة تجاه الاقتصاد الوطني، بما يتضمن ضبط الاستثمارات الخارجية لتكون تحت رقابة الدولة، لأنها تعني ببساطة هجرة جزء من الثروة الاجتماعية إلى الخارج. إن هذا كله يستدعي بشكل غير مباشر حصول تغييرات اجتماعية تصيب البناء الطبقي الروسي وتحدد مسار تطوره اللاحق، ولا شك أن تأثيرات الأزمة الحالية تندرج في سياق رسم معالم هذا المسار، لكن تبقى النتيجة غير مضمونة.

  • الهوامش

    [1] SWIFT: The Society for Worldwide Interbank Financial Telecommunication

    [2] جورجي ماتوخين، مشكلات النقود والأنظمة التسليفية  في الرأسمالية المعاصرة، ترجمة عارف دليلة. بيروت: دار الطليعة للطباعة والنشر، 1979، ص 119-121.

    [3] المقاصة هو إجراء محاسبي بين الدائن والمدين  يتم عبره تسوية الحسابات وسداد قيمة المدفوعات، من شراء وبيع للسلع والسندات وغيرهما، وبالتالي التقليل من الحاجة إلى النقد السيّال في إطار خصم ما يترتب على المدين (القيمة المطلوب سدادها) تجاه الدائن بواسطة غرفة مقاصة، أو بنك، أو مؤسسة مالية… إلخ. فعلى سبيل المثال، إذا كان الطرف (أ) يريد من الطرف (ب) ما مقداره 50 ألف دولار لِقاء بيع جرار زراعي، وفي نفس الوقت يترتب على الطرف (أ) تجاه (ب) 60 ألف دولار لقاء استلام حاوية من الملابس، هنا يتم خصم المبلغ المطلوب ليبقى في ذمة (أ) ما مقداره 10 آلاف دولار لـ (ب). وحسب الاتفاق يجري تسديد المبلغ المتبقي بتصدير منتجات أخرى أو بشراء سندات دين صادرة عن الطرف (ب) أو بتحويل النقد مباشرة.

    [4] ماتوخين، المصدر السابق، ص117.

    [5] حينها كل أونصة ذهب كانت تساوي 35 دولار (31.1034768 غرام ذهب = 35 دولار).

    [6] رمزي زكي، التاريخ النقدي للتخلف: دراسة في أثر النظام النقد الدولي على التكون التاريخي للتخلف لدول العالم الثالث، سلسلة عالم المعرفة 118، الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1987، ص 166-172.

    [7] وزن العملات في تحديد سعر حقوق السحب الخاصة يجري تحديثه في الوقت الحالي كل خمس سنوات، وهو يساوي منذ تشرين الأول 2016الدولار 41.73%، اليورو  30.93%، اليوان الصيني %10.92، الين الياباني 8.33%، الجنيه الاسترليني 8.09%.

    [8]  ألكسندر بريماكوف، نفط الشرق الأوسط والاحتكارات الدولية، ترجمة بسام خليلبيروت: دار ألف باء للطباعة والنشر والتوزيع، 1984، ص 86.

    [9] رمزي زكي، التاريخ النقدي للتخلف: دراسة في أثر النظام النقد الدولي على التكون التاريخي للتخلف لدول العالم الثالث، سلسلة عالم المعرفة 118الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1987، ص 219-220.

    [10] نظام سويفت ليس آمنًا بالمطلق، ففي 2016 جرت سرقة 81 مليون دولار من البنك المركزي لبنغلادش عبر اعتراض رسائل سويفت. للمزيد انظر/ي: How Secure Is the Swift Network؟

    [11]  Susan V. Scott and Markos Zachariadis. Markos Origins and development of SWIFT, 1973–2009, Business History, vol 54, no. 3. 2012. page 6.

    [12]  أنيكين، الشيطان الأصفر: الذهب والرأسماليةموسكو: دار التقدم، 1982، ص 206.

    [13] INSTEX: Instrument in Support of Trade Exchanges.

    [14] OFAC: Office of Foreign Assets Control.

    [15] SPFS: System for Transfer of Financial Messages.

    [16] Xu Wenhong, The SWIFT System: A Focus on the U.S.–Russia Financial Confrontation, Russian International Affairs Council, 3-2-2020.

    [17] CIPS: Cross-Border Interbank Payment System.

    [18] كاتاسونوف، فالنتين، استعباد العالم، ترجمة إبراهيم استنبوليدمشق: منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب-وزارة الثقافة، 2018، ص 214، 220-221.

    [19] Xu Wenhong, Ibid.

    [20] هذه الأرقام تبدو متواضعة أمام مستويات التضخم المفرط الذي عانى منه الاقتصاد الروسي في أعقاب انهيار الاتحاد السوفييتي، مثلًا بلغ مستوى التضخم 874% في عام 1993.

    [21] The Russian Crisis 1998, RaboResearch – Economic Research, 1692013.

    [22] Juliet Johnson , Forbidden fruit: Russia’s uneasy relationship with the US dollar, Review of International Political Economy, McGill University, Montreal, 2008, page 385-388.

    [23] Valentin Katasonov, The price of «openness» of the Russian economy: a trillion dollars in ten years, regnum.ru,  1722015.

 

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية