في مقابلة له، يتحدث أمجد العريان، مؤسس سلسلة صيدليات «فارمسي ون» عن إعجابه بنموذج سلسلة صيدليات CVS الأميركية الضخمة، التي عمل فيها أثناء دراسته الصيدلة في الولايات المتحدة، ويقول إن حلمه كان دائمًا تأسيس مشروع مشابه للسلسلة المكونة من ألف فرع تقريبًا. لكنه كان يعرف أنه ليس بمقدوره منافسة إمبراطور الصيدليات الأميركي، لهذا حمل حلمه إلى الأردن، حيث قرر، بحسب تعبيره، أن يصبح «سمكة كبيرة في سوق صغير».
عندما تأسست «فارمسي ون» في عام 2001، كان السوق قائمًا على الصيدليات الفردية، بحكم القانون الذي كان يمنع امتلاك أكثر من صيدلية. وأدخلت «فارمسي ون» بعد تعديل القانون في عام 2002،[1] نموذج السلاسل إلى السوق، والتي يبلغ عددها الآن، بحسب تقديرات النقابة، 400 سلسلة، مما مجموعه 3176 صيدلية في المملكة.[2] وخلال عشرين سنة ارتفع فيها عدد فروع «فارمسي ون» إلى 106، كُرّست السلسلة في الإعلام بوصفها قصة نجاح تُوّجت في عام 2016، بحصولها على وسام الملك عبدالله الثاني للإنجاز. ومن قبلها بحصول العريان في عام 2010 على جائزة إرنست ويونغ الأردن لرواد الأعمال.
لكن الذكرى العشرين لتأسيس السلسلة تأتي في الوقت الذي تتهاوى فيه نتيجة تعثرها المالي. فهي مدينة للبنوك بملايين الدنانير، وقسم كبير من موظفيها لم يحصلوا على رواتبهم منذ تشرين الأول الماضي، وأغلقت فروع حصل مالكوها على أوامر إخلاء بعد تراكم إيجاراتها غير المدفوعة. وتعمل الفروع المفتوحة، التي تبلغ اليوم 43 فرعًا، برفوف شبه خالية، بعد أن توقف توريد مستودعات الأدوية التي تدين لها السلسلة أيضًا بالملايين.
إنه انهيارٌ يقول عاملون في قطاع الصيدليات إنه يأتي في وقت لم يتعاف فيه السوق بعد من انهيار سلسلة كبيرة أخرى هي «دواكم»، التي يقضي مالكها أحكامًا بالسجن حاليًا. الأمر الذي يدلل، كما يقولون، على أن سوق الدواء في الأردن لا يتحمل هذا الحجم من «البزنس»، الذي استخدم أصحابه للتوسع أساليب «التفافية»، ساعدتهم على الاستحواذ على حصة كبيرة من السوق، أدت إلى التضييق على الصيدليات الفردية، وإخراج المئات منها من السوق، بحسبهم.
لا أحد من الذين قابلناهم في سياق الإعداد لهذا التقرير من موظفين في السلسلة، وأصحاب صيدليات ومستودعات أدوية ومسؤولين في نقابة الصيادلة، قال إنه يعرف التفاصيل الدقيقة لتعثر «فارمسي ون» المالي، أو إن كان هناك أمل لإنقاذها. أرسلت حبر للسيد سعد أبو عودة، المدير الحالي لفارمسي ون، رسالة تتضمن استفسارات عن تعثر السلسلة المالي، والحقوق العمالية، وسائر ما ورد في هذا التقرير. وقد ردّ أبو عودة بأن الدكتور أمجد العريان قال إنه غير مستعد حاليًا للإدلاء بأي تعليق صحفي، لأن الأمور بالنسبة للسلسلة ما زالت متقلبة.
إذن، كل ما هو واضح حاليًا أن سيناريو «دواكم» التي تأسست في عام 2009، ووصل عدد فروعها إلى 110، ثم تعثرت لتنهار تمامًا، يتكرر الآن مع «فارمسي ون».
ووفق مصدر مطلّ، بحكم مسؤوليته المهنية، على المطالبات المالية لمستودعات الأدوية، فإن هذه المطالبات تبلغ قرابة 25 مليون دينار، لـ300 مورد تقريبًا. المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه أو الجهة التي يمثلها، قال إن أحد المستودعات يطالب وحده السلسلة بقرابة خمسة ملايين دينار.
يضاف إلى ما سبق القضايا المرفوعة على السلسلة بما يخص القروض البنكية. وتظهر سجلات المحاكم صدور حكمين خلال الشهرين الماضيين لصالح بنكين، بما قيمته مليونان ونصف تقريبًا.[3]
في انتظار ما سيحدث
رغم كل ذلك، ما تزال رنا،* التي تعمل في السلسلة منذ خمس سنوات، وهي واحدة من ألف موظف تقريبًا يعملون فيها، تنتظر على أمل أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه. لهذا لم تقدم استقالتها، بل اكتفت بأن تبدأ إجازة دون راتب بداية العام الحالي، وذلك بعد أن قضت الشهور الثلاثة الأخيرة في العام الماضي من دون راتب.
