كيف استفادت فرنسا من برامج التصحيح الاقتصادي في الأردن؟

الثلاثاء 06 آب 2019

(هذا هو المقال الثالث ضمن سلسلة مقالات ملف الأردن وصندوق النقد الدولي، والذي تستعرض مقالاته ثلاثين عامًا من العلاقة بين الأردن وصندوق النقد، وتنشر كل ثلاثاء على مدى الأسابيع القادمة)

شهد الأردن تحوّلات كبيرة على مستوى السياسة والاقتصاد والاجتماع، عبر العقود الثلاثة الماضية، وكان لانخراطه وخضوعه لبرامج صندوق النقد الدولي الإصلاحيّة التصحيحيّة منذ العام 1989، أثر بالغ في هذه التغيّرات والتحوّلات.

في هذا المقال رصد لنموذج ومثال على إحدى العمليّات التي تتضمنها التحوّلات، من دخول وسيطرة وتزايد نفوذ رأس المال الأجنبي في الاقتصاد والسوق الأردنية؛ فترصد تصاعد وتضاعف حجم نفوذ رأس المال الفرنسي تحديدًا، في الأردن، مع الإشارة إلى بعض من أبعاد وآثار هذا التصاعد.

يمكن النظر لحالة الاستفادة الفرنسية هذه باعتبارها نموذجًا لكيفية عمل وآثار برامج إعادة الهيكلة؛ فبينما يكون الهدف المعلن هو إصلاح اقتصاد الدولة بما يخدم ويعزز من قدرتها على خدمة واستمرار سداد الديون المتراكمة، فإنها تفسح في الآن ذاته المجال أمام رؤوس الأموال الأجنبيّة، للتغلغل والاستفادة من اقتصاد الدولة، حيث تَدمج هذه البرامج اقتصادات الدول النامية في العولمة الاقتصادية من الموقع الأضعف وتجعلها مرتبطة أكثر فأكثر بالاقتصادات الكبرى، حتى تغدو تابعة لها ومجرّد سوق لتصريف خدماتها وبضائعها.

حدثت القفزة في العلاقة الاقتصادية بين الأردن وفرنسا بشكل أساسيّ خلال فترة العقدَيْن الأخيرَيْن، وهو ما لم يكن من الممكن حدوثه دون وجود اتفاقيات صندوق النقد (1989، 2012، 2016) وشروطها التي هيّأت البيئة والمناخ اللازم لتصاعد نفوذ رأس المال الأجنبي عمومًا، وذلك عبر فرض شروط كالخصخصة ورفع الرسوم والحواجز الجمركية على البضائع المستوردة. وتم اختيار النموذج الفرنسي هنا لكَوْن فرنسا اليوم هي الدولة الأجنبية الأولى[1] في الاستثمار داخل الأردن.

التبادل التجاري والاستثمار: نموٌ وميلان في الكفّة

على مستوى التبادل التجاري، بلغ حجم التبادل التجاري بين الأردن وفرنسا عام 2004 (250) مليون دولار، واستمر في النمو ليصل في عام 2009 إلى 332 مليون دولار؛ أي نحو 10% من إجمالي حجم التبادل التجاري مع الاتحاد الأوروبي آنذاك، وفي عام 2017 واصل صعوده ووصل إلى 411 مليون دولار أمريكي، أي بزيادة مقدارها نحو 65% خلال ثلاث عشرة سنة.

ويشار إلى أنه في العام 2005، ومن أصل 250 مليون دولار هو حجم التبادل التجاري، شكّلت الصادرات الأردنية منها فقط 10 ملايين دولار؛ أي نحو 4%. وفي العام 2009 ومن أصل 332 مليون دولار هي حجم التبادل التجاري في ذلك العام، بلغ حجم الصادرات الأردنية ثلاثة ملايين، أي أقل من 1%، والباقي (329 مليون) كانت عبارة عن صادرات فرنسية. وبالتالي فإن التبادل التجاري المتصاعد بين البلدين يميل الميزان فيه بشكل كاسح لصالح الجانب الفرنسي. وتأتي في مقدمة الصادرات الفرنسية، الصادرات في قطاعات: الأدوية، والزراعة، والغذاء، لتشكّل بذلك منافسًا للمنتج المحليّ في هذه القطاعات، التي تعتبر من أهم القطاعات في الصناعة الأردنية.[2]