تقول رنا إن ملامح التعثر بدأت منذ آب الماضي، عندما تأخر راتبا آب وأيلول. ثم توقفت الرواتب في تشرين الأول. وهذا دفع قرابة 100 موظف لتوقيع عريضة تطالب بالرواتب، ولكن دون فائدة. قبل أن تذهب إلى إجازتها، كان قد توقف توريد العديد من الأدوية الحيوية من قبل وكلائها الحصريين، فكانوا في السلسلة يشترونها من صيدليات أخرى بكميات قليلة لتأمينها لزبائنهم في محاولة للحفاظ على هؤلاء الزبائن، خصوصًا مرضى شركات التأمين التي تعاقدت معها «فارمسي ون»، وذلك قبل أن يتوقف صرف وصفات شركات التأمين في السلسلة نهاية العام الماضي.
عندما تأسست «فارمسي ون» في عام 2001، كانت السوق قائمة على الصيدليات الفردية، بحكم القانون الذي كان يمنع امتلاك أكثر من صيدلية. وأدخلت «فارمسي ون»، بعد تعديل القانون في عام 2002، نموذج السلاسل إلى السوق.
لقد ترك كثيرون العمل، تقول رنا، وآخرون أخذوا مثلها إجازات من دون راتب في انتظار ما سيحدث، في حين بقي البعض يداوم في الفروع المفتوحة، والخالية الآن من كثير من الأدوية المطلوبة في السوق، بعد أن توقفت واردات المستودعات.
مصدر مسؤول في نقابة الصيادلة قال إن النقابة تتابع تبعات تعثر السلسلة على حقوق منتسبيها من صيادلة وأصحاب مستودعات، بعد أن أخلي عدد من الفروع بأوامر محكمة، في حين أخليت فروع أخرى من البضاعة، وأغلقت من قبل السلسلة نفسها. والنقابة بحسبه، لا تعلم على وجه الدقة عدد الفروع المغلقة، لأن الشركة ما زالت قائمة قانونيًا. وكل ما استطاعت النقابة فعله حاليًا بالنسبة للذمم المالية هو أنها في تشرين الثاني الماضي، عندما اتضحت ملامح الانهيار التام، تواصلت مع مسؤولي السلسلة وأبلغتهم أنها لن تجيز أي عمليات بيع لأي أصول إلا بعد سداد الذمم المالية المترتبة عليها.
وفق النظام الداخلي لنقابة الصيادلة، فإن بيع أي صيدلية لا يمرّ دون سداد الذمم المالية تجاه النقابة، إضافة إلى «تصويب الأمور المالية ما بين الصيدلية ومستودعات وشركات الأدوية». لكن الوثيقة[4] التي تنظم خطوات شراء وبيع الصيدليات لا تذكر شيئًا عن الحقوق العمالية.
ومع ذلك، يقول المصدر، إن النقابة إبان أزمة «دواكم» تمكنت من تحصيل قسم كبير من الحقوق العمالية لموظفي السلسلة من خلال الوساطة بين الطرفين. لكن الأمر مع «دواكم» كان أقل صعوبة، إذ كان هناك عمليات بيع للفروع عندما بدأ التعثر، وحصّل مالكوها أموالًا تمكنوا بواسطتها من دفع قسم من الذمم المالية. أما في حالة «فارمسي ون»، فعدا عن أن المطالبات أكبر بكثير، فإن الفروع تخلى وتغلق. وهذا يعني أن السلسلة خسرتها كمصدر مالي كان يمكن أن يستخدم لدفع جزء من المستحقات. وفي وقت لا يبدو فيه أن هناك أفقًا لأي حل، يقول المصدر إن الخوف هو أن تسير الأمور باتجاه التصفية القانونية، وهذا سيكون ضارًا بحقوق الموظفين والموردين.
يذكر أن أولوية تحصيل الذمم المالية في حالة التصفية القانونية، وفق المحامي المختص بقضايا الشركات، عمر العطعوط، تكون أولًا لنفقات التصفية، ثم الذمم المالية للموظفين، ثم للأموال الأميرية، وتأتي لاحقًا الذمم المالية للموردين.
صيدلية مغلقة لـ«فارمسي ون» في منطقة أم أذينة. تصوير شربل ديسي.
انهيار مفاجئ ومطالبات ضخمة
لقد جاء انهيار «فارمسي ون» مفاجئًا وغير مفهوم، يقول عادل* مالك مستودع أدوية يعمل في السوق منذ العام 1995، وهذا على النقيض من «دواكم»، التي يقول إن كثيرين رأوا نهايتها قادمة، نتيجة «التوسع غير المدروس» الذي كانت تقوم به. وهي بالفعل لم تعمر طويلًا في السوق مقارنة بـ«فارمسي ون»، التي صمدت في السوق لعقدين من الزمن، وكانت تعاملاتها الإدارية والمالية «توحي» بالاستقرار، حسبما يقول. وبذلك فإن انهيار «دواكم»، وإن خلق هزة في السوق ما زالت ارتداداتها قائمة على شكل قضايا عالقة في المحاكم، فإن هذا، كما يقول، لم يؤثر كثيرًا على الثقة في «فارمسي ون»، والدليل هو ضخامة المطالبات المالية التي تكشفت بعد انهيارها. وعادل هو أحد المطالبين الذين أوقفوا التوريد للسلسلة. كما حاول أن يسترد منها ما لم يُبع من بضاعته، في محاولة لتقليل خسائره، ولم يتمكن. ومع ذلك يقول إنه محظوظ لأن مطالبته أقل من مئة ألف دينار، في حين يعرف من أصحاب المستودعات من يطالب السلسلة بالملايين.