وبهدف تعزيز الاستثمار الفرنسي في الأردن والعلاقة الاقتصادية بين البلدين، شهد العام 2005 إقامة المعرض الفرنسي التجاري «جوفريكس» الأوّل في عمّان، وشاركت فيه 120 شركة فرنسية، وتضمّن عرضًا للمنتجات والتقنيات الفرنسية. وجاء المعرض في إطار النظرة للأردن باعتباره مدخلًا للمستثمر الفرنسي لدخول أسواق المنطقة بما فيها العراق و«الأراضي الفلسطينية». وبحسب تصريح للسفير الفرنسي في الأردن آنذاك، جان ميشيل كازا، في مؤتمر صحفي للإعلان عن افتتاح المعرض فإن «الأردن يوفر بيئة ملائمة وجاذبة للمستثمر الفرنسي لما يحويه من حرية اقتصاديّة وانفتاح السوق وصحة اقتصاديّة»، واعتبر أن: «الاقتصاد الأردني يعد نموذجًا للمنطقة ونقطة انطلاق للتوسّع ودخول الأسواق المجاورة». وأضاف أن: «غالبية الاستثمارات الفرنسيّة ناجمة عن عمليّات الخصخصة كمساهمة شركة لافارج في الاسمنت وفرانس تيليكوم في الاتصالات الأردنية». وقريب من ذلك ما ذكره وزير الصناعة والتجارة الأردني، عامر الحديدي، لدى افتتاحه أعمال منتدى «كافراج» عام 2009، حين اعتبر أن الدعم الفرنسي والتعاون الاقتصادي بين البلدين «كان له أثر كبير في إنجاح برنامج الإصلاح والخصخصة وإعادة الهيكلة الاقتصادية».

وقد تضاعف حجم الاستثمار الفرنسي في الأردن من 700 مليون يورو في العام 2005، إلى 1.5 مليار يورو في العام 2018، في حين يشير تقرير صادر عن المعهد الدبلوماسي الفرنسي إلى أن الرقم خلال عام 2018 وصل إلى 1.7 مليار يورو، ولتكون بذلك فرنسا هي المستثمر الأجنبي الأول في الأردن. وبحسب دراسة استقصائيّة أجريت في العام 2016 فقد وصل عدد العاملين في 30 شركة فرنسية ناشطة في الأردن(6300) موظف أردني، في حين تشير تقديرات أخرى إلى وصول العدد إلى عشرة آلاف موظف أردني. وتتوزع الاستثمارات بشكل أساسي ما بين قطاعات البترول، والطاقة المتجددة، والمياه، والبنى التحتية. وكانت الاستثمارات قد بدأت تتصاعد بشكل فعلي بعد زيارة الملك عبد الله الثاني إلى باريس في بداية عهده (بتاريخ: 16/11/1999) والتي أسفرت عن تحويل 500 مليون فرنك من الدين الفرنسي على الأردن إلى استثمارات ومشاريع فرنسية في الأردن

وتأتلف الشركات الفرنسية المستثمرة في الأردن ضمن نادي «كافراج»[3] (CAFRAJ)، وهو «نادي الأعمال الأردنيّ الفرنسيّ»، والذي يعود تأسيسه إلى العام 1998، وجاء تأسيسه بهدف تعزيز فرص الاستثمار الفرنسي في الأردن، وهو عضو في اتحاد غرف الصناعة والتجارة الفرنسية في الخارج، ويعمل كتجمّع مهمته تذليل الصعاب أمام الرأسمال الفرنسي الطامح لدخول السوق الأردنية، ويعتمد أسلوب عقد الاجتماعات مع الجهات الأردنية المعنيّة، سواء أكانت جهات حكومية أو ممثلين عن القطاع الخاص، وفي عام 2012 وصل عدد أعضائه إلى 188 عضو من الشركات الأردنية والشركات الفرنسية العاملة في الأردن.

كانت الشركات الفرنسية في مقدمة المستفيدين من عملية الخصخصة في الأردن؛ وبإلقاء نظرة على أهم الشركات الفرنسية المستثمرة في الأردن، نجد من ضمنها شركة «لافارج» التي بدأ استحواذها على قطاع الإسمنت عندما باعتها الحكومة 36% من أسهم شركة الإسمنت الأردنية عام 1998. وشركة «أورانج»، المملوكة من قبل عملاق الاتصالات الفرنسي «فرانس تيليكوم»، والتي دخلت السوق الأردنية العام 2000 مع بيع الحكومة الأردنية لنسبة من أسهم شركة الاتصالات الأردنية، وشركة «مطارات باريس» (ADP)، المشارك الرئيسي في «مجموعة المطار الدولي» (AIG) التي تدير مطار الملكة علياء الدولي منذ العام 2007، وقد رفعت الشركة الفرنسية حصّتها في المجموعة عام 2018 من 9.5% إلى نسبة 51%.[4] بالإضافة إلى شركات أخرى مثل «توتال»، والتي افتتحت فرعها الأردني في العام 2007 وأصبحت اليوم أحد أكبر المنافسين في قطاع الطاقة في الأردن.