بالنسبة للموظفين، فإن هذا التوقيت لفقدان الوظائف هو الأسوأ، بالتحديد للصيادلة، الذين يبلغ عددهم 350 تقريبًا في السلسلة، بحسب محمد أبو عصب، نائب نقيب الصيادلة، وذلك بسبب ارتفاع البطالة في أوساطهم.
تخصص الصيدلة هو بالفعل تخصص «مشبع» للجنسين، بحسب تصنيف ديوان الخدمة المدنية، الذي يوجد فيه 5477 طلب توظيف، 90% منهم لإناث. وهناك 23 ألف صيدلي تقريبًا مسجلين في النقابة، 64% منهم تقريبًا إناث. وهم يزيدون سنويًا، مع وجود 18 جامعة حكومية وخاصة[5] تخرج سنويًا ما متوسطه أربعة آلاف صيدلاني.
يقول أبو عصب إن فرص العمل شحيحة جدًا في المجال. ومع أزمة كورونا، ساء الوضع أكثر. فبسبب الحظر، قلّت ساعات عمل المؤسسات. ولأن أوامر الدفاع لم تدرج الصيدليات من بين القطاعات المتضررة، فإن الكثير من الصيادلة الذين كانوا يغطون المناوبات الليلية، صاروا فائضين عن حاجة الصيدليات التي يعملون فيها.
بالنسبة للموظفين، فإن هذا التوقيت لفقدان الوظائف هو الأسوأ، بالتحديد للصيادلة، الذين يبلغ عددهم 350 تقريبًا في السلسلة، بسبب ارتفاع البطالة في أوساطهم.
«اللي عنده موظفين بده يطلعهم»، تقول رنا، لهذا هي مضطرة للحفاظ على وظيفتها، التي تقول إنها كانت في النهاية جيدة جدًا، مقارنة بما هو متوفر في السوق. فالسلسلة كانت تلتزم بالحد الأدنى لرواتب الصيادلة المقرر من النقابة وهو 359 دينارًا، وتشرك موظفيها بالضمان الاجتماعي والتأمين الصحي. وكان هناك بشكل عام جو مريح في العمل، يتضمن تقسيمًا جيدًا للمهام، وترحيبًا بسماع الأفكار الجديدة، وتقبلًا للشكاوى. وكان هناك فرص للتدريب والتطور، ونظام واضح للتقييم، ومسار مهني للموظفين تترتب على التقدم فيه زيادات محددة. وليس هذا هو الوضع في كثير من الصيدليات الأخرى، خصوصًا في المحافظات، التي تقول رنا إن رواتب بعض الصيادلة فيها، بالتحديد الإناث، لا تتجاوز 250 دينارًا. لهذا كله، يشكل العمل في «فارمسي ون» فرصة جيدة، خصوصًا للإناث اللواتي يشكلن قرابة 65% من العاملين في السلسلة.
يقول العريان في مقابلة معه، من العام 2016، إن دخول «فارمسي ون» إلى السوق شكل تهديدًا لـ«المنافسين الصغار» ودفعهم إلى تحسين خدماتهم. وهي بذلك، ساهمت في رفع مستوى الرعاية الصحية في قطاع الصيدليات.
لقد قدمت «فارمسي ون» بالفعل إضافات مهنية على قطاع الصيدليات، بحسب العديد ممن قابلناهم، فقد أنشأت مركز اتصال مجاني للاستشارات الدوائية، وأدخلت نموذج الصيدليات الافتراضية إلى كليات الصيدلة في عشر جامعات حكومية وخاصة، وهي نماذج صيدليات تدريبية تقام على غرار الصيدليات العادية. كما أدخلت خدمة إرشادات استخدام الدواء بلغة بريل للمكفوفين في فروعها، وخدمة مكالمات الفيديو بلغة الإشارة للصم والبكم.
تضيف سلام* مالكة صيدلية فردية تعمل في السوق منذ العام 1996، إن «فارمسي ون» هي من أدخل إلى المملكة الشكل «العصري» للصيدليات، الذي حوّلها إلى مكان «للتسوق»، وذلك من خلال المقرات الواسعة بالديكورات الجذابة، وأسلوب عرض الأدوية والبضائع المتبع في صيدليات الدول الغربية، والذي يسمح للعميل بالتجول داخل أرجائها.
لكن سلام تقول إن العديد من السلاسل كان لها ممارسات «احتكارية»، «خنقت» الصيدليات الفردية، وأخرجت الكثير منها من السوق. فإضافة إلى أن السلاسل التي توسعت بشكل كبير ساهمت بشكل ملحوظ في رفع «خلوات» الصيدليات وإيجارات مقراتها، فإن الممارسة التي أضرت بالفعل بالصيدليات الفردية هي «احتكار التأمينات»، أي الاستحواذ على القسم الأكبر من الوصفات الطبية لعملاء شركات التأمين مقابل منح هذه الشركات خصومات أعلى من النسبة القانونية.
تشرح سلام أن هناك اتفاقية بين نقابة الصيادلة واتحاد شركات التأمين تنص على منح شركات التأمين ما نسبته 6% خصمًا على الفواتير. ما فعلته العديد من السلاسل هو أنها تجاوزت هذه النسبة. حتى أن بعض السلاسل الكبيرة أوصلت الخصم إلى 15%، مقابل أن توجه شركات التأمين عملاءها إليها.
ويذكر هنا، نقيب الصيادلة السابق، الدكتور أحمد عيسى، أن النقابة، قبل العام 2015، لم تكن تتدخل في التعاقدات بين الصيدليات وشركات وصناديق التأمين. لكن ارتفاع نسبة الخصومات التي كانت السلاسل الكبيرة تمنحها لعملائها، والأثر السلبي الذي خلّفه هذا على صغار الصيادلة في السوق، دفع النقابة إلى تعديل قانونها تلك السنة،[6] بحيث أصبح من صلاحياتها وضع أسس التعاقد بين الطرفين. ووقتها أقرت الـ6% سقفًا للخصم. لكن هذا، يقول عيسى، لم يوقف هذه الممارسة، وظل تطبيق القانون ضعيفًا.
رفوف خالية في أحد فروع صيدلية «فارمسي ون» المغلقة. تصوير شربل ديسي.
نسبة خصم تصل إلى 15%، تقول سلام، هي نسبة من المستحيل أن تستطيع هي وغيرها من الصيدليات الفردية مجاراتها. فسعر بيع الدواء من مستودعات وشركات الأدوية للصيدليات محدد من المؤسسة العامة للغذاء والدواء، التي حددت أيضًا هامش ربح الصيدلية منه، والذي يبلغ في مجمله 20.4%. وهي نسبة يمكن أن ترتفع قليلًا من خلال «البونص»، وهي الكميات التي يمنحها الموردون مجانًا على مبيعات الأدوية والسلع الأخرى من مواد تجميل ومكملات غذائية وغيرها. لكن حجم البونص يتناسب مع الكمية المشتراة، ومن هنا يأتي اختلال الكفة بين السلاسل والصيدليات الفردية. فالسلسلة تستطيع شراء منتجات أكثر بما لا يقاس بالمقارنة مع الصيدليات الفردية، وتستطيع بالتالي الحصول على خصومات أكبر بكثير على مشترياتها، ما يمكنها من عكس هذه الخصومات على تعاقداتها مع شركات التأمين، ومن ثم الاستحواذ على وصفات مشتركيها. وهي ممارسة تتركز بالأساس في وصفات أدوية الأمراض المزمنة، لأنها مرتفعة الثمن، ومرضاها عملاء دائمون، بحسب سلام.
تقول سلام التي عاصرت مرحلتي ما قبل السلاسل وما بعدها، إنها لمست وزملاؤها من مالكي الصيدليات الفردية الفرق الهائل بين المرحلتين، فقبل السلاسل «التأمينات اللي كان موردي منها ألف أو ألف و500، صار بالشهر يا دوب 100 دينار». لقد أدى هذا إلى التضييق على الصيدليات الفردية التي لم يعد الكثير منها قادرًا على المنافسة.
هذه الممارسة، التي يقول عيسى إنها تندرج تحت «المنافسة غير الشريفة» والتي كرّستها السلاسل بشكل خاص، هي التحدي الأساسي الذي تواجهه الصيدليات الفردية في السوق. وقد أدى هذا إلى أن بعض شركات وصناديق التأمين، باتت تتوقع هذه الخصومات العالية، وتمارس ضغوطات هائلة على الصيدليات للحصول عليها.
خلال العشرين سنة الماضية، لم يخرج إلى الإعلام الكثير عن صراع السلاسل على «التأمينات»، لكن واحدة من أبرز قضايا الاستحواذ على التأمينات التي برزت إلى السطح كانت قضية صندوق التأمين الخاص بنقابة المحامين، والتي حصرت عام 2014 صرف وصفات الأدوية المزمنة لمنتسبيها من «فارمسي ون».[7] وردّت نقابة الصيادلة آنذاك بمنع كافة صيدليات المملكة، بما في ذلك «فارمسي ون»، من صرف أي وصفات لـ«المحامين»، بل تقاضي ثمن الوصفات نقدًا، وتزويد العملاء بإيصالات دفع. وصحيح أن «المحامين» أعلنت وقتها إلغاء حصر التعامل بـ«فارمسي ون». لكن هذا لم يعن، كما يقول عيسى، أن هذه الممارسة من قبل السلاسل انتهت، بل «ما زالت موجودة بقوة».