وهناك شركات أخرى حضرت خارج إطار عملية الخصخصة، كمجموعة «الفطيم»، التي تمتلك العلامة التجارية لشركة «كارفور» الفرنسية، وتعتبر من كبار المساهمين في قطاع المتاجر الكبرى (Grand Stores)، وقد افتتحت فرعها الأول العام 2007. وكشركة «سان جوبان» في مجال المعادن، وخاصّة الزجاج.

بالإضافة إلى ذلك، يبدي المستثمر الفرنسي اهتمامًا متزايدًا بالاستثمار وتعزيز المستوى التجاري مع قطاع الصحة والعلاج الأردني، وهو ما انعكس في إشراف «كافراج» على عقد لقاء العام 2017 مع ممثلين عن المستشفيات الخاصّة الأردنية، وتلاه اجتماع آخر في شباط العام الماضي، بهدف تسويق الصناعات الطبية الفرنسية للمستشفيات الأردنية. بالإضافة إلى الاهتمام الفرنسي بالاستثمار في مشروع مستشفى مستقبلي من المخطط تدشينه في العقبة، وكذلك الاهتمام بالاستثمار في المدينة الطبية الجديدة المقرر الشروع بها هذا العام، حيث يتعاون المنتدى مع الخدمات الطبية الملكية بهذا الخصوص. بالإضافة إلى ذلك، أيضًا يبدي الفرنسيون اهتمامًا بالاستثمار في البحر الميت، والاستثمار في مشروع «ناقل البحرين»، وقد بدأوا فعلًا بتقديم الدعم المالي له العام الماضي من خلال الوكالة الفرنسية للتنمية.

دبلوماسية الفضيلة

وفي مقابل كونها المستثمر الأجنبي الأول، فإن فرنسا تقدّم مقابل ذلك ما يضمن لها تحقيق هذه المرتبة والمحافظة عليها، وذلك عبر الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)، والتي بدأت نشاطها في الأردن منذ العام 2006، بالتزامن مع تصاعد الاستثمارات والصادرات الفرنسية إلى الأردن.

في عام 2005 وافقت الحكومة الفرنسية للوكالة بفتح فرع لها في المملكة، وبدأت بمراقبة الأوضاع في الأردن وإعداد الدراسات، وقد عبّرت بدايةً عن اهتمامها بدعم مشروع قناة البحرين، إضافة إلى التعاون مع البنك الدولي لدعم وتطوير البلديات. وفي آذار 2006 افتتحت الوكالة مكتبها في الأردن، وفي العام 2009 كانت فرنسا من أكبر الدول الأوروبية المانحة للمساعدات للأردن، بمساهمة وصلت إلى نحو 20% من إجمالي الدعم الذي يقدمه الإتحاد الأوروبي للأردن. خلال 11 سنة من عملها وبحلول العام 2017 كانت الوكالة قد قدمت التزامات بقيمة 1.2 مليار يورو، مع تمويل (45) مشروع.

وفي نهاية العام 2018 وصل المبلغ التراكمي لالتزامات الوكالة في الأردن 1.6 مليار يورو، منها (900) مليون كمساعدات ومنح، والباقي على شكل قروض مُيَّسّرة. وفي مؤتمر لندن الأخير، والذي عقد نهاية شباط 2019، تعهدت الوكالة بتجديد دعمها للأردن وبقيمة مليار يورو إضافية ما بين قروض ومساعدات. وتتوزع التزاماتها بين قطاع المياه (45%) والطاقة (25%، الطاقة المتجددة تحديدًا)،[5] والتطوير الحضري (25%، ويشمل النقل، مثل: مشروع الباص السريع)، والتدريب المهني (5%). وقد تعاونت الوكالة مع جهات حكومية عدّة مثل وزارة الطاقة، ووزارة الشؤون البلدية، وأمانة عمّان، وسلطة المياه، وسلطة وادي الأردن، وشاركت في دعم مشاريع استراتيجية مثل مشروع الباص السريع، ومشروع جرّ مياه الديسي.

وتأتي هذه المساعدات ضمن ما يمكن أن يسمّى «دبلوماسية الفضيلة»، والتي تهدف إلى تسهيل ومضاعفة فُرَص الاستثمار لرأس المال في الدولة صاحبة الفضيلة، وهي فرنسا في هذه الحالة، باعتبار أن من يقدم المال والمساعدات الأكبر تكون له الأولوية والفرصة الأكبر للاستفادة من السوق المحلية في البلد المُتَفَضَل عليه، والعلاقات بين البلدين عمومًا.[6]

كما تنشط عدد من المنظمات الإغاثية الفرنسية غير الحكومية في الأردن، والتي تعاملت مع ملفات إقليمية في السنوات الأخيرة، كاللجوء السوري.