اختلال الكفة بين الصيدليات الفردية والسلاسل، يقول الصيدلاني مروان* لا يتعلق فقط بحجم الخصومات التي تحصل عليها السلاسل، والتي قد تصل في بعض أنواع السلع مثل مواد التجميل وغيرها إلى 100%، بل يتعلق أيضًا بتسهيلات الدفع التي تقدمها المستودعات للسلاسل مقابل التضييق على الصيدليات الفردية.
سلاسل تجاوز عدد فروعها المئة لا يمكن بأي حال أن تكون جميعها رابحة. بل إن بعضها قد لا يغطي كلفه التشغيلية في سوق صغيرة مثل السوق الأردنية.
يقول مروان الذي عمل بعد تخرّجه قبل خمس سنوات مندوب مبيعات لمستودع أدوية، ثم في صيدليات منها «فارمسي ون»، إن شركات التأمين تتأخر في العادة في دفع مستحقات الصيدليات لأربعة أو خمسة أشهر. والموردون لا يعطون مثل هذه المهلة للدفع إلا لكبار المشترين، علمًا بأن مطالباتهم يمكن أن تكون بالملايين، في حين يوضع للصيدليات الفردية سقوف دفع قد لا تتجاوز 500 دينار، يتوقف بعدها التوريد للصيدلية. بل يقول إنه أثناء عمله مندوبًا، أوقف مستودع الأدوية الذي يعمل فيه التوريد لصيدلية بسبب تأخرها دفع 70 دينارًا لثلاثة شهور. في حين «لما تكون سلسلة، الكل بده رضاك. ادفع متى ما بدك، وخد الأوفرات [العروض] اللي بدك ياها».
والأمر لا يتعلق فقط، كما يقول قصي، وهو مالك صيدلية، بالخصومات المقدمة لشركات التأمين، بل أيضًا للأفراد، من خلال العروض التي كانت «فارمسي ون» تقدمها عدة مرات كل سنة على السلع غير المصنفة كأدوية، مثل مواد التجميل والحليب والمكملات الغذائية وغيرها، وكانت تضرب بها السوق، لأن الخصومات كانت تصل إلى 30%. يقول قصي إن مالكي الصيدليات الفردية لا يحلمون بالحصول على هذا الخصم من المستودعات، ناهيك عن تقديمه لزبائنهم. لهذا عندما كانت «فارمسي ون» تقوم بعروضها، كان أصحاب صيدليات فردية يجولون على فروعها ويشترون منها ليعيدوا بيعها لاحقًا في صيدلياتهم.
يؤكد عادل محاباة الموردين للسلاسل على حساب الصغار في السوق، ويقول إن هذا مفهوم لأن السلاسل في السوق تحمل ثقل المستهلك والمورد معًا. فهي قوية في تعاملها مع المستودعات وشركات الأدوية بوصفها مستهلكًا ضخمًا، وهذا يمكنها من الحصول على تسهيلات هائلة في ما يتعلق بمدة استحقاق الديون والضمانات المطلوبة لهذه الديون. وهي في تعاملها مع الزبائن من شركات تأمين وأفراد، تمثل المورد الضخم القادر على منح خصومات عالية، تمكنه من الاستحواذ على الحصة الأكبر من السوق.
خطة للسيطرة على السوق
الاستحواذ على السوق، يقول محمد العمري، وهو مالك صيدلية، ويعمل في القطاع منذ العام 1995، هو ما يفسر توسع السلاسل الكبرى في فتح فروع، يعرف من في السوق أنها غير مجدية اقتصاديًا. فسلاسل تجاوز عدد فروعها المئة لا يمكن بأي حال أن تكون جميعها رابحة. بل إن بعضها قد لا يغطي كلفه التشغيلية في سوق صغيرة مثل السوق الأردنية.
يبلغ حجم سوق الدواء للقطاع الخاص في الأردن 445 مليون دينار تقريبًا.[8] في حين أن في الأردن 3176 صيدلية، بنسبة صيدلية لكل 3300 نسمة تقريبًا.[9] وهو عدد من الصيدليات يتجاوز حاجة سوق بهذا الحجم، بحسب العمري، الذي عمل 16 سنة في مجال إدارة مبيعات وتسويق الأدوية، لشركات محلية وعالمية في كل من السعودية والإمارات وسلطنة عمان واليمن. ويقول إن نموذج السلاسل الذي دخل إلى المملكة مع «فارمسي ون»، تم نسخه عن دول مثل الولايات المتحدة والسعودية والإمارات، والتي نجح فيها لأن أسواقها مختلفة جذريًا عن السوق الأردنية من ناحية الحجم، نتيجة الكثافة السكانية، والقوة الشرائية للأفراد.
ورغم ذلك، استمرت السلاسل الكبرى، يقول العمري، بالتوسع بطريقة لا يفهم منها إلا أنها خطة بعيدة الأمد لإحكام السيطرة على السوق. يشرح العمري أن فتح الصيدليات محكوم بقانون يشترط ألا تقل المسافة بين أي صيدليتين عن 200 متر. وفتح فروع لا جدوى اقتصادية حقيقية لها، هدفه حجز مواقع، وإغلاق الطريق مستقبلًا على أي صيدلي يفكر بتأسيس صيدلية في المنطقة. لكنه يقول إن هذا من الواضح أنه لم ينجح، إذ تظل للفروع الضعيفة كلف تشغيلية تستنزف أرباح السلسلة، في سوق صغيرة تعاني أصلًا من فائض الصيدليات، ولا تحتمل بالتالي هذا الحجم من «البزنس»، الذي يقول إن النقابة والوسط الصيدلاني بشكل عام، قاوموا تعديل القانون باتجاه إجازته، لكنه مرّ رغمًا عنهم.
لقد قاومت النقابة آنذاك إجازة السلاسل، يقول أبو عصب، بسبب الخوف من الممارسات «الاحتكارية»؛ وهو خوف ثبت أنه كان في محله. وقد عدل القانون في النهاية رغمًا عن النقابة ليبدأ تأسيس وتوسع السلاسل، بطريقة أخذت السوق في اتجاه أثار الخوف بالفعل في نفوس الصغار في السوق، بحسبه. وهذا ما دفع العديد من الصيدليات إلى الانضواء في ائتلافات في محاولة للبقاء. ويقول أبو عصب إنه شخصيًا كان من الذين فعلوا ذلك بعد أن بدأ التوسع الكبير للفروع، وفتح بعضها قريبًا منه. فانضم في عام 2006 مع أربعة مالكي صيدليات في مجموعة واحدة. ما زالت قائمة إلى الآن، لأنهم عرفوا وقتها أن هذه هي وسيلتهم للبقاء في السوق. لكن هذا النوع من الائتلافات، يقول أبو عصب، لم ينجح دائمًا في أن يكون النموذج القادر على مواجهة السلاسل، التي اتسمت بهوية موحدة للفروع وأسلوب تقديم الخدمة. وكمنت قوتها في امتلاك مساحات عرض واسعة تشكل في حد ذاتها مصدر دخل، ذلك أنها تتقاضى من الشركات المنتجة ثمنًا مقابل عرض بضائعها على الرفوف.
ثغرات القانون التي قوّضت الهدف منه
عندما عدّل القانون باتجاه إجازة السلاسل، تم ذلك ضمن شروط بدا أنها تحد من تركز رأس المال، فقد اشترط ألا يتجاوز عدد الفروع عدد الشركاء في السلسلة، وألا تتجاوز حصة الشريك 40%، كما منع الصيدلاني أن يكون شريكًا في أكثر من سلسلة. لكن القانون عابه، يقول عيسى، أنه أغفل تحديد حدّ أدنى لحصص الشركاء. وهذا تشوّه عنى ضمنًا أن للسلسلة أن تؤسس ما لا نهاية له من الفروع. كما عنى أن ثلاثة من الشركاء يمكن أن يستحوذوا على 99% من الملكية، في حين يشترك مئات آخرون في ما نسبته 1%، ويكون هؤلاء مجرد شركاء صوريين. الأمر الذي يقول عيسى إن سلاسل كبرى قامت به بالفعل.
بالنظر إلى السجل التجاري لشركة «الصيدلية الأولى»، وهي الشركة التي ضمت الفروع الأولى سلسلة «فارمسي ون»، على موقع دائرة مراقبة الشركات سنجد أن عدد الشركاء 47، يمتلك ثلاثة منهم (أحدهم أمجد العريان) ما مجموعه 799,110 دينار من رأس المال المكون من 800 ألف دينار، في حين تتوزع الـ890 دينارًا الباقية على 44 شريكًا، بحصص تتراوح بين خمسة دنانير وخمسين دينارًا.
ثلاثة من الشركاء يمكن أن يستحوذوا على 99% من ملكية السلسة، في حين يشترك مئات آخرون في ما نسبته 1%، ويكون هؤلاء مجرد شركاء صوريين.
الشراكات الصورية هي «ظاهرة» موجودة قبل نشوء السلاسل، يقول مروان، وتعرف في الوسط الصيدلاني بـ«تأجير الشهادات». وبموجبها يتفق مستثمر وصيدلي بأن يمول الأول افتتاح صيدلية، مستخدمًا «شهادة» الصيدلاني لاستخراج الترخيص، بحيث تكون المعاملات كافة باسم الأخير، الذي يوقع شيكات أو كمبيالات، تضمن حق المستثمر. ويتلقى الصيدلاني مقابل هذا مبلغًا شهريًا. هذه الممارسة، يقول مروان، كانت قبل السلاسل تهدف إلى التحايل على القانون الذي يمنع تملك غير الصيادلة للصيدليات. وعندما دخلت السلاسل إلى السوق، استخدمتها للتحايل على شرط عدم تجاوز عدد الفروع لعدد الشركاء.