البُعد الثقافي

ويواكب التمدد الاقتصادي تمدد ثقافي موازي، حيث يشير السفير الفرنسي، ديفيد برتولي، إلى الاهتمام الفرنسي بتوسيع رقعة وعدد الدارسين الأردنيين للغة الفرنسية، وقد بلغ عدد الأردنيين الذين يدرسون الفرنسية في العام 2018 أربعين ألف أردني، في 200 مدرسة، بالإضافة إلى ألفين يدرسون في المعهد الفرنسي، بينما وصل عدد المدارس إلى 187 في العام 2013.

ويعتبر تعلّم اللغة وعدد الدارسين لها وزيادته عاملًا مهمًا في تزايد وتعزيز فرص جذب ودخول الاستثمارات الفرنسية؛ حيث يُعزز ذلك من إمكان وجود موظفين قادرين على العمل مع المدراء الفرنسيين، ولا يعود التفضيل منحصرًا فقط للشركات الناطقة إدراتها باللغة الانجليزية، بالإضافة إلى ذلك يعزز انتشار اللغة من فرصة استقطاب أصحاب المهارات والكفاءات وهجرتهم إلى فرنسا ودعم الاقتصاد الفرنسي في مركزه.[7]

وينشط في الأردن منذ العام 1963 المعهد الفرنسي، وبالإضافة إلى تقديمه دروس تعليم اللغة الفرنسية، يشرف المعهد على نشاطات متعددة من محاضرات وورش عمل، إضافة إلى إشرافه على «أسبوع الفرانكفونية» في آذار من كل عام، والذي يتضمن أيضًا فعالية «أسبوع الفيلم الفرنسي» بالتعاون مع الهيئة الملكيّة للأفلام، كما تنظم الأخيرة أسبوعًا للفيلم الفرنسي-العربي في شهر حزيران من كل عام. وقد شهد العقدان الأخيران تأسيس عدد من الهيئات الثقافية الفرنسية في الأردن، كالمعهد الفرنسي للشرق الأدنى، عام 2003، وجمعية شمس، التي تأسست سنة 2007، وفي عام 2017 أشرف المعهد الفرنسي على افتتاح زاوية فرنسية في الجامعة الأردنية.

التعاون السياسي

أما على المستوى السياسي، فقد أسهم هذا التمدد الاقتصادي في تعزيز وتوثيق العلاقات السياسية بين البلدين على أرفع مستوى، بدايةً من زيارة الملك إلى باريس في بداية عهده. وفي السنوات الأخيرة، وخلال فترة رئاسته (2012-2017) قام الرئيس الفرنسي السابق، فرانسوا اولاند، بزيارتين إلى عمّان، في 2013، و2016، كان من ضمن برنامج عمله فيهما حضور أعمال «كافراج». كما التقى الملك عبدالله والرئيس الفرنسي الحالي، إيمانويل ماكرون، ثلاث مرات، مرتان منهما في زيارة للملك إلى باريس، حيث قام بزيارتين منذ تولى ماكرون الرئاسة عام 2017، الأولى في حزيران 2017 والثانية في كانون الأول من العام ذاته، إضافة إلى لقاء ثالث في مؤتمر دافوس بسويسرا.

على مستوى الوزراء، وفي العام 2018، زار وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، عمّان، في آب 2018، وعقد لقاء مع رئيس الوزراء، عمر الرزاز، أكدّ فيه الأخير على عمق العلاقات التاريخية التي تربط الأردن وفرنسا والحرص على تعزيزها في المجالات كافة، وأشاد فيه بالسياسة الخارجية لفرنسا. في حين شهد العام 2016 زيارتين لوزير الدفاع الفرنسي، جان إيف لودريان، إلى عمّان، وذلك في خضم استمرار تصاعد أحداث الأزمة في سوريا، وبعد أقل من عامين من بداية نشاط أعمال التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية الذي كانت فرنسا إحدى الدول المشاركة فيه.

وتحرص فرنسا بشكل دائم على التأكيد على مواقفها المتوافقة مع أساسات وثوابت السياسة الخارجية الأردنية، ويأتي في مقدمة ذلك تأكيد التزامها بحل الدولتين كحلّ وحيد للقضية الفلسطينية، والتزامها كذلك بعدم نقل سفارتها من «تل أبيب» إلى القدس.