وفق قانون الدواء والصيدلة، يلغى ترخيص الصيدلية إذا ثبت أن مالكها ليس هو صاحب الترخيص. أما في حالة السلاسل، فالشركاء هم قانونيًا شركاء في الملكية. فهل يعني هذا أن الممارسة تصبح هنا قانونية؟ يرى المحامي عمر العطعوط، أنه وعلى الرغم من انسجام هذه الممارسة مع النص القانوني، إلا أنه كان ينبغي على نقابة الصيادلة أن تتدخل بما لها من صلاحيات لضبط تطبيق روح القانون من حيث وجود شراكة فعلية وليس صورية. وفي هذه الحالة، فإن هناك وجاهة للتساؤل عن الفرق الشاسع بين حصص الشركاء، ومناقشة مخالفته روح القانون والنية من وراء التشريع.
لقد كان ما سبق هو بالضبط ما حفز إلى تعديل القانون عام 2013،[10] يقول عيسى، والذي تمخض عنه رفع الحد الأدنى من حصة الشريك إلى 2.5%، وخفض الحد الأعلى إلى 30%. لقد ضمن هذا أولًا؛ الحد من الشراكة الصورية، وضمن ثانيًا؛ ألا يتجاوز عدد الفروع لكل سلسلة 40 فرعًا.
ورغم أن «فارمسي ون» وقت تعديل القانون كانت قد تجاوزت الأربعين فرعًا، إلا أن التعديل لم يؤثر على وضعها القائم، لأنه لم يتضمن بندا لـ«تصويب الأوضاع»، أي أنه لم يكن ليطبق بأثر رجعي. لكنه شكّل، مع ذلك، عقبة للتوسع مستقبلًا. وبهذا فإن السؤال هنا كيف استطاعت رفع فروعها إلى 106 بحلول العام 2019؟
بعد أن منع القانون تجاوز السلسلة لـ40 فرعًا، بدأت «فارمسي ون» و«دواكم» بتأسيس سلاسل أخرى تنضوي تحتها الفروع الجديدة. لكن هذا ووجه بعقبتين؛ الأولى أن القانون يمنع، كما سبق القول، أن يشترك الشخص في أكثر من سلسلة، والثانية أن القانون يمنع أيضًا استخدام الاسم التجاري نفسه لأكثر من شركة تعمل في النشاط نفسه.
عقبة منع التملك في أكثر من سلسلة تم حلّها بتأسيس سلاسل لم يكن مالكو الشركة الراغبة في التوسع شركاء فيها، لكنهم كانوا المدراء لها، والمفوضين المخولين بالتوقيع في معاملاتها كافة. ونجد هذا بالفعل في شركات معروف في السوق أنها منضوية تحت «فارمسي ون»، منها مثلًا «التجمعات المهنية» و«الحائط الأخضر».
تبقى العقبة الثانية وهي عدم جواز استخدام الاسم التجاري نفسه لأكثر من شركة. وهذا يقول العطعوط، وأيضًا وفق اجتهاده القانوني، تم من خلال استخدام «العلامة التجارية» (Brand)، لتوضع على اليافطات، بدل الاسم التجاري.
صيدلية «فارما شور» (سابقًا «فارمسي ون» فرع شارع مكة). تصوير شربل ديسي.
والعلامة التجارية، حسبما يوضّح العطعوط، هي علامة تستخدمها المؤسسات لتمييز الخدمة، أو السلعة التي تبيعها، وتكون مسجلة في وزارة الصناعة والتجارة باسم الشركة التي تملكها. وهي تختلف عن اسم الشركة في سجلها التجاري، وعن اسمها التجاري، وهو الاسم الذي تعرف به في السوق. هذه العلامة التجارية، يقول العطعوط، يحق للشركة التي تملكها أن تمنح حق استخدامها لعدد لا محدود من الشركات الأخرى. وهذا بالضبط ما فعلته السلاسل الكبرى، فـ«دواكم» و«فارمسي ون»، في الحقيقة، علامات تجارية منح حق استخدامها لفروع السلاسل الجديدة.
صحيح أن ما سبق ممارسة قانونية، لكنها انطوت في تطبيقها على «تضليل»، بحسب وصف قصي* فالذين يتعاملون ماليًا مع السلسلة يتعاملون معها بوصفها كيانًا واحدًا ممتلئًا ماليًا. وهذا هو ما يحفزهم على منحها تسهيلات في الدفع. لكنهم عند التعثر يكتشفون أن ما كان يطرح في السوق بوصفه كيانًا واحدًا هو في الحقيقة عدة شركات منفصلة قانونيًا، وأن مطالباتهم المالية مسجلة باسم واحدة من هذه الشركات، التي هي «ذات مسؤولية محدودة»، أي أن حدود مسؤولية مالكيها محصورة في نسبة حصصهم من رأسمال الشركة التي يساهمون فيها.
يذكر أن رأسمال شركة «الصيدلية الأولى» هو كما تقدم 800 ألف دينار، في حين أن رأسمال «الحائط الأخضر» مثلًا خمسة آلاف دينار. ورأسمال «التجمعات المهنية» عشرة آلاف دينار.
لقد عولجت مؤخرًا الثغرة المتعلقة باستخدام العلامة التجارية، يقول المصدر المسؤول في نقابة الصيادلة، في نظام ترخيص المؤسسات الصيدلانية الذي صدر في تشرين الثاني 2019، ومنع استخدام العلامة التجارية الواحدة لأكثر من سجل تجاري، أي أكثر من شركة. لكنه، مثل القانون الذي وضع حدًا أعلى لفروع السلسلة، لم يتضمن بندًا لتصويب الأوضاع، وهذا يعني أنه لم يطبق بأثر رجعي على السلاسل القائمة.
انهيار السلاسل وانكسار الثقة
ليس هناك أرقام دقيقة لحجم مديونية «فارمسي ون». لكن عيسى يقول إنها ذمم ضخمة. وأحد مستودعات الأدوية يطالب وحده السلسلة بما لا يقل عن أربعة ملايين دينار. ومع ذلك، فإن الضحايا الحقيقيين هنا، يقول عيسى، لن يكونوا أصحاب هذا الحجم من المطالبات، بل مستودعات مطالباتها قليلة نسبيًا لكنها تشكل نسبة كبيرة من رأسمالها.
يشرح عيسى أن الغالبية الساحقة من مستودعات الدواء في الأردن هي صغيرة أو متوسطة. إذ يسيطر ما لا يزيد عن 25 مستودع أدوية على ما لا يقل عن 80% من سوق الدواء في المملكة. وهذه قادرة على الصمود، في حين لن يقدر على ذلك، كما يقول، مستودع يعمل مثلًا برأسمال 100 ألف دينار ويكون له في ذمة «فارمسي ون» 50 ألف دينار، خصوصًا أن انهيار السلسلة جاء في وقت جائحة كورونا، أي أن «الضربة جاءت في وقت وجع».
الضحايا الحقيقيون لن يكونوا أصحاب المطالبات الضخمة، بل مستودعات مطالباتها قليلة نسبيًا لكنها تشكل نسبة كبيرة من رأسمالها.
ما سبق، يقول أبو عصب، له انعكاسات سلبية على التعاملات التجارية بين الأطراف المختلفة في السوق، والتي تذهب الآن إلى المزيد من التشدد في مدة الائتمان والضمانات المطلوبة. وبالطبع فإن أكثر من يعاني من هذا التشدد الصيدليات الصغيرة التي لا تتوفر لديها سيولة، وهي في النهاية من يدفع ثمن «انكسار الثقة».
إنها ثقة نجحت «فارمسي ون» في استمرار حيازتها حتى بعد الحدث الجلل الذي تعرض له العريان. فقد خرج من السجن في كانون الأول 2018، بعدما سُجن[11] لأربعة أشهر على قضية مالية غير مرتبطة بالسلسلة. وخلال عام 2019 وحده، أضاف إلى سلسلته 25 فرعًا جديدًا دفعة واحدة. فهل كانت هذه رسالة منه إلى السوق بأنه ما زال صامدًا، ومحاولة أخيرة لنفخ الحياة في صورة ملاءته المالية؟
يجيب المصدر المطل على مطالبات مستودعات الدواء بأن خطوة التوسع هذه ساهمت بالتأكيد في استعادة فارمسي ون لثقة الموردين، بعد الضربة التي تلقتها إثر القضية السابقة. إذ لم يخطر على بال أحد، كما يقول، أن سلسلة تتوسع بهذه الطريقة يمكن أن يكون لديها مشكلة. لهذا استمرت بالحصول على تسهيلات الدفع.
بالنسبة لعادل، فإن من المرجح أن التوسع الأخير والذي تبعه مباشرة، لسوء حظ «فارمسي ون»، دخول الجائحة وما جلبته من انتكاسات اقتصادية، ساهما بشكل كبير في تسريع الانهيار.
وفي وقت لا يعرف أحد بعد إلى أين ستذهب أمور «فارمسي ون»، فإن الثابت أن السلاسل التي أدخلتها إلى السوق، قبل عشرين سنة، لم تعد طارئة، بل هي الآن أحد مكوناته الأساسية. وهي، حتى مع انهيار «فارمسي ون»، باقية وتتوسع على حساب الصغار في السوق.
-
الهوامش
[1] قانون مؤقت رقم 80 لسنة 2001 (قانون الدواء والصيدلة المؤقت لسنة 2001).
[2] «الأردن بالأرقام» للعام 2019، دائرة الإحصاءات العامة.
[3] الحكم رقم 76 لسنة 2021 الغرفة الاقتصادية – عمان، والحكم رقم 60 لسنة 2021 الغرفة الاقتصادية – عمان.
[4] خطوات شراء/بيع الصيدلية.
[7] المجموعة الصيدلانية المقصودة في الخبر هي «فارمسي ون».
[8] التقرير السنوي لمؤسسة الغذاء والدواء، 2019.
[9] «الأردن بالأرقام» للعام 2019، دائرة الإحصاءات العامة.
[10] قانون رقم 12 لسنة 2013 (قانون الدواء والصيدلة لسنة 2013).
[11] تشير عريب العارف، زوجة العريان إلى حادثة سجنه في الدقيقة 48.13.