وفي المستويات الأخرى من التعاون، أشار رئيس الوزراء، عمر الرزاز، في لقاء عقد في عمّان في آب 2018 جمعه مع وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، إلى «إمكانية التعاون بين الشركات الأردنية والفرنسية للاستفادة من فرص إعادة الإعمار في سوريا والعراق». وفي إطار الزيارات المتبادلة المعبّرة عن تزايد مستويات التعاون بين البلدين خلال السنوات الأخيرة، زار جان ماري لوجان، وزير التنمية والفرانكفونية عمّان، في آذار 2017، وفي الشهر ذاته زارت عمّان جان باتيست لوموين، وهي وزيرة حقوق العائلة والطفل والمرأة، وفي كانون الثاني من العام ذاته شاركت لوموين في أعمال منتدى العقبة لمكافحة الإرهاب، في حين زار يعرب القضاة، وزير الصناعة والتجارة الأردني باريس في أيلول من العام 2017، وفي نيسان 2016 زار باريس بسام التلهوني، وزير العدل.

خاتمة

لا بد من الإشارة ختامًا إلى أن العلاقة الاقتصادية بين الأردن وفرنسا ليست منفصلة تمامًا عن العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، وذلك تحديدًا فيما يتعلق بالصادرات الأردنية إلى فرنسا، والتي تخضع لاتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة لأوروبا، كما إن مساعدات الوكالة الفرنسية تحتسب من ضمن حزم المساعدات التي يقدمها الاتحاد الأوروبي للأردن.

وكتقييم للعلاقة المتصاعدة، فإن الرصد السابق يشير بالدرجة الأولى إلى مدى الاستفادة الفرنسية منها وتزامن ذلك مع التحوّلات في الاقتصاد الأردني، ولا يشير في المقام الأول إلى الضرر الأردني؛ فالعلاقة تتضمن فائدة للطرفين، كما في الاستفادة الأردنية من تشغيل الأردنيين مثلًا، ومن الضرائب على الشركات المستثمرة، وإن كان بالنظر إلى المستوى الأبعد، يُمكن الحديث عن ضرر للاقتصاد الأردني، خصوصًا في ظل استمرار ارتفاع مستوى الاستيراد، وذلك بالاستناد إلى افتراض أن التحوّل إلى الاقتصاد المنتج و«دولة الإنتاج» يتطلب تعزيزًا للقطاعات المنتجة واتجاهًا نحو فرض نوع من التقييد على الواردات عمومًا، مقابل دعم المنتج المحلي في الأسواق الداخلية، بل والبحث عن منافذ له في الأسواق الخارجية أيضًا.

  • الهوامش

    [1] تأتي بعد الاستثمارات الكويتية والسعودية.

    [2] ليس المقصود هنا الإشارة بالدرجة الأولى لتضرر الاقتصاد والصناعة الأردنية من الاختلال في الميزان التجاري، وإنما إلى مدى الاستفادة الفرنسية من العلاقة الاقتصادية المتصاعدة بين البلدين.

    [3] اختصار لـ: French Chamber of Commerce & Industry In Jordan.

    [4] عند تأسيسها، كانت مجموعة المطار تتكون من: شركة مطارات باريس (فرنسا) بنسبة %9.5، أبوظبي للاستثمار بنسبة %38 ، وAVAX (اليونان) بنسبة %9.5 وavax (قبرص) بنسبة %9.5، وشركة نور للاستثمار المالي بنسبة %24، ومجموعة ادكو بنسبة %9.5.

    [5] في 2014 جرى إطلاق أعمال منتدى خاص باسم «المنتدى الفرنسي الأردني حول الطاقة المتجددة».

    [6] لا يوجد ارتباط مباشر بالضرورة بين عمل الوكالة الفرنسية والشركات الفرنسية المستثمرة، إنما يأتي عملها ضمن استراتيجية القوة الناعمة للدولة الفرنسية والتي تضمن من خلالها تعزيز علاقاتها مع الدول الأخرى (الأردن في هذا الحالة) وضمان نفاذ مصالحها فيها، وفي مقدمة ذلك الحفاظ على مستوى الاستثمار والتبادل التجاري وتعزيزه.

    [7] هذا التحليل يستند إلى مبدأ وفكرة عامة بخصوص علاقة اللغة وانتشارها بالاقتصاد في العالم، ولا يستند إلى تصريح عن شخص أو جهة معيّنة. للاستزادة، انظر مثلًا: كتاب (اللغة والاقتصاد، فلوريان كولماس، من منشورات عالم المعرفة، نوفمبر 2000).

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية